محاولات التقريب والإصلاح بين السنة والشيعة في القديم والحديث

بواسطة الراصد قراءة 2802
محاولات التقريب والإصلاح بين السنة والشيعة في القديم والحديث
محاولات التقريب والإصلاح بين السنة والشيعة في القديم والحديث

عبد الله بابا جنع السنغالي

لا يخفى على أحد أهمية الوحدة والإصلاح بين المسلمين لقوله تعالى { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } (الحجرات : 10)، فإن اتفاق كلمة المسلمين ووحدة صفهم وعدم تفرقهم في أصول الدين من المقاصد العظيمة التي حرصت الشريعة على إيجادها وتأكيدها، لذا كان العمل على تحقيق ذلك في أرض الواقع من المهام الجليلة التي يعمل لها المحبون لنصرة هذا الدين، ولظهوره على الدين كله، لكن مع شرف هذا المقصد فقد سلك بعض الناس لإصلاح الفرقة طريقا لا يوصل إلى المراد، وهو الاستجابة لمحاولة التوفيق بين الحق والباطل وغض الطرف عن المخالفات العقدية بزعم الإصلاح والتقريب بين المخالفين، ومن هذا المنطلق انطلقت دعوى الإصلاح والتقريب بين أهل السنة والشيعة وتوحيد صفهما، ومع كل محاولة من هذه المحاولات المتعددة يتبين خطأ هذا الطريق وعدم جدواه.

وإن كل دعوة إلى وحدة أو إصلاح أو تقريب إن لم تقم على هدى من كتاب الله وسنة نبيه فإنها وحدة زائفة وتقريب خادع وإفساد بدعوى الإصلاح، وكل اجتماع وائتلاف إن لم يكن اجتماعاً واعتصاماً بحبل الله فإن مآله الفشل. قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: 103).

وتمت محاولات للإصلاح والتقريب بين أهل السنّة والشيعة في القديم والحديث، من بعض أهل السنة ومن بعض الشيعة، سواء كانوا جماعات أو أفراد، لكنها كلها - باعتراف أهلها- باءت بالفشل لاختلاف الأصول والمعتقدات.

الفرق بين مقصد أهل السنة والشيعة في التقريب:

وثبت من هذه المحاولات أن دافع أهل السنة للتقريب هو حرصهم على الوحدة الإسلامية، ونبذ الفرقة، وأن يكون سببا لأن يترك الشيعة السب والشتم على خيرة الأمة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان.

أما مقصد الرافضة من التقريب فكان استعمال التقية والنفاق لنشر عقيدتهم في أوساط أهل السنة. لذلك كانت دور التقريب تفتح في المجتمعات السنية فقط، لجلب كتب الشيعة الدعائية إليها.

محاولات التقريب في القديم:

تضاربت أقوال الباحثين في تحديد أول من بادر لذلك بين الشخصيات التالية:

1-  أبو جعفر محمد بن الحسين الطوسي([1])، قاله الشيخ محمد أبوزهرة ([2]).

2- الطبرسي([3])، قال به الدكتور محمود بسيوني فوده ([4]).  

3- لكن بالبحث والتدقيق يتبين لنا أن هذه المحاولات سبقت الطوسي، إذ ذكر ابن كثير في أحداث سنة 437هـ اجتمع عوام أهل السنة وعوام الشيعة على مواجهة اليهود في بغداد ونبذ كل الخصومات التي بينهم([5])، ولكن هذا الإجتماع لم يدم أكثر من عامين حتى وقعت فتنة بينهم أشد من ذي قبل، قال ابن كثير: "ففي سنة 439هـ وقعت فتنة بين الروافض والسنّة ببغداد قتل فيها خلق كثير"([6]).

ويظهر منهج كل من الطوسي والطبرسي في دعوى التقريب في كتابيهما: "تفسير التبيان" للطوسي و«مجمع البيان» للطبرسي، حيث اعتمدا في تفسير الآيات على مصادر الفريقين ومتجنبين بعض "مظاهر الغلو" المعهودة عند الروافض في الاعتقاد والتفسير.

