أسئلة دمشقية..؟
مهنا الحبيل
التاريخ: 11/11/1431 الموافق 19-10-2010
خلال الفترة الماضية وخاصة القريبة برزت علامات استفهام عن جملة من الاندفاعات الشديدة في السياسة السورية أخذت منحى طائفي حيناً وامني حيناً آخر واستراتيجي في جوانب أخرى فحديث وليد المعلم وزير الخارجية للصحافة والإعلام الغربي واللبناني أكّد ضمنيا وفي صورة واضحة إسقاط دمشق لتهدئة بيروت وهو ما أُعقب بحملة قوية للتيار اللبناني المحسوب على المحور الإيراني في فضاء تصعيدي كبير تبادل مع إعلام دمشق تكثيف التهديد الضمني لسنّة لبنان وليس للحريري وحسب في قالب طائفي عجيب يُشير إلى أنّ اللغة الطائفية باتت احد وسائل التوجيه الرئيسية في الصراع مع أنّ المحور الإيراني كان يتهم خصومه بها ؟
وفي الداخل السوري عزّزت دمشق قبضتها الأمنية على الحالة الحقوقية ومناضليها ووصل بها الأمر إلى أن تسجن صبية مدونة وهي طّل الملوحي لمدة عام دون أن تؤكد حتى تاريخه سلامة الفتاة ووجودها على قيد الحياة إنما أجابت على الاستفهامات العديدة والحملة الإنسانية التضامنية مع طّل بان الصبية قد وُجه لها تهمة الخيانة والعمالة علماً بان مواضيع طّل الملوحي كلها كانت عن فلسطين وشهدائها ونقدها الضمني لطواحين الهواء الكلامية عن فلسطين ومقاومتها وهي في حالة حصار فعلي لفلسطين , وفي الداخل أيضاً شنّت السلطات الأمنية حملة من المطاردات والقرارات القمعية كان من الواضح أنّها تستهدف الغالبية السنية الساحقة في سوريا في خطوة تشير إلى قلقِ وارتباك من جهة واندفاع من جهة أخرى في التماهي مع الصيغة والخطاب الطائفي الإيراني في المركز وباقي الفروع .
وفي الخليج العربي أعادت الإشارات إلى تورط دمشق في قضايا العنف في البحرين إلى تاريخ معسكرات البقاع اللبناني منذ منتصف الثمانينات التي احتضنت في عهود سابقة مجموعات من شباب الخليج العربي على أساس طائفي في هذه المعسكرات والتي كانت ضمن النطاق الجغرافي المغلق والمعسكرات المحمية للسلطات العسكرية السورية وكانت تديرها من الداخل الجمهورية الإيرانية وأتباعها في لبنان , وهذه قضية خطيرة تُصادم ذات المبدأ الذي تروج له دمشق قومياً وهي أن لبنان تاريخيا ضمن سوريا التاريخية ووحدة الشام الكبرى ووحدة الشام نؤمن به كمبدأ عروبي في سياقه المنهجي لأصوله العربية الإسلامية وليس للمزاد الطائفي لكن الغريب أن تتورط دمشق في قضية امن الخليج العربي الوحدوي وهي تنازع في لبنان مع أهل بيته ؟
هي أسئلة لعمق اكبر في فهم ما يجري من شعور المحور الإيراني بتاريخية الصفقة الأخيرة مع واشنطن لكن الأمر لا يتعلق فيما ذكرناه من المشروع الموحد لإقصاء أي فرصة لعودة قوة المشرق العربي في العراق أو الخوف من نمور آسيا الجدد في طالبان , القضية تحمل بعداً إضافياً آخر مهم للغاية وهو ما أشار إليه وزير الخارجية الاسباني في معرض دفاعه عن دمشق وتمكينها من لبنان حين قال إنّ دمشق ضمنت للاتحاد الأوروبي وواشنطن مركزية مهمة اليونيفيل واستقرارها بمعنى ضمان امن إسرائيل في الحدود اللبنانية , وان ما يجري وما يشير له الوزير الاسباني هو إعادة توظيف حزب الله كقاعدة طائفية تمارس المحاصة على الداخل الوطني بعد سحبه من الحدود ليحتفي بزيارة نجاد المنتظر إلى محافظته الجديدة !!
وهذه المهمة في إعادة توظيف حزب الله يتقنها نظام دمشق كما يتقن ترتيبها مع طهران , ويتعزز إطلاق يد دمشق أوروبيا بقناعة الأخيرة بانّ الأمن السوري هو الأقدر على معالجة القلق التاريخي من قضية عودة المقاومة العربية المستقلة عن إيران إلى الحدود أكانت قومية أو يسارية أو إسلامية وهي في الغالب إسلامية فالظروف الراهنة لم تعد مطمئنة لبعثرتها كما كان يجري في السبعينات خاصة مع صعود المقاومة في فلسطين والعراق ولذلك فيبدوا أن دمشق حريصة على اخذ المقابل مقدماً ومضاعفاً ...إلاّ أنّ هذا الزهو والاندفاع عبر السلاح الطائفي والأمني قد يُكلّف نظام دمشق كثيراً في معركة... ربما كانت نهاية الحلم الطويل.
المصدر: المصريون