سوريا بين الحجاب والتشادور والحوزات الزينبية

بواسطة أحمد موفق زيدان قراءة 754

سوريا بين الحجاب والتشادور والحوزات الزينبية

 أحمد موفق زيدان

التاريخ: 22/7/1431 الموافق 04-07-2010

 

 قرار وزير التربية السوري علي سعد بنقل 1200 منقبة ومحجبة وليس منقبة فقط كما أذيع من المدارس التابعة لوزارة التربية السورية إلى وزارة الإدارة المحلية يذكر بقرارات النظام في مطلع الثمانينيات طرد آلاف المعلمين من الوزارة بحجة الغارة على العلمانية والمجتمع العلماني السوري، بينما في المقابل يلمس السوري حرية ونشاطا لا مثيل له للحوزات الزينبية في سوريا وصلت بحسب مصادر سورية إلى انتشار أكثر من تسعة وثلاثين حوزة زينبية شيعية بدعم إيراني في دمشق لوحدها، مما يُفرغ شعار الحكومة من محتواه وهو أن معركتها من أجل علمنة المجتمع ، وليست موجهة ضد طائفة أو فريق بينما الواقع على الأرض ينفي ذلك ويدحضه، فإن كان النقاب يشكل مشكلة للنظام السوري فأين هو من انتشار التشادور الإيراني البعيد كل البعد عن ثقافة العلمانية والبعيد كل البعد عن ثقافة المجتمع السوري أيضا ..

علمنة المجتمع لا يمكن فرضها بالقوة والعنف وبهذا الشكل الفج ومن قبل وزير معروف أنه ماركسي لديه مشكلة مع الإسلام والمتدينات بشكل مباشر، وكل من درسهم في جامعة دمشق يعرفون ذلك، والمعروف أيضا أن فرض العلمانية أو أي إيديولوجية لا يكون بالقوة وإنما بالتدرج هذا إن سلمنا بأن النظام بالفعل نظام علماني يريد تطبيق العلمانية، ففرضها بالقوة هذه سيولد ردات فعل وسيستفز ربما بعض الأطراف تكون تداعياتها خطيرة، ويكون بالتالي ضحيتها المجتمع السوري ونسيجه، فسوريا دولة مسلمة وشعبها مسلم ومجتمعها محافظ ولقد رأينا كيف تراجع رئيس النظام سابقا حافظ أسد عن قراره نزع الحجاب خلال الثمانينيات والتي قامت به سرايا الدفاع برئاسة رفعت أسد بعد أن لمس حافظ ردات فعل خطيرة في الشارع السوري إزاء القرار وتطبيقه ..

الطريقة العلمانية المعروفة بفرض هكذا قرارات تكون من خلال البرلمان إن كان ثمة برلمان ممثل للشعب ،حتى لو كان صوريا فعلى الأقل يمرر القرار هناك ليرى الشعب السوري ممن يدعون تمثيله فيما إذا كانوا بالفعل مؤيدين لقرار طرد المنقبات والمحجبات من التعليم أم لا، أما أن يفرض هكذا بقرار وزير صفته من المفترض أن تكون تنفيذية وليس تشريعية فهذا لم يحصل في أكثر الدول علمانية ..

النظام يسعى إلى بيع نفسه كنظام علماني وهو ما أكده الرئيس بشار الأسد في تصريحات لمحطة أميركية في الوقت الذي يتحالف فيه مع إيران والحركات الإسلامية الفلسطينية وكذلك مع حزب الله، ولكن بيع النظام نفسه كنظام علماني لم يعد يُسوّق كثيرا في الغرب بعد تحالفه الاستراتيجي مع إيران، وكذلك مع استهدافه لمعارضة علمانية ممثلة في تجمع إعلان دمشق لا علاقة لها بالإسلاميين، بعد أن سُسجن رموزها من أمثال السيد رياض سيف المريض بالسرطان والذي لا يزال في السجن، وكذلك المفرج عنهم فداء الحوراني رئيسة المجلس الوطني لتجمع إعلان دمشق التي قضت سنتين ونصف السنة في السجن ، والأستاذ جبر الشوفي، وأكرم البني ، ونفس الأمر ينطبق على علي العبد الله الذي لا يزال مسجونا بذريعة كتابة مقال في السجن عن ولاية الفقيه / هل هي سياسية أم دينية، على أساس أن مثل هذا المقال يضر بالعلاقات الإيرانية ـ السورية، والمضحك أن زعماء وأقطاب المعارضة الإيرانية المقيمون في طهران يصرحون ويكتبون أكثر مما يكتب علي العبد الله ومع هذا يحترمهم النظام الإيراني ولا يتعرض لهم، والسيد حسين فضل الله يرفض ولاية الفقيه ويعارضها وهو لا يزال يُعتبر مرشدا لحزب الله ويحظى باحترامه واحترام المراجع الشيعية ولم يتعرض له أحد، في حين علي العبد الله يعتقل بسبب مقال يتحدث فيه بشكل علمي محض عن سياق تطور ولاية الفقيه لدى الشيعة ..سوريا المأزومة على أكثر من صعيد ليست بحاجة إلى معارك جديدة يفتعلها النظام السوري مع شعبه فمن جهة هناك الجفاف الخطير الذي يضرب منطقة الجزيرة السورية والذي تسبب في تهجير أكثر من مليون سوري دفعت برنامج الغذاء العالمي إلى توزيع المساعدات على الأسر المحتاجة، في حين يُغيب الإعلام تماما عما يجري هناك، ومن جهة أخرى هناك التوترات الجديدة مع حزب العمال الكردستاني السوري حيث الاعتقالات والمواجهات التي تسببت في سقوط قتلى خصوصا إن إضفنا التوتر الكردي ـ التركي الأخير فإن هذا يعني أن الأزمة الكردية ـ التركية ستصيب سوريا إن لم تكن أصابتها بالفعل ، وهناك أزمة التوتر على صعيد العلاقة مع المعارضة السورية والاعتقالات والمحاكمات التي تزيد من توتير المجتمع السوري ....

سوريا المأزومة ليست بحاجة إلى مزيد من الجبهات ليفتحها النظام السوري .. فسوريا بلد مسلم وسياسة الكبت وملاحقة المحجبات والمنقبات تتناقض مع الهوية السورية التي قامت عليها سوريا الاستقلال ....مثل هذه التناقضات سيكون لها تفسير واحد وهو أن الاستقواء بالملفات الخارجية يبرر ضرب وقمع الداخل والبقاء في السلطة ...

 

المصدر: المصريون

 

 



مقالات ذات صلة