ما علاقة التصعيد الروسي على إدلب بأزمة نظام أسد الاقتصادية ؟ .. محللون عسكريون يجيبون

بواسطة أورينت نت قراءة 575
ما علاقة التصعيد الروسي على إدلب بأزمة نظام أسد الاقتصادية ؟ .. محللون عسكريون يجيبون
ما علاقة التصعيد الروسي على إدلب بأزمة نظام أسد الاقتصادية ؟ .. محللون عسكريون يجيبون

كثف الاحتلال الروسي وميليشيا أسد القصف الجوي والصاروخي تجاه المرافق الحيوية والمنشآت النفطية في الشمال السوري المحرر وبالقرب من الحدود التركية، خلال الأيام الماضية، في تصعيد لافت لأول مرة منذ أشهر بعد هدوء تخلله خروقات، ما يفسّر على أنه تعبير عن أزمة تعانيها روسيا بسبب عجزها عن إنقاذ حليفها نظام أسد من أزماته الاقتصادية والسياسية.


واللافت أن التصعيد الأخير يركز بأهدافه الدقيقة على مستودعات وناقلات النفط في الشمال المحرر، في وقت تعيش مناطق سيطرة ميليشيا أسد أسوأ أزمة اقتصادية، فيما عجزت حليفته روسيا عن إنقاذه بشتى الوسائل لاستدارك أزماته المتفاقمة.

واستهدفت ميليشيا أسد وروسيا، خلال الأيام الثلاثة الماضية بشكل ممنهج ومكثف، مشفى الأتارب بريف حلب ومنشآت نفطية في مدينة سرمدا بالقرب من معبر باب الهوى، على الحدود التركية بشكل مباشر، وأسفر ذلك عن ضحايا مدنيين وعشرات المصابين، بينهم أطباء ونساء وأطفال، عدا عن الخسائر المادية لاسيما في قطاع المحروقات، ما اعتبره محللون رسائل تريد روسيا إيصالها من خلال استهدافها الشريط الحدودي مع تركيا (حليفة روسيا) وطال مناطق تعتبر آمنة ومكتظة بالمدنيين والنازحين، رغم الاتفاق سابقا على وقف إطلاق النار بين موسكو وأنقرة، ورغم التأكيد فيما يسمى جولة "أستانا 15" الأخيرة من قبل الروس على أن المناطق الحدودية مع تركيا ستكون خالية من أي استهداف أو قصف.


التصعيد الأكبر منذ عام
يرى المحلل العسكري والاستراتجيي أحمد حمادة، أن التصعيد الروسي الأخير يعتبر الأكبر من حيث الكثافة وأن المنطقة لم تشهد قصفا بهذا الشكل والحجم منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين أنقرة وموسكو في "مارس/ آذار" 2020، خاصة أن ذلك القصف طال مواقع حيوية كمشفى الأتارب ومعبر باب الهوى الإنساني والحدودي مع تركيا، والذي يعتبر شريان المنطقة والمخصص لنقل المساعدات الأممية إلى الداخل السوري، بتوافق دولي.

فيما يعتبر المحلل العسكري أحمد رحال أن ذلك القصف يأتي في إطار مصلحة نظام أسد بإشاعة عدم الاستقرار في الشمال السوري، بمعنى أن لا تنعم المناطق المحررة بالاستقرار، خاصة وأن مناطق نظام أسد تعاني أزمات اقتصادية خانقة وغير مسبوقة وهذا بات يزعجه كثيرا بالمقارنة التي بدت جلية بين مناطق سيطرته ومناطق المعارضة التي تعيش انفراجا اقتصاديا رغم أزمات النازحين والمخيمات التي تعانيها.

وكان وفد المعارضة خلال اجتماع أستانا بجولته الأخيرة (15) قبل أسابيع، تلقى وعودا من الجانب الروسي باعتماد المناطق الحدودية مع تركيا في الشمال السوري مناطق وقف إطلاق نار (قاح وأطمة وسرمدا وحارم)، بحسب مصادر سربت تلك المعلومات لتؤكد أن تلك الخرائط ستكون خالية من أي عمليات عسكرية او هجمات أخرى، بالتزامن مع ضغوط تركية على الروس لمنع ميليشيا أسد من استهداف تلك المناطق.

 

 ضربة المأزوم
يعتقد المحلل العسكري أحمد حمادة، أن التصعيد الأخير لميليشيا أسد وروسيا في الشمال السوري هو للضغط على المعارضة والجانب التركي، قائلاً: إن "الأهداف الأخيرة وقعت على الحدود التركية، إذاً هي رسالة من روسيا للطرفين (المعارضة وتركيا) أرسلتها عبر صواريخها للقبول بأي طروحات جديدة من الروس في ظل انتخابات مقبلة ستحدد مصير المرحلة المقبلة، ووضع العالم أمام أمر واقع".

ويضيف حمادة خلال حديثه لأورينت نت، أن "هذا القصف يأتي من خلال الأزمة التي يعيشها النظام والروس، حيث إن الروس يئسوا وفشلوا بإنقاذ النظام وإعادة تأهيله" في إشارة إلى الجولات الروسية المكوكية والتي فشلت بالحصول على دعم اقتصادي للنظام وفشلت أيضا بإعادته للجامعة العربية، وفق تعبيره.

ضغط على ميليشيا "قسد"
في حين يرى المحلل العسكري والاستراتيجي أحمد رحال، أن التصعيد الأخير حقق هدفين لروسيا، الأول هو الرد على الغارات التركية على مواقع ميليشيا قسد بعين عيسى شمال الرقة، بينما الهدف الثاني هو الضغط على ميليشيا قسد نفسها باعتبارها ترفض بيع النفط في مناطق سيطرتها لميليشيا أسد، بينما تبيعه للفصائل في الشمال السوري.

ويوضح رحال في حديثه لأورينت نت، أن "استهداف المواد النفطية المشتراة من ميليشيا "قسد" يعتبر ضغطا على الأخيرة ويؤدي إلى حدوث فائض من النفط لديها وهذا يجبرها فيما بعد على بيع النفط لميليشيا أسد، أي بمعنى "تبيعوا لنا وللمعارضة معا أو سنقصف قوافل النفط"، بحسب رحال.

روسيا لا تجرؤ على قصف ميليشيا "قسد"
ويتفق المحللون على أن ميليشيا أسد والاحتلال الروسي لا يجرؤن على استهداف معاقل النفط الرئيسة في مناطق شرق الفرات الخاضعة لسيطرة ميليشيا "قسد" بحماية القوات الأمريكية، ولذلك يستقوون بقصف ناقلات المحروقات التي تصل إلى الشمال المحرر الخاضعة لسيطرة الفصائل، وهو أمر عبّر عنه موالون لأسد على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسبوعين الأخيرين حيث تساءلوا: لماذا لا يتم قصف المنشأ بدلا من قصف النفط المشترى، أم أن الروس وميليشيا أسد لا يجرؤون؟.

فيما اعتبر بعض المحللون أن القصف الجوي الروسي على إدلب وريف حلب، قد يكون كرد على الغارات الجوية التركية التي طالت مواقع ميليشيا "قسد" بمحيط مدينة عين عيسى بريف الرقة، باعتبار تلك المنطقة خاضعة لاتفاق بين أنقرة وموسكو، لاسيما أن الأخيرة اتهمت تركيا قبل أيام بتجاوز الخطوط في تلك المناطق، أي منطقة شرق الفرات.


تخطيط وتنفيذ روسي
ومن الملاحظ أن التصعيد الأخير جرى بتنفيذ وأوامر روسية، وهذا يكمن في الصواريخ الدقيقة التي أصابت أهدافا عبر تقنية تحديد المواقع (GPS) وهي أسلحة لا تملكها ميليشيا أسد، بحسب الضابط المتخصص، النقيب عبدالسلام عبدالرزاق .

ويوضح عبدالرزاق وهو ضابط في "الجيش الوطني السوري"، خلال حديثه لأورينت نت، أن "قصف مشفى الأتارب تم عن طريق صواريخ عالية الدقة وتعتمد على تقنية تحديد الموقع GPS، وهذا النوع من الصواريخ المتطورة للغاية لا تملكها ميليشيا أسد ويمتلكها الروس"، وما يعزز الفرضية هو تحليق طيران الاستطلاع الروسي في أجواء المنطقة ساعات طويلة سبقت القصف لاسيما جريمة استهداف مشفى الأتارب بريف حلب.

رسائل روسية لتركيا
في حين يشير عبدالرزاق إلى أن استهداف منشأة الغاز في منطقة سرمدا بالقرب مع معبر باب الهوى على الحدود التركية هو للضغط على الجانب التركي لفتح المعابر التجارية بهدف كسر الحصار الاقتصادي المفروض على نظام أسد"، باعتبار أن روسيا تستميت لتفعيل المعبر مع تركيا والطرق التجارية (m4) واللذين يمران بمنطقة خفض التصعيد الخاضعة لرعاية أنقرة وموسكو.

وتخضع إدلب لاتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بين موسكو وأنقرة في آذار 2020 وتم تجديده في مطلع الشهر الحالي، لكن ذلك الاتفاق المزعوم تخلله مئات الخروقات من روسيا وميليشيا أسد بحسب ما وثق فريق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء).

لكن روسيا تعتبر الوجود التركي في سوريا "مؤقتا" وتطالبه بتسليم جميع الأراضي السورية لميليشيا أسد باعتبار وجودها "غير شرعي"، الأمر الذي ترفضه أنقرة حتى الوصول إلى اتفاق سياسي وتسوية سلمية للنزاع المتفاقم منذ عام 2011، في وقت تستميت موسكو لتفعيل الطرق الدولية التي تمر بمناطق الفصائل لتنشيط الاقتصاد في مناطق أسد.

بينما تعيش مناطق سيطرة ميليشيا أسد أزمة اقتصادية غير مسبوقة وخاصة في مشتقات النفط  وأزمة الخبر والطحين، وتخطي الليرة السورية حاجز 4700 أمام الدولار، وذلك بعد تشديد العقوبات الأمريكية وحتى الأوروبية على نظام أسد لإخضاعه للقرارات الدولية التي تهدف للوصول إلى حل سياسي ينهي مأساة السوريين.

وكثفت روسيا جهودها بكل الوسائل لإنقاذ أسد ونظامه عبر جولات دبلوماسية مكوكية حاولت من خلالها كسر الحصار وإعادة تأهيله عربيا، لكن المجتمع الدولي أكد بغالبيته عدم شرعية نظام أسد وطالبه بالامتثال لقرار "مجلس الأمن الدولي" بدلا من "مسرحية" الانتخابات الرئاسية التي يحضرها رغم مأساة السوريين

 

المصدر : أورينت نت

9/8/1442

22/3/2021

 

 



مقالات ذات صلة