البهائية والاستعمار والصهيونية: علاقة حميمة منذ الولادة
مجلة الوعي الإسلامي ـ العدد 491، السنة (43) ـ رجب 1427هـ ـ أغسطس 2006م.
بقلم: محمد علي الخطيب
في ظل حمى المطالبة بالحريات وحقوق الإنسان في العالم الإسلامي أطلت البهائية والقاديانية وغيرهما من الفرق الباطنية برأسها من جديد.
وقد ظفر «البهائيون» في مصر، وهم شرذمة قليلون، بحكم صدر عن محكمة القضاء الإداري، بتاريخ 6/4/2006م، يتضمن الاعتراف الرسمي بديانتهم، وإثباتها في أوراقهم الرسمية وبطاقات الهوية وشهادات الميلاد.
الجدير بالذكر أنه سبق أن صدرت عن لجنة الفتوى بالأزهر فتوى في عام 2003م، تحظر أي ديانة أخرى غير الإسلام والمسيحية واليهودية، كما صدر في مصر في الستينيات قرار جمهوري رقم 263 لسنة 1960م بحل محفلهم وتحريم نشاطهم.
وقد رفض علماء الأزهر قرار محكمة القضاء الإداري، وأكدوا أنه يثمل انتكاسة قضائية يجب التراجع عنها فورًا، لأن الإسلام لا يعترف بالبهائية، وهي دين مصنوع ضد الفطرة البشرية ولهدم الأديان والأوطان.
ما حقيقة البهائية؟ وكيف ظهرت؟ وإلام تدعو؟ وما علاقتها بالاستعمار والصهيونية؟ هذا المقال الذي بين أيدينا يسلط الضوء على هذه الطائفة ودينها.
واحدة من الحركات الهدامة والديانات المنحرفة والتي تعاونت منذ بداياتها مع القوة الاستعمارية وعلى رأسها الصهيونية.. إنها البهائية خرجت من رحم البابية سنة 1260هـ، وكلتاهما نبعتا من المذهب الباطني الشيخي، تحت رعاية وصناعة الجاسوسية الروسية والقوى الاستعمارية ومباركة اليهودية العالمية، بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتفكيك وحدة المسلمين وشق صفوفهم، وصرفهم عن قضاياهم الأساسية، فالبهاء من رحم الباب خرج وعاث في الأرض فسادًا، وكلاهم حملا وزر هذه النحلة الشاذة الخارجة على الإسلام بل وعن سائر الديانات السماوية الأخرى.
والبهائية ديانة مخترعة وطريقة مبتدعة، وحركة هدامة للأديان، استغلها الاستعمار لصالحه، وتلتقي مع الماسونية في هدفها من سلخ الناس عن أديانهم عن طريق شعارات خداعة كخدمة الإنسانية وتحقيق الإخاء والعدالة، ادعى مؤسسها النبوة، وإبطال الجهاد، وهو بغية المراد، للتمكين للمحتل في البلاد، وزعم ـ أخزاه الله ـ أن شريعة الإسلام قد نسخت بمبعثه.
مؤسسها:
الميرزا «حسين علي بن عباس بزرك» الملقب بـ«البهاء» ولد في قرية «نور» بنواحي «مازندران» بإيران، سنة 1233هـ.
ينتمي إلى أسرة يعمل أبناؤها بالمناصب المهمة في المصالح والوزارات الحكومية، وكان أبوه موظفًا كبيرًا في وزارة المالية، وأخوه الأكبر كاتبًا في السفارة الروسية، وزوج أخته الميرزا مجيد سكرتيرًا للوزير الروسي في طهران، ونلاحظ أن أسرة حسين على علاقة وطيدة بالروس والإنجليز، وقد لعبت القوى الاستعمارية دورًا كبيرًا في تقوية الدعوات المنحرفة والأفكار الضالة في سبيل سلخ الشعوب عن معتقداتها، وتوهين سر قوتها، وزرع القابلية للاستعمار فيها.