وهذا المنهج وضعه الطوسي والطبرسي على سبيل التقية والنفاق لنشر نحلتهما في أوساط أهل السنة، وإلا فكل منهما لا يؤمن بجواز الاحتجاج بروايات أهل السنة، كما قال ابن طاووس والنوري الطبرسي وهما من كبار أئمة الشيعة: بأن تفسير التبيان للطوسي موضوع على أسلوب التقية.

ومن الدليل أنه وضع على التقية: أن الطوسي هذا يرفض الاحتجاج بروايات أهل السنّة، بل يرفض روايات زيد بن علي بن الحسين، قال الدكتور ناصر القفاري: "حقيقة محاولة الطوسي في التقريب هو نشر عقيدة الرافضة بين جمهور المسلمين. وفي البحار للمجلسي - وهو أحد مصادرهم الثمانية في الحديث - باب مستقل في النهي عن الأخذ بروايات السنّة إلا في حالة الاحتجاج عليهم وقد سار الطبرسي على منوال الطوسي ومسلكه"([7]).

 

محاولات التقريب في العصر الحديث

لما فشل الشيعة الأولون في نشر ملتهم باسم الإصلاح والتقريب بين أوساط المجتمعات السنية، أخذ النوبة أذيالهم المعاصرون من مؤسسات وأفراد عسى أن يحققوا بغيتهم. 

أولاً - محاولات المؤسسات للتقريب

1- جماعة الأخوة الإسلامية.

وهي جماعة تأسست عام 1937م، على يد رجل باطني إسماعيلي يدعى محمد حسن الأعظمي، قال عنه محمود الملاح: (محمد الأعظمي نسبة إلى "أعظم كره" في الهند لا "أعظمية بغداد"، وهو يبطن إسماعيليته، ويتصنع الدعوة للوحدة الإسلامية، وتورط في دعوته كثير من الفضلاء، بحيث أني أخجل من ذكر أسمائهم. فيا لضيعة الحقائق) ([8]).

وكان مقرها في "قبة الغوري بمصر"([9]) ثم انتقلت بعد ذلك إلى كراتشي بباكستان عام 1948، وزعم أنها تضم طائفة من رجال الفكر والعلم في مصر، وكانوا يقولون بنبذ الانتماءات والاكتفاء بكلمة واحدة" نحن مسلمون مؤمنون" كما صرح به الأعظمي نفسه في كتابه([10]) مع أنه يسعى لنشر عقيدته، فقد ساهم في نشر عدد من كتب الباطنية في العالم الإسلامي مثل «تأويل الدعائم» للقاضي النعمان قاضي قضاة المعز الفاطمي، و«افتتاح الدعوة» للمؤلف السابق وغيرهما([11])، وهذه الجماعة فاشلة ليس لها أثر يستحق الذكر.

2- دار الإنصاف

وهي أيضا مؤسسة أقيمت لأجل التقريب بين السنة والشيعة عام 1366هـ كما صرح به هاشم الدفتردار، ومحمد الزعبي اللذان يعتبران من الأعضاء المؤسسين([12]).

ويقوم منهجهم على شبهة خطيرة ودعوى عريضة سعوا لنشرها، وهي زعمهم: أن الرافضة فئة اندرست وهم الذين يكرهون الصحابة، أما الشيعة فيحبون الشيخين ويترضون على الصحابة، وألفوا كتبا تروج لذلك من أشهرها كتاب: «الإسلام بين السنّة والشيعة» في جزأين.

ودعوى أن الرافضة غير الشيعة فهذا قول فنده الشيعة أنفسهم قديما وحديثا، وقد عقد شيخهم المجلسي باباً في تأكيد هذا في كتابه «البحار» بعنوان (باب فضل الرافضة ومدح التسمية بها) ([13])، كما ذكر شيخهم المعاصر طالب الرفاعي بأن تسمية الشيعة بالرافضة هو القول السليم والصحيح ([14]).

3 - دار التقريب بين المذاهب الأربعة

وهي أكبر دور التقريب شهرة وتأثيرا، أسست عام 1364هـ بالقاهرة وانضم إليها عدد لا بأس به من علماء مصر وعلماء الزيدية باليمن، بدعوة ومبادرة ظاهرة من شيخ رافضي من قم "بإيران" يدعى محمد تقي القمي، بعد ما فشل عدد من الرافضة في إقامتها كأبي عبد الله الزنجاني وعبد الكريم الزنجاني في أواخر سنة 1353هـ([15]).

وقد أنشئت الدار بسبب تعليمات وتوجيهات سرية من علماء الشيعة بقصد نشر نحلتهم وجعلها مذهبا خامسا يدرس في المراكز التعليمية السنية، إذ اعترف أحمد مغنية- أحد شيوخ الروافض- بأن سبب إنشاء دار التقريب كان عن سابق اتفاق من شيوخ الشيعة فقال: (ليس له - أي القمي - ولا لغيره من الناس أن يقوم بمثل هذا العمل من وراء المراجع ومن غير موافقتهم)([16]).

ونجحت دار التقريب في إنجاز بعض الخطوات، مثل:

إقناع بعض علماء الأزهر حتى انضموا إليها باسم الوحدة الإسلامية، وإقناع الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر بإدخال كتب الرافضة في مقررات الفقه وأصوله وفي التاريخ وفي مصطلح الحديث ورجاله، حتى قال بأن مذهب الشيعة لا يفترق عن مذهب أهل السنة، وأصدر فتوى في جواز التعبد بالمذهب الجعفري سنة 1368هـ، ولكن حال دون تنفيذ ذلك ثلة واعية من علماء الأزهر، قاموا بجهود جبارة في كشف حقيقتهم.

كما أنشأت دار التقريب مجلة باسم رسالة الإسلام، لتمرير شبهاتهم من خلالها، ورأس تحريرها محمد محمد المدني (عميد كلية الشريعة بالأزهر) وقد صدر العدد الأول منها في ربيع الأول عام 1368هـ، وتوقفت بصدور آخر عدد منها في 17 رمضان 1392هـ، ولم تكن منتظمة الصدور في آخر عهدها ومجموع ما صدر من أعدادها 60 عددا جمعت في 16 مجلداً.

ومن علماء السنة الذين انخدعوا بهذه الدعوى: الشيخ محمد عرفة، عضو كبار العلماء، والشيخ طه محمد الساكت، والشيخ السبكي، ود. محمد البهي، صاحب كتاب «الفكر الإسلامي والمجتمعات المعاصرة»، ولكن الله بصرهم بالحقيقة وبمقاصد القوم وسوء طويتهم فانفضوا عن الدار.

قال محب الدين الخطيب: (انفض المسلمون جميعاً من حول دار التخريب التي كانت تسمى دار التقريب ومضى عليها زمن طويل والرياح تصفر في غرفها الخالية تنعي من استأجرها)([17]).

 

ثانياً : محاولات فردية للتقريب

من دعاة التقريب من أهل السنة:

1 - محمد عبده مفتي الديار المصرية

وهو من أوائل الأفراد الذين دعوا إلى التقريب بين السنة والشيعة، لتأثره بشيخه الشيعي جمال الدين الأفغاني([18])، وقد شرح محمد عبده كتاب نهج البلاغة، المنسوب إلى علي بن أبي طالب، ولم نرَ في دعوته إلى التقريب أثرا وتأثيرا يذكر.

2 - الشيخ رشيد رضا صاحب مجلة «المنار»

كان من دعاة التقريب تبعاً لأستاذه محمد عبده، إلى أن عثر على كتاب "كشف الارتياب" لمحمد الأمين العاملي الذي ملأه مؤلفه بالسب والشتم للصحابة رضوان الله عليهم، ولما بدأ يحذر في مجلته المنار، قام أشهر علماء الرافضة عليه واتهموه بالتعصب والتفريق، فانفض عن دعوى التقريب، وألف كتابه "السنة والشيعة".

