هل يحصل الشيعة على حكم ذاتي بالجنوب العراقي؟

بواسطة شيماء نعمان قراءة 2569
هل يحصل الشيعة على حكم ذاتي بالجنوب العراقي؟
هل يحصل الشيعة على حكم ذاتي بالجنوب العراقي؟

هل يحصل الشيعة على حكم ذاتي بالجنوب العراقي؟

 

الاثنين30 من رجب1428هـ 13-8-2007م

 

ترجمة: شيماء نعمان

 

مفكرة الإسلام: يستطيع المتابع للأحداث التي تشهدها الساحة العراقية الممزقة أن يرى السعي الشيعي المحموم لدفع تكوين فيدرالية من المحافظات الجنوبية ذات الغالبية الشيعية؛ وذلك في تحدٍ جديد للوحدة القومية للعراق.

 

وتحت عنوان "في الجنوب العراقي: الشيعة يطالبون بالحكم الذاتي"، كتب "سام داغر" ـ مراسل صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية ـ من العاصمة العراقية بغداد:

عندما فصلت محافظة النجف محطة الكهرباء الخاصة بها عن شبكة خطوط الكهرباء المركزية في البلاد الأسبوع الماضي كان ذلك بمثابة إشارة إلى المعارضة الإقليمية للتوزيع غير المتكافئ للكهرباء في مدن العراق. غير أن التحرك كشف، في الوقت نفسه، عن إصرار جديد يسود الجنوب، بينما يسعى زعماء إقليميون محليون لنزع السلطة من سيطرة الحكومة المركزية ببغداد التي يعوّقها الاقتتال السياسي الداخلي.

وتظهر العديد من المقترحات الداعية إلى توحيد محافظات جنوب البلاد، فيما يتزعم المجلس الإسلامي الأعلى في العراق ـ أحد أقوى الأحزاب الشيعية ـ الاتجاه الساعي لإقامة منطقة تتمتع بالحكم الذاتي جنوب بغداد.

إلا أن 45 من زعماء العشائر الجنوبية البارزين قد وقّعوا الأسبوع الماضي في النجف ميثاقًا خاصًا بهم، يتصور تشكيل "حكومة حكم ذاتي بجنوب العراق الموحد".

وبغض النظر عن أي من الجماعات الجنوبية سوف تحقق النجاح، فإن بغداد تواجه تحديًا صعبًا قد يعني ليس فقط خسارة عائد الكهرباء، بل كذلك العائدات القادمة من موانئ وحقول النفط بالمنطقة الجنوبية، بالإضافة إلى إذكاء مزيدٍ من التمزق على الصعيد الطائفي.

ويرى السياسي المستقل "تامر العامري"، والذي عمل كمستشار سابق للبرلمان العراقي، أن "تكوين اتحاد للمناطق يُعد أحد أكثر الحلول العملية لمشكلات العراق، غير أن هناك خوفًا حقيقيًا من أن يكون ذلك فقط مقدمة لانفصال".

ويقول العامري: "على العراقيين الآن أن يثبتوا أنهم قادرين على مشاركة السلطة. إننا غير مستعدين فحسب لنشارك في اتحاد فيدرالي. فحتى الآن الأمر لا يتجاوز سعي كل مجموعة للحصول على الأفضل لنفسها".

وصرح "أحمد دويبل" ـ ناطق محلي بالنجف ـ أنه عندما أوقفت المحافظة الكهرباء القادمة إليها من بغداد، كان ذلك نتيجة لشعور مسئولي المحافظة بأنها لا تحصل على نصيبها العادل من الكهرباء.

وقال دويبل: "لقد كنا نتعرض للغش في حصتنا المخصصة من الكهرباء، وقد شعرنا أن ذلك لا يتناسب مع مكانة محافظة النجف كمزار ديني ومقر للمرجعيات الشيعية... لقد قمنا بذلك من أجل مواطنينا، ولا نعتبر ذلك تمردًا ضد الحكومة المركزية".

وقد أشار إلى أن النجف على استعداد لتشغيل الوحدة الطرفية البعيدة لمحطة الكهرباء الخاصة بها، وهي الوحدة التي تسمح بصورة طبيعية لبغداد بالتحكم في الإنتاج، إذا ما تعاملت الأخيرة مع الشكاوى التي تعاني منها المناطق الإقليمية.

بيد أن أحد المواطنين البارزين بالمحافظة، على مقربة من عمليات السلطة المحلية، قال إن التحرك الذي اتخذته النجف هو جزء من مسعى أكبر لضم المحافظة إلى مشروع "منطقة جنوب بغداد" ذات الحكم الذاتي. ويضم المشروع كذلك محافظات أخرى وهي: "بابل، والبصرة، وذي قار، والديوانية (والتي تعرف كذلك بالقادسية)، وكربلاء، وميسان، والمثنى، وواسط".

وخلال الأسابيع الأخيرة الماضية، تزعّم "عمار الحكيم"، نجل رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في العراق "عبد العزيز الحكيم"، حملات شعبية متحمسة لحشد التأييد للمشروع.

وقال الحكيم، في التاسع عشر من يوليو أمام تجمع شعبي بالنجف في ذكرى مقتل عمه "محمد باقر الحكيم"، الذي لقي مصرعه في أغسطس عام 2003 في المدينة نفسها: "إن ركنًا أساسيًا في فكرة العراق الجديد هي إنشاء مناطق ذات حكم ذاتي في أنحاء العراق، خاصة "منطقة جنوب بغداد"".

وأضاف: "أدعوكم أن تكونوا على أهبة الاستعداد من الآن لتشكيل "منطقة جنوب بغداد" مستقلة في نهاية الفترة التي حددها البرلمان".

وفي الحادي عشر من يوليو كرر الحكيم دعوته مجددًا أمام تجمع آخر في بغداد.

وكانت الجمعية الوطنية قد مررت في أكتوبر 2006 تشريعًا مثيرًا للجدل قدّم آلية لإنشاء المناطق الإقليمية في العراق. ويُلزم القانون من أجل السماح بإنشاء تلك المناطق بالبدء في مطلع أبريل 2008 بعقد استفتاءات محلية حول الشأن.

وقد واجه القانون رفضًا من قِبل معارضين من السنة والشيعة منافسين للمجلس الإسلامي الأعلى في العراق، مثل حزب "الفضيلة"، وحركة الزعيم الشيعي "مقتدى الصدر"، مبررين موقفهم بأن التشريع يهيئ الوضع لتقسيم العراق.

 

الصراع على السلطة الإقليمية:

 

وبموجب الدستور العراقي؛ فقد مُنحت المناطق الإقليمية سلطات كبيرة، بما في ذلك تبني دستورها الخاص، وممارسة السلطات التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، وتنظيم وإدارة قوات أمن داخلية، وفتح مكاتب لها بالخارج كجزء من البعثات العراقية. علاوة على ذلك، يكون للقوانين الإقليمية الأسبقية على القوانين القومية في حالة وقوع نزاع.

وبحسب أحد مساعدي الشيخ "همام حمودي"، رئيس لجنة تعديل الدستور في البرلمان العراقي، فإن مسألة سلطة الأقاليم تعد حاليًا واحدة من بين نقاط الخلاف في عملية التعديل الدستورية.

وتأتي الوثيقة التي وقّع عليها الزعماء العشائريون كبديل للخطة التي يروّج لها المجلس الإسلامي الأعلى في العراق. حيث وقّع زعماء من محافظات البصرة، وذي قار، والديوانية، وميسان، والمثنى ميثاقًا في النجف يتصوّر تشكيل "حكومة حكم ذاتي بجنوب العراق الموحد" حتى أنهم قاموا بانتخاب رئيس لها، كما أعلنوا خططًا لتشكيل كيان تشريعي يتألف من 130 شيخًا وخبيرًا.

وقال الشيخ "عبد الكريم المحمداوي"، وهو أحد المؤيدين للمبادرة، إنها تعد بديلاً للمشروع الفيدرالي الذي يتبناه المجلس الإسلامي الأعلى في العراق من شأنها أن تمنح مزيدًا من السلطات للأهالي "الجنوبيين الفعليين" في الوقت الذي تحتفظ فيه بالالتزام بوحدة العراق.

وأضاف الزعيم العشائري البارز من ميسان، والذي يُعد من أشد معارضي آل الحكيم إن: "أبناء الجنوب قد عانوا من التهميش بكل السبل ... إن الأمر يبدو كأن ديكتاتورية أخرى قد حلت محل ديكتاتورية صدام".

وبالرغم من المكانة الروحية التي تمثلها كلاً من النجف ومحافظة كربلاء لدى الشيعة، فإن إمكانية نجاح أية فيدرالية إقليمية يتوقف على البصرة، التي تعد المحور الاقتصادي الحيوي بفضل مواردها النفطية ووصولها إلى البحر.

 

قضية التقسيم:

 

وتحظى فكرة تقسيم العراق على نحو متزايد بدفاع المشرعين الأمريكيين ومراكز الأبحاث في واشنطن؛ حيث يُنظر إليها على أنها السبيل الوحيد لجلب السلام إلى العراق. ويقول الشيخ "جلال الدين الصغير"، وهو عضو برلماني بارز مؤيد لخطة الحكيم: "هناك عملية كبرى قيد التنفيذ من أجل تمهيد الطريق لمشروع "منطقة جنوب بغداد"، لكنها تُجرى في هدوء".

وإلى جانب علاقته الوطيدة بـ "آية الله علي السيستاني" -  أعلى مرجعية دينية شيعية في العراق -  وقيامه بتوعية المواطنين بشأن ما يراه من مزايا مشروع "جنوب بغداد"، صرح الصغير أن حزبه قد أعدّ مسودة مفصلة بشأن إنشاء الإدارة الإقليمية، مشيرًا إلى أن العديد من الاجتماعات تجرى في الوقت الراهن بين مسئولين سياسيين واقتصاديين وأمنيين كبار من جميع المحافظات التسعة لتعزيز المشروع.

