قصة التعاون الإيراني الإسرائيلي
الجزء الرابع
وثائق وتقارير
لا شكّ في أن فضول وتعجّب وتساؤل القراء قد زال باستعراض الرسائل الخطيرة المتبادلة بين النظام الإيراني والعقيد في جيش الدفاع الصهيوني يعقوب نمرودي ؛ ولا شكّ كذلك في أن البعض مازال يصعب عليه قبول مجرّد فكرة التعاون بين إيران وكيان الغصب الصهيوني مما دفعنا إلى تقديم مزيد من الوثائق والأدلّة والبراهين عن حجم ذلك التعاون .
وفي هذا الإطار كان لا بدّ من استعراض بعض التقارير الصادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية بمناسبة الكشف عن وثائق وتفاصيل التعاون المذكور كما سعينا إلى تعزيز التقارير السابقة الذكر بمقتطفات من مذكرات مجرم الحرب آرييل شارون إضافة إلى كتاب الحياة السرية لرؤساء أمريكا لعلّ الشكوك تزول نهائيا والى الأبد من ذهن أولائك الذين أعمتهم الدعاية الإيرانية فجعلتهم صمّ بكم عمي فهم لا يبصرون .
- 1 -
الكشف عن تقرير سري يفضح علاقة إيران بإسرائيل
في 21 تشرين الأول من العام 1992, قام رئيس لجنة التحقيق السابق بقضية إيران-كونترا العضو الجمهوري "لي هاملتون" بتوجيه رسالة إلى لجنة الأمن القومي في مجلس النواب الروسي الدوما، يطلب فيها المساعدة للحصول على معلومات بشأن هذه القضية. فردّت اللجنة الروسية ببرقية إلى السفارة الأمريكية في موسكو في 11 كانون ثاني 1993 تزودها بما لديها من معلومات حول هذا الموضوع بعد مرور 13 سنة على وقوعه.
قامت السفارة الأمريكية بدورها بنقل هذه الرسالة وترجمتها وإرسالها إلى الولايات المتحدة, لكن الدوائر المعنية هناك لم تقم بالكشف عن محتوى التقرير الذي جاء مخالفا لما ذهبت إليه لجنة التحقيق. حيث أكد التقرير الروسي، أن حملة ريجان - بوش الأب لانتخابات الرئاسة الأمريكية أجرت خلال صيف وخريف 1980 مفاوضات سرية مع الحكومة الإسلامية في إيران التي كانت تحتجز 52 دبلوماسيا أمريكيا كرهائن، ما أدى آنذاك إلى إضعاف موقف الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، ومهد الطريق للفوز التاريخي الذي حققه رونالد ريجان، وتم الإفراج عن الرهائن بعد أن أصبح ريجان رئيساً للولايات المتحدة مباشرة.
التقرير السري المترجم هذا، تم الكشف عنه مؤخرا، وجاء فيه ما يلي:
إلى رئيس مجموعة العمل التابعة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب في الكونجرس الأمريكي، "لي هاملتون":
تحية وبعد:
بعد الاعتذار عن طول فترة إعداد الرد على طلبكم، أرسل لكم المادة التي بحوزتنا، والتي نأمل أن تساعدكم في عملكم، "سكرتير اللجنة كوزنيتسوف".
عند تقديم أسلحة أمريكية لإيران وفقا للمعلومات المتوافرة، اجتمع رئيس حملة رونالد ريجان الانتخابية، ويليام كاسي، ثلاث مرات في عام1980 مع ممثلين للقيادة الإيرانية، سيما مع تاجري السلاح جمشيد وكوروش هاشمي، وقد جرت اللقاءات في مدريد وباريس، وشارك في اجتماع باريس في تشرين الأول 1980، آر جيتس، الذي كان آنذاك موظفا بمجلس الأمن القومي خلال عهد الرئيس جيمي كارتر ومدير وكالة "سي آي ايه" السابق جورج بوش الأب.
وخلال اجتماعات مدريد وباريس، بحث ممثلو رونالد ريجان والقيادة الإيرانية موضوع احتمال تأخير الإفراج عن 52 رهينة من موظفي السفارة الأمريكية في طهران، احتجزهم "الطلاب" الإيرانيون وأفراد "قوات الدفاع عن الثورة الإسلامية" في 4 تشرين الثاني 1979 إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية التي جرت في تشرين الثاني 1980.
وفي مقابل هذا، وعد المندوبون الأمريكيون بتزويد إيران بالأسلحة، وقد أكد هذا الاتفاق تحديدا عميل الاستخبارات "الإسرائيلية" السابق أري بن - ميناش، وهو يهودي مولود في إيران، وتم اعتقاله عام 1989 في الولايات المتحدة بتهمة تزويد إيران بالسلاح، (حيث اعتقل في كاليفورنيا بتهم تتعلق بتصدير طائرات مهربة، من طراز "سي — 13" من الولايات المتحدة إلى إيران) وقضى في السجن 11 شهراً ثم تم الإفراج عنه، وطبقا لحساباته، بلغت القيمة الإجمالية للأسلحة التي تم تسليمها على نحو غير مشروع إلى إيران 82 مليار دولار.
وقد وردت معلومات عن محاولات فريق رونالد ريجان لتعطيل الإفراج عن الرهائن الأمريكيين المحتجزين في طهران مؤقتاً، في تصريحات رسمية أدلى بها عدد من المسئولين الإيرانيين من بينهم وزير الخارجية الإيراني آنذاك قطب زاده في أيلول 1980.
وكشروط للإفراج عن الرهائن الأمريكيين، طالبت إيران في ذلك الوقت الإفراج عن الحسابات الإيرانية المجمدة في الولايات المتحدة، وإعادة أموال الشاه وعائلته إلى إيران ورفع الحصار الاقتصادي، وإنهاء الحصار المفروض على تزويد إيران بقطع غيار الأسلحة الأمريكية المشتراة سابقا.
ومن جهة ثانية، ظهرت أيضا أدلة على أن مفاوضات جرت أيضا في عام 1980 بين ممثلين لإدارة كارتر والقيادة الإيرانية، تم خلالها بحث موضوع تزويد إيران سراً بالأسلحة وقطع الغيار الأمريكية، وإطلاق سراح الرهائن الأمريكيين، والإفراج عن الحسابات المصرفية الإيرانية المجمدة في الولايات المتحدة.
وهكذا، وفي تموز 1980 وفي مدينة أثينا، التقى وفد من الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضم نائب وزير الدفاع فاريفارا والجنرال فاروه-زاده والكولونيل فيسي وممثل وزير الخارجية اتمينانا مع مندوبين من وزارة الدفاع الأمريكية، وتم التوصل لاتفاق من حيث المبدأ حول توريد أسلحة، وقطع غيار للأسلحة الأمريكية الموجودة بحوزة إيران.
وفي تموز 1980 بحث ممثلو واشنطن وطهران في أثينا تطبيع العلاقات الإيرانية الأمريكية خطوة خطوة، وتقديم الدعم للرئيس كارتر في الحملة الانتخابية عبر الإفراج عن الرهائن الأمريكيين.
وتماشياً مع اتفاق أثينا، تم في تشرين الأول 1980 إرسال كمية ضخمة من قطع الغيار الخاصة بطائرات اف-4 واف-5 ودبابات ام-6 إلى إيران عن طريق تركيا. وكما فعل الجمهوريون، بدأ الديمقراطيون يتفطنون إلى أن الإمام الخميني، وبعد أن أعلن سياسة "لا للغرب ولا للشرق" ولعن "الشيطان الأمريكي" والامبريالية والصهيونية، اضطر للحصول على الأسلحة وقطع الغيار والإمدادات الأمريكية بجميع الوسائل الممكنة.
ولاحظ الخبراء العسكريون أن الحكومة الإيرانية كانت تواجه، بعد اندلاع الثورة الإسلامية عجزاً حاداً في الأسلحة وقطع الغيار والإمدادات العسكرية التي تستطيع بوساطتها أن تحد من انتفاضة الأكراد الإيرانيين، وتخوض الحرب مع العراق التي بدأت في أيلول 1980. وكان الجيش الإيراني في تلك الفترة يعتمد بشكل أساسي على الأسلحة الغربية -سيما الأمريكية والبريطانية- وكانت جميع طائرات سلاح الجو الإيراني أمريكية.
واتضحت الحاجة الإيرانية الملحة لإمدادات الأسلحة والعتاد العسكرية أيضاً من حقيقة أنه -وبعد قيام الثورة الإسلامية في إيران- تم إلغاء طلبات ضخمة لأسلحة، كان من المقرر تسليمها إلى إيران بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 10،5 مليار دولار.
وطبقاً لتقييم مصادر في الدوائر العسكرية، مكنت إمدادات قطع الغيار والعتاد العسكري من الولايات المتحدة عبر "إسرائيل" ابتداء من 1980، لسلاح الجو الإيراني بتنفيذ نشاطات قتالية.
وبعد فوز ريجان في انتخابات الرئاسة، تم التوصل في مطلع عام 1981 لاتفاق في لندن، أفرجت إيران بموجبه عن الرهائن الأمريكيين، واستمرت الولايات المتحدة في تزويد الجيش الإيراني بالسلاح وقطع الغيار والعتاد، وتولى تنظيم شحنات الأسلحة الكولونيل دومكان من الأركان العامة الإيرانية والكولونيل ياكوس مارفيدي من جهاز الموساد "الإسرائيلي"، علماً بأن الأخير لعب دوره كمالك لشركة خاصة تشتري السلاح الأمريكي في السوق السوداء.
وفي آذار - نيسان 1981، نقلت الطائرات من "إسرائيل" إلى إيران قطع غيار طائرات "اف-14" المقاتلة ومعدات عسكرية أخرى. وعبر "إسرائيل"، اشترت إيران في عام 1983 صواريخ أرض-أرض من طراز "لاتس"، علاوة على مدفعية بقيمة إجمالية بلغت 135 مليون دولار.
وفي تموز 1983 توجهت مجموعة من الخبراء التابعين لشركة "لوكهيد" إلى إيران بجوازات سفر إنجليزية لتصليح أجهزة الملاحة وأجزاء إلكترونية أخرى في الطائرات العسكرية الأمريكية.
وشهد عام 1985 تدفق كميات هائلة من إمدادات الأسلحة من الولايات المتحدة إلى إيران عبر "إسرائيل". وتم إرسال الأسلحة بالطائرات والسفن، وباع الأمريكيون لإيران 200 نظام صواريخ مضادة للطائرات من طراز "هوك" و2000 صاروخ مضاد للدبابات من طراز "تاو". وطبقاً لمعلومات لاحقة، فإن صواريخ تاو وهوك سمحت للجيش الإيراني بمواجهة تفوق وحدات الدبابات وسلاح الجو العراقي.
- 2 -
وثائق أرشيف الأمن القومي الأمريكي
جديد فضيحة ايران-كونترا "ايران-جيت"
أفرج أرشيف الأمن القومي الأمريكي في 10-11-2006 عن وثائق جديدة تتعلّق بفضيحة إيران-جيت و التي تعرف أيضا باسم ايران-كونترا أو فضيحة بيع إسرائيل أسلحة عسكرية للنظام الإسلامي الإيراني بقيادة آية الله الخميني و بموافقة أمريكية في حربه ضدّ العراق.
و تضم هذه الوثائق الجديد المفرج عنها ما يلي:
أولا: مقتطف من التقرير النهائي للمجلس المستقل للتحقيق في قضية إيران-كونترا, الجزء الأول, التحقيقات و المحاكمات, 4 آب 1993.
ثانيا: مقتطف من التقرير النهائي للمجلس المستقل للتحقيق في قضية إيران-كونترا, الجزء الثالث, التعليقات و الوثائق المقدّمة من قبل المتّهمين و وكلائهم ردّا على الجزء الأول من التقرير النهائي, 3 كانون أول 1993.
ثالثا: جلسات الاستماع أمام لجنة المخابرات المختارة التابعة لمجلس الشيوخ,القسم الأول, 16-17-19 و أيضا 20 أيلول 1991. الجزء الأول. و الجزء الثاني.
رابعا: جلسات الاستماع أمام لجنة المخابرات المختارة التابعة لمجلس الشيوخ, القسم الثاني, في 24 أيلول و 1-2 تشرين أول 1991. الجزء الأول و الجزء الثاني.
خامسا: جلسات الاستماع أمام لجنة المخابرات المختارة التابعة لمجلس الشيوخ, القسم الثالث, في 3-4 و 18 تشرين أول 1991.
- 3 -
مقتطفات من مذكرات المجرم آرييل شارون
يقول المجرم آرييل شارون قائد مجازر صبرا وشتيلا : (( توسعنا في كلامنا عن علاقات المسيحيين بسائر الطوائف الأخرى ,لا سيّما الشيعة والدروز , شخصياً طلبت منهم توثيق الروابط مع هاتين الأقليتين , حتى أنني اقترحت إعطاء قسم من الأسلحة التي منحتها إسرائيل ولو كبادرة رمزية إلى الشيعة الذين يعانون هم أيضاً مشاكل خطيرة مع منظمةالتحرير الفلسطينية , ومن دون الدخول في أي تفاصيل , لم أرَ يوماً في الشيعة أعداء إسرائيل على المدى البعيد )) !!
مذكرات أرييل شارون ص : 583-584 الطبعة الأولى سنة 1412 هـ /
ترجمة أنطوان عبيد / مكتبة بيـسان لبنان – بيروت .
- 4 -
كتب الحياة السرية لرؤساء أمريكا !
تأليف:كورماك اوبراين - ومونيكا سوتيسكي
تشعبت التحقيقات في فضيحة إيران - كونتراجيت، وحاول الرئيس التستر على انحرافات رجاله المقربين خصوصا الكولونيل اوليفر تورث والادميرال جون بويند اكستر مستشار الرئيس للأمن القومي، وقد استدعت لجنة تاور المسئولة عن التحقيق نانسي زوجة الرئيس رونالد ريجان، واستفسر منها المحققون عن الاجتماعات السرية التي شارك فيها تورث ويونيدا اكستر مع الرئيس وبحضور وليم كيسي مدير وكالة الاستخبارات المركزية ونفت السيدة نانسي مشاركة تيسي أو نورث في مثل هذه الاجتماعات.
ولكن أكدت وثائق الوكالة مشاركتهما حتى موعد مبكر من عام 1986 وأدرك المحققون أن السيدة الأولي تكذب، ومع ذلك قرروا عدم مواجهتها بتلك الأكاذيب في تلك المرحلة من التحقيق، وزعمت نانسي ريجان أن كل المخالفات التي ارتكبها يويند اكستر تمت بدون علم زوجها الرئيس. إلا أن شهادة يويند اكستر أمام لجنة تادر كشفت عن الأكاذيب الفاضحة التي تورطت فيها زوجة الرئيس، فقد قال يونيدا اكستر أن كل التصرفات الملتوية كانت بناء على الأوامر المباشرة من ريجان، بل إن ريجان لم يعترض قط على مبادلة الرهائن الأمريكيين في لبنان بالأسلحة وقطع الغيار التي تم تصديرها لإيران، وهي الجهة التي كانت الإدارة الأمريكية تتهمها بمساندة الخاطفين، وبالطبع أحاط هوارد بيكر رئيس هيئة العاملين بالبيت الأبيض بهذه المعلومات، وقرر مواجهة الرئيس بالحقائق، وتوجه بيكر إلى جناح الرئيس الذي لم يغضب لدى علمه بشهادة يونيد اكستر، وإنما استغرق في نوبة صاخبة من الضحك العميق، وخاطب ريجان هوارد بيكر بقوله: لاحظ.. لقد كنت على علم بهذه الأحداث طوال الأشهر السبعة الماضية.
ويليه الجزء الخامس والأخير
عزالدين بن حسين القوطالي
تونس في : 30/08/2007