قد يستغرب بعض القراء من الإصرار على تأكيد وجود علاقة وطيدة تربط اليهود بالرافضة، رغم ما يبدو بينهم في الظاهر من خلاف، بل رغم ما يقع بينهم بين الحين والآخر من دماء، لعل آخرها حادثة مقتل ضابط وجندي صهيوني وإصابة غيرهم بجروح بعملية نفذها حزب الله اللبناني في مزارع شبعا المحتلة من قبل "إسرائيل" منذ أيام، والتي كانت ردا على قتل الاحتلال الصهيوني لبعض قادة حزب الله الرافضي في مدينة القنيطرة بالجولان السوري المحتل قبل أسبوعين.
إلا أن المدقق في تلك الحوادث العابرة، وما وراءها من غايات وأهداف تخدم مصالح الطرفين على حد سواء، يدرك أن الأمر لا يعدو تحريكا للمياه الراكدة، ومحاولة لإعادة زخم أسطورة المقاومة، بينما الحقيقة أن العدو المشترك للطرفين واحد يتمثل بأهل السنة.
لقد كانت التصريحات نارية من كلا الطرفين حين تمت عملية الجولان أو عملية مزارع شبعا، إلا أن الرد كان محدودا ولمجرد إثبات الوجود وتحقيق المصالح لا أكثر، فما هي إلا ساعات على عملية شبعا حتى بدأت التسريبات بعدم نية الاحتلال تصعيد الموقف في جنوب لبنان، وعدم رغبة حزب الله بمواجهة أو حرب مع الكيان الصهيوني !!
فقد اعترف زعيم حزب الله اللبناني الشيعي حسن نصر الله بأنه لا يريد محاربة الكيان الصهيوني الذي يحتل مناطق في لبنان حتى الآن، وقال نصر الله وهو يتحدث في خطاب ألقاه عبر شاشة عملاقة في احتفال أقيم في الضاحية الجنوبية لبيروت، تكريما لقتلى الحزب وجنرال إيراني سقطوا في غارة "إسرائيلية" استهدفتهم في منطقة القنيطرة في الجولان السوري قبل نحو أسبوعين:
"نحن لا نريد الحرب لكن لا نخشاها، ولا نتردد في مواجهتها وسنواجهها إذا فرضت علينا وسننتصر بها إن شاء الله".
وأضاف: "لم تعد يعنينا أي شيء اسمه قواعد اشتباك، ومن حقنا أن نرد في أي مكان وفي أي زمان وبالطريقة التي نراها مناسبة" على أي عدوان "إسرائيلي" حسب وصفه وزعمه.
ليس غريبا أن يعترف زعيم حزب الله أنه لا يريد حربا مع جيش الاحتلال، فحربه الحقيقة يخوضها في سورية ضد أهل السنة فيها، حيث لم يتردد لحظة في دخول غمارها رغم أن تصريحاته النارية وال السنوات الماضية كانت دائما تهدد "إسرائيل" بزوالها بحرب شاملة ضدها.
إن العلاقة بين الرافضة واليهود تتجاوز حدود المصالح والأطماع التي يحاول كل طرف منهما تحقيقها على حساب أهل السنة في المنطقة، إلى تشابه وتوافق كبير في العقيدة، وهو ما يفسر تجاوز عدد يهود إيران في "إسرائيل" 200,000 يهودي يتلقون تعليماتهم من مرجعهم في إيران الحاخام الأكبر "يديديا شوفط" المقرب من حكام إيران، كما أن ما يقرب من 300,00 يهودي يقطنون في إيران، وبذلك تعتبر أكبر دولة تضم تجمعات كبيرة لليهود خارج "إسرائيل".
قد يتساءل سائل: لماذا إذن هذه الدماء المتبادلة بين الكيان الصهيوني والرافضة في ظل هذه العلاقة الوطيدة والمصالح المشتركة ؟؟
والجواب: إن وجود كل منهما ضرورة للآخر، فوجود الكيان الصهيوني ضرورة ملحة وحاجة ماسة لاستمرار وجود حزب الله، حيث يتذرع بهذا العدو الوهمي لامتلاك السلاح والاستزادة منه، بينما يستخدمه ضد أهل السنة لاستكمال المشروع الصفوي في المنقطة.
كما أن وجود حزب الله وأمثاله من الأعداء الوهميين ضرورة "لإسرائيل"، وذلك لأغراض داخلية تتعلق بالانتخابات، وخارجية تتعلق بضمان وجود عدو وهمي على حدودها، تماما كما هو حاصل في الحدود السورية واللبنانية.
فهل يمكن لعاقل بعد كل هذا أن يشكك في تلك العلاقة التي لا تزيدها الأيام والأحداث إلا رسوخا و وضوحا ؟!
المصدر : مركز التأصيل للدراسات والبحوث