عشية ذكرى يوم الجلاء :
سورية تحت الاحتلال الفارسيّ الصفويّ الشعوبيّ
بقلم : الدكتور محمد بسام يوسف
كم يبلغ عدد أفراد الشيعة في سورية ذات العشرين مليوناً؟!.. أيبلغ عددهم ألفاً؟!.. ألفَيْن؟!.. عشرة آلافٍ؟!.. ثلاثين ألفاً؟!.. وهل تتجاوز نسبتهم العُشْر بالمئة (0.1%)، من تعداد الشعب السوريّ ذي الأكثرية الكاثرة من أهل السنّة؟!.. فلماذا إذن يُرادُ لسورية أن تكونَ مَسرحاً واسعاً للشعوبيّين أصحاب المشروع الشيعيّ التبشيريّ الاستئصاليّ؟!.. ولماذا يستميت النظام الطائفيّ الأسديّ لتمهيد السبل كلها، أمام الاجتياح الإيرانيّ الشيعيّ الفارسيّ؟!.. فيقوم بتجنيس الشيعة الفرس بالجنسية السورية، بينما يَحرم الملايين من شعبه، عبر ثلاثة أجيالٍ أو أربعة.. من جنسيّتهم السورية الأصلية؟!.. ولماذا تُستَقدَم قُطعان الشعوبيّين وأنصارهم وأذنابهم وحلفائهم إلى شام الأمويّين، ليشتموا الخلفاء المسلمين في عقر دارهم، تحت سمع السوريّين وبصرهم؟!.. وأين هي شعارات القومية العربية التي يرفعها (صَيّاحو) النظام السوريّ منذ أكثر من نصف قرنٍ وحتى هذه اللحظة؟!.. وما الذي يجمع بين الفُرس الشعوبيين وحزب البعث، القوميّ العربيّ؟!..
في العام الفائت، ليلة السابع عشر من نيسان 2008م.. أعلن (مجتبى حسيني)، ممثل الوليّ الفقيه الفارسيّ (علي خامنئي)، أنّ [مراسم احتفاليةً ستقام في سورية، في ذكرى رحيل مؤسِّس الجمهورية الشيعية الإيرانية (موسوي الخميني)]، موضِّحاً أنّ [احتفالاتٍ ستقام أيضاً في المساجد والمراكز الثقافية في سورية].. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) عن حسيني قوله: [إنّ مراسم ذكرى رحيل الخميني لهذا العام، ستقام على أفضل وجهٍ في المساجد والمراكز الثقافية السورية، بالتعاون مع السفارة الإيرانية والمستشارية الثقافية الإيرانية في سورية]!..
لأول مرةٍ يُسفر المشروع الفارسيّ الإيرانيّ عن وجهه جهاراً نهاراً في سورية، تحت حماية النظام الطائفيّ الأسديّ، وذلك بمثل هذه الاحتفالات الثقافية الفارسية الشيعية، الواسعة اتساع الوطن السوريّ كله.. لكن الأشد خطورةً في هذا الأمر، ما أعلنه (حسيني) بقوله لمديري المؤسّسات الإيرانية العاملة المتغلغلة -بحماية النظام الأسديّ- في سورية: [علينا العمل لإطلاع الشعب السوريّ على الأفكار (النيّرة) للخميني المؤسِّس]!.. زاعماً بأنّ [شعبَي سورية ولبنان، يبحثان عن هذه الآراء والأفكار أكثر من بقيه شعوب العالم]!.. وهذا يؤكّد إلى أي مدىً بلغ الاستهتار بالشعبين الشقيقين، وذلك من قِبَل رُكنَي المشروع الطائفيّ الفارسيّ - الأسديّ، وذراعهما الطائفية (حزب خامنئي اللبنانيّ)، فضلاً عن الميليشيات الطائفية الفارسية في العراق المحتلّ!.. وما يؤكّد خطورة هذا التوجّه الشعوبيّ الإيرانيّ، ما يزعمه (حسيني) في ختام حديثه، من أنه [عندما تطّلع النُّخَبُ الثقافية والجامعية السورية، على الآراء والأفكار (القيّمة) للإمام الخميني، يصبح باستطاعتها الإسهام في نشر هذه الأفكار والآراء]!.. وهذا القول الأخير في الحقيقة، هو جوهر الهدف الشعوبيّ الفارسيّ الشيعيّ: غَسلٌ لأدمغة الناس بالتضليل والأكاذيب والشعوذة والدخن، ثم محاولة تغيير عقائدهم وأفكارهم، ثم إخضاعهم لسلطة (الوليّ الفقيه) الفارسيّ القابع في طهران، ثم المشاركة في تهديم مجتمعاتنا من داخلها وفق أوامر ذلك الوليّ الفقيه الأجنبيّ، الذي يقود عمليةَ زرع الفتنة عميقاً في بنيان هذه المجتمعات، لخلخلتها، ويقود كذلك، عمليةَ اجتياح بلاد العرب والمسلمين، لتحقيق الحلم الإمبراطوريّ الفارسيّ، عقدياً وديموغرافياً واقتصادياً وثقافياً وسياسياً وأمنياً وعسكرياً، تحت ستار الإسلام والتنوير والمبادئ الفارسية الخمينيّة الثورية (الطاهرة)!..
