الأمة الإسلامية.. بين خرافة البوصلة ومواكب الفتن المتنقلة؟
أحمد موفق زيدان
لعل أكثر العطل الصيفية نكداً عليّ كانت الصيفية الأخيرة التي تميزت بالمجادلات والسجالات بين أصدقاء أعزاء أكن لهم كل احترام وتقدير علما وخلقا وأدبا، ولكن الحاضر في كل جلسة واجتماع حزب الله في حربه مع العدو الصهيوني، وما أن تفتح فمك بكلمة عن الدوافع والمبررات لهذه الحرب وحجم التدخل الإيراني إلا وتُنعت من رفاق تكن لهم كل احترام وتقدير، بنعوت وصفات أنت بعيد عنها كل البعد، لكن ماذا نفعل حين تكون السكرة طويلة بطول ذلك الشهر المشؤوم من المواجهة مع العدو الصهيوني.
لقد سئمنا كلام زعيم حزب الله وهو يتوعد ويزبد ويرغي إن المقاومة للخارج والسلاح موجه للعدو الصهيوني، ليفاجأ غيرنا وليس نحن ان كل ما حصل في ذلك الصيف يسعى أسياد حزب الله في طهران ودمشق إلى حصده، وبتنا نتحدث عن وجود الفرس والصفويين ليس على الجبهة الشرقية في بغداد حرسها الله تعالى من مكرهم وإنما بتنا نتحدث عن حضورهم في الجبهة الغربية بيروت جوهرة العرب.
البرفيسور جون كينيث عالبرايث نال شهادة الاقتصاد الزراعي من جامعة كاليفورنيا أواخر العشرينيات لكنه لم يشتهر كاقتصادي وإنما عُرف بقدرته على نحت العبارات كمثل «الحكمة الشائعة» وأنا هنا سيرا على هداه أنحت من وحي ما يجري في لبنان وغيره تعبير «الكذبة الشائعة» فهل ما زال البعض منا يصدق حزب الله وحرصه على المقاومة، وهل المقاومة وتحرير بيت المقدس نزهة لشهر واحد أم أنه عملية متواصلة ليست لنيل مآرب إيرانية وسورية بعيدة كل البعد عن هموم الأمة ومعركتها المصيرية.
كيف يفسر المغرمون بالنظامين الإيراني والسوري مشاركة برلمانيين سوريين مع صهيونيين في مؤتمر بعمان، وكيف يبرر هؤلاء اللهاث الأمريكي وراء طهران ودمشق من أجل ملء الفراغ الأمريكي في حال الانسحاب المارينزي من بغداد تحت ضربات المجاهدين الأبطال، وكيف يبرر رأس النظام الإيراني أحمدي نجاد استعداده مساعدة الشيطان الأكبر على الانسحاب بينما يُرسل هو عصابات الموت والقتل إلى شوارع أبي نواس وغيره، كيف يفسر هؤلاء مواكب الفتن المتنقلة التي يسعون إلى نشرها وبثها في العالم الإسلامي بدلا من مواكب العزاء الحسيني التي صدّعوا رؤوسنا بها منذ ظهور صفوييهم على المشهد المنطقوي، كيف يفسرون الفتن المتنقلة التي ينثرونها في بغداد ودمشق وبيروت وغيرها من عواصم وحواضر الإسلام العزيزة.
نعم كيف يفسر مرشد النظام الإيراني الذي يحرص على إطلاق عليه صفة الثورة الإسلامية الإيرانية كيف يفسر ويضحك على نفسه قبل الآخرين في أن يسمي حكومة المنطقة الخضراء العميلة حكومة وحدة وطنية منتخبة، بينما يطلق سمومه وسهامه ضد حكومة السنيورة، بأي منطق يتحدثون، ومن يخاطبون، أمر عجيب ومنطق أعجب.
كان على أمين عام جامعة الدول العربية السيد عمرو موسى أن يتوجه إلى طهران ودمشق بدلا من بيروت فالمفاتيح يا سيدي لم تعد هناك، وإن وجدت مفاتيح فلن تجد لها أسنانا، لقد كان زميلك وزير خارجية ألمانيا شتاينماير أذكى منك وأجرأ حين توجه إلى دمشق داعيا إياها إلى التدخل لوقف المظاهرات اللبنانية.
كلمة أخيرة للمغررين بحزب الله والنظامين الإيراني والسوري، فحين كنتم تتحدثون عن بوصلة الأمة وأن الأمة تؤيدهم وتناصرهم في حربهم بلبنان وغير لبنان، فأود أن أضع تساؤلين الأول من الذي أجرى مسحا ليعرف رأي الأمة، وهل رأي الأمة أمس هو رأي الأمة اليوم، ومن الذي يلعب برأي هذه الأمة المسكينة، أليست وسائل الإعلام المسيطر عليها من وكلائهم أو مستخدميهم، وهل كنتم مع هذه الأمة حين أيدت أيضا جمال عبد الناصر وياسر عرفات وصدام حسين، فاعتبروا يا أولي الألباب.