3 – د. مصطفى السباعي

اتفق مع عبد الحسين شرف الدين الموسوي الشيعي على عقد مؤتمر إسلامي بين السنة والشيعة لتحقيق الغرض([19])، ثم فوجئ بأن الموسوي المتحمس للتقريب الذي يثني على الصحابة بحضرته تقية، قام بإصدار كتاب (أبي هريرة) ملأه بالسباب والشتائم، بل انتهى فيه إلى القول: "بأن أبا هريرة كان منافقاً كافراً وأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر عنه بأنه من أهل النار". ثم يقول السباعي: (لقد عجبت من موقف عبد الحسين في كلامه وفي كتابه معاً، ذلك الموقف الذي لا يدل على رغبة صادقة في التقارب ونسيان الماضي)([20]). وقال أيضا: "ولست أحصر المثال بكتاب «أبي هريرة» المذكور، فهنالك كتب تطبع في العراق وفي إيران وفيها من التشنيع على جمهور الصحابة ما لا يحتمل سماعه إنسان ذو وجدان وضمير"([21]).

من هنا اكتشف الشيخ رحمه الله حقيقة القوم، وأنه لا يمكن التقريب بين السنة والشيعة، ثم قال: "فلا يزال القوم مصرّين على ما في كتبهم، من ذلك الطعن الجارح والتصوير المكذوب لما كان بين الصحابة من خلاف، كأن المقصود من دعوة التقريب هي تقريب أهل السنّة إلى مذهب الشيعة"([22]).

4- موسى جار الله شيخ مشايخ روسيا

كان قد ألف كتابا يدعو فيه إلى التقريب وإلى اعتبار فقه الشيعة مذهبا خامسا، ثم هاجر بسبب الاحتلال الروسي لبلاده فمر بإيران ومكث فيها بضعة أشهر يحضر حسينياتهم، ومآتمهم، وحلقاتهم العلمية في المساجد والبيوت، وجلساتهم الخاصة والعامة، وخطبهم، وحفلاتهم، فسمع من أفواه علمائهم ومراجعهم كل البلايا والمصائب التي قرأها في مصادرهم.

ولما اطلع على حقيقة التشيع تيقن أنه لا يمكن الإصلاح والتقريب بين الفريقين، كما لا يمكن التقريب بين الحق والباطل، وعرف أن التقريب لا يمكن إلا بدحض ونقد عقائد الشيعة الفاسدة أولا لذلك ألف كتابه (الوشيعة في نقد عقائد الشيعة) قال فيه بأن: (نقد عقائد الشيعة هو أول مرحلة من تأليف قلوب الأمة لا تأليف بدونها)([23])، وهذه ميزة للشيخ يختلف فيها عمّن سبقه من دعاة التقريب.

5 - الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

كان يدعو إلى التقارب والتعايش تحت ظل الحريات واحترام الآخر، فكان يهدئ الصف السني بالسكوت والصبر على كثير من المحظورات التي تجاوزها الغلاة من الشيعة بغية الحفاظ على الوحدة والإصلاح، وكان مغترا بحزب الله ورئيسه حسن نصر الله.

ثم تبرأ من التقريب لما رفض قادة طهران الاستجابة لطلبه بأن يسمحوا لأهل السنة بإقامة مساجد لهم في طهران، وأن يكفوا عن شتم الصحابة ولعنهم وذكرهم بسوء في إعلامهم وكتبهم، وأن يهدموا روضة أبي لؤلؤة المجوسي قاتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويكفوا عن تبجيله وتقديسه حتى لا يطعنوا مشاعر أهل السنة!

قال الشيخ في مهرجان تضامني مع الشعب السوري أقامه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين([24]):

"إنني ظللت لسنوات أدعو إلى تقريب بين المذاهب، وسافرت إلى إيران أيام الرئيس السابق محمد خاتمي، وشددت في هذا الإطار على أن هؤلاء المتعصبين (في إيران) والمتشددين يريدون أكل أهل السنة، هم ضحكوا علي وعلى كثير مثلي، وكانوا يقولون إنهم يريدون التقريب بين المذاهب".

وقال: "دافعت (قبل سنوات) عن حسن نصر الله الذي يسمي حزبه حزب الله، وهو حزب الطاغوت وحزب الشيطان، هؤلاء يدافعون عن بشار الأسد".

