بو محمد الغزي
12-2-2-12
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أما بعد:
خرج اليوم عشرات الشبان الفلسطينيين في تظاهرة للتعبير عن استنكارهم لما يتعرض إليه الشعب السوري، وكان التجمع الفلسطيني لنصرة الثورة السورية قد دعا لهذه الفعاليات يوم الأحد الموافق 19 فبراير، ولكن بحسب شهود العيان كان العدد ضئيلا جدا لا يتجاوز عشرين شخصا، وقد ذكر القائمون على هذه التجمع بأن السبب في ذلك سوء الأحوال الجوية مما جعلهم يعيدون الدعوة من جديد ليوم الثلاثاء الموافق 21 فبراير، ولم يكن هذا بأحسن من سابقه إذ تجمع عدد قليل في ساحة الجندي المجهول مع تحسن درجات الحرارة واعتدال الجو..
ونود في هذا السياق أن نضع تحليلا لما يجري على الآن على الساحة الغزية:
يبدو من الواضح أن القائمين على هذا التجمع من شخصيات شبابية ينتمون إلى حركة حماس وهذا يضعنا في محل تساؤل وهو هل حصل أن انشق هؤلاء الشبان عن قرارات حركتهم التي لا ترى مصلحة في مثل هذه الفعاليات وأن إيثار الصمت أجدى وأولى أم أنه تحول في سياسة حماس في التعاطي مع الثورة السورية ؟؟
والذي يترجح لدي هو الخيار الثاني وذلك لأن الأجواء مهيأة لهذا التجمع في العمل بدون عرقلة أو منع كما حصل قبل ذلك مع غيرهم عندما أقدموا على إقامة مثل هذه الفعاليات قامت حكومة حماس بإيقافهم ويذكر في هذا السياق جمعية ابن باز الإسلامية.
لكن الواقع يثبت أن حالة من الغضب العارم تجوب أبناء حركة حماس وتضعهم في حالة من الحرج الشديد أمام ما يرونه من سياسات حركتهم في التعامل مع النظام السوري على وجه التحديد.
حركة حماس أعلنت موقفها من الأحداث التي تجري في سوريا بأنها لا تتدخل في شؤونها الداخلية وأنها مع القيادة السورية والشعب السوري فيما يحقق أجواء المصالحة والعيش الكريم للطرفين، ولكن هذه الازدواجية في الخطاب السياسي لم يعد يروج على القواعد التنظيمية من شباب ومؤيدين، ولذلك سعت الحركة في إيجاد حل وسط في نظرها للخروج من هذه الأزمة!
فالمتابع للأحداث بدقة يرى أن حركة حماس أوكلت إلى بعض شبانها أن يقوموا بتنظيم هذا التجمع وتحديد ناطق رسمي له موال لها وتحديد مهامه بدقة مع الاتفاق على أن يكون صوريا أكثر منه واقعيا وأن تكون المشاركة فيه ضئيلة لإظهار صورة هلامية للعالم بأنها مع الشعب السوري في ثورته المباركة..
ومن المؤكد لكل عاقل أن حركة حماس قادرة على حشد التأييد الشعبي لسوريا بأكثر من ذلك بآلاف المرات ، ولكنها لا تريد ذلك!
هذه المواقف يراها البعض بأنها جبن سياسي لم نتعود أن نسمعه من حركة مقاومة طالما تحدت الدولة اليهودية ووقفت في وجهها ولكنها الآن تترنح أمام مصالحها وتخفض صوتها في وجه حلفائها الجلادين.
وآخرون قرروا بأنه بداية تحول لحركة حماس حيث وجدت نفسها في حِل من النظام السوري باختلاق مكان جديد لها في دولة أخرى وأنها بدت أكثر تحررا من القرار السوري الإيراني
إن على حركة حماس أن تعود إلى مربع الأمة الإسلامية الذي يمثل كيان أهل السنة والجماعة وأن تترك شماعة الدعم الإيراني السوري في خلق مبررات واهية لها.
ولئن كان صدقا قد تخلى البعض ممن يحسبون على أهل السنة عنها فإن الغالبية العظمي معها ولكن بشرط تركها لهذه السياسات والمواقف المضنية، فالثبات على العقيدة هو الذي يضمن انتصار القضية الفلسطينية وهزيمة العدو الصهيوني..
الرجل الفلسطيني على مدار ما يجري من أحداث ساخنة أصبح أكثر وعيا وبصيرة برجال السياسة وحركات المقاومة، فلم يعد يخفى عليه تلك الكواليس التي تدور في الخفاء لتصطنع المواقف وتحرك الرأي العام وهي في الحقيقة لذر الرماد في العيون وإرضاء الناس بأي غاية حتى لو وكانت الوسيلة امتهان الكذب وتصنع المواقف والخيارات..
فهلا اقتفى دعاة الإسلام والمقاومة بأحسن الهدي !!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مَنْ أَرْضَى اللهَ فِي سَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَرْضَى النَّاسَ فِي سَخَطِ اللهِ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ" أي خِيَارَهُم.
أخرجه بنحوه: الطبراني في المعجم الكبير [11/214] عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ وابن حبان في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها [انظر الإحسان بترتيب صحاح ابن حبان 1/247].
والله الموفق