أمجاد يا (حَسَن) أمجاد
بقلم : الدكتور محمد بسام يوسف
لم يستوعب العرب والمسلمون جوهر (النصر الإلهيّ) الذي زعمه زعيم (حزب خامنئي اللبنانيّ).. إلا عندما أطلق (حسن) تصريحه المدوّي بعد انتهاء العدوان الصهيونيّ الذي وقع في تموز 2006م (بتحريضٍ صفويٍ لبنانيّ) على لبنان، حين قال: (لقد تراجعت احتمالات حرب أميركة على إيران بسبب حرب لبنان)!.. فبهذا المنطق ينفِّذ (حزب خامنئي) ما يرسم له الإيرانيون الصفويون، وعلى هذه الرؤية تُحاكَم قضايا الحرب والسلم ومعايير النصر أو الهزيمة، فالمهم بالنسبة لحسن وحزبه أن يدرأ السوء عن قمٍّ وطهران، ولو أدّى ذلك إلى خراب بيروت وصيدا وطرابلس!.. فمادامت إيران بخير، وما دامت تتحرّك بحريةٍ ونجاحٍ في مساوماتها على النفوذ في المنطقة مع أميركة.. فإنه النصر المبين، فالحروب التي يخوضها هذا الحزب ليس هدفها تحرير فلسطين أو الأراضي اللبنانية المحتلّة.. وإنما هدفها بالتحديد هو: حماية إيران.. إيران التي تجتاح العالَم العربيّ والإسلاميّ بمشروعها القوميّ الإمبراطوريّ المتستّر بالإسلام، وتزرع في بلادنا كل عوامل التفتيت والفتنة والتآمر والبغي، تنفيذاً لمخطّطاتٍ صهيونيةٍ أميركيةٍ قديمةٍ جديدة!..
لعلّ ما سقناه، يفسّر تماماً معنى أن يكون يوم السابع من أيار لعام 2008م، (يوماً مجيداً في تاريخ حزب خامنئي اللبنانيّ)، كما صرّح مؤخراً زعيمه (حسن)، فقد قال منذ عامٍ واحدٍ أيضاً، بأنه (يفتخر أن يكون فرداً في حزب ولاية الفقيه)!.. أي أنه ينفِّذ برامج إيران، ومشروعات (الوليّ الفقيه) الفارسيّ خامنئي.. إذ لا أحد في هذه الأرض له سلطة عليه سواه، فهو ينفِّذ محطّطاته الاستراتيجية في (تصدير الثورة الفارسية الصفوية) إلى كل بلاد العرب والمسلمين، بدءاً من لبنان!.. فإن قال له (الوليّ الفقيه) أشعِل الحدود مع جيش (إسرائيل)، فسيشعلها حرباً حتى آخر بشرٍ وحجرٍ وشجرٍ وليرةٍ وأرضٍ لبنانية.. وإن اقتضت مصلحته التفاوض مع عدوّ لبنان أو مصالحته أو عَقد اتفاقية سلامٍ معه، فسينفِّذ الأوامر (الإلهية) التي تأتيه على لسان خامنئي الفارسيّ الصفويّ!.. وإن طلب منه وليّ (الإمام الغائب) في سردابه منذ مئات السنين، المنتَظَر أن يخرجَ لقتل أعدائه أهل السنة.. إن طلب منه أن يتحوّل بجيشه (المقاوِم)! من الحدود الجنوبية إلى ساحة رياض الصلح وبيروت، لمحاصرة حكومة بلده وتعطيل الحياة السياسية والاقتصادية والتجارية.. فإنه يفعل ملتزماً ببيعته التي في عُنُقه للوليّ الفقيه الإيرانيّ الفارسيّ!.. وإن طلب منه التسلّل إلى دولٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ لإثارة الفوضى والفتنة والاضطراب فيها.. فسيفعل، كما فعل في مصر، لأنه طلبٌ إلهيّ سيرده نيابةً عن الإمام الغائب الثاني عشر (المعصوم من الخطأ والسهو والنسيان)، الذي (يعلم الغيب والمستقبل)، كما ورد عن الوليّ الفقيه السابق (الخميني)، الذي أسّس حزب حسن الإلهيّ، لتنفيذ هذه المخطّطات والرؤى (الإلهية) المزعومة!..
مادامت (إيران) الصفوية الفارسية هي المستفيدة من كل هذه المتاجرات لحزب الوليّ الفقيه اللبنانيّ، فلا شك أنه (نصر إلهيّ)، حتى لو دمّر الكيان الصهيونيّ لبنان، وقتل أبناءه، وشرّد شعبه، وسحق اقتصاده!.. وحتى لو وقّع الحزب الخامنئيّ على وثيقة الاستسلام رقم (1701)، فاندحر كل عملٍ مقاوِمٍ إلى مسافة خمسةٍ وثلاثين كيلومتراً بعيداً عن حدود فلسطين، لصالح قوات (اليونيفيل)!..
وما دام (الوليّ الفقيه) هو العقل المدبِّر لمحاصرة بيروت أكثر من سنةٍ ونصف، وتعطيل الحياة الاقتصادية والتجارية والاجتماعية فيها، ثم الانقضاض عليها وعلى أهل السنّة من أبنائها وبناتها، وعلى مؤسّساتها ومساجدها ودار الإفتاء السنيّة فيها، وعلى مطارها ومرافقها ودور أيتامها وجنازاتها.. مادام ذلك كله بأمر (الوليّ الفقيه) الإيرانيّ، ولتحقيق مصلحته في التمدّد والتفتيت والعدوان وإضعاف أهل السنّة وانتهاك كرامتهم (كما يرتكبه في العراق وأفغانستان).. فإنّ يوم السابع من أيار لعام 2008م، الذي بدأ فيه اقتراف كل هذه الأعمال (المقاوِمة المجيدة).. سيكون (يوماً مجيداً) في تاريخ مقاومة (حزب خامنئي اللبنانيّ) بزعامة (حسن)!..
لعلّ (حسن)، لا يفهم، ولا يرغب أن يفهم، بأنّ المقاومة لا تبني مجدها سوى بالجهاد في سبيل الله عزّ وجلّ ضد العدوّ، وأنّها شرف لا يرقى إليه قُطّاع الطرق، وهمج التخريب والتدمير وترويع الآمنين، ولصوص السطو على دور الأيتام والمؤسّسات التربوية والدينية والإعلامية.. فالمقاومة مجيدة بعملها الحضاريّ في سبيل إحقاق الحق، وليس بالبغي لترسيخ الباطل.. والمقاومة المجيدة فعل راقٍ يتسلّح أهله بالإيمان وسُمُوِّ النفس وتعلّقها بالله عزّ وجلّ ابتغاء مرضاته وحده لا شريك له، وليست عدواناً على الأعراض والممتلكات الخاصة والعامة، وسَفكاً للدم البريء، وهجوماً على مواكب جنازات الضحايا والمنكوبين.. المقاومة أمجادها الأخلاق المستمَدَّة من الإسلام العظيم: [لا تخونوا ولا تغدروا ولا تَغُلّوا ولا تُمَثِّلوا، ولا تقتلوا طفلاً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تقطعوا شجرةً مثمرة، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرةً ولا بعيراً إلا للأكل، وإذا مررتم بقومٍ فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له..]!.. وذلك تجاه عدوٍّ سافر، فكيف بالشقيق ابن البلد، والجار، وابن الحيّ؟!.. وكيف بالذين احتضنوا المنقلبين اليوم، وآووهم ونصروهم يوم كانوا يَفِرّون من جحيم القصف الصهيونيّ وجرائمه في الجنوب؟!.. أَوَبَعد كل ذلك تتحدّث يا (حسن) عن الأمجاد؟!..
هناك حدود واضحة المعالم بين المقاومة والجريمة.. بين الجهاد والضلال.. بين الاستقامة والانحراف، بين الصدق والتضليل.. وكل ذي قلبٍ في أرجاء الأرض، بات يعرف على أيٍ من المُثُل والقِيَم كان جنود (حزب ولاية الفقيه) يسيرون في بيروت الغربية يوم السابع من أيار 2008م، وفي أي سبيلٍ بذلوا سلاحهم، وإلى أي صدرٍ كانوا يوجّهونه.. أهذه هي أمجاد المقاومة؟!.. بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كُلّ المسلمِ على المسلمِ حرام: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرضُه)؟!.. فأيّ دينٍ هذا الذي تعلّمتَه ودرستَه وتربّيتَ عليه يا (حسن) في حوزات قُمٍّ والنجف؟!.. وأية أمجادٍ بقيت لك ولحزبك ولمن تمثّل من طائفتك، بعد كل هذا الظلام الذي أسبغتموه في يوم السابع من أيار لعام 2008م، الذي تعتبره يوماً (مجيداً)؟!.. بينما تستحق على ما اقترفته وجنودك فيه، ما ورد في قول الجبار عز وجل: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة:33).
ستتوارث أجيال العرب والمسلمين في تاريخها –يا حسن- على مرّ الأزمان إلى يوم الدين، أنّ يوم السابع من أيارٍ لعام 2008م، كان يوم فضيحةٍ صفويةٍ طائفيةٍ يستحي منها كل مَن في وجهه قطرة ماء.. وليس يوماً مجيداً كما تزعم ويزعم أربابك القابعون في ظلامات قمٍّ وطهران.
10 من أيار 2009م