أشرب قلبه الفلسفة وأوتي الجدل
لم يتلق «حسين علي» تعليمه في مدرسة أو معهد، وإنما عهد به أبوه إلى من يعلمه تعليمًا خاصًا، ثم اعتمد على نفسه في المطالعة والقراءة، فقرأ بنهم كتب الصوفية والباطنية والفلسفة والأديان الوضعية كالبرهمية والبوذية والزرادشتية، فأشرب قلبه كثيرًا من تصوراتها وأفكارها، وشغف بقراءة كتب فرقة الإسماعيلية، وأوتي الجدل:
نبذة تاريخية عن البابية ووليدتها البهائية
البابية نحلة ظهرت في القرن التاسع عشر الميلادي ببلاد فارس، منسوبة على «الميرزا» علي بن محمد رضا الشيرازي، الذي ادعى أنه باب الله أي الواسطة الموصلة إلى الحقيقة الإلهية، وروج له الروس على أنه هو المهدي المنتظر، ثم وصل به الحال إلى ادعاء النبوة والرسالة مستغلاً فساد نظام الحكم، وجهل الناس بأحكام الإسلام، والتف حوله الأتباع والدعاة من غلاة الباطنية، وكان «حسين علي» من أبرزهم.
وبدأت البابية دعوتها سرًا، غير إن أمرها شاع، فقبضت السلطات في إيران على زعيمها «الباب»، وأعدمته استجابة لآراء العلماء والفقهاء الذين أفتوا بردته عن الإسلام، أما «البهاء حسين» وأخوه «صبح الأزل» الذي تولى زعامة البابية بوصية من الباب نفسه، فقد تم نفيهما إلى بغداد، ليصبح «البهاء حسين» وكيلاً عن أخيه يحيى صبح الأزل ونائبًا عنه في تصريف أمور البابية، لكنه بدأ في تنفيذ خطة للاستقلال بالزعامة، انتهت بحجب أخيه عن الناس، والاستئثار بالأمر دونه.
ثم نفي «البهاء حسين» وأخوه «صبح الأزل» ثانيًا من بغداد إلى أدرنة في إبريل 1863م، ومكثا هناك نحو أربع سنوات ونصف، وطد البهاء خلالها علاقاته بيهود أدرنة بسالونيك، ونشط ببث دعوته بين عالمة، وزعم أنه هو الوريث الحقيقي للباب علي محمد الشيرازي، فالتف حوله أتباعه، وسموا بالبهائية، على حين بقيت مجموعة أخرى تتبع أخاه فسميت بالأزلية أو البابية، وأدى هذا بطبيعة الحال إلى احتدام الصراع بين الإخوة، وتنافسا المناصب والألقاب، حتى حاول البهاء قتل أخيه أزل، والفتك بأتباعه فتكًا ذريعًا.
من أرض السر في سالونيك على عكا أرض التأسيس
ولما أدركت الدولة العثمانية خطرهما قررت نفيهما، فنفت «يحيى صبح الأزل» إلى قبرص، ومات ودفن بها بعد أن أوصى بالخلافة لابنه الذي انفض من حوله الأتباع بعد أن تنصر، وانتقل في الضلال من ركن إلى ركن، في حين نفت «البهاء حسين» ومعه بعض أتباعه على عكا سنة (1285هـ ـ 1868م) حيث لقي حفاوة بالغة من اليهود الذين أحاطوه بالرعاية، وأضحت عكا منذ ذلك التاريخ مقرًا دائمًا للبهائية ومكانًا مقدسًا لهم.
البهاء يؤسس في عكا بمؤازرة اليهود
أغدق اليهود على البهاء الأموال، وأحاطوه بالرعاية الحماية، وسهلوا له الحركة فاستغل الفرصة في نشر دعوته وكسب الأنصار والأتباع، وأبطل شرعية الباب، وزعم أن الباب لم يكن إلا نبيًا مهمته التبشير بظهوره، ثم أصيب البهاء في آخر حياته بمرض عضال، فاضطر ابنه «عباس عبد البهاء» إلى حبسه حتى لا يراه الناس، وتحدث باسمه إلى أن هلك في (الثاني من ذي القعدة 1309هـ ـ 1892م) وخلفه ابنه عباس في رئاسة البهائية.
أهم عقائد البهائية وطقوسها وشعائرها
خليط غير متجانس من أديان ونحل وآراء فلسفية مختلفة يلفها الغموض والتعقيد، أخرجها «البهاء» في قالب غريب يثير الضحك ولغة ركيكة سماه «الكتاب الأقدس»، وسماه وحيًا، وصدق: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}[الأنعام:121].
