الشيعة في الهند
شريف عبد العزيز
يعتبر تاريخ المسلمين في بلاد الهند الشاسعة مجهولاً لعامة المسلمين حتى المثقفين منهم، فالواقع الأليم والمخضب بالدماء والاضطهادات للمسلمين هناك الآن يخفي التاريخ العريق والكبير للمسلمين ببلاد الهند، ويخفي فصولاً رائعة لدولة الإسلام هناك والتي ظلت قائمة وحاكمة لتلك البلاد الواسعة لعدة قرون، ونظرًا لقرب بلاد الهند من الهضبة الإيرانية والتي كانت تسيطر عليها الدولة الصفوية الرافضية، فلقد حاولت الحوزة الإيرانية في شيراز وأصبهان وأردبيل نشر المذهب الإمامي الرافضي في بلاد الهند مستغلة جهل المسلمين هناك بحقيقة الإمامية وعقيدة الروافض، ولقد حقق الروافض نجاحًا ملحوظًا في تحقيق أهدافهم حتى استطاعوا إقناع بعض ملوك الهند بالتشيع، وعندما شعروا ببعض القوة هناك أخذوا في الجهر بمعتقداتهم وشعائرهم البدعية، وقد تصدى لهم علماء الهند ومعظمهم من أتباع المذهب الحنفي وهو نفس مذهب الدولة العثمانية الخصم الأشد للدولة الصفوية والروافض عبر العصور، ولعل هذا يبرر سر العداوة القديمة والتاريخية للأحناف وأبي حنيفة من جانب الروافض حتى الآن، وفي هذه الدارسة التاريخية السريعة نعرض لبعض المشاهد والمواقف من تاريخ الروافض في شبه الجزيرة الهندية.
أول ملك هندي يتشيع:
يعتبر يوسف عادل شاه البيجابوري هو أول ملك هندي يعتنق المذهب الإمامي وذلك سنة 908هـ، وأصل هذا الرجل من المنطقة الشرقية في الأناضول والبعض يقول إنه الأخ غير الشقيق للسلطان محمد الفاتح وقد فر منه إلى بلاد الهند مخافة القتل ولا يصح ذلك، وإنما كان من شرق الأناضول وأهل تلك المنطقة ينتشر بينهم التشيع، وقد دخل يوسف عادل بلاد الهند سنة 860هـ والتحق بخدمة صاحب مدينة أحمد أباد وتفانى في خدمته حتى جعله واليًا على بيجابور وفي سنة 895هـ استقل ببيجابور وأعلن نفسه سلطانًا على البلاد ثم استلوى على أكثر بلاد الملوك البهمنية، ولما شعر بقوة دولته أعلن عن اعتناقه التشيع وخطب للأئمة الاثني عشر، وروج للتشيع في البلاد، وكان لا يجبر أحدًا على التشيع، بل يستعمل الحيلة والإغراءات المادية لجذب الناس، فانتشر التشيع بين أهل بيجابور.
أول داعية شيعي بالهند:
يعتبر الشيخ مير شمس الدين العراقي أول داعية شيعي يطرق بلاد الهند وذلك سنة 872هـ، عندما دخل كشمير قادمًا من خراسان، وقد اجتهد هذا الداعية الإمامي في دعوة الكشميريين للتشيع وظل مقيمًا بينهم أكثر من عشرين سنة، نجح خلالها في استمالة العديد من الأمراء والكبراء لمذهبه، وقد حاول سلطان كشمير محمد شاه التصدي لنشاطاته ونفاه عن كشمير، فقام أتباعه ومريدوه بخلع السلطان محمد شاه ونصبوا مكانه أخاه فتح شاه الموالي لهم، فرد مير شمس الدين من منفاه وأذن له في مباشرة الدعوة، فانطلق بكل حنق وغيظ على مخالفيه، فقتل الآلاف منهم، ونفى الكثيرين من كشمير، فتشيع خلق كثير كرهًا، حتى أنه قد أكره الهندوس على ذلك، فتشيع منهم أربعة وثلاثون ألفًا فضلاً عمن تشيع من المسلمين، ومن شدة إيذائه للمسلمين وإجباره لهم على التشيع والسب قتلوه سنة 909هـ، وأراحوا الناس من شره، وبعد مقتله عاد الهندوس إلى الوثنية، ولكنه ترك أثرًا لم يمحه الزمان بأهل كشمير وألقى فيهم بذرة الرفض التي ما زالت قائمة حتى الآن.
نظام شاه والطغيان الشيعي:
حفظ لنا التاريخ من جرائم الروافض والإمامية بحق الإسلام والمسلمين الكثير والكثير عبر العصور، ولكن جرائمهم بالهند أخذت طابعًا آخرًا، حيث جمعت بين الغدر والخديعة والمكر والخيانة، فلقد استغلوا سذاجة مسلمي الهند وجهلهم بحقيقة التشيع، كما أمعنوا في القتل والسفك لمن خالفهم، وخير دليل على ذلك ما فعلوه مع الأمير برهان نظام شاه أمير هضبة الدكن، عندما استماله الداعية الشيعي طاهر بن رضي الإسماعيلي للمذهب وافترى منامًا كذبًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه فيه للتشيع، واستغل الداعية سذاجة برهان نظام شاه وأصبح الأمير أداة طيّعة في يد الخبيث فحمله على نشر التشيع وبالغ في ذلك، حتى أنه أمر الناس أن يسبوا الخلفاء الثلاثة في المساجد والأسواق والشوارع سنة 928هـ، وجعل الرواتب للسابين من خزانته، وقتل وحبس ونفى كثيرًا من أهل السنة والجماعة، ونجحت هذه السياسة الغاشمة في قسر الناس على التشيع في هضبة الدكن.
الروافض وضياع البلاد:
كما قلنا من قبل نجح دعاة الرافضة في نشر دعوتهم الخبيثة في عدة أماكن من شبه الجزيرة الهندية الشاسعة، من أبرز هذه الأماكن هضبة الدكن وكشمير وبيجابور وقد وصل الروافض في هذه الأماكن إلى سدة الحكم وعندها فعلوا الأفاعيل المنكرة وجهروا بالبدع المغلظة وأجبروا الناس حتى الهندوس منهم على التشيع، وعلى أيدي هؤلاء الحكام والملوك الرافضة ضاعت الهند، ومن هؤلاء الملوك أبو الحسن تانا شاه الشيعي الحميد آبادي أحد ملوك الدكن والذي تملك سنة 108هـ، فألقى عنان السلطة بيد وثنيين: «مادنا» و«ينكنا» فأحيا رسوم الكفر والهندوسية في الإسلام وتفرغ تانا شاه للذاته وشهواته وانهمك في الخمر والنساء، فتسلط الإنجليز على سواحل مملكته وأخذوا في التوغل إلى الداخل، فتحرك سلطان الهند الكبير وقتها محيي الدين عالم كير للتدخل سريعًا، فأرسل جيوشًا جرارة استولت على حيدر آباد وقتلت الوزيرين الوثنيين «مادنا» و«ينكنا» وأسرت تانا شاه وانقرضت بذلك الدولة القطب شاهية التي ينتمي إليها تانا شاه.
الروافض وموالاة الهندوس:
التاريخ حفظ لنا الكثير من المواقف المشينة للروافض في تحالفهم مع القوى المعادية للإسلام فالروافض تحالفوا مع التتار وتحالفوا مع الصليبيين وتحالفوا مع الصهاينة، ولم يبق عدو للإسلام ظاهر أو خفي، قديم أو جديد إلا وتحالف معه الروافض، وفي الهند أيضًا ظل الروافض على عادتهم الخبيثة في موالاة الكافرين على حساب المسلمين، فلقد رأينا تانا شاه ملك حيدر آباد الشيعي يجعل وزراءه من الهندوس ويلقي لهم بأزمة الأمور ويمكنهم من رقاب المسلمين، ولكن الحادثة التي وقعت في بلدة أجودهيا سنة 1273هـ أشد صورة من صور معاداة الإسلام والمسلمين وموالاة الكافرين فقد كان في هذه البلدة مسجد كبير بناه السلطان بابر شاه التيموري كان الهندوس يعتقدون أنه أقيم على معبد مقدس لهم، فلما سقطت الدولة التيمورية وثب الهندوس على المسجد وجعلوه معبدًا لهم، فثار الشيخ غلام حسين الأودي ومن معه من المسلمين وحاولوا استرجاع المسجد، فقتلوه ومن معه وأحرقوا المصاحف، فلما سمع الشيخ أمير علي الأميتهوي دخل لكهنؤ، وحرض الولاة على قتال الهندوس وتخليص المسجد، وكان أمير لكهنؤ واجد علي شاه مغبون العقل رقيق الدين منشغلاً باللهو والملذات، تاركًا زمام الأمر لوزيره نقي علي، وكان هذا الوزير رافضيًا خبيثًا فاسدًا مرتشيًا، فلما رفع الشيخ أمير شكواه لأمير لكهنؤ، أخذ الوزير الرافضي في الدفاع عن الهندوس وتبرير فعلتهم الدنيئة، فلما رأى الشيخ أمير علي ذلك خرج بنفسه ومعه مجموعة كبيرة من المسلمين الغيورين إلى أجودهيا ليأخذ ثأر المسلمين ويسترجع المسجد من أيدي الهندوس، فما كان من الوزير الرافضي الخبيث إلا أن حشد جند الإمارة وأمرهم بالهجوم على الشيخ أمير ومن معه من المسلمين، فلما كان الشيخ على مشارف أجودهيا هجمت عليه العساكر النظامية وقتلته وجميع من معه فيما نحتسبه شهادة عند الله عز وجل، وسيبوء الوزير الرافضي الموالي للهندوس بالندامة والخسران يوم الدين.
الروافض والحقد على العلماء:
للشيعة والروافض والباطنية تاريخ طويل ودموي في التآمر على علماء أهل السنة وثبت العلماء الذين لقوا حتفهم بيد الشيعة والباطنية طويل وممتد عبر العصور فلا يكاد يخلوا عصر ولا عهد من إمام أو عالم أو خطيب أو داعية أو واعظ أو فقيه أو محدث من أهل السنة مقتول بيد الروافض، وهذه العادة الدموية كان لها امتداد معتاد في بلاد الهند، ولقد أخذ التآمر على علماء أهل السنة صورًا عديدة من الاغتيال والقتل والنفي والتشريد والتشويه وهكذا، والروافض يوم أن يشعروا يومًا بنوع من القوة إلا أظهروا الوجه الحقيقي وأخرجوا ضغائن صدورهم ونفثوا سموم قلوبهم.
في سنة 976هـ وقعت حادثة بولاية كشمير في عهد السلطان أكبر شاه، ذلك أن الشيخ القاضي حبيب الحنفي كان ذاهبًا لصلاة الجمعة فلقيه في الطريق أحد الروافض واسمه يوسف، فانتهز خول الطريق من المارة وحاول قتل القاضي وضربه بالسيف فأصاب رأسه، واتقى القاضي الضربة بيده فقطعت أنامله، فتم القبض على الجاني وأفتى ملا يوسف والمفتي فيروز الكشميري وغيرهم من العلماء بوجوب قتل الجاني لأنه من الذين يفسدون في الأرض ويقطعون السبيل، أي تطبيق حد الحرابة فيه، وبالفعل تم قتل يوسف الرافضي بحد الحرابة، فاغتاظ الروافض في كشمير من ذلك بشدة وكانوا كثرة ولهم قضاة وأعيان وشوكة فانتهزوا فرصة قدوم أحد رجال السلطان أكبر شاه وهو مرزا مقيم وكان مثلهم رافضيًا شيعيًا، فلما وصل مرزا مقيم إلى كشمير واجتمع مع واليها دخل عليه القاضي زين الدين الشيعي أن العلماء قد أخطئوا في الفتوى وتعصبوا على الجاني لأنهم أهل سنة وهو من الشيعة وأخذ في التهويل والتضخيم، فأمر مرزا مقيم بإحضارهم وأهانهم بشدة على رؤوس الأشهاد وآذاهم ثم أمر بقتلهم والتنكيل بهم، فقتلوا ثم شدت الحبال في أرجلهم وسحلوا في الأسواق وذلك كله إمعانًا في التشفي والانتقام من أهل السنة، فلما وصل الخبر إلى السلطان أكبر شاه ـ ولم يكن قد ضل وقتها ـ أمر بقتل مرزا مقيم قصاصًا عن العلماء.
وفي سنة 1200هـ وقعت بمدينة لكنهؤ أيضًا حادثة تدل على مدى الحقد الرافضي على علماء أهل السنة، ومفادها أن العلامة عبد العلي اللكهنوي الملقب بملك العلماء وهو واحد من أشهر علماء الهند قاطبة، وكان له تلاميذ ومدرسة بلكهنؤ، قد أنكر على الشيعة في بلده بدعهم وطقوسهم الخرافية وشركياتهم الفجة خاصة ما يفعلونه في شهر المحرم من كل سنة، ووقع قتال بين الروافض وبين أهل السنة بسبب ذلك، فأمر قاضي المدينة وكان شيعيًا رافضيًا وهو القاضي غلام مصطفى بقتل العلامة عبد العلي بأي صورة وعلى يد أي شخص، وأعمل في ذلك الحيلة ووضع خطة لاغتياله أثناء الدرس، فاستشار العلامة بني أعمامه في هذا الأمر فوجد منهم نكوصًا عن نصرته وخوفًا من سطوة الروافض عليهم، فاضطر آسفًا للرحيل من بلدته لكنهؤ وخرج منها هو وتلاميذه وكانوا زيادة على الخمسمائة.