مواجهات صعدة...إيران حاضرة

بواسطة مفكرة الإسلام قراءة 2110

مواجهات صعدة...إيران حاضرة

الاثنين26 من شعبان1430هـ 17-8-2009م

 

مفكرة الإسلام: مع بدايات صيف عام 2004 اشتعلت أول مواجهة بين القوات اليمنية وتيار الحوثي، وانتهت تلك المواجهة بمصرع زعيم هذا التيار حسين بدر الدين الحوثي في نفس العام بعد ثلاثة أشهر من القتال، ومن يومها وإلى الآن لم تتوقف الحرب مع الحوثيين فتخبو ساعة وتشتعل أخرى، حتى وصل عدد تلك المواجهات إلى ست مواجهات استنذفت من اقتصاد ودماء وأموال اليمنين الكثير، وخصمت من استقرار تلك البلد وسيطرته  على مقدراته الكثير، ذلك في ظل مشكلات عديدة تواجهها الدولة اليمنية التي أصبحت وحدتها في مهب الريح.

ولم تكن إيران بعيدة عن تلك الأحداث التي تجري في صعدة، فاليمن يحتل مكانًا متقدمًا في الإستراتيجية الإيرانية.

فإيران تنظر إلى اليمن منذ مئات السنين كعدو يحظى بنسبة من الكراهية تفوق كراهيتهم لباقي العرب، وذلك لأن ثلثي جيش القادسية ـ الذي كسر هيبة الفرس ـ كانوا من اليمن، لهذا يضمر الفرس الصفويون حقدًا كبيرًا لليمنيين والعرب عمومًا، ولهذا فقد أفردوا لليمن برنامجًا خاصًا به.

ليس ذلك وفقط بل كان دعم اليمن العراق في حربه مع إيران سياسيًا وعسكريًا مصدرًا أيضًا من مصادر الكره الإيراني لليمن ومحاولة رد الصاع بصاعين، ويذكر الإيرانيون أن آلاف العسكريين والمتطوعين اليمنيين قاتلوا ضمن ما كان يسمى بألوية العروبة بجانب الجيش العراقي في حربه ضد إيران, وأن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من ضمن زعماء قلائل الذين زاروا جبهة القتال.

 

جذور التيار الحوثي.. إيران حاضرة:

تعود جذور هذا التيار إلى ثمانينيات القرن الماضي إذ بدأ أول تحرك تنظيمي مدروس لهذا التيار في عام 1982م على يد الشيخ صلاح أحمد فليته، والذي أنشأ في عام 1986م ـ بدعم إيراني ـ اتحاد الشباب، وكان مما يُدرس لأعضاء هذا الاتحاد مادة عن الثورة الإيرانية كان يقوم بتدريسها الأخ الأكبر لحسين بدر الدين الحوثي محمد بدر الدين.

ويرى كثير من الباحثين أن مبدأ تصدير الثورة الإيرانية هو وراء الحركة الحوثية، إضافة إلى العلاقة القوية التي تربط الثورة الإيرانية مع العائلة الحوثية في اليمن، والتي زادت بقوة عقب الإقامة القسرية للعلامة بدر الدين الحوثي في طهران وقم، والتي هاجر إليها بعد خلاف له مع عدد من علماء المذهب الزيدي حول مسألة قصر الإمامة والرئاسة في البطنين الهاشميين الحسن والحسين دون غيرهما؛ إذ إنه في تلك الفترة كان بعض علماء الزيدية قد اجتهدوا في هذه المسألة التي كانت تمثل لهم حرجًا شديدًا مع حكام صنعاء الجمهوريين، ولتجاوز هذا الحرج خرجوا باجتهاد مفاده أن الرئاسة والولاية جائزة في كل مسلم قائم بحدود الله في خلقه، وأن مسألة البطنين مسألة زمنية لم يعد مسوّغ لوجودها.

هذا الاجتهاد كان سبب مغادرة الحوثي لليمن متجهًا إلى طهران للإقامة فيها، ولم يعد إلى اليمن إلاّ عقب قيام الوحدة اليمنية بعد وساطة عدد من علماء الزيدية لدى الرئيس علي عبد الله صالح.