ومن أبرز عقائدهم وطقوسهم:
1ـ الحلول والاتحاد، فقد ادعى «الباب» أن الله سبحانه وتعالى بعد ظهوره في الأئمة الاثني عشر ظهر في شخص «أحمد الإحسائي» الذي كانت له مكانة في محافل العلم بكربلاء والنجف وإيران، واتهم بتأليه علي رضي الله عنه، وكان ينكر البعث بالأجساد، ويسمي أتباعه «الشيخية»، ثم ظهر الله ـ سبحانه وتعالى عما يقولونه علوًا كبيرًا ـ في «كاظم الرشتي»، ثم ظهر في شخصه، وكذلك ادعى «بهاء الله» الألوهية بعد ادعائه النبوة وقبل ذلك ادعى أنه المهدي، وهذا التطور في دعواه يظهر كذبه.
2ـ القول بقدم العالم، بمعنى أن عالم صدر عن الله صدور المعلول عن العلة، كما يقول بعض فلاسفة الدرهيين القدامى.
3ـ إنكار البعث، وهم يؤولون يوم القيامة بأنه ظهور البهاء كما ينكرون الجنة والنار ويعتقدون أن الثواب والعقاب إنما يكونان للأرواح فقط.
4ـ إنكار معجزات الأنبياء وحقيقة الملائكة والجن.
5ـ ادعاء الوحي، ووضع كتب لمعارضة القرآن، زاعمين أنها أفضل منه، من مثل الكتاب المقدس للبهاء نفسه يضاهي به كتاب الله، ويتصف بالركاكة والضحالة والعبث، ويدعو إلى السخرية.
6ـ يزعمون أن دين الباب ناسخ لشريعة محمد r، وينكرون ختم النبوة بمحمد r ومعنى «خاتم النبوة» عندهم خيرهم.
7ـ الإسراف في تأويل القرآن شأنهم في ذلك شأن الباطنية لترويج بدعتهم.
8ـ تقديس عدد «19»، لأنه حاصل من جمع كلمة «واحد» أو كلمة «وجود»، وهو حساب يهودي، والسنة عندهم 19 شهرًا، وكل شهر 19 يومًان مخالفين السنة الكونية والشرعية المتمثلة في قوله سبحانه: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}[التوبة:36].
10ـ عباداتهم: «الصلاة عند البهائيين تسع ركعات ثلاث مرات، والوضوء بماء الورد وإن لم يجد، فالبسملة: بسم الله الأطهر الأطهر خمس مرات، وقبلتهم وحجهم إلى البهجة بعكا بفلسطين حيث البهاء المقبور هناك، ويقولن بإبطال الحج إلى بيت الله، بل التوصية بهدمه عند ظهور المقتدر من أتباعهم، ولا يجيزون الصلاة جماعة إلا في صلاة الجنازة.
11ـ توحيد الأديان، وهي من أبرز أفكار الماسونية العالمية، وهم يرون ضرورة توحيد جميع الأديان في دين واحد هو البهائية، وقد صرح بذلك «عباس» فقال: «إنه يريد أن يوحد بين المسلمين والنصارى واليهود، ويجمعهم على أصول ونواميس موسى ـ عليه السلام ـ الذي يؤمنون به جميعًا «كتاب عبد البهاء والبهائية ص87، 93» أليست هذه البدعة هي اليهودية نفسها لبست لبوس البهائية، وألصقت نفسها بالإسلام، لهدمه؟
12ـ هدم الأوطان واللغات القومية: وعلى غرار توحيد الأديان أيضًا إلغاء فكرة الأوطان تحت دعوى فكرة الوطن العام، والدعوة إلى وحدة اللغة التي لم تكن إلا وسيلة خادعة لفصل الأمم عن تراثها وتاريخها وحضارتها، وإلغاء شخصيتها، والقضاء على مقوماتها، وبخاصة الأمة الإسلامية حتى يسهل على المستعمرين إخضاعها والسيطرة عليها، كتلك التي تسمى اليوم بالعولمة وفرض الثقافة المادية والقيم الغربية على شعوب العالم!
