كشف المستور !

بواسطة حسن الرشيدي قراءة 499

كشف المستور !

 

حسن الرشيدي

istratigi@hotmail.com

 

 "إن إيران اليوم هي صديقة الشعب الأمريكي والشعب الإسرائيلي... ما من أمة في العالم هي عدوتنا وهذا فخر لنا"

هذا تصريح نائب الرئيس الإيراني المكلف بمنظمة السياحة اسفنديار رحيم مشائي بحسب ما نقلت صحيفة اعتماد ووكالة أنباء فارس المعروفة بقربها من المحافظين في إيران يوم الأحد 20-7-2008 وأضاف مشائي على هامش مؤتمر حول السياحة إننا نعتبر الشعب الأمريكي بمثابة أحد أفضل شعوب العالم.

و مشائي ليس مسئولا عاديا في النظام الإيراني حيث يعتبر رحيم مشائي مقربا جدا من الرئيس الإيراني نجاد وتجمعهما روابط عائلية حيث أن ابن الرئيس الإيراني متزوج من ابنة مشائي.

وتأتي هذه التصريحات متناقضة مع اللهجة التي يستخدمها نجاد الذي أكد مرارا انه ينبغي إزالة إسرائيل عن الخارطة وشكك أيضا بحقيقة المحرقة اليهودية خلال الحرب العالمية الثانية.

و في الأيام القليلة الماضية تصاعدت وتيرة تعزيز العلاقات الأمريكية الإيرانية بشكل غير مسبوق ففي يوم السابع عشر من هذا الشهر قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن الولايات المتحدة ستعلن في الشهر القادم إنها تعتزم إنشاء وجود دبلوماسي لها في طهران وذلك للمرة الأولى منذ ثلاثين عاما و أضافت الصحيفة في  صفحتها الأولى إن واشنطن ستفتح لها قسما لرعاية المصالح الأمريكية في العاصمة الإيرانية وهي خطوة في منتصف الطريق إلى افتتاح سفارة. و أضافت الصحيفة إن هذه الخطوة ستشهد تمركز دبلوماسيين أمريكيين في البلاد .

و في اليوم التالي لهذا الخبر مباشرة فوجئ العالم بتصريح لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إن الولايات المتحدة غيرت نهج تعاملها مع الملف النووي الإيراني عندما قررت إرسال الرجل الثالث في وزارة الخارجية الأميركية ويليام بيرنز إلى المحادثات التي ستجري مع إيران السبت في جنيف مشيرة إلى أن ليس لدى الولايات المتحدة أعداء دائمين.

وأوضحت رايس أن الرسالة التي نوجهها ومفادها أننا ندعم بشكل كامل الطريق التي يمكن أن تختارها إيران لتحسين علاقاتها مع المجتمع الدولي هي رسالة تلقى الدعم الكامل من الأميركيين. وتابعت قلنا بشكل واضح إن أي بلد يمكن أن يغير موقفه.

ولفتت رايس إلى أن إرسال بيرنز إشارة واضحة للعالم اجمع على أننا كنا جادين بشدة بشان النهج الدبلوماسي وسنستمر في ذلك.

و في نفس اليوم ردت إيران على تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية على لسان وزير خارجيتها فقد ألمح منوشهر متكي إلى إمكانية إجراء محادثات مع الولايات المتحدة بشأن فتح مكتب لرعاية المصالح الأميركية في طهران وإطلاق خط جوي مباشر بين البلدين وقال متكي في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي علي باباجان في أنقرة انه يمكن إجراء محادثات مع الولايات المتحدة بشأن هذه الأمور وأضاف قائلا أعتقد أن هناك اتفاقا حول مسألة فتح مكتب لرعاية المصالح الأميركية في الجمهورية الإسلامية ورحلات الطيران المباشر إلى إيران وأعرب وزير الخارجية الإيراني عن اعتقاده بأن المحادثات المزمعة السبت بشأن الملف النووي الايراني والتي ستجرى في جنيف بمشاركة دبلوماسي أميركي للمرة الأولى ستكون إيجابية مشيرا إلى اعتقاده بأنها ستحرز تقدما.

و نتوقف بالذات عند تصريح نائب الرئيس الإيراني فعند التأمل فيه  نلاحظ عاطفة معينة تحرص إيران على التعبير عنها تجاه أمريكا و إسرائيل و لكن ما سر هذا التطور الإيراني المفاجئ ؟

يعتبر البعض أن إيران بهذا التصريح فإنها تغير إستراتيجيتها التي مارستها منذ ما يقرب من ثلاثين عاما : هذه الإستراتيجية كانت تقضي بالتعامل مع الشيطان الأكبر و الأصغر أي أمريكا و إسرائيل في السر و لكن علنا كانت الأمور تسير باتجاه آخر هو التنديد بأمريكا و إسرائيل و الأمثلة كثيرة تؤيد هذه الإستراتيجية منها :تدخل الولايات المتحدة لمنع جنرالات الجيش الإيراني في عهد الشاه من قمع ثورة الخميني و منها   تدفق الأسلحة الأمريكية عبر إسرائيل لإيران أثناء الحرب العراقية الإيرانية و منها التعاون الأمريكي الإيراني لإسقاط نظام صدام حسين في العراق و طالبان في أفغانستان .

هذا الحرص الإيراني على الظهور بمظهر المتعاطف بل المحب للشعب الأمريكي و الإسرائيلي غير مبالية بردود أفعال ومشاعر أكثر من مليار مسلم الذين طالما دغدغت الثورة الإيرانية بشعاراتها الموت لإسرائيل.. الموت لأمريكا عواطفهم.. هذا التدليل الإيراني يثير الاستغراب و علامات التساؤل:

فهل تتوقع إيران ضربة محققة أمريكية أو إسرائيلية قادمة فأرادت استباق الضربة بمثل هذه التصريحات ؟ و ماذا عن تصريحات كولنديزا رايس الأخيرة المشجعة على الحوار ؟ هذا التشجيع يجعل الإيرانيين يعتقدون أن مثل هذه التصريحات ربما تكون المحاولة الأمريكية الأخيرة لصرف إيران عن المضي في مشروعها النووي العسكري و دبلوماسية اللحظة الأخيرة تلك التي تشجع عليها رايس هي و فريقها داخل الإدارة الأمريكية و منهم وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس على عكس نائب الرئيس ديك تشيني الذي يريد ضربات جوية قاسية على إيران على غرار الضربات الجوية الأمريكية على ميلوسوفيتش الرئيس الصربي والذي أجبرته تلك الضربات على الانسحاب من كوسوفا و ساهمت في سقوطه في الانتخابات ممهدة الطريق لمحاكمته أمام محكمة العدل الدولية على جرائمه ففريق المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية قد ضعفت شوكتهم في الفترة الثانية لبوش لحساب فريق الحل الدبلوماسي بزعامة رايس و جيتس الذين يعتقدون بأن تكلفة الضربات ضد إيران عالية و أن الخيار السياسي و الدبلوماسي فضلا عن الضغوط الاقتصادية و سلة الحوافز كفيلة بجعل إيران أكثر ميلا لتخليها عن الخيار النووي العسكري .

و لكن موقف إيران يبدو غير مفهوم فلماذا لا تعلن وقف ها البرنامج النووي بشبهاته العسكرية و تصر على تخصيب اليورانيوم ؟

قد يقول قائل لماذا تتخلى إيران عن خيارها النووي العسكري و هي تملك أوراقا كثيرة في المنطقة تستطيع باللعب بها أن تجبر أمريكا على القبول في النهاية بإيران كقوة إقليمية نووية مثلها مثل إسرائيل ؟

إيران قد سبق و أن عرضت على الولايات المتحدة التخلي عن خيارها النووي و ذلك مباشرة عقب سقوط بغداد و احتلال أمريكا للعراق فإيران أرادت حينئذ من حليفها الأمريكي الذي ساعدته على احتلال العراق مكافأتها بإعطائها نفوذا في العراق و الخليج و لكن أمريكا كانت في ذلك الوقت منتشية بنصرها السهل في العراق و لم تكن مستعدة لتلك المقايضة و الآن بعد أن غرقت أمريكا في مستنقع العراق فإن إيران لا تريد عرض نفس الشروط السابقة على هذه الإدارة الضعيفة فهي تريد على ما يبدو الانتظار حتى تتغير الإدارة الأمريكية فحينئذ تعرض تنازلاتها في سبيل أرباح دائمة و لكن هل ينتظر بوش ؟



مقالات ذات صلة