وأضاف أن الموضوع ذا "ثقل إقليمي وإستراتيجي رائع بما لا يدع مجالاً للمصادفة"، إلا أنه يواجه عقبات جدية من قِبل أطرافٍ أخرى بالمجتمع الشيعي ذات تأثير ونفوذ.

فهناك السيد "مقتدى الصدر" الذي، بالرغم من انزوائه خلال الشهور الأخيرة الماضية، والحملة الأمريكية ضد ميليشياته المعروفة باسم "جيش المهدي"، لا يزال يتمتع بتأييد واسع النطاق، وخاصة بين الفئات المستاءة داخل المجتمع الشيعي.

أما حزب الفضيلة فإنه يرى أن أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت المجلس الإسلامي الأعلى في العراق وحلفاءه للقيام بـ "تنظيم حملة" لعزل محافظ البصرة، "محمد الوائلي"، هي معارضته القوية للانضمام لاتحاد فيدرالي بالجنوب. وقال "جابر خليفة"، وهو أحد زعماء الحزب: "إنهم (المجلس الإسلامي الأعلى في العراق) ببساطة يريدون إقصاء جميع ـ أولئك ـ المعارضين للمشروع الإقليمي".

 وإذا ما كانت المنطقة الكردية شمالي العراق ـ ما يسمى بإقليم كردستان العراق ـ تحظى بحكم شبه ذاتي منذ نحو أكثر من 15 عامًا، فإن  الاتجاه الشيعي الجديد للاستئثار بجنوب البلاد يضع أهل السنة، والذين يتمركز غالبيتهم غربي البلاد في مأزق جدي. فمن المعروف أن العراق لديه ثالث أكبر احتياطي نفطي على مستوى العالم إلا أن تلك الثروات النفطية توجد بشكل أساسي في منطقتي شمال وجنوب البلاد؛ الأمر الذي قد يعني حرمان السنة من مصدر هام من مواردهم الاقتصادية إذا ما استقل الجنوب كذلك عن الحكومة المركزية.

وقد أقرت الحكومة الكردية يوم الثلاثاء 7 أغسطس قانونًا إقليميًا للنفط يمهد الطريق أمام فتح الاستثمارات الأجنبية في حقول النفط والغاز شمالي العراق. وهو قانون يختلف عن القانون الوطني المقترح للنفط، والذي يهدف إلى تقسيم الثروة النفطية بالعراق بين السنة، والشيعة، والأكراد، وغيرهم من الطوائف العراقية.

وكان برلمان البلاد قد أخفق في إقرار القانون الوطني للنفط بسبب خلافات واسعة بين الزعماء السنة، والشيعة، والأكراد بشأن السيطرة المحلية على حقول النفط.

وذكرت وكالة "أسوشيتيد برس" في تقرير لها من إربيل أن التشريع الجديد يمنح حكومة كردستان الحق في إدارة ثرواتها من النفط بالمحافظات الشمالية الثلاثة: إربيل، والسليمانية، وداهوك، وكذلك ما يطلق عليه "مناطق الصراع" في إشارة إلى محافظة كركوك، إحدى أكبر مراكز النفط الخام بالعراق.

ويسعى العرب السنة ـ الذين يعيشون في مناطق دون احتياطات نفطية كبيرة ـ للحفاظ على إدارة مركزية لصناعة النفط؛ وذلك خشية أن يحتكر الأكراد والشيعة بالشمال والجنوب، الغني بالنفط، السيطرة على عقود الاستثمار والاستحواذ على الأرباح.

تجدر الإشارة إلى أن الآراء المنادية بتقسيم العراق قد شهدت مؤخرًا زيادة ملحوظة، حيث ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الشهر الماضي أن المرشح الرئاسي الديموقراطي سيناتور "جوزيف بايدن" قد دعا إلى تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق عرقية "سنية ـ شيعية ـ كردية"، كما قدّم كذلك معهد بروكينجز بواشنطن مشروعًا يعرض لنفس الاقتراح.

وبالرغم من أن مثل تلك المقترحات كانت دائمًا ما تُقابل بالرفض، فإنها بدأت تظهر مجددًا في هذه الآونة على سطح النقاش، بحسب ما ذكرت صحيفة "صباح" التركية التي أشارت إلى أن البعض يرى أن الحكومة الأمريكية تدعم وحدة العراق على المستوى الرسمي، إلا أنها تسعى لتقسيم البلاد على المستوى العملي.

موضوعات ذات صلة:

http://www.islammemo.cc/article1.aspx?id=2822

 المصادر:

1-  تقرير للصحافي "سام داغر" بصحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية.

http://www.csmonitor.com/2007/0806/p01s03-woiq.html?s=hns

2- تقرير لوكالة "أسوشيتيد برس" نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2007/08/07/AR2007080701329.html

3- صحيفة "صباح" التركية.

http://english.sabah.com.tr/E8727BB1E85341AB9AB3CF430F4BCFEF.html

 

 



مقالات ذات صلة