* * *
أما الأفكار والمبادئ (النيّرة والقيّمة) للخميني، التي يتحدّث عنها ذلك الفارسيّ الشيعيّ (حسيني)، لمن لم يطّلع عليها حتى الآن، كما وردت في كتب الخميني نفسه، وكما خطّته يده.. فهذه بعضها:
- (لقد كان سهلاً عليهم –أي على الصحابة الكرام- أن يُخرِجوا هذه الآيات من القرآن، ويتناولوا الكتاب السماويَّ بالتحريف، ويُسدِلوا الستار على القرآن، ويُغيِّبوه عن أعين العالمين.. إنّ تهمة التحريف التي يوجِّهها المسلمون إلى اليهود والنصارى، إنما ثبتت على الصحابة)!.. (كشف الأسرار ص114 بالفارسية).
- ويقول الهالك الخميني في الأئمّة المعتَمَدين لدى ملّته: (إنّ للإمام مَقاماً محموداً، ودرجةً سامية، وخلافةً تكوينيةً تخضع لولايتها وسيطرتها جميعُ ذرّات هذا الكون، وإنّ من ضروريات مذهبنا، أنّ لأئمّتنا مَقاماً لا يبلغه مَلَك مقرَّب ولا نبي مُرسَل)!.. (الحكومة الإسلامية ص52، طبعة القاهرة لعام 1979م).
- كما يصف أئمّتهم بقوله: (لا يُتَصوَّر فيهم السهوَ والغفلة)!.. (الحكومة الإسلامية ص91).
- و يقول كذلك: (تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن)!.. (الحكومة الإسلامية ص113).
- ويقول الخميني عن الصحابيَّيْن الخليفتَيْن الجليلَيْن أبي بكرٍ وعمر وبقية الصحابة الكرام (رضوان الله عليهم): (.. ولكننا نشير إلى جهلهما بأحكام الإله والدين.. إنّ مثل هؤلاء الأفراد الجهّال الحمقى والأفاقون والجائرون.. غيرُ جديرين بأن يكونوا في موضع الإمامة، وأن يكونوا ضمن أولي الأمر)!.. (كشف الأسرار، ص108).
- كما يقول عن الخليفة عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، الذي قوّض إمبراطورية الفُرس: (إنّ أعماله نابعة من أعمال الكفر والزندقة، والمخالفات لآياتٍ ورد ذكرها في القرآن الكريم)!.. (كشف الأسرار، ص116).
- ويتّهم الخميني أبا بكرٍ الصدّيق رضي الله عنه في كتابه (كشف الأسرار، ص112)، بأنه (كان يضع الحديث)!.. كما يتّهم الصحابيَّ الجليل (سمرة بن جندب) أيضاً في كتابه (الحكومة الإسلامية، ص71)، بأنه (كان يضع الحديث)!..
- وينتقص الخميني من قَدْرِ الأنبياء والرسل، عليهم صلوات الله وسلامه، ويزعم بأنّ (الإمامَ المنتَظَر)، أرفعُ منـزلةً منهم (أي من الأنبياء والرسل)، وفي ذلك قال الخميني بتاريخ 28/6/1980م، في خطابٍ إلى الشعب الإيرانيّ بمناسبة ذكرى مولد (الإمام المنتَظَر) المزعوم، في الخامس عشر من شعبان: (.. فكل نبيٍ من الأنبياء إنما جاء لإقامة العدل، لكنه لم ينجح، حتى خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم الذي جاء لإصلاح البشر وتهذيبهم وتحقيق العدالة.. لم يوفَّق في ذلك أيضاً.. فالذي سينجح بتحقيق العدالة في كل أرجاء العالَم هو المهديّ المنتَظَر)!.. (مختارات من أحاديث وخطابات الإمام الخميني).