13ـ إسقاط تشريع الجهاد وتحريم حمل السلاح وإشهاره ضد الأعداء خدمة للمصالح الاستعمارية، ودعوتهم هذه قضاء على الأمة الإسلامية، وقتل لروح الكفاح والمقاومة فيها، ودعوة إلى الذل والاستسلام للمستعمرين والغاصبين، وهو من أهم الأغراض التي صنعت لها هذه الفرق المنحرفة كالبهائية والقاديانية.
ولسنا بحاجة إلى نقد هذه المبادئ، لتفاهتها، ولأن بطلانها ظاهر لا ريب فيه، فالبهائية ـ كما ترى ـ دين مخترع ملفق يحتوي على أخلاط وأوهام وهلوسات نفسية، وأفكار ومبادئ أريد بها خدمة المستعمرين والتمكين لهم كما أسلفت.
الأزهر يحكم بردة البهائيين:
هذا وقد أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر فتوى في شهر ديسمبر من عام 2003م، تعلن أن «الإسلام لا يقر أي ديانة أخرى غير ما أمرنا القرآن باحترامه، فلا ينبغي، بل يمتنع أن تكون في مصر ديانة غير الإسلام والمسيحية واليهودية؛ لأن كل ديانة أخرى غير مشروعة ومخالفة للنظام العالم».
ووصفت الفتوى المذهب البهائي بأنه وأمثاله «من نوعيات الأوبئة الفكرية الفتاكة التي يجب أن تجند الدولة كل إمكاناتها لمكافحته والقضاء عليه».
واستند المجمع في فتواه إلى فتاوى سابقة لكبار علماء الأزهر وعلى رأسهم الشيخ جاد الحق علي جاد الحق وفتوى الشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق التي تؤكد أن من يعتنق البهائية «مرتد عن الإسلام وذلك لفساد عقيدته وخروجها على ما هو معلوم من الدين بالضرورة"، ووصفت الفتوى الجديدة البهائية بأنها "مذهب هدام».
علاقة البهائية بالصهيونية والاستعمار:
إن علاقة البهائية بقوى الاستعمار ـ كما أسلفت ـ قديمة وحميمة ووطيدة، وقد رأيت كيف أن الروس أشرفوا على حملها ووضعها ورضاعها، ورعوها وهي في مهدها، ثم كفلها الإنجليز، واحتضنها اليهود الذين توطدت صلتهم بها في أدرنة ثم في فلسطين، وعاش جميع زعماء البهائية الذين تتابعوا على قيادتها في أحضان القوى الاستعمارية، وقد تجول عباس عبد الهادي الذي تولى أمر البهائية عام 1982م في أوروبا وأمريكا، واستضافته الكنيسة الإنجيلية والمحافل الماسونية والبيع اليهودية، وشكل محافل بهائية في جميع أنحاء أوروبا بمساعدة اليهود والمستعمرين، وبنى علاقات مع جمعية (تركيا الفتاة) التي تدعو إلى القومية الطورانية، وعزلت فيما بعد السلطان عبد الحميد.
واستقبل عباس بنفسه الجنرال اللنبي بعد سقوط فلسطين بحرارة، وحصل منه على وسام فارس الإمبراطورية البريطانية،وعباس عبد البهاء هذا حضر المؤتمرات الصهيونية، وأيد حق اليهود التاريخي والديني المزعوم في أرض فلسطين، وعندما مات سار في جنازته الحاكم الإنجليزي الصهيوني لمدينة القدس، وتولى أمر البهائية من بعده ابن بنته شوقي أفندي ولقبه ولي الله، وعاش الآخر برعاية الصهيونية ونشطت حركته بعد قيام دولة إسرائيل، وأنشأ بمساعدة الكيان اليهودي أهم مركز ديني بهائي في العالم،وذلك في حيفا على جبل الكرمل في إبريل 1983، أطلقوا عليها اسم «بيت العدل» يديره تسعة بهائيين يتم انتخابهم، ويزوره البهائيون دون انقطاع.
وفي سنة 1986م عقد البهائيون مؤتمرهم في فلسطين المحتلة، وجاءت قراراته موائمة للمخططات والرؤى الصهيونية.
