منتظري يفضح إيران حيا وميتا

بواسطة عـصـام زيــدان قراءة 576

منتظري يفضح إيران حيا وميتا

 

عـصـام زيــدان

 

أعلنت إيران يوم الأحد 20 ديسمبر وفاة المرجع الديني المعارض البارز "آية الله العظمى حسين علي منتظري", الذي كان من أشد منتقدي القيادة الموسومة بالمحافظة في إيران, عن عمر يناهز 87 عاما على فراش المرض.

ومنتظري هو أحد رجالات الثورة الإيرانية التي اندلعت في العام 1979, وكان مرشحا بقوة لخلافة مرشد الثورة الشيعية الخوميني في قيادة الجمهورية التي قامت أنقاض حكم الشاة, كزعيم أعلى لإيران, لكن الرجل دفع حيا وميتا ضريبة معارضته للنظام, ولحكم الملالي, ولم يشفع له تاريخه ووضعه الديني.

فقد عينه الخوميني نائبا للمرشد الأعلى، لكن وجدت الخلافات سبيلها بين الرجلين, حينما اعترض منتظرى على الإعدامات السياسة العشوائية سنة 1988م, موجها حينذاك عدة ثلاثة رسائل للخوميني, انتقد فيها بشدة النظام القائم على تلك الأساليب القمعية, التي استخدمت ضد المعارضين.

وكان من جراء, هذا الخروج على السلطة القمعية, وفضح نظام الملالي, على الملأ, أن أُجبر منتظري على تقديم استقالته, وفرضت عليه الإقامة الجبرية المؤقتة في منزله بمدينة قم, لعدة سنوات حتى عام 2003, وقتلت الاستخبارات الإيرانية اثنين من أولاده, وظل في حصار وتعتيم إعلامي, حتى بعد إنهاء الإقامة الجبرية عليه.

ومع هذا الحصار والتعتيم الرسمي المقصود منه قتله حيا, ظل منتظري صوتا معارضا بارزا حتى وفاته,حيث أكسبته مواقفه المستقلة بعيدا عن النظام الرسمي الإيراني, وموقفه الذي اتخذه منذ خلافه مع الخوميني, الكثير من الشهرة, وزاد أتباعه, ومؤيديه بشكل ملفت، خاصة بعد دعمهللإصلاحيين، وتصويته للمرشح الإصلاحي مير حسين الموسوي في انتخابات 2009، واعتراضه على تزوير الانتخابات التي منحت الرئيس احمدي نجاد الفرصة لرئاسة ثانية.

وساهمت فتواه بوجوب التصدي للحكومة الظالمة،في كسر الطوق والحصار الإعلامي المفروض عليه, حيث أكد فيها موقفه من الحكومة الحالية, واصفا إياها بأنها غير شرعية، ولا تجب طاعة أوامرها, وعلى الشعب إسقاطها بالتدرج, وبرعاية مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وشدد منتظري في فتواه على دعم الإصلاحيين, وعلى حرمة انتزاع الاعتراف بواسطة التهديد والإكراه والتعذيب، واعتبر القائمين بذلك مجرمين ويستحقون العقاب.

كما عارض منتظري تركيز السلطة في أيدي المرشد الأعلى على خامئني, الذي سبق وسحب المنصب من تحت قدميه, ودعا إلى تغيير الدستور، للحد من سلطة المرشد الأعلى وتدخله في شئون الحكم والسياسة.

وانتقد منتظري, كذلك, الرئيس نجاد بسبب سياسته الداخلية والخارجية, ودعا العديد من رجال الدين إلى الخروج عن صمتهم حيال انتهاكات حقوق الإنسان خلال حملة القمع التي شنتها الحكومة ضد أنصار المعارضة في الاحتجاجات التي أعقبت فوز نجاد في الانتخابات الرئاسية الثانية.

وجزاء هذه المواقف التي فضحت النظام الإيراني, وسلطته القمعية ضد المعارضة, من الخوميني إلى خامئني, كانت الإساءة لمرجعهم البارز, حتى في وفاته, حيث نقلت وسائل الإعلام الإيرانية، ومنها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا)، نبأ وفاة منتظري بصورة مقتضبة, لا تتناسب وموقعه الديني البارز عند الشيعة.

وإمعانا في الإذلال, والتعنت مع منتظري, ميتا, أصدرت وزارة الثقافة والإرشاد الديني الإيرانية, تعليمات مشددة إلى الصحف، بعدم نشر صور منتظري على صفحاتها الأولى، والامتناع عن نشر أية معلومات عن تاريخه السياسي، سوى التطرق إلى مواقفه المتعارضة مع الخوميني.

واستجابة لهذا الفرمان الإيراني, لم تذكر أي من وسائل الإعلام الرسمية, أو شبه الرسمية لقب "آية الله العظمى" في نقلها خبر وفاته,واكتفت بعض الوسائل الإعلامية باستخدام عبارة "السيد منتظري".

كما لم تقدم وسائل الإعلام الرسمية تغطية تذكر لوفاته، لكن النبأ الذي تصدر برامج التلفزيون الحكومي الرئيسية, كان يؤكد على أن منتظري توفي بسبب المرض و"الخرف", وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية في السيرة الموجزة التي أعدتها عن منتظري إنه كان شخصية دينية محركة لمثيري الشغب, في إشارة إلى الإصلاحيين المحتجين على إعادة انتخاب الرئيس نجاد.

وإمعانا في الإساءة إليه ميتا, كذلك, أعادت وكالة أنباء الجمهورية الرسمية, التذكير بخلاف منتظري مع مرشد الثورة الخوميني, ورجعت ذلك إلى ما وصفته بتصريحاته التي يقدرها أعداء الجمهورية, وأنها, كانت سببا رئيسا في بعده عن الخوميني قبل عقدين, وانتقدت تصريحاته التي قالت أنها جاءت خالية من الأسس والمبادئ التي قامت عليها الثورة وقد رحب بها الإعلام المعادي للثورة.

ولم تترك حكومة نجاد, حتى مراسم دفن منتظري تمر, بسلام, وصممت على الإساءة لأحد رجالاتها القدامى الذي تجرأ على رفع صوته كاشفا بعضا من فضائح النظام, حيث اندلعت صدامات خلال التشييع بين الحشد المُشيع لمنتظري, وميليشيا موالية للحكومة رفعت لافتات معادية للمرجع الديني الراحل, وحاولت إثارة الاضطرابات, والتغطية على الهتافات المعادية للنظام بمكبرات الصوت. كما أوقفت الأمن الإيرانية حافلة تقل أنصارا للمعارضة كانوا في طريقهم لحضور الجنازة، واعتقلت بعضهم.

هذا قليل, من فضائح النظام الإيراني, قد كشفه أحد ملاليها الكبار, وهذا أيضا بعضا من ممارسات النظام في حق أحد معارضيه مما تسنى للإعلام أن يقف عليه ويكشفه, وما خفي على الجانبين أسد سوء وأنكى.

 



مقالات ذات صلة