اللاجئون الفلسطينيون في العراق يستجيرون بالمخيمات الحدودية من الهجمات ضدهم

بواسطة المركز الفلسطيني للإعلام قراءة 1787

اللاجئون الفلسطينيون في العراق يستجيرون بالمخيمات الحدودية من الهجمات ضدهم

 

المركز الفلسطيني للإعلام 27/3/2007م - قال خبير دولي متخصص في حقوق الإنسان إن أعدادا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين في العراق اضطروا للهجرة منه، في ظروف بالغة القسوة والسوء، بسبب ما تعرضوا له من قمع واضطهاد واعتقال وقتل، منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003.

وأرجع الباحث الحقوقي العراقي عبد الحسين شعبان ما حدث للاجئين الفلسطينيين إلى الهجمات المنظمة، التي تعرضوا لها من دوائر مختلفة دولية وإقليمية، وجهات داخل الحكومة العراقية وجماعات مسلحة تتبع لها أو قريبة منها، تبعا لدوافع شتى سياسية ومذهبية وطائفية وعرقية. وأعرب شعبان عن أسفه لوقوع تلك الاعتداءات، دون أن توفر لهم أية الحماية، وفقا لما ينص عليه القانون الدولي الإنساني أو اتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقاها  لعام 1977.

اغتيال ممنهج:


وأوضح الدكتور شعبان في دراسته التي قدمها إلى ورشة عمل نظمتها "مجموعة عائدون"، بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية، وعقدت في جامعة دمشق، مطلع الشهر الجاري، أنه لم يتبق من هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين الذين كان يبلغ عددهم أربعين ألفا سوى 15 ألف شخص، مشيرا إلى أن القسم الأكبر، الذي اضطر لمغادرة العراق، موجود على الحدود العراقية السورية (منطقة الرويشيد والمنطقة العازلة)، أو على الحدود العراقية الأردنية (منطقة طريبيل العراقية ومخيما الهول والتنف).

وكشف شعبان عن تعرض 250 لاجئا فلسطينيا للاغتيال الممنهج، بطرق كيدية وانتقامية، على مدار أقل من أربعة أعوام، مما اضطر أبناء هذه الجالية لمغادرة العراق، بعد عشرات السنين قضوها فيه معززين مكرمين في العهدين الملكي والجمهوري بمراحله وحكوماته المتعاقبة.

وطالب الناشط الحقوقي العراقي كلا من الأمم المتحدة والحكومة العراقية بتحمل مسؤولياتهما القانونية والأخلاقية إزاء ما يتعرض له الفلسطينيون من قمع واضطهاد واعتقال وقتل. وقال إن الأمم المتحدة ملزمة بذلك وفقا لقواعد القانون الدولي، وطبقا للقرار الأممي 1546 الصادر في حزيران "يونيو2004"، والمؤسس على القرار 1483 الصادر في أيار "مايو" 2003، والذي "شرعن" الاحتلال، وهو ما يتيح من وجهة نظر قانونية رفع شكاوى لملاحقة المسؤولين عن مأساة الفلسطينيين وما يتعرضون له، بحسب الدراسة. ويرى الدكتور شعبان أن السلطات العراقية مسؤولة عن حماية أرواح وممتلكات الفلسطينيين، مثلما يتعين عليها في نفس الوقت ملاحقة مرتكبي الجرائم ضدهم، وتقديمهم للقضاء.


ملاذ آمن:

وحث د. شعبان الأمم المتحدة و"الأنروا" والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وجميع الوكالات الإنسانية الدولية على سرعة التحرك لتأمين "ملاذ آمن" للفلسطينيين والعرب، سواء من بقي منهم في العراق، أو الذين يريدون مغادرته، أو الموجودون في المناطق والمخيمات الحدودية، أو الذين ساعدتهم الظروف، ووصلوا إلى بلدان أخرى، وتعويضهم عمّا أصابهم من أذى وما لحق بهم من أضرار، وتوفير كامل الحماية الدولية الإنسانية لهم.

