حسان قطب
18-2-2014
ذهب نبيه بري رئيس المجلس النيابي اللبناني في جولة خليجية ودولية غداة تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، ليستثمر موقفه الإيجابي من التشكيل، وترك حليفه اللدود حسن نصرالله وحيداً لمواجهة حلفاء وجمهور قوى 8 آذار الغاضب من الطريقة والكيفية والصورة التي ظهرت فيها هذه الحكومة التي يرأسها الرئيس تمام سلام.. وبدا الانزعاج البالغ لدى هذا الفريق وجمهوره من الوزراء المشاركين وبالتحديد اللواء اشرف ريفي والنائب نهاد المشنوق...على صفحات التواصل الإجتماعي وحتى في الشارع..؟ وقد جاء خطاب نصرالله الأخير هذا بعيداً كل البعد عن طبيعة خطاباته السابقة والتي كانت مليئة بالتحدي والعنفوان والثقة المفرطة بالنصر والاستعلاء وبمفاهيم وشعارات التعبئة والتحريض، إلى خطاب مستحدث هو اقرب إلى مناجاة الجمهور ودغدغة عواطفه لتفهم خطورة المرحلة الحالية التي استدعت الموافقة على هذه الحكومة والتشكيلة، وكانها لم تكن خطيرة في السابق، وإلى اهمية تشكيل حكومة لبنانية جديدة وكانها لم تكن مهمة منذ ايام... فكيف منذ عشرة أشهر...؟؟؟ وهنا لا بد من التوقف عند بعض النقاط التي طرحها نصرالله والتي لا بد من مناقشتها وإلقاء الضوء عليها...
- لقد طرح نصرالله، المسألة الفلسطينية، على انها أساس عمل ومشروع حزب الله وفريقه... وان كل مواقف فريقه السياسية وطروحاته إنما تدور حول هذا العنوان، واستغرق وافاض في شرح وتبيان أهمية القضية الفلسطينية وخطورة ما تمر به من مؤامرات...؟؟ ولكنه في المقابل لم يشرح لنا لماذا يوافق فريقه على حصار مخيمات سوريا...؟؟ في تجرية مريرة يعاد تكرارها للمرة الثانية على يد الفريق نفسه، وذلك عندما حاصر نبيه بري رئيس حركة أمل مستخدماً ميليشياته المدعومة من سوريا ونظام الأسد الأب المخيمات الفلسطينية في لبنان لمدة سنوات بحجة حماية القضية الفلسطينية من خيانة القائد الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) ..وحينها قتل واختفى آلاف الفلسطينيين بتهمة الانتماء لحركة فتح او بالتعاطف مع حركة فتح..؟؟؟؟ فاذا أين أنجازات الأسد الأب كما الإبن للقضية الفلسطينية عقب حصار المخيمات الاول والثاني للقضية الفلسطينية.. وهل قتل الشعب الفلسطيني جوعاً وعطشاً وقنصاً وبالبراميل المتفجرة والمدفعية الممانعة التي يطلقها جيش الأسد وحزب الله وعصائب اهل الحق العراقية تعيد فلسطين للشعب الفلسطيني وتحقق حق العودة لهذا الشعب...وتحميالقدس والأقصى..؟؟ أم ان كل ما يهم حزب الله ونصرالله والراعي الإيراني لهذا السيناريو بعد خسارة التعاطف العربي والإسلامي وانكشاف الهدف الحقيقي لهذ المجموعات التكفيرية والمذهبية الطائفية التي ترعاها إيران باسم حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن وعصائب اهل الحق في العراق.. هو العودة للمربع الأول من حيث انطلق المشروع الطائفي والمذهبي الإيراني... من فلسطين وباسم فلسطين..؟؟ ولكن ليس لخدمة فلسطين وشعبها وقضيتهم المحقة...؟؟؟ ثم لماذا يتم اتهام المخيمات عقب كل تفجير او اشكال امني...؟؟ استناداً لتقارير وباسم مراجع امنية لا نثق بها ولا بدورها بسبب ارتباطها وخضوعها لحزب الله ولمشروعه رغبةً ورهبة..؟؟؟ وهي ليست المرة الأولى التي تتهم فيها المخيمات، فهي متهمة دائما؟ًبرعاية إعلامية من فريق حزب الله... الإعلامي.. والأمني...؟؟ وخاصةً فيما يتعلق بكل ما تتعرض له قوات اليونيفل الدولية في جنوب لبنان ومنذ سنوات..؟؟