فإيران المتربصة وجدت في التقرب من المذهب الزيدي فرصة  لتصدير مذهبها ورؤيتها العقدية وأخذ هذا التقارب أشكالا عدة تعليمية وثقافية واقتصادية، فتغلغت إيران في المجتمع اليمني عبر ذلك التيار مما ولد شخصيات تنتمي إلى المذهب الإثني عشري بعضها مقيم في إيران وبعضها الآخر في اليمن وهناك طلبة حصلوا على بعثات تعليمية إلى إيران بداية التسعينيات وعادوا إلى اليمن محملين بهذه العقائد والأفكار، وليس خافيًا أن هناك مثقفين ومرجعيات زيدية زاروا إيران وعادوا مبهورين بالثورة الخمينية وإنجازاتها.

فالإستراتيجية الإيرانية تقوم على الربط بينها وبين الشيعة في العالم، بحيث يكون لشيعة مصر وشعية البحرين وشيعة اليمن وشيعة باكستان وشيعة تركيا مرجعية واحدة هي طهران، ولما لم يكن  للإثني عشرية موطأ قدم في اليمن سعت إيران للتقارب مع الزيدية ودعمها لتكون ذراعها في اليمن.

حروب الحوثيين ..إيران داعمة:

كما كان لإيران موقفها الداعم في ظهور التيار الحوثي، كانت لها مواقفها الداعمة ماديًا وإعلاميًا للحوثيين في حربهم ضد الحكومة اليمنية، فقد دعم الإعلام الإيراني ـ عبر قناة العالم ـ موقف الحوثيين فقد بثت القناة 47 برنامجًا عن الحوثيين في سبعة أشهر.

كما أن الشخصيات اليمنية المتحولة إلى المذهب الإثني عشري لاقت ترحيبًا على القنوات الشيعية كما في حالة عصام العماد التي أفردت له فضائية الكوثر العديد من البرامج ليبث سمومه تجاه اليمن سلطة وشعبًا (السنة).

أما عن الدعم المادي والتي اُتهمت به طهران من قبل السلطات اليمنية فلم تستطع وزارة الخارجية الإيرانية نفيه، بل حاولت المرواغة في ذلك وادعت أن دعم الحوثيين لم يأت من قبل السلطات الإيرانية بل من بعض المؤسسات الإيرانية الخيرية أي أنه دعم شعبي وليس دعمًا رسميًا.

ولولا أن الدعم الإيراني واضح بالأدلة لرفعت إيران عن نفسها الحرج ونفته ولما اضطرت إلى القول بأنه دعم شعبي.

إلى جانب ذلك فقد تجمع مئات من علماء الدين في إيران أمام السفارة اليمنية في طهران ـ إبان الجولة الثالثة من الحرب اليمنية على الحوثيين ـ للتعبير عن احتجاجهم على ما أسموه بالمجازر التي تُرتكب ضد الشيعة في اليمن، وطالب المتظاهرون بطرد السفير اليمني في طهران، وتغيير اسم الشارع الذي تقع فيه السفارة اليمنية إلى اسم الحوثي.

ومن هنا يتضح حقيقة الدور الإيراني فيما يجري في اليمن، وأن هناك مخططًا تم إعداده بعناية، وأن إيران التي تسعى إلى إعادة مجدها الفارسي ليست بعيدة عما يحدث في صعدة. فإيران بعد أن وجدت موطأ قدم لها في العراق تسعى بشكل حثيث أن تجد لها مكانًا في اليمن. ولا يقع عبأ مواجهة ذلك الخطر على السلطات اليمنية فقط، بل يحتاج إلى دعم العلماء والدعاة وتركيز جهودهم في اليمن، كما تحتاج اليمن إلى دعم من عمقها الإستراتيجي وهي دول الخليج والتي ستكون في موقف لا تحسد عليها إلى تمركز الصفيون في جنوب الجزيرة العربية كما تمركزوا في شمالها.

 



مقالات ذات صلة