هل يكون إطلاق الحرب الناعمة ...مقدمة لحربٍ طاحنة قادمة...؟؟

بواسطة حسان قطب قراءة 1358
هل يكون إطلاق الحرب الناعمة ...مقدمة لحربٍ طاحنة قادمة...؟؟
هل يكون إطلاق الحرب الناعمة ...مقدمة لحربٍ طاحنة قادمة...؟؟

حسان القطب

20-6-2016

الولايات المتحدة وعبر وزير الخارجية الأميركية جون كيري تطالب المصارف الأوروبية بتسهيل التعامل مع المصارف الإيرانية، في حين انها وفي الوقت عينه تطالب المصارف اللبنانية والدولية بوقف التعامل مع مؤسسات حزب الله..وبإغلاق حساباته..؟؟ مما يعني ان الولايات المتحدة تستخدم الاتفاق النووي مع دولة ايران كوسيلة ضغط في وجه النظام الحاكم في طهران، ليوازن بين اولوية مصالحه الوطنية وبين مصالح حلفائه.. ؟؟ فالحفاظ على الاتفاق النووي وضمان تطبيقه يتطلب التزاماً ايرانياً كاملاً، وبما ان ايران وحزب الله قد سبق واعلنا مرات عدة ان لا ترابط بين الملف النووي الايراني والملفات الاقليمية الساخنة.. لذلك فإن الولايات المتحدة تجد نفسها مرتاحة بل انها تملك الحرية الكاملة في اعلان قراراتها وعقوباتها المصرفية وغير المصرفية او حربها الناعمة التي تصيب حلفاء طهران وحزب الله في مقدمة هؤلاء..مطمئنةص الى ان ايران لن تعتبر هذا التصرف خرقاً للإتفاق النووي...؟؟

إن اعلان الحرب الناعمة لا يتطلب تصريحاً او اعلاناً صحافياً او دبلوماسياً، بل هو عبارة عن سلسلة اجراءات تشمل مستويات عدة...مالية واعلامية ودبلوماسية... وهنا لا بد من الوقوف عند تعريف القوة الناعمة بحسب موقع ويكيبيديا..

القوة الناعمة ( وهي بالإنجليزية: Soft power) ..هذا المصطلح، مفهوم صاغه جوزيف ناي، من جامعة هارفارد لوصف القدرة على الجذب والضم دون الاكراه أو استخدام القوة كوسيلة للاقناع. ..صاغ جوزيف ناي هذا المصطلح في كتابه الصادر عام 1990 بعنوان "مُقدرة للقيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأميركية". ثم قام بتطوير المفهوم في كتابه الصادر عام 2004 بعنوان "القوة الناعمة: وسائل النجاح في السياسة الدولية"، وقد وتحدث وزيرالدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس عن الحاجة إلى تعزيز القوة الناعمة الأمريكية عن طريق "زيادة الإنفاق على الأدوات المدنية من الأمن القومي بالدبلوماسية، والاتصالات الاستراتيجية، وتقديم المساعدة الأجنبية، وإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية".. وفقا لمسح مونوكل للقوة الناعمة عام 2014، تتبوأ الولايات المتحدة المركز الأول تليها ألمانيا ثم المملكة المتحدة واليابان وفرنسا وسويسرا وأستراليا والسويد والدنمارك وكندا.

لذلك فإن الحصار الاقتصادي والمالي الذي اطلقته الولايات المتحدة منذ فترة ضد حزب الله، يمكن وصفه بإعلان حربٍ ناعمة...؟؟ مما وضع لبنان برمته وحزب الله بشكلٍ خاص في حالة مواجهة مع المجتمع الدولي والولايات المتحدة على وجه الخصوص..من خلال اعلان الاجراءات العقابية بحق مؤسسات حزب الله ومن يتعاون مع مؤسسات حزب الله... مما يعني ان ضغطاً مالياً واجتماعياً سوف تتعرض له بيئة حزب الله ان لم يكن قد اصابها فعلاً...؟؟ في الوقت الذي ينخرط فيه حزب الله في حربٍ اقليمية في سوريا وما تتطلبه هذه الحرب من دعمٍ مالي ونفقات هائلة للإستمرار في اداء الدور الاقليمي الذي يتحمله حزب الله في خدمة المشروع الايراني..وكان سبق هذا الضغط المالي حصار اعلامي، طال مؤسسات حزب الله الاعلامية ومن يتعاون معها من منعٍ ووقفٍ عن البث عبر الاقمار الصناعية..؟

الهدف من الحرب الناعمة او استغلال واستعمال القوة الناعمة كما عرّفها جوزف ناي، بأنها القدرة على أن نحصل على ما نريد بقوة الجذب وليس بالقوة المادية...؟؟ اذاً المطلوب من هذه الحرب هو:

-          زيادة الضغط المالي على ايران بحيث تضطر لتحمل كافة نفقات حزب الله، بعد ان فقد قدرته او بعضها على الاقل في تمويل مؤسساته وميليشياته وحروبه المتعددة..مما يزيد من ازمة ايران الاقتصادية التي اشار اليها وزير الاقتصاد الايراني في تقريره الاخير...

-   تعميق الهوة بين حزب الله وبيئته ومجتمعه، وتعقيد العلاقة فيما بينهم اذ تصبح موضع خطر وقد تؤدي الى ضياع مؤسسات ومستقبل شركات وعائلات ...وحول هذا الامر يقول مروان اسكندر في مقابلة مع جريدة الانباء الكويتية..( ان موقف “حزب الله” من مصرف لبنان يعرض حسابات اللبنانيين الشيعة في لبنان وفي الخارج لكثير من المراقبة والتساؤل، علما أن ودائع اللبنانيين الشيعة في المصارف اللبنانية هي الودائع الأكبر ومصدرها أفريقيا...؟؟) ومن المعروف ان حزب الله يعتمد جزئياً على تمويل المتبرعين المتعاطفين معه (الخمس والزكاة والصدقات ورعاية الايتام والارامل وغيرها من ابواب التبرع الشرعية كما يصفها حزب الله) او الذين يستثمر معهم بعض امواله داخل لبنان وخارجه... (ويرى جوناثان شانزر، المستشار الاقتصادي السابق في وزارة المالية الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب، أن القانون الأميركي الخاص بفرض عقوبات على حزب الله لن يؤدي بالضرورة إلى سقوطه، بل سيضع أمامه صعوبات وعقبات لم يعرفها في السابق، مما قد يؤدي إلى أن يشعر بالعزلة والوحدة، ليس فقط من قبل باقي اللاعبين السياسيين داخل لبنان، بل من  أوساط الطائفة الشيعية نفسها أيضا..)..

- ارباك حزب الله وزيادة الضغط على قيادته، بزيادة مشكلاته ووضع العقبات امام مؤسساته وجمهوره...وحول هذا الامر فقد كتب ناصر شرارة في صحيفة الجمهورية..( إنّ ترسانة «حزب الله» تحوي أسلحة وخططاً لمواجهة حرب إسرائيلية برّية وجوية وبحرية تستمر أشهراً، ولا توجد فيها أية أسلحة أو خطط ناجعة ضد حرب ناعمة مالية كالتي تشنّها اميركا وحلفاؤها راهناً عليه...) و كذلك قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية حول هذا الامر: ( إن حزب الله اللبناني يمر بحالة انهيار اقتصادي وصفتها بالأقسى منذ تأسيسه، مما جعله يتصرف على نحو غير مفهوم. وأضافت الصحيفة أن هذه الحالة من الانهيار الاقتصادي جعلت حزب الله غير قادر حتى اللحظة على الخروج من المستنقع السوري، كما أن العقوبات الدولية المفروضة عليه دفعته لأن يتصرف "بطريقة غير مفهومة"...". وأوردت يديعوت أحرونوت نقلا عن آدم جيوفين، وهو من كبار المسؤولين في وزارة المالية الأميركية، أن الوضع الاقتصادي لحزب الله يعدّ الأسوأ له منذ عقود طويلة، مما يجعلها الفترة الأصعب التي يمر بها التنظيم منذ إنشائه، خاصة بعد أن تحول من قوة محلية داخلية في لبنان إلى لاعب إقليمي..)

 هذا المشهد الصعب والمتدحرج يجعل من حزب الله في وضعٍ صعبٍ على المستوى الداخلي في لبنان، وفي وضع الضعيف في مواجهة خصومه السياسيين في لبنان كما لا يعود موضع ثقة ومصدر قوة فاعلة وناشطة بالنسبة لجمهوره ومؤيديه.. كما يعيق حركة حزب الله وتدخله على الساحة الاقليمية سواء في سوريا او في غيرها...وصورة نصرالله مخاطباً جمهوره ومطلقاً الوعود بالنصر كما التهديدات لاعداء حزب الله...قد اصبحت تتلاشى، بل اصبحت خطاباته الاخيرة تطالب بالصبر والثبات وتحمل التضحيات..؟؟

ختاماً نقول ان اطلاق الحرب الناعة واستعمال القوة الناعمة بهدف تحقيق الاهداف المنشودة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها دون خوض حربٍ عسكرية مباشرة قد لا تنجح، خاصةً اذا ما ادركنا ان حزب الله هو حزب وميليشيا ولاعب اقليمي عقائدي.. والمصلحة الوطنية تاتي في مؤخرة قائمة اولوياته...فهل يكون عندها اطلاق هذه الحرب الناعمة التي تضعف حزب الله دون شك داخلياً واقليمياً توطئة او تهيئة لحربٍ طاحنة مقبلة...؟؟؟ لذا لا بد لنا من ان نتوقف عند بعض المواقف الاسرائيلية الاخيرة...فقد صرّح مؤخراً وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأنّ «حزب الله» لا يستطيع أن يشكّل تهديداً لوجود إسرائيل، موضحاً مع ذلك أنّه بإمكانه أن يلحِق ضرَراً جسيماً بالجبهة الداخلية وبالبُنى التحتية وبالمطارات والموانئ ومصادر الطاقة. ورأى أنّ احتمال اندلاع مواجهة أخرى في لبنان ليس كبيراً حاليّاً، إلّا أنّ الحرب قد تندلع من دون أن يرغبَ الأطراف في ذلك. ولفتَ إلى أنّ هذه الحرب ستؤدّي إلى دمار لبنان وخرابه ورحيلِ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.... وكان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش هرتصي هليفي قد حذر أثناء اجتماع لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست من أن «المعركة المقبلة في الشمال لن تكون بسيطة ولا سهلة وستكون مختلفة». وتابع ان «حزب الله يعتبر اليوم القوة الاكبر التي تواجه اسرائيل (...) انا اعتقد ان نهاية الحرب الاسرائيلية ضد حزب الله واضحة: اذا وقعت حرب اخرى، فان الجبهة الداخلية ستواجه تجربة قاسية. لكن اسرائيل ستعيد بناء ما تدمر. اما لبنان فسيتحول الى دولة لاجئين تواجه صعوبة في اعادة اعمارها، وحزب الله سيفقد قاعدة الدعم السياسي في لبنان».

نامل ان يدرك حزب الله خطورة الوضع والمرحلة المقبلة وان لا يدخل لبنان في اتون حربٍ مدمرة لا قدرة للشعب اللبناني كما لبيئته الحاضنة على تحمل نفقاتها وتداعياتها سواء كانت اقتصادية ومالية او بشرية وعسكرية....

المصدر : المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات



مقالات ذات صلة