بعد زيارة نصرالله…جيش لم يسقط ذبابة، يستبسل على نازحين

بواسطة د. يحيي العريضي قراءة 1362
بعد زيارة نصرالله…جيش لم يسقط ذبابة، يستبسل على نازحين
بعد زيارة نصرالله…جيش لم يسقط ذبابة، يستبسل على نازحين

د. يحيي العريضي

بحكم العلاقة الخاصة مع سورية، قرر لبنان ان ينأى بنفسه عما يدور فيها من ويلات.

 تفاجا كثيرون في سورية؛ ومن الضفتين؛ بذلك الموقف: النظام، الذي استثمر ثلاثين عاما من تربية أُجراء وعملاء وحلفاء  لاستخدامهم في لحظات عصيبة كالتي يمر بها؛  وتفاجا المنادون بالحرية والعارفون بأن ثلاثين عاما من المعاناة على يد الاستبداد ، والتي توٌّجت بثورة الحرية/ الأرز،  لا بد وان تخلق تعاطفا مع صوت الحرية السوري.

لم تدم مفاجأة النظام طويلا؛ فحزب الله لم ترق له مسالة النأي بالنفس فدخل سورية ليدافع عن الأضرحة المقدسة وصولا إلى الدفاع عن ضريح النظام الذي تهاوى لولاه كما صرح الحزب ذاته.

حذر كثيرون من ذلك التدخل الدموي ؛ وقالوا بصريح العبارة إن ذلك لن يجلب فقط تدخلات دموية اخرى إلى سورية، بل سيمتد الحريق إلى لبنان الهش .

 فكما الدم يستجلب الدم؛ كذلك العنف والإرهاب لا يولدان إلا عنفا وإرهابا.

من أكثر الأصوات وضوحا كان صوت وليد جنبلاط الذي رأى تدخل حزب الله في سورية مجلبة للويلات على سورية وعلى لبنان أيضا.

 ليس هناك مشكلة إن كان جنبلاط  يرى في دخول داعش وإرهابها ودولتها ما يتجاوز مسالة تدخل حزب الله في سورية؛ فالأمر أكبر من تدخل الحزب ؛ إنه الحالة الظلامية الخطيرة التي تغزو المنطقة.

 الأمر الذي يتخوف منه الرجل يشاركه به كثيرون؛ فهذا الفكر الظلامي التشويهي للإسلام يخدم أجندات خارجية ويبرر مسلكيات وحشية، ويمارس الهدم والقتل والتشريد وينسف ما حاولت المدينية أن تبنيه لعقود وقرون.

السؤال الذي يطرح نفسه ها هنا يتمثل فيما إذا كان بروز هذه الظلامية يجبُّ ما قبلها.

 فهل بروز داعش على المسرح اللبناني يلغي جريمة حزب الله بحق سورية والسوريين؟ وهل عبارة ” خطأ إستراتيجي ” التي يتم توصيف سلوك حزب الله بها يلغي أو يحيد الأنظار عن جريمة حزب الله بحق سورية والسوريين؟ هل كان صعب القول على من تعود الجرأة أن يقول إن ذلك الخطأ الاستراتيجي هو الذي جلب إجرام داعش؟  لقد تحدث جنبلاط يوما عن التوجه الخطأ لبندقية حزب الله ؛ ولا ندري إذا أصبحت وجهة تلك البندقية غير ذي أهمية بعد اللقاء الأخير بحسن نصر الله .

 ولا ندري إن كنا سنسمع لاحقاً  بأن النظام في سورية كان على حق عندما قال إنه يقاوم الإرهابيين والطائفيين والوهابيين والرجعية الإسلامية المتمثلة بتيار المستقبل!

يستطيع لبنان أن يستخدم ما لديه من جيش حتى يقاتل داعش ويستطيع حزب الله أن يقاتل داعش، والمالكي يستطيع أن يقاتل داعش والنظام السوري يقول إنه يقاتلها؛ إذا كانت داعش بهذا العقل الظلامي وتستهدف الأقليات ، تذبح وتشرد وتفرض جزية.

 هناك حديث عن مشاهدة قوات داعشية ألى الشرق من محافظة السويداء حيث تسكن أقلية تهم مطلقي التصريحات الجديدة؛ من يزوّد أهل تلك المنطقة بما يدافعون به عن أنفسهم في وجه داعش ، ربما يُراد لهؤلاء أن يعوّلوا على حزب الله لنصرتهم بعد أن حاصرهم النظام والمعارضة السوريان والآن داعش!! ربما تغيرت النظرة حتى تجاه النظام بحيث قد يُعتقد بانه سيأتي لنجدة تلك الأقلية وهو عاجز عن الدفاع عن نفسه في وجه داعش؟

لا ندري إذا كان هناك من نسي أقواله ذاتها التي يتحدث فيها عن تهديدات بتوسيع الحريق ليشمل المنطقة بمجملها؟ ألم يتحدث هؤلاء يوما عن إطلاق النظام سراح سجناء أصوليين بعد برمجتهم ليكونوا تلك الحالة الظلامية التي يتحدثون عنها اليوم؟

هل يختلف اثنان باننا أمام قوة ظلامية غاية في الانحطاط والجريمة؛ ولكن نزعها من سياقها وإغفال جذر المصيبة والإجرام يجعلها تتغول في الإجرام أكثر ويقدم صك براءة لأساس الكارثة. ألهذا القدر تأثير لقاء  السيد نصر الله ، ومن أجل ماذا ؟

 هل خطر في بال وليد جنبلاط ان ما حدث في عرسال يمكن ان يكون مدبرا من السيد الأمين العام الذي كان يجالسه منذ أيام ؛ وهدف كل ذلك ليس الا التضييق على مشردي سورية المساكين في لبنان؟!

منذ ” نصر ” حزب الله المزعوم على إسرائيل، متى كان للجيش اللبناني كلمة او وجود أمام تسلط حزب الله! ماذا يمكن أن يُقال لمن  يؤكد أن آلاف المقاتلين من حزب الله بألبسة الجيش هم من يطوق عرسال ويستعدون لهجوم عسكري سيرتكب مذابحا بحق أهل عرسال وخاصة النازحين السوريين هناك؟!

عن أي جيش لبناني يتكلمون؟ أليس هو ذاته الجيش “اللبناني” الذي لم يحرك ساكنا لحماية عرسال اللبنانية وجرودها من القصف الجوي للنظام السوري.

أليس هو ذاته الجيش”اللبناني” الذي كان شاهد زور و شرطي مرور لتسهيل دخول وخروج مقاتلي حزب الله للأراضي السورية سواء من جهة بلدة جوسية فالقصير او من جهة مرتفعات الهرمل التي استخدم فيها حزب الله قاعدة الصواريخ التي يمتلكها هناك لقصف القصير انطلاقا من الأراضي اللبنانية وعلى مرأى ومسمع الجيش “اللبناني” أو من جهة مناطق أخرى على الحدود مع سورية  ألم يبدأ قصف الطيران السوري سلفاً لتلك المنطقة؟

هذا الجيش، الذي لم يتجرأ يوما على إسقاط ذبابة إسرائيلية، يستبسل اليوم على نازحين شردتهم آلة قتل معلّمه في دمشق.

 ذلك التاريخ من الاصطفافات الطائفية تاريخيا يتحول إلى نمرود يذود عن حياض لبنان فجأة. اصطفافه الأخير مع حزب الله قاتل السوريين . يستبدل بزته العسكرية ببزة شاهد زور على ارتداء حزب الله للباسه وارتكاب المجازر في عرسال بحق من لجأ إلى أرض لبنان هربا من حمم إجرام حاكم دمشق

 أليس هناك بعدا سياسياً فيما يحدث يتمثل بترفيع قائد فوج المغاوير صهر ميشيل عون السيد” شامل روكز” إلى قائد جيش وترفيع قائد الجيش الحالي جون قهوجي إلى رئيس جمهورية من خلال إبراز هذين الإثنين كبطلين خلصا لبنان من شرور داعش وإرهابها.

معركة عرسال المؤجلة منذ شهور لن تكون إلا انتقاما لهزائم حزب الله في القلمون وتغطية لفشله وإجرامه بحق السوريين وتشوه صورته أمام حاضنته؟

احترق حزب الله في سورية؛ ويصعب أن يعود إلى لبنان بقوته المعهودة إياها. مقابل ذاك الحريق سيحرق لبنان. إنه يتّبع المبدأ ذاته ” أحكمها أو أحرقها  “. وكما على السوريين الشرفاء أن يمنعوا أو يوقفوا  حرق بلدهم؛ على شرفاء لبنان أن يمنعوا ويوقفوا حرق بلدهم.

المصدر : موقع كلنا شركاء

" منقول بتصرف "

 



مقالات ذات صلة