- ويتّهم الهالكُ الخميني رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بفريته المغلَّظة، وزعمه بأنّ الرسول عليه الصلاة والسلام، لم يُبَلِّغ رسالةَ ربه كما أمره عزّ وجلّ: (.. وواضح أنّ النبيَّ لو كان قد بَلَّغَ بأمر الإمامة طبقاً لما أمر الله به، وبَذَلَ المساعي في هذا المجال.. لَمَا نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الاختلافات والمشاحنات، ولَمَا ظهرت خلافات في أصول الدين وفروعه)!.. (كشف الأسرار ص55).
- أما أهل السنّة، ومنهم ملايين السوريين، الذين يريد (حسيني) منهم، أن يعتنقوا الفكر (النيِّر) لخمينيّه، فيعتبرهم الخميني كفاراً أعداءا، تجب استباحة دمائهم وأموالهم: (والأقوى، إلحاق الناصب (أي المسلم السنيّ) بأهل الحرب، في إباحة ما اغتُنِمَ منهم، بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وُجِد، و بأيّ نحوٍ كان، ووجوب إخراج خُمسه)!.. (تحرير الوسيلة 1/352).. كما يَعتبِر كلَّ شخصٍ سنيٍّ كافراً، لأنه يضع يده اليمنى على يده اليسرى في الصلاة: (التكفير هو وضع إحدى اليدين على الأخرى (في الصلاة)، نحو ما يضعه غيرنا، وهو مُبْطِلٌ عمداً، ولا بأس به في حالة التقية)!.. (تحرير الوسيلة).
- على أنّ ذروة الانحراف في فكر الخميني (النيِّر)، تتّضح في جرأته على الله عزّ وجلّ، بقوله: (إننا لا نعبد إلهاً يُقيم بناءً شامخاً للعبادة والعدالة والتديّن، ثم يقوم بهدمه بنفسه، ويُجلِسُ يَزيداً ومعاوية وعثمان، وسواهم من العتاة، في مواقع الإمارة على الناس، ولا يقوم بتقرير مصير الأمة بعد وفاة نبيّه)!.. (كشف الأسرار ص123).
- ويزعم الخميني، بأنّ الوحي قد نزل على (السيدة فاطمة) بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد وفاته.. وفي ذلك يقول، في كلمته التي ألقاها في (حسينية جماران) بتاريخ 2/3/1986م.. ما يلي: (وإنّ فاطمة الزهراء عاشت بعد وفاة والدها خمسةً وسبعين يوماً، قضتها حزينةً كئيبة، وكان جبرائيل الأمين يأتي إليها لتعزيتها، ولإبلاغها بالأمور التي ستقع في المستقبل، ويتّضح من الرواية، بأنّ جبريل خلال الخمسين يوماً كان يتردّد كثيراً عليها، ولا أعتقد بأنّ رواية كهذه الرواية وردت بحق أحد باستثناء الأنبياء العظام، وكان الإمام علي يكتب هذه الأمور التي تُنقَل لها من قبل جبريل، ومن المحتمل أن تكون قضايا إيران من الأمور التي نُقِلَت لها..)!.. (الخمينية: شذوذ في العقائد.. شذوذ في المواقف، سعيد حوّى).
* * *
هكذا إذن، يريد الشعوبيون الفُرس، أن يقوِّضوا أسس أوطاننا وأركان بنياننا، بتقويض عقيدتنا أولاً، وحَشْوِ عقول أبنائنا بالخرافات والأباطيل والانحرافات، المأخوذة عن اليهودية والبوذية والمجوسية.. وكل ذلك باسم الإسلام، وتحت راياته وشعاراته!.. ألا ساء ما يبذلون.. ألا شاهت وجوههم، ووجوه الأسديّين الطائفيّين الذين يُقدِّمون لهم ولمشروعهم الهدّام الحمايةَ والرعايةَ والدعم، ويبذرون معهم الفتنة في كل أنحاء سورية، بل في كل أنحاء بلاد العرب والمسلمين!..
عشية ذكرى يوم الجلاء، الذي دفع السوريون ثمنه وثمن حرّيتهم أنهاراً من الدماء، وأرواحاً لا تُحصى.. يضع الأسديّون الطائفيون سورية، لقمةً سائغةً سهلةً في فم الوحش الفارسيّ الإيرانيّ، بعد أن قدّموا (الجولان) لقمةً –على الحساب- في فم الوحش الصهيونيّ!.. فهل يستوعب هذه الحقائق، المغفَّلون السفسطائيّون المتفلسفون، من الغافلين عن خطورة المشروع الفارسيّ الشيعيّ الشعوبيّ، على سورية وشقيقاتها، بل على كل بلاد العرب والمسلمين؟!..
الجمعة في 17 من نيسان 2009م.
* * *