إيران وأحلامها الخرقاء

إيران وأحلامها الخرقاء
إيران وأحلامها الخرقاء

يتباهى معممو قم وقادة "حرسهم الثوري" باحتلال أربعة عواصم عربية، ويتبجحون بلا أدنى حياء، وهم من يدّعون أنهم "دولة إسلامية"، باستعادة السيطرة وأمجاد الامبراطورية الفارسية التي أطفأ نارها وهزم مجوسها المسلمون يوم القادسية، وحلمهم الأخرق هذا أنساهم استذكار تجاربهم التاريخية على هذا الصعيد، وأنها منيت جميعها بالخيبة والفشل الذريع.

معممو قم و"حرسهم الثوري" احتفلوا بذكرى "عيد ثورتهم الأربعين" (11/6/1979-11/6/2019). وبما أن أنظمة الحكم القائمة على الإرهاب واستباحة الدماء لا تدوم إلى الأبد، فهل بدأ العد العكسي لهذه الثورة التي كانت في الدرجة الأولى نقمة على شعبها وفي الدرجة الثانية نقمة على دول الجوار التي لم تكنّ لإيران يوماً إلا الخير والأمن والأمان وحسن الجوار وتبادل المنفعة والتعاون على استقرار المنطقة وإسعاد شعوبها.

إيران التي تعيش على حلم الهيمنة ستشهد ولا شك نهاية لحلمها الأخرق، وخاتمة قاتمة لهذه "الثورة" كما حصل في تاريخها الذي لا تريد أن تستذكره وتستذكر مآسيه، وإذا ما كان معممو قم و"حرسها الثوري" لا يريدون استذكار ذلك التاريخ، فإننا نضطر إلى تذكيرها بهذا التاريخ وليله الطويل الذي لفها لقرون، علها تفيق من حلمها الأخرق وتتنبه من غفلتها؛ وتجنب شعبها وشعوب المنطقة ما قد يترتب على مضيها في هذا الطريق، الذي سيكون مليئاً بالأشواك والمطبات والحفر، وكثير من الدماء!

لقد روت لنا كتب التاريخ أن بلاد فارس التي حُكمت من الآشوريين ومن ثم البابليين، أفاقت يوماً رافضة الهيمنة الخارجية، فقام ملكهم سايروس بشن حملة على بابل التي انهارت واحتلها ووصل مصر وهيمن على العالم القديم من الهند الى أعتاب اليونان. إلا أن الإغريق الأغنياء والأحرار المعتادين على إدارة شؤونهم بقوانين ولوائح تنظيمية، رفضوا الخضوع لحاكم يرسل أوامره، كما يحدث اليوم مع خامنئي والسستاني، ولا يعلم إلا الله من أي موقع في قلب آسيا، متوقعا الطاعة الفورية. فثاروا وقاوموا الفرس الذين عانوا هزائم مريرة واندحروا إلى داخل حدودهم إلى أن قضى الاسكندر المقدوني على امبراطوريتهم.

لقد دامت هذه الفورة العنصرية بين سنتي 550 و500 قبل الميلاد. أي خمسون سنة قبل أن تعود فارس إلى حجمها الطبيعي، والتي تهاوت أمام خيل الفتح الإسلامي الذي أطفأ نارها وقتل جبابرتها.

معممو قم وصبية "حرسهم الثوري" هم في هذه الأيام يعيشون حلم الهيمنة على المنطقة العربية مدّعين أنها فارسية، وأن على العرب أن يعودوا إلى صحرائهم التي أتوا منها، معممو قم الذين حرّفوا القرآن ولوّا عنق آياته الكريمة بحسب أهوائهم، وما أدخلوه من تفسيرات ومعاني على سياق كلماته، مغيرين ومبدلين من محكم آياته، بما يخدم ادعاءاتهم الكاذبة وأحقادهم الباطلة المزيفة.

فإذا ما ادعى معممو قم و"حرسهم الثوري" أنهم يحتلون أربعة عواصم عربية، فهذا لم يكن بجهدهم، إنما بدعم من نمرود الشام قاتل شعبه، ومن نصر الله ربيبهم في لبنان، ومن واشنطن وموسكوا وباريس ولندن وتل أبيب، وهذا لم يعد سراً فالقاصي والداني يعرف هذه الحقائق التي لا يمكن حجبها بادعائها أنها "جمهورية إسلامية"، وهي من الإسلام بريئة كبراءة الذئب من دم يوسف.

اليوم إيران تتحدى العالم وتفعل ما لم تتجرأ الدولة العبرية على فعله، فإلى متى سيظل العالم يتحمل هذه المصيبة التي تشكل أكبر خطر على أمن وسلامة بلدان المنطقة والعالم، ويضعون حداً لتبجحاتهم وعنجيتهم الخرقاء، وهم قادرون على فعل ذلك، أم أن هناك وراء الأكمة ما وراءها؟

 

محمد فاروق الإمام                             

مركز أمية للبحوث والدراسات الإستراتيجية

2/12/1440

3/8/2019

 

 



مقالات ذات صلة