خامنئي آخر سلاطين "ولاية الفقيه"

بواسطة مركز المزماة للدراسات والبحوث قراءة 807
خامنئي آخر سلاطين "ولاية الفقيه"
خامنئي آخر سلاطين "ولاية الفقيه"

 السوابق التاريخية لبداية ونهاية الدكتاتوريات ومصيرها منذ العصور القديمة حتى الآن، وما تشهده إيران من ظروف سياسية واقتصادية عصيبة لا أمل في معالجتها، واتساع الفجوة بين الشعوب الإيرانية والنظام، وظهور جيل الشباب الجديد الرافض لوجود نظام راديكالي رجعي، وانهيار وحدة الإجماع على شخصية وريث منصب "المرشد"، وانكسار الخوف لدى الشعوب والعديد من الأحزاب الإيرانية المعارضة، والذي رافقه فشل ذريع لـ"احرس الثوري" في الحفاظ على الخطوط الحمراء، في ظل انقسام سياسي كبير داخل البلاد حول أهم المواضيع المركزية، من أبرز الثوابت الواقعية التي تؤكد أن "المرشد" الإيراني الحالي علي خامنئي سيكون آخر سلاطين "الولي الفقيه".

يخفي المسؤولون الإيرانيون وراء تصريحاتهم الداعمة للوحدة الوطنية والقيادة، خلافات وانقسامات تزداد احتداما يوما بعد يوم، بالتزامن مع تراجع قدرة "المرشد" على السيطرة واحتواء الخلافات الداخلية، وسط تعتيم سياسي وإعلامي على جدية انهيار أي توافق أو شبه توافق على وريث منصب "المرشد" بعد رحيل خامنئي، وهي القضية التي باتت تؤرق "الحرس الثوري" بشدة وتهز مضاجع "التيار المتشدد"، وتؤكد التقارير أنه لن يكون هناك أي توافق على أي شخصية لتحل محل خامنئي بعد رحيله، وهو ما يعتبر أكبر معضلة ستواجه النظام الإيراني الحالي والتي من المحتمل جدا أن تؤدي إلى نهاية عصر "ولاية الفقيه" في إيران، ومن المتوقع أن يكون اختيار "الحرس الثوري" بديلا لخامنئي إيذانا بسقوط حكم "الولي الفقيه" في إيران، في ضوء أخطائه الكارثية التي ارتكبها وأدت إلى انعدام الأمن والاستقرار في الداخل الإيراني والمنطقة أجمع.

قصر المسافات الزمنية بين الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام الإيراني، واتساع رقعتها الجغرافية، وارتفاع سقف مطالبها السياسية والاقتصادية، والتي وصلت إلى درجة المطالبة بإسقاط النظام، وما شهدته هذه الاحتجاجات من انكسار للخوف وتكسير للقيود، وفشل النظام في توجيهها ضد الحكومة فقط، من أهم الشواهد التي تشير إلى نهاية النظام الإيراني الحالي، فمع نهاية عام 2017 وبداية عام 2018 انطلقت مظاهرات شعبية في أكثر من 100 مدينة إيرانية، وردد المتظاهرون فيها لأول مرة شعار “الموت لخامنئي”، واستمرت الاحتجاجات بشكل متفرق طوال العامين الماضيين، حتى وصلت إلى ذروتها منذ أكثر من أسبوع، ولا تزال المدن الإيرانية تشهد انتفاضة شعبية ضد النظام وسط تعتيم إعلامي وإنكار سياسي وحرف للحقائق والوقائع، وسط وقوع مئات القتلى والجرحى من المتظاهرين.

إن مثل هذه الاحتجاجات الشعبية لن تتوقف مع ازدياد مسببات الثورة التي أضحت المنفذ الوحيد للشعوب الإيرانية لنيل الكرامة والخلاص من تردي الأوضاع والظلم والاضطهاد، واللافت أن هذه الاحتجاجات قد تحولت إلى وقود للانقسامات السياسية بين التيارين الرئيسيين في البلاد، الإصلاحي والأصولي، في ظل استغلال "التيار المتشدد" و"الحرس" لهذه المظاهرات للهجوم على روحاني وتحميله مسؤولية تردي الأوضاع بسبب قراراته الخاطئة التي أشعلت انتفاضة شعبية تشكل خطورة على بقاء النظام، بهدف تدمير قاعدة الإصلاحيين والمعتدلين الشعبية ومحاصرة نفوذهم كي لا تكون ردة فعلهم الرافضة للشخصية التي سيختارها "الحرس الثوري" بدلا من خامنئي قوية ومؤثرة، غير أن "الحرس الثوري" والتيار المتشدد لم يعد بعد هذه الاحتجاجات في مواجهة مع "التيار الأصولي" وحكومة روحاني، بل مع الشعوب الإيرانية بأكملها، ولا سيما بعد وقوع الكثير من القتلى والجرحى نتيجة قمع الاحتجاجات الشعبية، فالداخل الإيراني الآن منقسم إلى ثلاثة أقسام: "الأصوليون" بدعم "الحرس الثوري"، والإصلاحيون بدعم الحكومة الحالية، والشعب الذي يأس من كافة التيارات السياسية في البلاد، ويرى الحل الوحيد هو انتفاضة شعبية تنهي عمر النظام وحكوماته، وتشكيل "حكومة مدنية ديمقراطية" تخرج البلاد من مأزقها السياسي وأزماتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

 

مركز المزماة للدراسات والبحوث

30/3/1441

27/11/2019



مقالات ذات صلة