- (أكد السيد حسن نصر الله أن محور المقاومة سينتصر في سوريا، وأن «هذه المعركة أفقها الانتصار» وان انتصارنا في سوريا مسألة وقت)...!!! إذاً لقد اعتبر نصرالله ان مشاركة فريقه في سوريا هي ضرورة لحماية الداخل اللبناني من الإرهابيين والتكفيريين وهي مصطلحات أدخلت إلى الساحة السياسية والأمنية لتبرير القتل المباشر والتصفية الفورية...والإعتقال على الهوية ولآجال طويلة...ومن يجرؤ على المطالبة بالإفراج عن إرهابي او تكفيري...؟؟؟ أي ان حزب الله يخوض حرباً استباقية في سوريا للإجهاز على أعداء مشروع الممانعة او بالأحرى إيران.. وبالتالي فإن كل من يقاتل أو يعارض إيران هو تكفيري بحسب نصرالله وفريقه؟؟؟ وللتذكير فقط، في عام 1982 وفي شهر حزيران/يونيو، دخلت إسرائيل عسكرياً إلى جنوب لبنان تحت شعار عملية سلام الجليل..وتمددت حتى وصلت إلى العاصمة بيروت...؟؟ وانسحبت من لبنان نهائياً عام 2000، لأن سلامة الجليل لم تتحقق إلا بعد انسحابها من الجنوب اللبناني.. وهذا ما يشهد عليه الواقع الحالي باستثناء ما جرى خلال حرب تموز/يوليو من عام 2006.. ؟؟ فهل سيبقى نصرالله وفريقه في سوريا المدة المماثلة للتي قضتها إسرائيل في لبنان تحت العنوان عينه والشعار الذي من الممكن تحويره ليصبح سلامة جمهور حزب الله ومشروع إيران في لبنان والمنطقة.. وهل سيتطلب حزب الله بل بالأحرى إيران حوالي 20 سنة حتى تدرك ان سلامة لبنان هي في عدم التورط في الشأن السوري..؟؟؟ وهل يستطيع جمهور حزب الله ان يتحمل ضريبة حرب واستنزاف قد تمتد لعشرات السنوات وهي كذلك كما يبدو..؟؟؟؟ لقد استفاد نصرالله من الشعار والمفهوم الإسرائيلي أو التبرير الإسرائيلي للحرب الإستباقية للتورط فيها؟؟ فاستعمله بطلب إيراني ولكنه بالتأكيد لم يستطع بل لا يجرؤ على مصارحة جمهوره بان قرار الحرب والانسحاب من سوريا هو بيد إيران وليس بيده...؟؟؟
- لقد حاول نصرالله في خطابه ترهيب الدروز والمسيحيين بل الأقليات جميعها في المنطقة من خطرٍ قادم... معتبراً نفسه خارج هذه الدائرة...؟؟ أي انه منفتح واستيعابي ويحترم الرأي الآخر والأديان الأخرى والمذاهب الأخرى وان خطابه ليس طائفياً ولا مذهبياً..؟؟ ( فسأل «المسيحيين أترون ما يجري في سوريا؟ أين كنائسكم وراهباتكم ومطارنتكم؟ والمسلمون أيضاً أليس وضعهم نفس الشيء؟ وما هو وضع الدروز في السويداء؟). ولكن عودة بالذاكرة قليلاً إلى الوراء لنرى..؟؟ ونسأل أيضاً... من الذي احتل كنيسة لاسا... واراضي الوقف الماروني في بلاد جبيل...؟؟؟ ومن الذي يحتل مسجد الظاهر بيبرس واوقاف إسلامية سنية في لبنان..؟؟ ومن الذي اختطف المواطن اللبناني جوزيف صادر..؟؟؟ ومن الذي هاجم بلدة بيصور الدرزية وبلدة الشويفات الدرزية أيضاً في آيار/مايو، من العام 2008، بالمدفعية والصواريخ...؟؟؟ ومن كان يمارس دور التكفيري والإرهابي حينها .. اما اهل السنة فهم الطائفة المتهمة باحتضان قوى التكفير وهذا خطاب حزب الله منذ فترة... فهي متهمة اصلاً ومعاقبة دائماً من خلالكم وعلى يد جهاز امني يعمل لخدمتكم ولأجلكم كما يبدو...؟؟؟ ومشاهد 7 آيار/مايو عام 2008 الدموية والإجرامية والتكفيرية الإرهابية التي مارستها من خلال ميليشياتك وحرك امل التابعة للرئيس بري...لن ننساها بطلبٍ منك.. وانت الذي قلت لقد فعلناها حتى لا تنسوها.. ؟؟ ومن الذي يستعمل الشعارات الدينية في حربه تماماً كالمجموعات التي تتهمها بالتطرف...وهل من الممكن ترجمة شعار (لبيك يا زينب) (لن تسبى زيبن مرة ثانية)(يا لثارات الحسين) الذي يرفع في كل مكان بطلب من حزب الله وحركة امل... ما معناه وإلى ما يهدف..؟؟؟ وللثأر من اي فريق...؟؟؟؟؟
- وأضاف نصرالله مخاطباً جمهوره الغاضب لافتاً إلى: (أن «بعض الحلفاء والناس لديهم قلق ومخاوف بسبب الحكومة، وهناك من يقول إنهم سيطلقون الموقوفين نعيم عباس أو عمر الأطرش»، موضحاً أنه «إذا اعترف أحدهم بأمر ما، فلا أحد يستطيع إطلاقه، أياً كان وزير العدل»...) طالما ان لديك هذه الثقة المفرطة والبالغة بالقضاء.. لماذا لا تقوم بتسليم كل مطلوب لديك للمحكمة الدولية وحتى ذلك المطلوب بقضية النائب والوزير بطرس حرب، بدل الانتظار 300 سنة كما تهكمت سابقاً...؟؟ هل العدالة نسبية او استنسابية...؟؟ إذا طالت سواك ولو ظلماً نثق بالقضاء ومخابرات الجيش طبعاً..؟؟ وإذا طالتك وفريقك تصبح مؤامرة دولية وكونية....؟؟؟؟ لماذا لا تسمح بدخول الجيش إلى كافة المناطق التي تهيمن عليها لفرض السيطرة لا لتغطية أمنك الذاتي الذي انكرته، وهذا ليس صحيحاً أبداً... فجميع المواطنين يتحدثون عن المضايقات والانتهاكات غير الإنسانية وغير الأخلاقية التي يرتكبها عناصر تابعة لك ولحركة امل...؟؟ في الضاحية وغيرها..؟؟ والجيش مراقب لا اكثر ولا أقل...؟؟
لقد استفادت السعودية ودول العالم الغربي كما أشار نصرالله من تجربة أفغانستان وسوريا بالإبتعاد عن الانخراط في هذا الصراع او ذاك، حماية لأنظمتها او لاستقرارها... ولكن كما يبدو لم يستفد حزب الله أو بالأحرى النظام الإيراني من هذه التجربة وهذا التوجه بعدم الانغماس.. بل ربما تمت ترجمته على انه إخلاء للساحة لهذا الفريق ليمارس حقده وتعصبه وتنفيذ مضامين شعاراته على الشعب السوري الأعزل..؟ وظنت إيران وحلفاءها ان رفع شعار مكافحة الإرهاب ومحاربة القوى المتطرفة قد يدغدغ مشاعر دول العالم لغض طرف عن النظام السوري والسماح لبشار بالبقاء برعاية إيرانية وبوجود ميليشيا طائفية مذهبية تكفيرية متطرفة تابعة لإيران في سوريا.. وهذا يعني ان إيران ومن ورائها نصرالله لم يستفيدا من التجرية الإسرائيلية في لبنان ولا من تلك التجارب الدولية التي اشار إليها نصرالله واستدعت ابتعاد تلك الدول عن هذا الصراع وتجنب تداعياته.. اما الشراكة الوطنية المطلوبة فهي تتطلب مواقف وسلوك مختلف تماماً عما يتم تقديمه ولغة مختلفة عن التي يطلقها قادة حزب الله ومن معه... وبري اليوم في الخارج يحاول استثمار تطرف نصرالله وفريقه في خدمة اعتداله واستعداده للعمل المشترك لتهدئة الوضع وابعاد فريقه عن هذا المحور ولذا كانت الانطلاقة من الكويت على امل ان يحظى بالدعم المنشود..؟؟؟
المصدر : المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات