أهل السنة ... أعلمُ بالحقّ وأرحم بالخلق
الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ...
يحكي شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ واقعةً حصلت في زمنهِ أضعها بين أيديكم لأنها صورةٌ كربونيةٌ تقريباً لما يحصلُ في العراق أرضِ الرافدين ، مع فرقٍ بسيطٍ في اختلافِ الموازين والتعامل معها عندما تكونُ الغلبةُ لأهلِ السنةِ .
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في " منهاجِ السنةِ " (3/39) : " وقد عُلم أنهُ كان بساحلِ الشامِ جبلٌ كبيرٌ فيه ألوفٌ من الرافضةِ يسفكون دماءَ الناسِ ، ويأخذون أموالهم ، وقتلوا خلقاً عظيماً، وأخذوا أموالهم ، ولما انكسر المسلمون سنة غازان أخذوا الخيلَ والسلاحَ والأسارى ، وباعوهم للكفار والنصارى بقبرص ، وأخذوا من مر بهم من الجند ، وكانوا أضرّ على المسلمين من جميعِ الأعداءِ ، وحمل بعضُ أمرائهم رايةَ النصارى ، وقالوا له : أيما خيرٌ : المسلمون أو النصارى ؟ فقال : بل النصارى ، فقالوا لهُ : مع من تحشرُ يوم القيامة ؟ فقال : مع النصارى ، وسلموا إليهم بعضَ بلاد المسلمين .
ومع هذا فلما استشار بعضُ ولاةِ الأمرِ في غزوهم ، وكتبتُ جواباً مبسوطاً في غزوهم ، وذهبنا إلى ناحيتهم ، وحضر عندي جماعةٌ منهم ، وجري بيني وبينهم مناظراتٌ ومفاوضاتٌ يطولُ وصفها ، فلما فتح المسلمون بلدهم ، وتمكن المسلمون منهم نهيتهم عن قلتهم ، وعن سبيهم ، وأنزلناهم في بلادِ المسلمين متفرقين لئلا يجتمعوا " .ا.هـ
فوائد من الحادثة :
1- ما أشبه الليلة بالبارحةِ ! ... ما يحدثُ في أرضِ العراقِ أرضِ الرافدين صورة طبق الأصل لما حكاهُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ - رحمهُ اللهُ - ، إن تمكنوا ... لا يرحموا ... بل على مر التاريخِ لم يحصل من صورِ القتل البشعةِ في حقّ السنةِ مثل ما حصل في العراق ... وكلمةُ الدليمي في مؤتمر تركيا القريب أكبرُ دليلٍ على ذلك .
2- هم يحقدون على شيخِ الإسلامِ ابنِ تيمية حقداً عجيباً ومع الأسف لم يقدروا له جميله الذي فعله بهم حينما أفتى بعدم قتلهم .
3- كان بإمكان شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ أن يفتي ولاةَ الأمر بسحقهم ، ومحوهم عن بكرةِ أبيهم، ولكنه كما قال - رحمهُ اللهُ - عن أهل السنةِ : " هم أعلمُ بالحقّ وأرحم بالخلق " .
4- الظلمُ عاقبتهُ وخيمةٌ ، وهؤلاء الذين طغوا وتجبروا وقتلوا أهل السنةِ في العراقِ بأبشعِ الطرق والأدوات فلا بد أن اللهَ سينتقم لهم .
عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ " ، قَالَ : " ثُمَّ قَرَأَ : " وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ " .