السيستاني وأحفاد معاوية!
أسامة عبدالرحيم
التاريخ: 1/2/1431 الموافق 17-01-2010
"لن يضر حفيد أمير المؤمنين علي، السيد السيستاني نباح أحفاد معاوية في هذا الزمان.."، هكذا استقبل الشيعة في مجالس عزائهم خبر انتقاد الشيخ العريفي بسب أحد الصحابة وكتبة الوحي، إنتصاراً لمواقف أحد آياتهم ومرجعهم الإيراني، الذى رفض الجنسية العراقية التى قدمتها له حكومة المالكي الطائفية بمباركة الاحتلال الأميركي على طبق من ذهب.
الهجوم الذى شنه أتباع السيستاني وعلى رأسهم شيعة حزب الله في جنوب لبنان على اهل السنة تحت مسمى الوهابية تارة والسلفية تارة أخرى، أو "التكفيريين" كما يحب أن ينعتهم حسن نصرالله، لا يعكس فقط خفايا سياسية وأبعادا طائفية معينة، إنما يعكس حرجاً زمانياً في قبول النقد كرد فعل طبيعي على أشخاص "غير معصومين".
وعلى ذكر نصرالله يجب التأكيد على أن قتال الشيعة لليهود في لبنان ودعم إيران لهم ليس هو من قبيل الحسبة لله تعالى كما هو الحال عند أهل السنة والجماعة، ولكنهم يقاتلون اليهود من باب تعجيل خروج مهديهم من سردابه الذي لا يتحقق إلا بتحرير القدس واندحار اليهود، وقد أكد ذلك حسن نصرالله نفسه، فحقيقة قتالهم وهو ما يعتقده خاصتهم لا عوامهم ليس نصرة لأهل السنة في فلسطين، ولكن ذلك حدث من باب التوافق والتقاء المصالح، كما التقت مصلحة الأميركان مع المجاهدين الأفغان إبان حرب الاحتلال السوفيتي.
وعودة للموضوع الأساسي فإن البذاءة التى صبها رموز الشيعة على الشيخ العريفي تخطت الموضوعي إلى الأخلاقي، فمن وصفه بـ"المتخلف البدوي" إلى وصفه بأنه "أحد رموز التكفير في السعودية"، كل ذلك لأن الرجل إنتقد السيستاني باعتباره غير منزه ولايمتلك مقاماً مقدسا يرتفع عن مقام النبي صلي الله عليه وسلم، الذى لم يتحرك الشيعة لنصرته في كربلاء الرسوم الدنمركية كما تحركوا لنصرة سيدهم المعصوم.
وإن كان لأحد أن يستحي خجلاً فعلى المتهجمين على الشيخ العريفي ومن خلفه أهل السنة أن يتواروا من سوء فعلهم. وليذكر التاريخ أنه بينما كانت قوات الاحتلال الدنماركية تعربد في جنوب العراق، كان المسلمون السُنة وحدهم في جميع انحاء العالم يزلزلون شوارع الكرة الأرضية مطالبين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدنمارك بسبب ما نشرته من رسوم مسيئة لشخص الرسول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم.
في تلك الأثناء كان رئيس وزراء الاحتلال الدنماركي يقوم بجولة تفقدية في جنوب العراق ويلتقي برئيس وزراء حكومة بغداد الطائفية حينها ابراهيم الجعفري ويتبادل معه القبلات، هذا الجعفري هو الذى يقول اليوم أن "الاساءة للسيد السيستاني مخزية ومخجلة ومحاولة لافتعال حرب موهومة بين ابناء الدين الواحد"!
ولم يخرج احد من شيعة العراق يستنكر زيارة رئيس وزراء الاحتلال الدنماركي الى العراق بعد ان رفض ادانة الرسوم المسيئة للرسول! ولم تظهر مقالة واحدة في اي موقع شيعي او رسمي تطالب بطرد رئيس الوزراء الدنماركي! كما لم نسمع بيان او تصريح من السيستاني او من هم دونه يطالبون ذلك الدنماركي بالاعتذار!
ولم نسمع نصرالله يطالب باصدار بيان استنكار لما صدر عن الدنمارك من اساءة متعمدة لشخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم! لم نر لافتات حزب الله تدين ما قامت به الدنمارك، كما لم نر شعارات تقول "اطردوا الدنماركيين من العراق"!