ووفقا لدراسة الأكاديمي العراقي فإن مأساة الفلسطينيين تعتبر مزودجة، فقد سبق لهم أن عانوا من الطرد والتهجير الجماعي على يد الصهاينة منذ عام 1948، وها هم اليوم يتعرضون للتنكيل الجماعي، بسبب الاحتلال الأمريكي، إذلالا وإخراجا من بيوتهم وسجنا وقتلا .. منوها إلى أن هذا يتم بتهم جاهزة، لكونهم كانوا يعيشون في العراق، بمعنى أنهم كانوا محسوبين على النظام السابق أو من المتعاطفين معه، وإلا ما كان ليمنحهم البيوت والامتيازات، بحسب الحملات التي تشن ضدهم وضد سوريين ولبنانين وعرب مقيمين في هذه البلاد، فضلا عن تهم أخرى مثل رفد "المقاومة" بالمسلحين، الذين يأتون من خارج الحدود، ويقومون بالتفجير وتفخيخ السيارات.

واستغرب الأكاديمي العراقي إطلاق مثل هذه الاتهامات، وكأن الأمر لا علاقة له بوجود احتلال مرفوض من جانب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وشعب عراقي تواق للحرية والاستقلال واستعادة السيادة كاملة على أرضه، وبالتالي من حقه استخدام كل الوسائل السلمية أو المقاومة لطرد المحتلين، سواء كان بوجود أو عدم وجود فلسطينيين وعرب في العراق.


أربعة تحديات:

وخلصت دراسة الدكتور شعبان إلى أن ثمة تحديات أربعة تواجه الفلسطينيين في العراق، أولها تحدي الاحتلال، الذي لم يوّفر لهم الحماية، فضلا عن أنه لم يوفرها للعراقيين، فقد دخل العراق "بوابة جهنم" بالانفلات الأمني، وغياب مؤسسات الدولة، وبخاصة حلّ القوات المسلحة والقوى الأمنية.

وثانيها صعود تيار طائفي ومذهبي وعرقي مناوئ للعرب والعروبة عامة، وللفلسطينيين بشكل خاص، وهؤلاء الطائفيون يحسبون الفلسطينيين على مذهب معين، فيذهبون ضحية الطائفية المقيتة، خصوصاً في ظل التوتر والاحتقان والعنف المذهبي، وغياب الهوية العراقية الجامعة.

وفي الإطار ذاته يصِّنف هؤلاء الطائفيون، الفلسطينيين "كطابور خامس"، لأنهم يرفضون الاحتلال، الذي عانوا منه في فلسطين وفي العراق اليوم، والأكثر من ذلك تستبطن تلك الدعوات المناوئة للفلسطينيين فكرة كانت قد راجت منذ سنوات حول "توطينهم" في العراق، لكي لا يؤثروا على تغيير التركيب الديموغرافي والسكاني المذهبي والطائفي، وليس من دوافع واعتبارات مبدئية، ترفض التوطين، وتدعو إلى تمكينهم من العودة إلى وطنهم، طبقاً للقرار 194، كما أشارت إليه الدراسة.


دور "الموساد" الصهيوني:

أما ثالث التحديات فيتعلق بتفشي ظاهرة "الإرهاب المنظم"، الذي تقوم به جماعات مسلّحة، بشكل روتيني، مع عدم استبعاد أن يكون بينها بعض الجماعات المأجورة، أو التي تعمل لصالح جهات خارجية، ليس بعيدا عنها الموساد الصهيوني.

ووفقا للدراسة المقدمة فقد نشطت جماعات عراقية بزيارات خاصة إلى الكيان الصهيوني، وأقامت مكاتب لها في العديد من المدن العراقية، بأسماء تجارية أو مكاتب مهنية. وجاء قسم منها عبر بعض منظمات المجتمع المدني أو الجمعيات الخيرية والإنسانية، إضافة إلى أن بعضها عمل في شركات الحماية الخاصة للأفراد أو لحماية المنشآت النفطية والكهربائية، وقسم كبير منهم يحمل جنسية أمريكية أو جنسيات أخرى، وهناك "طابور إعلامي" ومراكز أبحاث تحاول بما تبثه من سموم النيل من الفلسطينيين.

وآخر التحديات استهداف المؤسسات الفلسطينية في العراق، بما فيها السفارة الفلسطينية، وإشعار الفلسطينيين بأنهم غير مرغوب فيهم. ويشير بحث الدكتور شعبان إلى أنه رغم محاولات السفارة الفلسطينية في بغداد الاتصال بالمسؤولين، ومناشدة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، إلا أن محنتهم تعاظمت وازدادت، ولم تستطع الجهات الرسمية توفير أي حد ولو أدنى من الحماية لهم.

 



مقالات ذات صلة