المد الشيعي في العالم الإسلامي والمعضلة الإيرانية إلى أين؟

بواسطة محمد الشاعر قراءة 1904
المد الشيعي في العالم الإسلامي والمعضلة الإيرانية إلى أين؟
المد الشيعي في العالم الإسلامي والمعضلة الإيرانية إلى أين؟

المد الشيعي في العالم الإسلامي والمعضلة الإيرانية إلى أين؟

 

غزة – محمد الشاعر – مراسل الحقيقة .

 

في قمة الأزمات التي يمكن أن تهدد مجتمعا ما يتطلع هذا المجتمع إلى من يقف إلى جانبه، يسانده ويقدم له التأييد والدعم، وهي فطرة طبيعية في التجمعات البشرية خاصة إذا كانت فاقدة لمقومات النصر المادية والبشرية. وفي إطار المنهج القرآني لمعالجة هذه الضرورة الفطرية يوجه المولى سبحانه وتعالى عباده إلى رؤية إيمانية أعمق، لكي لا تغتر الجماعة الإسلامية –أو المجتمع المسلم- بأي شعار يرفع لها في الأزمات التي قد تعصف بها من قبل أعداء مندسين يتربصون بها الكيد والمكر لكي يوقعوا بمشروعها الذي تعمل لأجله ورسالتها التي تحملها، وتختطف منهم ثمرة جهادهم وتضحياتهم.

فيقول الله تعالى مثبتاً المؤمنين إزاء طائفة تخلفت عن الجهاد في وقت احتاج مجتمعهم إليهم: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ، عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ، لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ، إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ، وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ، لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ، لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ، إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ، قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)، التوبة: 41-51.

ويقول تعالى في شأن غزوة أحد، التي تخلف عنها المنافقون: (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ، وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ، فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، ثُمَّ عقب بقوله: (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)، آل عمران: 154-160.

ولمثل هؤلاء مهما كانوا، يأمر الله رسوله – وأتباعه من بعده- بأن يوجه إليهم هذا الخطاب: (لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا)! لا لشيء سوى لأنهم أساساً من نطق الحق فيهم (هم العدو فاحذرهم) رغم إظهارهم الإسلام ومشاركتهم في القتال أو الإنفاق أو الواجبات العامة.

في الوقت الذي يحتاج فيه المجاهدون إلى من يقف معهم ضد عدوهم نجد بالمقابل وبالعكس من يقف مع العدو ضد المجاهدين لا لشيء إلا ابتغاء إرضاء القوة الشيعية لربما أن يستفيدوا منها بعضاً من الدولارات الفارسية.

إن تحرك إيران تجاه القضية الفلسطينية والمنظمات المقاومة أضاف إلي إيران قوة سياسية تتمثل في انضمام الإخوان المسلمين أكبر الجماعات الإسلامية في مصر و تأييدها لمقاومة حزب الله في لبنان والتأكيد على حق إيران في تعزيز قوتها عبر امتلاك السلاح النووي .

إن مساعي الغزو الشيعي للعالم الإسلامي وخاصة فلسطين واختراق الدول الإسلامية يعتبر حلم كبير له أهميته وأبعاده الإستراتيجية والمذهبية الخطيرة اقترب كثيراً دون مبالاة أو تحرك جدي من قادة الجماعات الإسلامية الفلسطينية التي سقطت في الحبال الإيرانية رغم أن بعض الدوائر الداخلية سواء في حركة حماس أو حكومة هنية تبدي قلقلها في مجالسها الخاصة من التمدد الشيعي وتنامي الظاهرة في غزة لكن هذا لا يعفيها من مسئولياتها الأخلاقية والتزاماتها الشرعية التي أسقطتها مع ازدياد المصلحة الحزبية للعلاقة مع إيران , لقد نُقل في السابق أن الشيخ أحمد ياسين وصف العلاقة بإيران بأنها تقاطع مصالح لا تحالف , لكن الأمر بنظر المراقبين أقرب إلى تحالف اختفت فيها الخطوط العريضة , وبالرغم من جهود الحركة –حماس- سابقاً في محاربة التشيع والتوعية الداخلية في الأطر الحركية إلا أن هذا لم يثنيها عن تعاقد تحالف استراتيجي مع القوة الفارسية الشيعية ، فجهود حركة حماس لمحاربة التشيع ليست إستراتيجية حركية ، وإنما هي جهود فردية يقوم بها المخلصين ، ممن يحملون عقيدة صحيحة ، ونحسبهم كذلك .