الادهى من ذلك وامر ان رئيس الوزراء الدنماركي في زيارته تلك الى العراق كان قد لمح الى امكانية ان تسحب الدنمارك قواتها "المحتلة" من ارض العراق، الا ان رئيس وزراء العراق الشيعي العلوي سليل الدوحة الحسينية السيد ابراهيم الجعفري الح وترجى انرسون فوغ رئيس وزراء الاحتلال الدنماركي كي يعدل عن قرار سحب قوات بلاده من العراق وان يمدد بقاء تلك القوات الى فترة اخرى!
وإنصافاً للقوم فإن الشيعة الإمامية الإثني عشرية يؤمنون بوحدانية الله، ولكنهم يشركون معه غيره في بعض العبادات كالدعاء والتوسل بقولهم "يا علي، ويا حسين"، ومن شركهم في العبادة ذبحهم ونذرهم لأوليائهم، ويعتقدون العصمة في الأئمة، وأنهم يعلمون الغيب، ولهم في الكون تدبير وتصريف، ناهيك عن أذكارهم في سب الصحابة وأورادهم في لعن أمهات المؤمنين.
هذه هي معتقدات السيستاني وأتباعه الذين قامت قيامتهم على الشيخ العريفي، وتمادت إلى المطالبة بتقديم اعتذار، وهو ما يضعنا في موازنة يتطلبها الموقف: من المحرّم تناول السيستاني ولو بكلمة نقد مهما كانت بسيطة لأن عصمته أعلى من عصمة النبي محمد صلي الله عليه وسلم، بدليل أن طائفته يشددون على أن يقدم منتقده إعتذاراً فورياً، بينما لم يلق سيد البشر صلي الله عليه وسلم ذات المعاملة ولو بالمثل.
ولا يفوتنا أن نذكر بسخاء السيستاني وأياديه البيضاء وأعمال البر والتقوى، فالرجل الذى يجبي اليه الخُمس من دخل أتباعه في العراق، يغترف من خيرات النفط التي يوزعها الاحتلال الأميركي عبر شركاءه في حكومة المالكي، وأقام مؤخراً – بحسب ما نشر على موقعه الرسمي- مجمعا سكنيا للطلاب بنفقة تجاوزت ملايين الدولارات، وحتى لا تفركوا أيديكم ابتهاجاً بصنيع السيستاني ننبه أن المجمع السكني لا يخص فقراء العراق بل طلاب إيران من باب صلة الأرحام!
والخبر نقلاً عن الموقع http://www.sistani.org كالتالي: "يقام مجمٌع آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله) على أرض تبلغ مساحتها حوالي 40 ألف متر مربٌع في احدى المناطق الواقعة وسط مدينة قم المقدسة، ويحتوي هذا المجمٌع على حوالي 320 وحدة سكنية، بعضها بمساحة 115 متراً مربعاً، وبعضها الآخر بمساحة
ولم ينس السيستاني الشعب العراقي الذى أواه ووفر له وباقي المرجعيات الصفوية المأكل والمشرب، فقرر تشكيل "لجنة إغاثة اللاّجئين العراقيين" فبادر إلى تأسيس مركز للإغاثة في مدينة دزفول الإيرانية، يمدّ اللاجئين العراقيّـين في المدن الإيرانية الأخرى بمختلف المتطلّبات. وبحسب موقع السيستاني يغيث المركز أكثر من ستّـين ألف لاجئ عراقي موزعين على 16 مخيّماً سكنيّاً في مدن دزفول، وشوشتر، وشيراز، وكرمانشاه، والأهواز، وسنقر، ومريوان، وأراك، وزنجان، وأزنا.
يعني حينما أراد مرجعيتكم السيستاني أن يتقرب إلى الله بني مجمعاً سكنياً للطلاب ليس في العراق المدمر والمشرد طلابه بل في إيران وبأموال عراقية صرفة، وحينما أراد ذر الرماد في العيون تبرع للعراقيين بأموالهم من أموالهم، ولكنه اشترط أن يكون المسكين المشرد مقيماً في إيران حتى تصرف الأموال وتضخ في إقتصاد أولى القربي الذين هم اولى من العراقيين بالمعروف.
المصدر: ميدل إيست أونلاين