لماذا إيـــران؟

بواسطة زكريا النوايسة قراءة 2219

لماذا إيـــران؟

 

زكريا النوايسة

 

طالما ألح علي هذا السؤال وشكل عندي هاجسا حفزني أن أعيد القراءة مرة تلو المرة عن شكل العلاقة السياسية والثقافية والعقائدية بيننا وبين ايران الجديدة ، وخلال بحثي الدؤوب في مشتركات ومفترقات هذه العلاقة حرصت أن أقف موقفا متوازنا وغير منحاز من البداية، لأصل إلى فهم منصف يمكننا من بناء قناعات متساوقة مع رغبتنا في رؤية الأشياء كما هي، وليس كما نريد. 

 

لا يختلف اثنان على أن ايران ( الاسلامية ) هي نتاج نظرية ولاية الفقيه ، وبالتالي لا يمكن النظر اليها الا انها الحلم المنشود للخميني صاحب هذه النظرية ومبتدعها، وبذلك فإن أي محاولة لفهم ايران بإطارها الحديث بعيدا عن فكر وفلسفة الخميني يعتبر أمرا لا طائل منه .

إن الخميني وخلاف ما ذهب إليه البعض كان أمينا على تراث (مذهبه ) ،ولم يظهر أية اشارة على التجديد وتنقية هذا التراث من شوائبه، كدليل على حسن النية التي يروج لها الكثيرون هذه الأيام ، بل أن كتبه وأراؤه تشف لنا عن رجل تمترس خلف عقائده كما هي منذ قرون، وهو بهذا التمترس نسف أية محاولة للتقريب هذه القضية التي تبناها علماء المسلمين وانخدعوا بها وما زالوا ، في حين أسقطها الخميني وتلاميذه - بلا استثناء - جملة وتفصيلا. ومما يُأسف له أن ايران ومن باب التقية وجدت في هذه الدعوة بوابة لدخول الجسم الاسلامي والعربي ،وتحت غطاء من المشتركات المزعومة في العقيدة والتاريخ استطاعت تفكيك واعادة ترتيب اعضاء هذا الجسم المنهك بما يتوافق مع مصالحها الاستراتيجية.  

أعلم أن البعض ولمجرد طرح هذا السؤال سيرفع صوته محتجا ،وكأن مناقشة هذه العلاقة يشكل مساسا بمقدس لا يجوز الاقتراب من حماه ، وسيحاول كثير ممن يتبنى أهمية بل ضرورة الارتباط بايران ،تعمد قراءة الحاضر ومراجعة التاريخ بكل شواهدة من خلال عين ايران التي طالما زينت لهم غير المقبول من الأمور ليغدو مقبولا ومستساغا ، ولا غرابة في ذلك فماكنة السياسة الايرانية ومنظريها يجيدون التعامل وبامتياز مع العقول العربية المستكينة لهذا النفث الخادع من آيات طهران.

إن من يقف مثل هذا الموقف الغريب عليه ان يدرس الحالتين العراقية واللبنانية وارتباطهما بسعي ايران الحثيث لبناء دولة المذهب الكبرى ، والتوقف عند التأثير الإيراني المتعاظم في مجريات حركة هذين الملفين ، وهل هذا التدخل يصب في اتجاه ايجابي للخروج من المعضلات والتعقيدات التي تثقل كاهل الشعبين؟ ، أم انها ساعدت وحرصت على تأجيج نارالصراع وخلق معادلات معقدة على الارض للحيلولة دون الوصول الى حلول توافقية تمكن أبناء هذين البلدين من العودة الى سابق علاقتهم ،قبل أن تدخل طرفا فاعلا في شأنهم الداخلي؟.

ومن يتمعن في الخارطة السياسية يدرك ان ايران الدولة وايران الأذرع تقوم بذات الدور ، ولن تنطلي علينا حيلة البعض منهم بالتمدد في شراييننا وتوظيف قضايانا لصالح مخططاتهم تحت مبرر الممانعة والمقاومة ،في الوقت ذاته هو من يقوم بضرب المقاومة في مكان آخر ،وفي كلتا الحالتين تبرز المصلحة العليا لدولة المذهب الكبرى، فهل مقاومة الاحتلال في العراق غير مبررة ؟ حتى يقوم حزب الله ذراع ايران في لبنان بتدريب عناصرالحكيم ومقتدى الصدر ، تلك العناصر التي تكفلت نيابة عن المحتل بضرب مقاومة هذا البلد الجريح ،لوأدها في مهدها مقابل ثمن تعرفه ايران جيدا.

ليس عسيرا علينا وعلى أولئك الذي يتحصنون وراء كثير من الحجج والتبريرات من فهم شكل وطبيعة هذه العلاقة ،التي تربط إيران بقضايانا العربية والإسلامية ،وليس صعبا كذلك إثبات ان هذه العلاقة مؤسسة على التراث العقدي للمذهب ،وهي مرحلة جديدة منسدلة من قائمة طويلة تظهرها لنا الشواهد التاريخية وتبين لنا عن كيفية تعاطي ( المذهب ) الشيعي وعبر مراحل زمنية عديدة مع واقع الأمة ، مشيرا الى بعض منها للإستدلال ولدحض الحجة التي تقول ان ايران التي بُنيت على هذا التراث ستكون في طليعة الذين يسعون الى التحرير ورسم وجه الأمة من جديد، اضافة الى اشارات بسيطة لتلمس الكيفية التي كان يفكر الخميني وهل الرجل انطلق من أفق منفتح  بعيدا عن هذا التراث المؤسس لفكره وفلسفته؟.

 

 ( الشواهد )

 

( كيف ينظر الخميني للرسول صلى الله عليه وسلم؟ )

 

(وواضح أن النبي لو كان قد بلغ بأمر الإمامة طبقا لما أمر به الله وبذل المساعي في هذا المجال لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الاختلافات والمشاحنات والمعارك ولما ظهر ثمة خلافات في أصول الدين وفروعه )) كتاب الخميني      ( كشف الأسرار ص 155)

 

( هل يؤمن الخميني بإله واحد بعد أن أله فاطمة رضي الله عنها؟ )

"لم تكن الزهراء امرأة عادية. كانت امرأة روحانية.. امرأة ملكوتية.. كانت إنساناً بتمام معنى الكلمة.. نسخة إنسانية متكاملة.. إمرأة حقيقية كاملة.. حقيقة الإنسان الكامل. لم تكن امرأة عادية؛ بل هي كائن ملكوتي تجلى في الوجود بصورة إنسان.. بل كائن إلهي جبروتي ظهر على هيئة امرأة " مكانة المرأة في فكر الامام الخميني : ص 23 ، عن خطاب له بتاريخ 16 / 5 / 1979م .

 

( الشواهد مستفيضة بتعريف النواصب على أنهم أهل السنة )

يقول الخميني: "ويعتبر في المتصدق عليه في الصدقة المندوبة الفقر لا الإيمان والإسلام، فتجوز على الغني الذمي والمخالف إن كان أجنبيين نعم، ولا تجوز على الناصب ولا على الحربي وإن كان قريبين" /الخميني، كتاب تحرير الوسيلة (1/91).

 

( هذه نظرتهم للناس )

 

خيانة علي بن يقطين التي نقلها رواة الشيعة أنفسهم، كالعالم الشيعي الملقب بصدر الحكماء ورئيس العلماء نعمة الله الجزائري في كتابه المعروف (الأنوار النعمانية 2/308 طبع تبريز إيران)، ومحسن المعلم في كتابه "النصب والنواصب ص622 ط دار  الهادي / بيروت" ونصها: "وفي الروايات أن علي بن يقطين وهو وزير هارون الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين، وكان من خواص الشيعة، فأمر غلمانه وهدموا سقف الحبس على المحبوسين فماتوا كلهم وكانوا خمسمائة رجل تقريبًا، فأرادوا الخلاص من تبعات دمائهم فأرسل إلى الإمام مولانا الكاظم فكتب عليه السلام إلى جواب كتابه، بأنك لو كنت تقدمت إلى قبل قتلهم لما كان عليك شيء من دمائهم، وحيث إنك لم تتقدم إليَّ فَكَفِر عن كل رجل قتلته منهم بتيس والتيس خير منه.

 

( هذا شأنهم دائما )

 

دخل التتار حلب وقتلوا منها خلقًا كثيرًا، وسلبوا ونهبوا وسبوا كتب الملك الناصر صاحب حلب إلى الملك المغيث صاحب الكرك وإلى الملك المظفر قطز في مصر يطلب منهما نجدة وكانت نفسه قد ضعفت وخارت، وعظم خوف العساكر من هولاكو، ، فقال الأمير الشيعي زين الدين الحافظي يعظم شأن هولاكو، ويشير بعدم القتال ووجوب الدخول في طاعة هولاكو، فصاح به الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري وضربه وسبه وقال: أنتم سبب هلاك المسلمين)./  أحمد بن علي المقريزي/ السلوك لمعرفة دولة الملوك (1/419) ط لجنة التأليف والترجمة والنشر الطبعة الثانية 1957م تحقيق محمد مصطفى زيادة .  

 

( لنقارن بين السقوط الأول والسقوط الثاني لبغداد )

 

قال ابن كثير رحمه الله: "الخواجا نصير الدين الطوسي وزر لأصحاب قلاع الألموت من الإسماعيلية، ثم وزر لهولاكو، وكان معه في واقعة بغداد"./ البداية والنهاية (13/267)

 

( انظروا على من يترضى الخميني)

 

وقد امتدح الخميني نصر الدين الطوسي وبارك خيانته هذه واعتبرها نصرًا حقيقيًّا للإسلام، قال في كتابه الحكومة الإسلامية:"..وإذا كانت ظروف التقية تلزم أحدًا منا بالدخول في ركب السلاطين فهنا يجب الامتناع عن ذلك حتى لو أدى الامتناع إلى قتله إلا أن يكون في دخوله الشكلي نصر حقيقي للإسلام والمسلمين مثل دخول علي بن يقطين، ونصير الدين الطوسي رحمهما الله"/ الخميني: الحكومة الإسلامية (ص142) ط الرابعة.

 

( الخميني والطوسي)

 

ويشعر الناس بالخسارة .. بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأضرابه ممَّن قدَّم خدمات جليلة للإسلام ›/ الحكومة الإسلامية ص128 .

      

( الخميني يساوي نفسه بالأنبياء )

 

أنَّ الفقيه الشيعي بمنزلة موسى وهارون عليهما السلام/ الحكومة الإسلامية ص95 . 

 

( الخميني واحترام الرسل )

 

" إن الإمام المهدي (ع) سيعمل على نشر العدالة في جميع أنحاء العالم وسينجح فيما فشل في تحقيقه الأنبياء والأولياء بسبب العراقيل التي كانت في طريقهم وإن السبب الذي أطال الله سبحانه وتعالى من أجله عمر الإمام المهدي (ع) هو أنه لم يكن بين البشرية من يستطيع القيام  بمثل هذا العمل الكبير حتى الأنبياء والأولياء وأجداد الإمام المهدي عليه السلام لم ينجحوا في تحقيق ما جاؤوا من أجله ولو كان الإمام المهدى عليه السلام التحق بجوار ربه لما كان هناك أحد بين البشر لإرساء العدالة وتنفيذها في العالم "./ من خطبة للخميني بمناسبة عيد مولد الغائب في الخامس عشر من شعبان عام 1400هـ.  

 

( التقية في دم الخميني )

 

إن الأنبياء لم يفضلهم الله على بقية خلقه إلا بتقيتهم للناس › / المكاسب المحرمة للخميني ج2 / 163   

 

( نسف التاريخ الاسلامي )

 

" قال الخميني : إنَّ البكاء على سيِّد الشهداء ، وإقامة المجالس الحسينية ،هي التي حفظت الإسلام من أربعة عشر قرناً ›/ جريدة اطلاعات الإيرانية في 16/8/1399هـ .  

 

( هل يؤمن الخميني بإله واحد )

 

فإنَّ للإمام مقاماً محموداً , ودرجة سامية , وخلافة تكوينية , تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون/ الحكومة الإسلامية ص52 .   

    

( هكذا ينظر الخميني للتقية )

 

"إنَّ تركها من الموبقات التي تُلقي صاحبها قعر جهنم , وهي توازي جحد النبوة , والكفر بالله العظيم"./ المكاسب المحرمة للخميني ج2/162

 



مقالات ذات صلة