و لكن السؤال هنا هل تتعامل القوة الشيعية الفارسية مع الجماعات الإسلامية المتحالفة معها على أساس الوحدة ضد اليهود أم على أساس بث نفوذها في المنطقة ؟

يقول المحلل الإيراني - المقيم في لندن - باقر معين: "الرسالة من الإيرانيين إلى واشنطن هي أن هناك أخذ وعطاء. نستطيع أن نساعدكم في أفغانستان، نستطيع أن نساعدكم في العراق، نستطيع مساعدتكم في لبنان وفلسطين.. إذا كانت بيننا وبينكم علاقات جيدة". وأضاف أن الرسالة مفادها أيضا: أننا "قوة إقليمية، ويجب أن تعترفوا بهذا، وأن تتحدثوا معنا على هذا المستوى إذا كنتم تريدوننا أن نكون متعاونين في القضايا التي تحتاجون إلينا فيها " ، الشيء ذاته قاله دبلوماسي غربي -رفض ذكر اسمه: "يشعرون في إيران أن الطريقة للحفاظ على النفوذ في هذه المنطقة عن طريق حزب الله قوي وحماس قوية"، مستدركاً "إذا تم حل صراع حماس أو حزب الله اللبناني مع إسرائيل ستكون هذه كارثة إستراتيجية لإيران"

الثورة الإيرانية ليست محدودة بإيران:

هذا التحليل الذي يتطابق مع مجمل سياسات إيران في المنطقة امتداداً من أفغانستان إلى العراق ولبنان، ومع أسلوب تعامل الولايات المتحدة الأمريكية معها..

فقد أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد -في كلمة له في الذكرى الثلاثين للثورة الشيعية الإيرانية، ألقاها أمام ضريح الخميني- أن الثورة ليست محصورة بالأراضي الإيرانية؛ وقال: " إن كانت هذه الثورة جرت في إيران، إلا أنها ليست محصورة بالحدود الإيرانية "

وكما هو المعلوم لدينا والذي لا شك فيه أنَّ المد الشيعي في مصر والأردن تحديداً لم يقابل بأي خطوات جادة من قبل إخوان الأردن ومصر بحسب علمنا ، بينما يستغل الإيرانيون العلاقات الطيبة مع الإخوان لتمرير معتقداتهم الدينية ومذهبهم الشيعي بأي طريقة كانت لكل من الأردن ومصر.

وعلى الإخوان المسلمين أن يحذروا من الثعلب الإيراني و يجب اتخاذ التدابير اللازمة والوقوف بشدّة بوجه هذا المدّ الفارسي الشيعي , وللعلم إيران تحتقر كل ما هو عربي وكلها شعارات تضحك بها على السذّج والعراقيين أكثر من عرفها, فمآسيه معظمها منها منذ ثورة الخميني الملعونة التي أحرقت العراق وإلى غاية هذه اللحظة, إنها بحق أخطر من العدو .

تراخي الإخوان وحماس تجاه التشيع:

و لكن السؤال هنا هل نجد توافقا بين الإخوان المسلمين و حكومة حماس في المعاملة اتجاه إيران؟

إنَّ التراخي الذي نجده في حكومة حماس إزاء تعاملها  مع إيران من مدح  و شعارات رنانة ومشاركات الشيعة في طقوسهم لا يختلف كثيراً عن فعل الإخوان المسلمين في مصر والأردن وغيرها ، فبرغم ما أبداه الإخوان من مودة وحسن نية اتجاه الشيعة وإيران وثورتها ، إلاّ أن عقيدة الشيعة الخاصة بالإمامة والحكومة، وهي الركن الأساسي، اتخذت فيصلاً وحكماً في علاقة الشيعة بالإخوان، فالفكر الشيعي، وإيران على وجه الخصوص، لا يقبلان أي فكر أو تنظيم يخالفهم في قضية الإمامة، ودولة المهدي المنتظر، مهما حاول هذا التنظيم أو ذاك التقرب من إيران ، أو مدح الشيعة.

 ولا ينبغي لمسلم ولا الجماعات الإسلامية أن يعقدوا الآمال الواهمة على القوة الشيعية  لأنه ضرب من الانتحار، وإسهام منهم في تعميق الشرخ في الدول الإسلامية التي أصبحت حالها كحال القطيع الهائم يقوم كل ذئب بافتراس ما طاب له منها سواءً كان يحمل الهوية الأمريكية أو الإسرائيلية أو حتى الإيرانية، وهو ما يجب تصحيحه وإعادة التفكير به بشكل كامل لمن لم يتعلّم الدرس بعد.

إنني آمل من أبناء المسلمين وحركات المقاومة الإسلامية السُّنِّية وخاصة في فلسطين أن يمتلكوا قدراً من الاتزان مهما بلغت الظروف ليستطيعوا تقييم المواقف جميعاً وبدون استثناء بمنطق العقل والحكمة، مع استقراء التاريخ والحال -معاً- دون بتر أو تناس تحت ضغط الظرف الصعب أو ثورة العاطفة المكلومة..

مآرب الإيرانيين:

إنَّ الملاحظ والمتابع للمآرب الإيرانيَّة في دعم القضيَّة الفلسطينيَّة لن يجدها تخرج عن هذه الأسباب التالية:

1- سبب ديني: فهم بلا ريب ينظرون لليهود على أنَّهم كفرة محتلون لفلسطين، وأنَّ واجبهم الديني يقوم على تحرير فلسطين من الاحتلال اليهودي، مع أنَّ خلف الكواليس تمازجات إيرانيَّة يهوديَّة تقوم على المصالح التي يستفيد منها كلا الطرفين، ولكن كمبدأ فإنَّ إيران تتمنَّى أن يطرد اليهود من فلسطين، ليحلو لهم الحال لتصدير" الثورة الإيرانية الشيعية" ومحاولة إشعار الناس أنَّه لا أحد يهتم بالقضية الفلسطينية بقدر اهتمام إيران بها , و بهذا ينخدع بعض المسلمين من أهل السنة بمثل هذه التوجهات الإيرانيَّة ظانِّين أنَّ إيران تمثِّل الإسلام الحقيقي، مع أنَّ الذي ينبغي أن يكون حاضراً في الذهن أنَّ المشروع الإيراني كما هو معروف عنه مشروع توسعي استعماري يريد غزو العالم العربي والإسلامي بعقيدته ودعمه وماله، ليكون له موطئ قدم ينشر من خلاله عقيدته التي يؤمن بها ويبشر بها.