وقال: "وقفت ضد المشايخ الكبار في السعودية داعياً لنصرة حزب الله قبل سنوات مضت، لكن مشايخ السعودية كانوا أنضج مني وأبصر مني، لأنهم عرفوا هؤلاء على حقيقتهم (الإيرانيون وحزب الله) هم كذبة".

فتفجرت أفواه وكالات الأنباء الرافضية والقنوات الفضائية التابعة للشيعة في العالم وفي وقت واحد، وكأنهم على ميعاد! في تشويه صورة الشيخ القرضاوي ورميه بشتى ألوان الأكاذيب والافتراءات ووصفه بأرخص الصفات من النفاق والدجل والخنوع والعمالة للصهيونية والماسونية وإثارة الفتن!!!

هذا غيض من فيض ممن كان لهم نيات طيبة لوحدة الصف من أهل السنة، لكن القوم لا يصلحون ولا يتنازلون عن بغض الصحابة وسبهم إلا من رحم الله.

 

من دعاة الشيعة إلى التقريب

1 - محمد الخالصي

هو: محمد بن محمد مهدي الخالصي، من شيوخ الشيعة المعاصرين ودعاة الوحدة الإسلامية في العراق، وهو الشيخ الشيعي الوحيد الذي يقيم مع جماعته "صلاة الجمعة" في العراق، وخلفه أبناؤه في دعوته، وله من المؤلفات: «الجمعة»، «الإسلام سبيل السعادة والسلام»، «إحياء الشريعة في مذهب الشيعة»، «الإسلام فوق كل شيء»، «الاعتصام بحبل الله»([25]).

كان يدندن كثيرا عن وحدة المسلمين وعن التقريب بين السنة والشيعة في العراق، وكان يصرح بأن زيادة "أشهد أن عليا ولي الله" من افتراءات الغلاة وليس من الدين في شيء"([26]).

وكل ذلك كان يدعيه تقية لا إيمانا لأمرين اثنين:

الأول: أن الذين عاشوا  معه في السر والعلن أثبتوا أنه غير صادق في دعواه، يتلوّن كيف يشاء، قال الشيخ محمود الملاح: "وللخالصي أكاذيب مفضوحة وآراء غريبة شاذة لا يتسع المجال لعرضها"([27]).

الثاني: أنه يوجد في كتبه ما ينافي الدعوة إلى الوحدة وحب الإصلاح:

1- قال بأن (الأئمة الإثني عشر أركان الإيمان ولا يقبل الله تعالى الأعمال من العباد إلا بولايتهم)([28]) وهذا تكفير لجميع المسلمين الذين لا يدخلون في أركان الإيمان: الإيمان بالأئمة الإثني عشر.

2- أجاز السب على عائشة ومعاوية إلا في باب التقية([29]). 

3- كان لعلامة الشام محمد بهجت البيطار مراسلات مع الخالصي في مسألة الصحابة انتهت بيأسه من استجابة الرجل([30]).

 2 - عبد الحسين شرف الدين الموسوي

هو: عبد الحسين بن يوسف بن جواد بن إسماعيل بن محمد بن إبراهيم الملقب بشرف الدين، من كبار شيوخ الشيعة في عصره، ولد في الكاظمية سنة 1290هـ وتوفي في بيروت سنة 1377هـ. من كتبه: «أبو هريرة»، «المراجعات»، «الفصول المهمة»([31]).

في الوقت الذي كان يدعي الحماس إلى الإصلاح والتقريب بين السنّة والشيعة أصدر كتابا مليئا بالطعن في حق خيار الصحابة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، والذين هم موضع حب أهل السنّة، فهل هذا صنيع من يريد التقارب بصدق؟ وما قصة السباعي عنك ببعيد.

