أوباما يعيد احتلال العراق

بواسطة المختصر قراءة 1295
أوباما يعيد احتلال العراق
أوباما يعيد احتلال العراق

عبد الجبار الجبوري

25-2-2014

في خطوة مفاجأة أعلنت إدارة أوباما إرسال قوات عسكرية تقدر بأكثر من (800) جندي أمريكي إلى العراق، وتحديدا إلى محافظة نينوى، لغرض تدريب قوات جيش المالكي على القتال في المدن، ورفع معنوياته المنهارة بسبب الخسائر الكبيرة، التي مني بها في الأنبار وأقضيتها ومدنها وفي مقدمتها الفلوجة، وفي نينوى وديالى وصلاح الدين، والتي لم تنفع الصواريخ والطائرات والأسلحة التي أرسلها البيت الأبيض قبل شهر إلى جيش المالكي.

 إضافة إلى تواجد عشرة فرق عسكرية دمج في الأنبار والفلوجة، فما هي الأسباب الحقيقية من وراء إرسال قوات أمريكية إلى العراق في هذا الوقت بالذات، في وقت عادت التهديدات الأمريكية لضربة عسكرية مرتقبة لنظام بشار الأسد، هناك الكثير من الإشارات على الأرض في الساحة العراقية والسورية والدولية، وكلها تدلل على أن تخبط وفشل السياسة الأمريكية في المنطقة وتحديدا سوريا والعراق، هو من أجبر البيت الأبيض لإعادة احتلال العراق لحسم موقفه من النظام السوري وإسقاطه في معركة حاسمة، بعد أن ضمنت إدارة أوباما تدمير الأسلحة الكيماوية السورية أو على الأقل زوال خطرها وأبعادها عن يد التنظيمات الإسلامية المتطرفة مثل تنظيمات القاعدة والنصرة وداعش وغيرها.

 ووصول قناعة لدى المجتمع الدولي بضرورة تغيير النظام السوري، بعد أن أوغل في قتل شعبه بالبراميل المتفجرة واستخدام الكيمياوي المحرم دوليا، وتراخي تأييد روسيا وإيران عن تقديم دعمهما للنظام سواء لما حصل في أوكرانيا من تغييرات عاجلة تهدد الأمن القومي الروسي ومستقبل روسيا في ربيع أوكراني سيطال دولا روسية أخرى حتما سيجعل من روسيا دولة هامشية غير مؤثرة في الشرق الأوسط، ناهيك عن الاتفاق الأمريكي ـ الإيراني حول تقييد برنامجها النووي لقاء إعادة النظر بدعم نظام الأسد، هذا السيناريو الأمريكي المحتمل الآن في سوريا، أما في العراق، فالديمقراطية الأمريكية تنازع سكرات الموت إن لم تكن ولدت ميتة وقد خذل عملاء أمريكا سيدهم الأمريكي في إرسائها في العراق كما أرادت إدارة المجرم بوش عندما غزت العراق تحت هذا الشعار اللئيم المخادع، فالأمر الآن ليس كذلك وليس على ما يرام، حيث قبضة النفوذ الأمريكي تحولت إلى قبضة إيرانية من الصعب إزاحتها الآن، بفعل قوة النفوذ الإيراني الميليشياوي والعسكري والديني والاقتصادي.

 وهذا ما اعترف به أكثر من مسؤول أمريكي ومنهم مرشح الرئاسة السيناتور جون ماكين وغيره، إذن لا نفوذ حقيقي الآن في العراق، وهذا بيت القصيد، فإدارة أوباما تراقب الموقف في الأنبار، وما آلت إليه حكومة المالكي من تفكك وصراعات بين أركان العملية السياسية، وتفكك التحالف الشيعي وتشرذمه بعد خروج زعيم التيار الصدري منه، وتهديدات عمار الحكيم بالانشقاق عن التحالف، وترك الأمور يتفرد فيها دولة القانون المتشرذم هو الآخر، بعد أن خسر نوري المالكي كل حلفائه في العملية السياسية والتحالف الوطني بسبب تفرده في الحكم وكما وصفه مقتدى الصدر إنه (دكتاتور وطاغوت متعطش للسلطة والمال والقتل) وهو أخطر وأقوى وصف يوصف به المالكي منذ أن ترأس الوزارة قبل ثمانية سنوات، لتأتي الطامة الكبرى دخوله في معركة خاسرة تورط بها مع أهل الأنبار، عندما أعلن أنه ذاهب لقتال داعش في صحراء الأنبار، ثم استدار بإشارة من إدارة أوباما لفتح جبهة عريضة مع ثوار العشائر في مدن وقرى وقصبات الأنبار، قبل أن تمتد إلى محافظات أخرى، وينهار الوضع الأمني فيها بشكل يصعب إن لم نقل يستحيل السيطرة عليه، وفي ظل اهتمام إعلامي ودولي كبير بما يجرى في المحافظات المنتفضة وآخرها استضافة البرلمان الأوروبي لشخصيات عراقية وبرلمانية لعرض ما يتعرض له العراقيون من إقصاء وتهميش وتهجير وقتل على الهوية وتعذيب في السجون بطائفية واضحة وإعدامات طائفية أدانتها منظمات دولية ومنها هيومن رايتس ووج وغيرها.

 أما على الأرض فيجرى إبادة جماعية انتقامية ممنهجة عن طريق قصف المدن بالطائرات والصواريخ والمدفعية الثقيلة كما يجري الآن في الفلوجة ومدن الأنبار الأخرى، في وقت تنهار يوميا قطعات الجيش وتقدم خسائر بشرية كبيرة جدا في المحافظات المنهار فيها الأمن والمتصاعدة فيها عمليات ثوار العشائر.

 إذن حملة المالكي العسكرية على الأنبار فتحت عليه أبواب الجحيم من عدة منافذ وزواغيل لن يستطع مواجهتها منها اتساع رقعة انتصارات ثوار العشائر وخاصة بعد تشكيل مجلس الثوار المكون من خيرة أبطال الجيش العراقي السابق ممن تشهد لهم سوح الوغى في الحرب مع إيران، وبرتب عسكرية كبيرة جدا، مع خبرة قتالية وكفاءة عسكرية قل نظيرها في الجيوش العالمية.

 مع تصاعد استنكار عشائر الجنوب واعتراضهم على إرسال أبنائهم إلى محرقة حقيقية للموت في المحافظات المنتفضة، وشاهدنا هروب جماعي لجيش المالكي وتسليم أنفسهم للعشائر، الأمر الذي دعا وزارة الدفاع لتشكيل مفارز إعدامات خلف القطعات وتم تنفيذ إعدامات كثيرة للجنود الهاربين من معارك الأنبار وديالى ونينوى.

 ثم اتسعت حالات الهروب من فردية إلى جماعية كالتي حصلت في سرايا الفرقة الثانية في نينوى في قاطع الكيارة وهكذا بدا انهيار الجيش يسير ببطء ولكن نحو التفكك والانهيار الحتمي القريب، هنا تبرز أهمية إرسال جيش أمريكي لإيقاف تدهور قوات المالكي وانفلات الوضع الأمني والعسكري لصالح المحافظات المنتفضة والمتجهة إلى بغداد.

 فأسرعت إدارة أوباما بإرسالها القوات الأمريكية إلى نينوى للسيطرة على الوضع من السقوط والانهيار في صفوف قوات المالكي، وهنا يصبح العراق محتلا من قبل أمريكا ثانية للحفاظ على ماء الوجه الأمريكي المسال على الأرض في العراق، وأصبح إعادة احتلال العراق ضرورة حتمية لضرب عصفورين بحجر واحد، وليس لسواد عيون المالكي وحكومته الفاشلة التي سببت صداعا مزمنا لإدارة أوباما، وأجبرتها على خوض غزو جديد للعراق، نعم أوباما يعيد احتلال العراق خوفا من السيناريو العراقي الذي ترسمه المحافظات المنتفضة ضد حكومة المالكي وهو الأقرب إلى التطبيق في الوقت الراهن لما تعانيه قوات وحكومة المالكي من تفكك وتشرذم وتصارع وانفلات أمني غير مسيطر عليه في أغلب المحافظات والمحافظات التي تنتظر الإشارة، فهل تنقذ إدارة أوباما سقوط حكومة المالكي بإعادة احتلالها ثانية للعراق… هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة إن شاء الله..

المصدر: الجديدة , المختصر



مقالات ذات صلة