2- سبب سياسي استراتيجي: وذلك بتحقيق مكاسب سياسية ولفت نظر المقاومة أنَّ الدولة التي يمكن أن تحتضنهم وترعاهم هي إيران، كما يطمح الإيرانيون أن تكون هذه الفصائل ورقة تستطيع أن تلعب بها وتخيف بها تلك التيارات الأخرى الموجودة في المنطقة من اللوبي الصهيوني، كما أنََ إيران تستخدم المقاومة الفلسطينية فزَّاعة تستطيع من خلالها تحقيق مكاسب سياسية وحقيقية، فهي تريد أن تفرض نفسها وبقوة تجاه العدو الأمريكي لها.                                                                                                        3- سبب دعائي: إيران لا تعمل داخل العالم كله إلاَّ لأجل مصلحتها، فتركيزها على قضية محورية إسلامية كفلسطين، يجعل الشعب الإيراني يتعاطف معها، وكذلك الحال بالنسبة للشعوب الإسلامية الضعيفة ، في وقت قد انعدم فيه الناصر للقضية الفلسطينية حتى من حكام العرب و الذي نادراً ما يتحدَّثون عن دعم القضية الفلسطينية من ناحية إيجابيَّة، بل قصارى حديثهم حول وقف المقاومة والتطبيع الكامل مع إسرائيل والاعتراف بها كدولة لها وجودها في العالم العربي، ولهذا فخير وسيلة تتمركز من خلالها شعوب العالم الإسلامي حين يرون ملالي إيران وحكامها ومسؤوليها يقولون عن أمريكا بأنَّها:(الشيطان الأكبر) وينددون بالمجازر الصهيونية التي تجري بفلسطين، وما هذه العبارات إلا لتهييج العواطف و تسويغ لمواقفها بأنَّها كانت دولة لها قصب السبق في الإدانة والاستنكار، مع بعض الدعم الذي يقدمونه لبعض حركات المقاومة.

أهداف إيران:

إنَّ الحقيقة المرّة و التي يعلمها كل غيور على عقيدة أهل السنة و الجماعة أنَّ إيران وحلفاءها لا يمارسون سوى الخطابات والشعارات مع شيء من الأعمال التي لا تتجاوز الجانب الإنساني والاستهلاكي للقضية. وهي تود من وراء ذلك تحقيق أهداف عدة منها:

1- تسويق إيران كحكومة مقاومة ودولة داعمة للمقاومة.. فقد أشاد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي، خلال لقائه حشداً من أهالي قم في 8/1/2009م، ببلاده التي أصبحت - حسب تعبيره - "قدوة ووقودا لمقاومة شعوب المنطقة"، و"تمثال العظمة والجلال والأمل في عيون شعوب المنطقة في سبيل المقاومة والنصر".

2- تشويه صورة وسمعة الحكومات والبلدان العربية والإسلامية الأخرى، ومن بين هذه التصريحات التي تصب في هذا الاتجاه قول الخامنئي و هو يوجه تحذيراً إلى الدول الإسلامية في كلمة وردت في موقعه على الإنترنت قال فيها: "إن أولئك الذين رفضوا مساعدة فلسطين يتعين عليهم أن يدركوا العواقب الخطيرة لهذا الخطأ من جانبهم"، معتبراً الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة مرحلة أولى من "هجوم كبير" يستهدف "مقاومة" الجمهورية الإسلامية لإسرائيل!!

3- إشعار الغرب بأن لدى إيران أوراقاً مختلفة تلعب بها، ومن ثمَّ تفاوض عليها من أجل تحقيق مصالحها في المنطقة وأحلامها القومية.

4- استمالة الحركات الجهادية المقاومة التي وقعت بين سندان إسرائيل وحلفائها ومطرقة الأنظمة العربية والإسلامية الخائنة والمتخاذلة.

ولو أرادت إيران بالفعل نصرة القضية لكان لها شأن وموقف آخر؛ فالرئيس الإيراني الذي سبق وصرح مراراً إلى ضرورة محو إسرائيل من الوجود، وإلغائها من الخارطة، مقترحاً أن تستضيف ألمانيا والنمسا - أو أي دولة غربية- يهود إسرائيل؛ هو ذاته الذي أدلى بتصريح لمراسل صحيفة "نيويورك ديلي نيوز" - الأمريكية، في 24/9/2008م- ألمح فيها إلى استعداد بلاده للاعتراف بإسرائيل، حيث قال: "إذا اتفق القادة الفلسطينيون على حل الدولتين فيمكن لإيران أن تعيش مع دولة إسرائيلية".

فهل يعقل العالم الإسلامي حقيقة المؤامرة ؟ أم لا زال يغط في سبات عميق ، تاركاً وراءه كل التحديات التي تواجه المسلمين ، و التي تعصف بعقيدتهم ليل نهار و لا حول و لا قوة إلا بالله تعالى . 

 



مقالات ذات صلة