إيران - تركيا .. والصراع على سوريا والعراق

بواسطة عريب الرنتاوي قراءة 957
إيران - تركيا .. والصراع على سوريا والعراق
إيران - تركيا .. والصراع على سوريا والعراق

عريب الرنتاوي

26 - 4 - 2012

في حمأة الخلاف العراقي - التركي، والذي بلغ حد تبادل الاتهامات والتهديدات، كما لم يحصل بين البلدين منذ الغزو الأمريكي للعراق، صدرت عن طهران تصريحات “مُحتفية” بالعراق “الجديد” موقعاً ودوراً، وبالحكومة ورئيس وزرائها نوري المالكي، وصولاً للدعوة إلى وحدة كاملة بين البلدين، في تعبيرٍ لم تخف دلالته على أحد، عن الصراع المحموم على المنطقة العربية، بين قطبين إقليميين صاعدين.

تركيا وجدت نفسها، راغبة أم مكرهة، في خندق واحد مع الدول والممالك والحركات السنية...وإيران، لن تخرج عن “قدرها” الذي وضعها على رأس زعامة محور شيعي إقليمي عابر للحدود...ولأن المظهر الرئيس للصراع في الإقليم، يأخذ شئنا أم أبينا، طابع الصراع السني – الشيعي، فقد وجدت القوتان الإقليميتان نفسيهما تتزعمان محورين متقابلين.

لقد سقطت نظرية “تصفير المشاكل” مع الجوار، التي وضع أسسها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو....قلنا هذا من قبل، ونعيد تأكيده اليوم، فتركيا مشتبكة في “حرب باردة” مع جميع جيرانها تقريباً...من سوريا إلى إيران مرورا بالعراق، وهي بالقطع ليست على علاقة طيبة مع الجارة اليونانية، وبالذات على خلفية الأزمة القبرصية المتفاقمة على وقع اكتشافات “الهيدروكاربون” في شرق المتوسط.

أما إيران، فهي في حالة اشتباك ممتد مع جوارها، على الأقل منذ انتصار الثورة الإسلامية، وما صاحبها ورافقها من نظريات “تصدير الثورة” و”قيادة معسكر المحرومين” ضد قوى الاستكبار العالمي، وصولاً “للمقاومة والممانعة”....ويبدو أن حالة “التعايش” بين القوتين الإقليميتين التي استمرت لسنوات طوال، تواجه أصعب اختباراتها على ساحة “الأزمة السورية” الممتدة إلى العراق هذه الأيام.

في زيارته الأولى – خلال ولايته الثانية – ذهب المالكي إلى طهران طلباً للعون والإسناد و”التعويم”...فهو يواجه جبهة عريضة وطويلة من الخصوم المحليين والإقليميين...داخلياً، يواجه المالكي، ولأول مرة، خطر السقوط في امتحان الثقة البرلمانية، كتلة العراقية والأكراد، ومعهما بعض “المنافسين” الشيعة، ضاقوا ذرعاً بـ”فرديته” و”تفرده” و”نزوعه الديكتاتوري”، وهم في كل هذا، معهم الحق كل الحق، فالرجل أظهر ميلاً لإعادة إنتاج سيرة صدام حسين، وإن بشروط محلية وإقليمية مغايرة...إقليمياً، يواجه الرجل حلفاً ممتداً من أنقرة إلى الرياض، مروراً بالدوحة، وهي العواصم التي تعلن جهاراً نهاراً، كراهيتها له، ورفضها لميوله المنحازة لإيران والداعمة لنظام الأسد، و”المُهمّشة” للمكون السنّي في المعادلة الوطنية العراقية.

وأحسب أن “الشعرة التي تكاد تقصم ظهر المالكي” بالنسبة لهذه العواصم، إنما تمثلت في “تغريده” خارج سرب “تركيا والخليج العربي” بالنسبة للأزمة السورية، وصارت الإطاحة برأس المالكي، شرطاً ضرورياً من وجهة نظر هذا المحور، للإطاحة برأس بشار الأسد...ولهذا السبب بالذات، ولأن المعركة على سوريا، هي معركة حياة وموت بالنسبة لنفوذ إيران في المنطقة، فإن رأس المالكي، بات “خطاً أحمراً” إيرانياً، ستقاتل طهران لمنع أي فريق أو طرف من اجتيازه أو التجاوز عليه...إنهما معركتان في معركة واحدة، تنتصر فيهما الأطراف سوية، أو تخسرهما سوية، هكذا تبدو الصورة، للمراقب عن كثب لمجريات الأزمتين المتفجرتين.

لقد أنشأ النظام السوري في لبنان نظرية “تلازم المسارين”، السوري واللبناني فيما خصّ عملية السلام، لمنع لبنان في الأساس، من الانفراد والتفرد بحل مع إسرائيل، على غرار كامب ديفيد و17 أيار وأسلو ووادي عربة...هذه النظرية تكاد تكون سقطت بعد اغتيال الحريري وانسحاب الجيش السوري، وإن كانت حرب تموز 2006 وأحداث السابع من أيار 2007، قد أعادت الاعتبار لها جزئياً على الأقل.

اليوم، “يُرزق” النظام السوري بمسار آخر يتلازم مع مسار بقائه أو سقوطه، وهو أهم وأكثر وزناً وتأثيراً، إنه المسار العراقي، الذي يكاد يلاصق المسار السوري ويجاريه في مصائره ومآلاته...وهذا يمكن أن يكون نقطة قوة كبرى للنظام السوري، مثلما يمكن أن يكون نقطة ضعفه وكعب أخيله...المسألة بمجملها مرتبطة بالكيفية التي سيدير بها النظام، أزمة العالم معه، أو أزمته مع العالم برمته (تقريباً).

أياً يكن من أمر، فإن تطورات الأزمة السورية، وتداعياتها وانعكاساتها العراقية، ستُدخل القوتين الإقليميتين الرئيستين في نزاع محموم، بدأ يخرج إلى العلن، ويتشعب إلى غير ملف، من “النووي الإيراني” إلى “مصير المالكي” مروراً بشكل خاص، بمستقبل سوريا وموقعها على خريطة التحالفات والمحاور الإقليمية...ولعل في القادم من الأيام والتطورات ما يكشف عن مزيد من أوجه الخلاف وميادين الصراع وحدوده.

المصدر :شبكة الدفاع عن السنة



مقالات ذات صلة