موجة احتجاجات جديدة تضرب الشارع الإيراني، وتهز عرش المرشد علي خامنئي، وسط عمليات قمع، واستهداف للمتظاهرين، وقطع لخطوط الإنترنت، وعزل المدن وتحويلها إلى جزر متقطعة، فيما أطلق عليها تظاهرات «البنزين»، إذ نزل المواطنون إلى الشارع؛ احتجاجًا على رفع حكومة «روحاني» أسعار البنزين بنسبة 300% ليعيد للأذهان تظاهرات نهاية ديسمبر 2017.
وذكرت وسائل إعلام معارضة، وكذلك مقاطع فيديو تداولها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، السبت 16 نوفمبر 2019، خروج مئات الآلاف في مناطق كثيرة من المدن الإيرانية المختلفة، بين الوسط والشمال والجنوب وشرق وغرب إيران.
ويمكن القول إن خريطة الاحتجاجات الآن توزعت على كامل التراب الإيراني في كل من طهران، وسنندج، وبهبهان، وتبريز، وكرمسار، وكرج، ونيسابور، وكرمانشاه، وإيلام، وأصفهان، وشيراز، وأورومية، ويزد، وسربل ذهاب، وجرجان، وبوشهر ورودهن، وسقز، والأحواز، وأذربيجان الغربية وأذربيجان الشرقية، وسيستان وبولشيستان، وكرمنشاه، وغيرها من المدن الإيرانية، بما يشكل التظاهرات الأبرز منذ سبعينيات القرن الماضي.
وقال «راديو زمانه» التابع لمنظمة مجاهدي خلق المعارضة في تقرير له: إن عشرات المدن انضمت إلى التظاهرات، واحتج المواطنون بإغلاق الطرق والشوارع، وحرق الإطارات، وفي المقابل، أُطلقت الشرطة النيران على المحتجين في «بوشهر»، وأُطلق الغاز المسيل للدموع في «كرمانشاه»، وأكد حاكم ولاية سرجان مقتل شخص واحد.
وقال الراديو إن عشرات المدن الإيرانية خرجت وسط أعمال عنف، وقمع من قبل قوات الأمن، لافتًا إلى أن الشعارات كانت واحدة «الموت للديكتاتور.. رجال الدين كاذبون.. روحاني كاذب».
"مجاهدي خلق" تدعو لإسقاط النظام
ووجهت زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي تحياتها للمتظاهرين، قائلة عبر «تويتر»: «تحية للمواطنين الغيارى في مدن مشهد وشيراز وكرج وسيرجان والأحواز، ومدن أخرى من محافظة خوزستان (الأحواز) الذين انتفضوا للاحتجاج على زيادة سعر البنزين من قبل نظام الملالي الفاسد، وهم يهتفون الموت للدكتاتور، والموت لروحاني، وأدعو جميع الشباب إلى القيام بدعم المتظاهرين».
النظام يكرر الأخطاء
من جانبه، اعتبر الكاتب الصحفي والناشط طه الياسين الأحوازي، في تصريح لـ«المرجع» أن ما يشهده الشارع الإيراني من حراك ضد نظام المرشد يشكل بداية النهاية للنظام الطائفي العنصري، ونهاية للإرهاب والميليشيات الإيرانية في الدول العربية.
وقال: إن عشرات المدن الإيرانية خرجت للتظاهر لتتوهج شرارة الثورة المشتعلة تحت الرماد منذ تظاهرات ديسمبر 2017، والتي هزت نظام «خامنئي»، ولم يفهم وقتها الرسالة جيدًا.
وأوضح أن هناك مواجهات قوية وعنيفة بين أمن خامنئي وبين المتظاهرين الإيرانيين في تبريز -عاصمة مُحافظة أذربيجان الشرقيَّة- والتي تعد معقل قومية الأذر، مطالبين القوات الأمنية بالانضمام إليهم، لكن القوات واجهتهم بالقمع.
ولفت الناشط الأحوازي إلى توسع رقعة الاحتجاجات في إيران، والتي وصلت إلى مدينة «بو شهر»، مضيفا أن كردستان إيران انضمت إلى المدن الثائرة لإسقاط نظام خامنئي، وكذلك انضمت مدينة جابهار البلوشية بجنوب إيران للمظاهرات ضد نظام خامنئي.
وعلى نفس الصعيد، يقول فراس إلياس، الباحث المختص في الشؤون الإيرانية، لــ«المرجع»: إن طهران والعديد من المدن الإيرانية الأخرى تشهد عمليات قطع للإنترنت، واستخدام الغازات المسيلة للدموع وقنابل الدخان وقطع للطرق، ونزول قوات مكافحة الشغب والباسيج إلى الشوارع.
وأضافت: «نظام الملالي وبرفع سعر البنزين بنسبة ثلاثة أضعاف، يستبب في جعل الكادحين أكثر فقرًا، بينما مفاصل اقتصاد البلاد في قبضة خامنئي وروحاني ومختلسي آلاف المليارات في حواشيهم، هؤلاء ينهبون ثروات الشعب ويبددونها في إشعال الحروب والمشاريع النووية والصاروخية اللاوطنية خدمة لغصب السلطة الشعبية».
وتابعت: «أدعو جميع الشباب في خوزستان ومحافظات أخرى الانضمام إلى صفوف المحتجين، هذا هو الطريق الوحيد للخلاص من الغلاء والفقر والتضخم والكوارث التي جلبها نظام الملالي».
وحذرت «رجوي» من استخدام «نظام خامنئي» للعنف قائلة: «القوات القمعية وخوفًا من الاحتجاجات الشعبية تم وضعها في حالة التأهب القصوى، وطالما هذا النظام قائم على السلطة فإن الغلاء والتضخم والبطالة وغيرها من الكوارث الاقتصادية والاجتماعية تتفاقم».
وانتقد كل من رضا بهلوي، نجل شاه إيران الراحل ووالدته فرح ديبا، عبر حسابهما على «تويتر»، نظام المرشد علي خامنئي، على خلفية الاحتجاجات المتصاعدة، وعلّقت «فرح ديبا» قائلة: «من حق الإيرانيين الاحتجاج على القرارات العاصفة بأحوالهم المعيشية».
فيما قال رضا بهلوي، الذي أطاحت الثورة الإيرانية بحكم والده العام 1979: «النظام الذي وعد المواطنين بمجانية الماء والكهرباء أنفق النفط على مؤيديه من غير الإيرانيين، وجعل الفقر والمعاناة مجانًا للإيرانيين»، مضيفا «الحل الوحيد هو إسقاط هذه الزمرة الفاسدة التي تعمل ضد إيران.. ويكفي أن نكون مؤمنين بقوتنا لنفعل ذلك».
المصدر : المرجع
19/3/1441
16/11/2018