البراءة ممن يا إيرانيون ؟!

بواسطة شريف عبد العزيز قراءة 609

البراءة ممن يا إيرانيون ؟!

 

شريف عبد العزيز

shabdaziz@hotmail.com

 

ما الضير في السماح بمثل هذه المظاهرات ؟ وما المانع الشرعي لها ؟ ولماذا سمحتم بها من قبل ثم تمنعوها الآن ؟ أليست أمريكا وإسرائيل ألد أعداء الأمة ؟ أسئلة كثيرة تتردد هذه الأيام بعد العاصفة الإعلامية الكبيرة التي قامت بها إيران وكتيبة التقريب الموالية لها من أصحاب الأقلام المفتونة والمسكونة بالمبادئ الثورية للخوميني ، التي اتهمت فيها وسائل الإعلام الإيرانية الحكومة السعودية بمنع مظاهرات البراءة التي ينوي الحجاج الإيرانيون القيام بها في موسم الحج هذا العام ، والتي أخذت طابع التحدي والإصرار هذا العام ، وذلك لأسباب سياسية داخلية بسبب المشاكل الكثيرة التي تعرض لها نظام ولاية الفقيه ومكانة المرشد خامنئي و التي أصبحت علي المحك منذ تزوير الإنتخابات لصالح أحمدي نجاد .

تسيس الحج أم تشييعه

إيران حاولت منذ اللحظة الأولي لاشتعال الموقف إظهار الأمر في إطاره السياسي فقط ، وحصر السعودية في خانة المدافع والموالي للغرب الذي يرفض السماح بالهجوم ولو دعائياً علي حلفائه الأمريكان وغيرهم ، وللآسف انطلت المكيدة علي الكثيرين ممن تصدي للكلام عن هذا الموضوع ، وأخذ يتحدث عن خطورة تسيس فريضة الحج ، وإقحام الخلافات السياسية في الشعائر الدينية ، وسري الكلام في الجهة التي أحب الإيرانيون أن يكون فيها ، ولكن الأمر ربما يكون أخطر من ذلك ، ويخرج من إطاره السياسي المليئ بالحسابات المتشابكة والمصالح المتداخلة ، يخرج لإطاره العقدي الذي مهما حاولت إيران أن تظهر خلافه فإن طائفيتها الضيقة وعقيدتها الخاصة تدفعها دائما نحو الإنحياز نحو مبادئ الثورة الخومينية والقواعد الستة العشر التي وضعها الخومينى لنشر الفكر الثوري الشيعي لدول الجوار ، فالموضوع ليس تسيس الحج بل تشييعه .

الشيعة وتغيير أصل الدين

التوحيد هو أصل الدين ودعوة الرسل أجمعين ، ومعناه معروف لجميع المسلمين ، والخطورة الكبري في محاولة الشيعة وخصوصاً الإيرانيين منهم تغيير هذا الأصل الثابت وذلك من خلال ما يطلقون عليه مظاهرة البراءة من المشركين ، فالتوحيد عند الشيعة وفي مصادرهم وكتبهم ومراجعهم الأصلية مثل الكافي ، والتهذيب ، والاستبصار ، وومن لا يحضره الفقيه ، ومراجعهم المعاصرة مثل الوافي ، وبحار الأنوار ، والوسائل ، وومستدرك الوسائل ، هذه المصادر والمراجع كلها قديمها وحديثها تعرف التوحيد بالولاية التي هي قطب الدين الأعظم في دين الروافض ، وهذا يعني أن التوحيد معناه ولاية آل البيت من نسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وقصر الإمامة في ذريته رضي الله عنهم ، وبالتالي يكون الشرك في دين الروافض يعنى ولاية أبي بكر وعمر وعثمان وكل حكام المسلمين من لدن الصحب الكرام رضوان الله عليهم حتى وقتنا الحاضر ، وهم يؤولون كل الآيات والآحاديث الواردة بالنهي عن الشرك بأنها الشرك بولاية علي رضي الله عنه ، فهم مثلاً يروون عن الباقر في تفسيره لقوله عز وجل [ لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ] أنه قال : لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية علي عليه السلام ، ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين [ التفسير الصافي 2/ 472 ، تفسير نور الثقلين 4 / 498]، وينقلون عنه أيضا في تفسيره لقوله عز وجل [ فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بعبادة ربه أحدا ] أنه قال : العمل الصالح معرفة الأئمة ، و لا يشرك بعبادة ربه أحدا تعني لا يتخذ مع ولاية آل محمد صلوات الله عليهم غيرهم . [ تفسير العياشي 2 / 353 ، تفسير البرهان 2 / 497 ، تفسير الصافي 2 / 36 ، تفسير نور الثقلين 3 / 317 ، ويروون أيضا عنه في تفسير [ أنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ] أنه قال : يعنى أئمة دون أئمة آل البيت ، تفسير الصافي 1 / 571 ، أما أوضح أقوالهم ففي تفسيرهم لقوله عز وجل [ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لم يشاء ] قول جابر الجعفي : يعني أنه لا يغفر لمن يكفر بولاية علي ، أما قوله ويغفر ما دون ذلك لم يشاء يعني لمن والي علياً عليه السلام ، تفسير العياشي 1 / 245 ، الصافي 1/ 361 ، البرهان 1 / 375 ، نور الثقلين 1/ 488

