حوار الأديان والمذاهب في بغداد

بواسطة ابو انس النداوي قراءة 860
حوار الأديان والمذاهب في بغداد
حوار الأديان والمذاهب في بغداد

أبو أنس النّداوي

الحقيقة 30-4-2013

تحت شعار ( المذاهب والأديان روافد لبناء الإنسان والأوطان ) وبمناسبة اليوم العالمي للأديان, أقام المركز الوطني للتقريب الديني بدعم من دائرة العلاقات الثقافية العامة في وزارة الثقافة وبرعاية رئيس ديوان الوقف السني الشيخ الدكتور أحمد عبد الغفور السامرائي المؤتمر الأول في بغداد باسم ( بغداد مهد الأديان والمذاهب ), وقد حضر المؤتمر ممثلين عن المذاهب المختلفة وعن الأديان المختلفة وحضر نيابة عن رئيس ديوان الوقف السني الشيخ الدكتور محمود الصميدعي.

وبالتزامن معه افتتح في بغداد أيضا المؤتمر الإسلامي الدولي للحوار والتقريب بين اتباع المذاهب الذي استمرت أعماله يومين تحت شعار ( إنما المؤمنون أخوة ).

وعدّ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي انعقاد المؤتمر في هذا الوقت فرصة تأريخية لتهدئة الصراعات المذهبية التي تحصل في العراق الآن.

علما أن المؤتمر هذا يعقد بالتزامن مع الإضطرابات التي يشهدها العراق وهجمات قوات الجيش العراقي على مدن متفرقة منها الحويجة وسليمان بك.

فعزيزي القارئ تأمل ما الغاية من هذه المؤتمرات في هذا الوقت الراهن, ومن المستفيد منها؟ ومن الضحية؟ ومن سمسار الدماء الزكية التي تراق في بلاد الرافدين؟

فالناظر في أوراق المشهد العراقي يكون على يقين أن المستفيد من هذه المؤتمرات هم الرافضة وعلى رأسهم رئيس الوزراء, لأن هذه المؤتمرات تظهر للرأي العالمي كم هو تسامح الروافض مع الأديان الأخرى ومع أهل السنة أيضا وتقبلهم للرأي الآخر, بالإضافة إلى إضفاء انطباع أن العراق بلد ديمقراطي يتعايش فيه أهل الأديان والمذاهب المختلفة في حب وتسامح, وكل ذلك لتخفيف الإنتقادات اللاذعة التي توجه للحكومة العراقية من قبل الرأي العالمي بمصادرة الحريات الدينية.

علما أن الروافض لايتقاطعون مع الأديان الأخرى ولكن عدوهم هم أهل السنة وإن اخفوا ذلك وزعموا خلاف ذلك, قال الإمام العلامة والحبر الفهامة جهبذ الأمة حجة الإسلام والمسلمين إبن تيمية الحراني الدمشقي:

" وكذلك إذا صار لليهود دولة في العراق وغيره تكون الرافضة من أعظم أعوانهم، فهم دائماً يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى، ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم " منهاج السنة (378/3).

أما الضحية فهم المكون السني أهل السنة في العراق ففي جانب يقتلون بنيران القوات الحكومية الصفوية, وفي جانب يعتقلون وتعتقل النساء وتنتهك الأعراض ويعدم الآخرون.

ورأس الهرم الصفوي يدعم مؤتمر ( إنما المؤمنون أخوة ) فأين الأخوة؟

ثم العجب العجاب ممن يمثلون السنة ويرون أن أخوانا لهم يقتلون ثم يُزايدون على دمائهم فأحمد عبد الغفور سيشهد له التاريخ بمواقفه المتخاذلة وبضلال منهجه وبمتاجرته بدماء أهل السنة.

فما تورعت ياشيخ من أن تقوم بمثل هذا الحوار وترعاه وأنت ترى دماء أخوانك تُراق؟

ثم هل خفي عليك ما هو حكم التقريب بين الأديان شرعا وأنت الدكتور؟

فأنقل لك فتوى الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى.

السؤال: ما رأي فضيلتكم فيما يسمى بالتقريب بين الأديان كأن يكون هناك اجتماع بين المسلمين والنصارى لمحاولة تقوية الروابط بينهم، أو بين المسلمين: أهل السنة والرافضة جزاك الله

خيراً؟________________________________________

الجواب: أرى بارك الله فيك أنه لا يجوز إطلاقاً أن نقر بأن النصارى على دين أو أن اليهود على دين، كلهم لا دين لهم؛ لأن دينهم منسوخ بدين الإسلام، فكوننا نقول: الأديان ما نقر بهذا أبداً، نقول: ليست اليهود على شيء وليست النصارى على شيء، والدين دين الإسلام، كما قال عز وجل: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]. إذا كان كذلك فهل يمكن أن نقارب بين حق وبين منسوخ؟ لا يمكن، وما ذاك إلا مداهنة كما قال عز وجل: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ [القلم:9] نعم إذا كان مقاربة خاصة محدودة بين شخص وآخر، لأجل أن يدعوه إلى دين الإسلام فهذا شيء آخر، لكن أن نداهن ونقول: أنتم يا يهود! على دين، وأنتم يا نصارى! على دين، ونحن على دين؛ والأديان كلها سماوية، فهذا لا يجوز.

أولاً: التوراة التي بيد اليهود والإنجيل الذي بيد النصارى محرف مبدل مغير، فهو ليس على ما جاء به الرسل.

ثانياً: أنه لو فرض أنهم على ما جاء به الرسل مائة بالمائة فهو منسوخ، والذي يحكم بالأديان ويشرعها هو الله الخالق عز وجل، قال الله تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ [المائدة:48] فدين اليهود ودين النصارى انتهى ولا قيام له أبداً. أما بالنسبة للشيعة وأهل السنة فكل منهم يقول: إنه مسلم، ولكن يجب أن يوزن ذلك بميزان الحق، وينظر هل الخلاف بينهم كالخلاف بين الشافعي وأحمد وأبي حنيفة ومالك وسفيان الثوري وغيرهم أو خلاف جذري في العقيدة، إن كان الثاني فلابد أن يدعى هؤلاء إلى دين الإسلام، ويبين لهم أنهم على ضلال، ولا يمكن أن نقارب بين الإسلام وبين ما ليس بإسلام، ولذلك أنا أرى أنه يجب على علماء أهل السنة أن يدعوا إلى السنة دون أن يهاجموا بذكر بطلان مذهب الرافضة مثلاً الذين يسمون أنفسهم شيعة؛ لأن الإنسان مهما كان إذا كان له مبدأ وهوجم نفر وابتعد، لكن تبين له السنة، وتبين فضائل الصحابة ولا سيما الخلفاء الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وإذا بُين الحق فالنفوس مجبولة على قبول الحق، لكن الذي يضر الناس الآن المهاجمة، وهذا غلط ليس من الحكمة، قال الله عز وجل: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام:108] مع أن سب آلهة المشركين واجب، لكن لا نسبه؛ لأنه إذا سببنا آلهتهم وهي باطلة سبوا إلهنا وهو حق، كذلك الآن الدعوة، أنا لا أحب من الدعاة أن يهاجموا، بل أحب أن يبينوا الحق، وإذا بان الحق فالنفوس مجبولة على قبوله.  الكتاب : سلسلة لقاءات الباب المفتوح (ج212/ص7)

 



مقالات ذات صلة