وما يزال البهائيون في فلسطين المحتلة يعاملون معاملة اليهود منذ قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وترعى معابدهم ومحافلهم ومراكزهم، وتصان وتدعم كما ترعى المعابد والكنس اليهودية، ويساند الإعلام اليهودي البهائية، ويبرزها على أنها حركة رائدة في مجال الفكر الإسلامي.
هدف اليهود من رعاية الفرق الباطنية:
وهدف اليهود من رعاية البهائية وسواها من الفرق الباطنية، شق صف المسلمين في فلسطين بزرع الفرق الباطنية التي تنتسب إلى الإسلام، وكف المسلمين عن ذروة سنام الإسلام وهو الجهاد في سبيل الله، وتشويه صورة الإسلام الحنيف، وبلبلة أفكارهم، وزعزعة عقائدهم، وبث السموم لتوهين الثوابت في نفوس المسلمين.
خذوا حذركم!
وختامًا فقد تبين لكل ذي بصيرة أن هذه الفرقة وأخواتها الباطنيات سليلة نحل شاذة خبيثة، ابتليت بها الأمة الإسلامية منذ أمد بعدي، ونبتة غريبة تعيش في ظل الاستعمار وبأمواله وجاهه، وتعمل لخدمة مصالحه وتحقيق مآربه، وتدور في فلك التآمر اليهودي الحاقد على الإسلام، والذي تظهر آثاره كيدًا ومكرًا بالأمة ودينها وقضاياها، {وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِداً}[الأعراف:58].
والخطير في أمر هذه الطوائف أنها تستغل هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها الأمة اليوم، لتحقق مكتسبات قانونية وسياسية، ولتهدم، وتخرب الأديان والأوطان، وتسمم العقول والأفكار، وهي تستظل بمظلة الشرعية وتستغل شعار حرية الدين والرأي والتعبير وحقوق الإنسان وهذه المصطلحات الخادعة والشعارات البراقة التي ترفع اليوم، ومن ورائها أمر يراد.
وبناء عليه فإن على الحكومات والدول الإسلامية ـ لتحفظ نفسها ومصالحها، ولتحفظ دينها وشعوبها وأوطانها ـ الحذر واليقظة التامة تجاه هذه الحركات الباطنية الهدامة التي تلبس لباس الثقة، وتتسلل بخفاء ودهاء عظيمين، لتنخر في جسم الأمة، وتمزق وحدتها، وتخدم أعداءها.
هذا ولا تقع المسؤولية على عاتق الحكام وحدهم، بل يشاركهم الجزء الأكبر من المسئولية الدعاة والعلماء والمربون والإعلاميون والخطباء وأئمة المساجد ومدرسو الجامعات والمدارس وعامة أرباب الأقلام، وهؤلاء يقع على عاتقهم تفنيد شبهات البهائية والقاديانية وشهود يهوه الماسونية وسواها من الفرق الباطنية والدعوات المنحرفة، وفضح أساليبهم في التسلل إلى داخل المجتمعات الإسلامية، وكشف زيفهم وضلالهم، حتى لا ينطلي باطلهم على الناس، وهذا يقتضي دراسة هذه الفرق المنحرفة،ومعرفة كل ما يتصل بها، غير أنه يجب التزام الدقة وعدم المبالغة أو التقول، وتلقي المعلومات من مصادرها الصحيحة، والرجوع إلى كتبهم ومنشوراتهم نفسها، وهي حافلة بترهاتهم وشاهدة على انحرافهم وعبثهم.
الفرق الناجية:
إننا نعيش في زمن تتوالد فيه الفرق وتنمو كما ينمو الدود، وتتكاثر الأسماء والعناوين والرايات والشعارات، ويختلط الحابل بالنابل وهذا يوجب علينا ـ إذا أردنا السلامة والعافية ـ معرفة الفرقة الناجية المتمسكة بكتاب الله تعالى وسنة نبيها محمد r والاعتصام بهما، وهي لا تعرف باسم أو ادعاء، لها صفات وشروط تمتحن بها، فإذا انطبقت عليها فتمسك بها، وعض عليها بالنواجذ، امتثالاً لقوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام:153]، وقوله r: ((من يعش بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين))، وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة التي تدل على التمسك بالكتاب والسنة وبالعلماء بالكتاب والسنة الأتقياء الأنقياء عن الشبهة والحرام.