ــ ولربما يجادل البعض فيقول أن هذه النصوص مشكوك فيها وإيران الآن تسعي للوحدة والتنسيق مع دول الجوار من أجل التصدي للهيمنة الأمريكية في المنطقة ، فنرد علي هؤلاء بقول الخوميني نفسه في كتابه الشهير [ الحكومة الإسلامية ] الذي بمثابة الدستور الذي لا تحيد عنه الحكومة الإيرانية ما نصه : توجد نصوص كثيرة تصف كل نظام ليس إسلامي ونعني بذلك غير شيعي بأنه شرك والحاكم أو السلطة فيه طاغوت ، ونحن مسئولون عن إزالة آثار الشرك من مجتمعاتنا المسلمة ونبعدها تماماً من حياتنا ، ص 33 ـ 34 ، لذلك نجد أن الخوميني هو أول من ابتدع فكرة مظاهرة البراءة من المشركين وهو ينوي بذلك نشر التشيع في بلاد الحرمين وتصدير مبادئ الثورة الجعفرية في أعظم موطن لاجتماع المسلمين من كل حدب وصوب ، وخطيب الجمعة في طهران أحمد خاتمي في ثنايا هجومه الشرس علي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ يفلت لسانه بما يحاول هو وغيره من الروافض أن يخفوه فيقول : البراءة من المشركين في عقيدتنا ، وقديماً كان المشركون يعبدون الأصنام والآن المشركون يعبدون أمريكا ونحن نبرأ من أمريكا ويعبدها ويتبعها ، كأنه يريد أن يقول عن من يمنع المظاهرة أنه من المشركين الذين يعبدون أمريكا ، وهي يعني جماهير المسلمين وحكامهم في كل مكان .

ــ ويبقي أن الإصرار الإيراني علي تشييع موسم الحج والإدعاء بالبراءة من المشركين سيكون صدمة الإفاقة للعالم الإسلامي الذي بدأ يفيق من سكرة الشعارات الجوفاء للآلة الإعلامية الإيرانية وذيولها في المنطقة ، فمهما كانت الخلافات الجانبية بين الدول العربية والإسلامية فلن يسمح زعماء المسلمين لأنفسهم ولا لرعاياهم أن يجعلوا موسم الحج مضماراً للتناحر والتدابر والتراشق القولي والعملي ، والمتابع لوسائل الإعلام في الأيام الفائتة علي اختلاف توجهاتها ـ إذ استثنينا أبواق إيران والمفتونين بها وهم قلة ــ يري أن إصرار إيران علي إشعال موسم الحج يضر كثيراً بوضع إيران وعلاقتها مع العالم الإسلامي كله .

ـ ومن المرجح أن إيران لن تتراجع عن موقفها في ظل تصاعد لهجة الخطاب الإيراني ودخول التهديدات الإيرانية حيز التنفيذ الفعلي بتحريك الحوثيين من اليمن ليغيروا علي جنوب السعودية ويضغطوا علي المملكة ، ولتبرهن إيران علي ذراعها الطويل الذي يطال خصومها ، كما لا يخفي علي كثير من المحللين والمراقبين أن غالبية الحجاج الإيرانيين سيكون من كوادر الحرس الثوري والباسيج المتخصصين في أعمال الشغب وإثارة القلاقل ، ولذا فإن الحل الأمثل في مواجهة هذه التهديدات هو منع الحجاج الإيرانيين من القدوم أساساً لأنهم لن يرتدعوا عما يخططون له من شغب وهيجان ، ولن تمتعهم القوانين أو الإجراءات الوقائية ، لذلك فالمنع هو الحل ، فالهدف هو تشييع الحج وليس تسيسه .

 



مقالات ذات صلة