3 - أحمد الكسروي

هو أَحمد مير قاسم بن مير أَحمد الكسروي، ولد في تبريز عاصمة أَذربيجان أَحد أَقاليم إِيران وتلقى تعليمه في إِيران، وعمل أُستاذاً في جامعة طهران، كما تولى عدة مناصب قضائية، وقد تولى مرات رئاسة بعض المحاكم في المدن الإِيرانية، وقد أَصبح أَحد أَربعة كبار مفتشي وزارة العدل ثم تولى منصب المدعي العام في طهران، قتله نواب صفوى زعيم جماعة فدائي إسلام سنة 1324هـ لما كشف عن عوار الملالي وأثبت ضلالهم، لكونه ليبرالي الفكر.

كانت له محاولات لحسم الخلاف بين السنة والشيعة، لكن موقفه ومنهجه كان سليما ومتميزا جدا عن غيره، فإنه مع كونه شيعيا حاول بتجرده وحبه للخير والحق، أن يقارن عقائد الشيعة بالقرآن والسنة الصحيحة، وأخيرا توصل إلى بطلان أصول العقائد الشيعية الإثنى عشرية وسطرها في كتاب سماه "التشيع والشيعة" أثبت فيه ما يلي:

1- أَن خلاف الشيعة مع المسلمين إِنما سنده التعصب والتحزب لا الحجة والبرهان([32]).

2- يرى أن الروافض انحرفوا بالتشيع إلى (الغلو في حب علي ومعاداة أبي بكر وعمر وعثمان بدعوى أن علياً كان أحق بالخلافة منهم فظلموه حيث سبقوه، وكان هذا الإفراط يشتد بمرور الزمن، وكان التشيع يتطور من جهاد سياسي إلى عقائد مفرطة)([33]).

3- يرى أن الشيعة وضعوا أحاديث، وأوّلوا القرآن، وحرفوا الأخبار والوقائع([34]).

4- ذكر بالأدلة القوية خرافة غيبة المهدي، ثم قال: (وكفى دليلاً على ضلال قوم انقيادهم لدعوى كهذه)([35]).

5- عقد باباً كاملاً فند فيه عقيدتهم في الإمامة، وقولهم بتحريف القرآن، وزعمهم ارتداد الصحبة إلا ثلاثة، وغيرها، وأبطل دعاويهم الكاذبة كتفويض الأمور للأئمة، وأنهم يعلمون الغيب، وادعاء المعجزات لهم، ودعوى أن الشيعة من طينة خاصة، ثم ذكر فيه جرائم الرافضة عبر التاريخ منذ نشأتها على يد اليهودي ابن سبأ.

ولأجل ذلك ضربه الروافض بالرصاص، وطعنوه بخنجر داخل وزارة العدل الإيرانية فأدى إلى قتله.

 

 اعترافات دعاة التقريب بفشل التقريب

هذه شهادات لعلماء آخرين من أهل السنة كانت لهم تجارب مع التقريب بين الفريقين:

1- أ.د. علي أحمد السالوس - أستاذ الفقه وأصوله:

"بدأت دراستي بالدعوة إلى التقريب بين السنة والشيعة بتوجيه من أستاذي الجليل الشيخ محمد المدني، على أن التشيع مذهب خامس بعد أربعة أهل السنة؛ غير أنني عندما بدأت البحث واطلعت على مراجعهم الأصلية وجدتُ الأمر يختلف تمامًا عمَّا سمعت.. فدراستي إذن بدأت بتوجيه من الشيخ المدني من أجل التقريب، ولكن الدراسة العلمية لها طابعها الذي لا يخضع للأهواء والرغبات".

2- العلامة محب الدين الخطيب:

"إن استحالة التقريب بين طوائف المسلمين وبين فرق الشيعة هي بسبب مخالفتهم لسائر المسلمين في الأصول، كما اعترف به وأعلنه النصير الطوسي، وأقره عليه نعمة الله الموسوي الخونساري ويقره كل شيعي، وإذا كان هذا في زمن النصير الطوسي فهو في زمن باقر المجلسي الآن أشد وأفظع"([36]).

3- ناصر الدين الهاشمي:

" ليس أدل على خداع دعوى التقريب من سوء حال أهل السنة في إيران؛ فلو صدقوا في دعواهم لقاربوا بين صفوف الشعب الإيراني سنة وشيعة"([37]).

4- د. أحمد الأفغاني:

"لقد عشت مع شيعة العراق وإيران والسعودية ولبنان ثماني سنوات محاورًا ومناقشًا، وقد اتضح لي على وجه اليقين أنهم صورة طبق الأصل من كتبهم السوداء المنحرفة"([38]).    

المصدر: الراصد 


[1] - شيخ الإمامية ورئيس الطائفة، أبو جعفر محمد بن الحسين بن علي الطوسي، وهو مؤلف كتابين من كتبهم الأربعة (التي يعدونها كالكتب الستة عند أهل السنة) وهما: «تهذيب الأحكام»، و«الاستبصار»، توفي سنة 460هـ. وكانت ولادته سنة 385هـ. الطوسي: «الفهرست»: (ص 188 - 190)، «لؤلؤة البحرين»: (ص 293 - 304).

[2] - «الإمام الصادق»: ص 464.

[3] - الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي أبو علي، من علماء الإمامية، وهو عندهم ثقة فاضل يلقبونه بـ "أمين الدين"، من مؤلفاته: «مجمع البيان في تفسير القرآن»، توفي عام 548هـ. انظر: «أمل الآمل»: (2/216)، «الأعلام»: (5/352-353).

[4] - «الطبرسي مفسراً» ص 10 (رسالة دكتوراه لم تنشر).

[5] - البداية والنهاية 12/54.

[6] - نفس المصدر 12/57.

[7] - مسألة التقريب بين السنة والشيعة 2/149.

[8] -النحلة الأحمدية، ص 4.

[9] - سئل الشيخ عبد العزيز عيسى مدير مجلة «دار التقريب» في القاهرة عن القبة فقال: (لم نسمع بهذا في آبائنا الأولين).

[10] - الحقائق الخفية، ص 16.

[11] - انظر: حقيقة باكستان، ص 29.

[12] - انظر كتابهما «الإسلام بين السنّة والشيعة».

[13] - البحار، ج 48، ص 96.

[14] - انظر: تعليقاته على رسالة: «التشيع ظاهرة طبيعية»، ص 78.

[15] -انظر: «نشأة التشيع وتطوره»، (ص 4- 6) لمحب الدين الخطيب.

[16] -انظر: «الخميني أقواله وأفعاله»، ص 27 لأحمد مغنية.

[17] -انظر: مسألة التقريب لناصر القفاري 2/182.

[18] -انظر: «دائرة المعارف الشيعية»: (6/11- 12). وأغابزرك الطهراني: «أعلام طبقات الشيعة» (1/315)، ومحسن الأمين: «جمال الدين الأفغاني». ومحمد محمد حسين: «الإسلام والحضارة الغربية».

[19] - أنظر «السنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي»،  ص 8- 11 للسباعي.

[20] - نفس المصدر، ص 9.

[21] - نفس المصدر، ص10.

[22] نفس المصدر، ص11.

[23] - الوشيعة في نقد عقائد الشيعة، ص17.

[24] - كان ذلك في يوم 2/6/2013 انظر: جريدة الحياة، كما نشرته دنيا الوطن يوم 6/6/2013.

[25] - انظر ترجمته في كتاب "حجة الخالصي" للملاح.

[26] - الإعتصام بحبل الله، ص18.

[27] - حجة الخالصي، ص5 للملاح.

[28] - الاعتصام بحبل الله ، ص 43.

[29] - «الإسلام سبيل السعادة والسلام»: ص 90 للخالصي.

[30] - انظر: «الإسلام والصحابة الكرام بين السنّة والشيعة» للبيطار.

[31] - انظر: «طبقات أعلام الشيعة»: (3/1080) لأغابزرك الطهراني.

 

[32] -أنظر التشيع والشيعة، ص 31.

[33] -التشيع والشيعة، ص 17.

[34] - نفس المصدر، ص 25.

[35] - نفس المصدر، ص 47.

[36] - انظر: الخطوط العريضة.

-[37] انظر: موقف أهل السنة في إيران.

 -[38]انظر: سراب في إيران.

 



مقالات ذات صلة