حقيقة موقف أهل السنة من آل البيت

بواسطة جمعية ابن باز الخيرية الإسلامية قراءة 5508
حقيقة موقف أهل السنة من آل البيت
حقيقة موقف أهل السنة من آل البيت

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة الدروس العلمية بمسجد الإحسان

الدرس التاسع عشر- الجمعة 22 ربيع أول 1429 هـ

 

حقيقة موقف أهل السنة من آل البيت:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:

من هم أهل البيت ؟

اختلفت أقوال أهل العلم في المراد بآل البيت على أقوال والراجح منها الذي دلت عليه الأدلة الصحيحة أن المراد بآل بيت النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم هم مَن تَحرُم عليهم الصَّدقةُ، وهم أزواجُه وذريَّتُه، وكلُّ مسلمٍ ومسلمةٍ من نَسْل عبد المطلب، وهم بنُو هاشِم بن عبد مَناف؛ و هم آل علي و آل جعفر و آل عقيل و آل العباس و بنو الحارث بن عبد المطلب .

 وقد ألْحَق بعضُ أهل العلم منهم الشافعيُ وأحمد بنِي المطلب بن عبد مَناف ببَنِي هاشم في تحريم الصَّدقة عليهم؛ لمشاركتِهم إيَّاهم في إعطائهم من خمس الخُمس؛ وذلك للحديث الذي رواه البخاري في صحيحه (3140) عن جُبير بن مُطعم، أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قال :" إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحدٌ إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام "

 فأمَّا دخول أزواجه رضي الله عنهنَّ في آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فيدلُّ لذلك قول الله عزَّ وجلَّ: }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِن ءَايَاتِ اللهِ وَالحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا{.

 فإنَّ هذه الآيةَ تدلُّ على دخولِهنَّ حتماً كما قال جماهير المفسرين ؛ لأنَّ سياقَ الآيات قبلها وبعدها خطابٌ لهنَّ، ولا يُنافي ذلك ما جاء في صحيح مسلم (2424) عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت: ((خرج النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم غداةً وعليه مِرْطٌ مُرَحَّل من شَعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثمَّ جاء الحُسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمةُ فأدخلها، ثمَّ جاء عليٌّ فأدخله، ثمَّ قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ؛ وتخصيصُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم لهؤلاء الأربعة رضي الله عنهم في هذا الحديث لا يدلُّ على قَصْرِ أهل بيته عليهم دون القرابات الأخرى، وإنَّما يدلُّ على أنَّهم مِن أخصِّ أقاربه كما قال شيخ الإسلام في رسالته فضل أهل البيت وحقوقهم .

 مُجملُ عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة في أهل البيت !

 عقيدةُ أهل السُّنَّة والجماعة وسَطٌ بين الإفراطِ والتَّفريط، والغلُوِّ والجَفاء في جميعِ مسائل الاعتقاد، ومِن ذلك عقيدتهم في آل بيت الرَّسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فإنَّهم يَتوَلَّونَ كلَّ مسلمٍ ومسلمةٍ من نَسْل عبد المطلِّب، وكذلك زوجات النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم جميعاً، فيُحبُّون الجميعَ، ويُثنون عليهم، ويُنْزلونَهم منازلَهم التي يَستحقُّونَها .

 قال ابنُ تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية: "ويُحبُّون (يعني أهل السُّنَّة والجماعة) أهلَ بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويتوَلَّوْنَهم، ويحفظون فيهم وصيَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال يوم غدير خُمّ: (أُذكِّرُكم الله في أهل بيتِي)"

علوُّ مكانة أهل البيت عند الصحابة وتابعيهم بإحسان:

أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه:

في صحيح البخاري (3542) عن عُقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: "صلَّى أبو بكر رضي الله عنه العصرَ، ثم خرج يَمشي، فرأى الحسنَ يلعبُ مع الصِّبيان، فحمله على عاتقه، وقال: بأبي شبيهٌ بالنبي لا شــبيــهٌ بعلي ".

عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما:

 وفي سير أعلام النبلاء للذهبي وتهذيب التهذيب لابن حجر في ترجمة العبَّاس: (كان العبَّاسُ إذا مرَّ بعمر أو بعثمان، وهما راكبان، نزلاَ حتى يُجاوِزهما إجلالاً لعمِّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).

ولقد تواتر النقل على ثناءِ أهل العلم على جماعة من الصحابة والصحابيات بل وحتى التابعين من أهل البيت.

أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضي الله عنه:

وقال ابن عبد البر في الاستيعابً (3/47): ((وسُئل الحسن البصري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟ فقال: كان عليٌّ والله! سَهماً صائباً من مرامي الله على عدوِّه، وربَّانيَّ هذه الأمَّة، وذا فضلها وذا سابقتها وذا قرابتِها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لَم يكن بالنومة عن أمر الله، ولا بالملومة في دين الله، ولا بالسروقة لمال الله، أعطى القرآن عزائمَه، ففاز منه برياضٍ مونِقة، ذلك عليُّ بن أبي طالب يا لُكَع!))

ابنةُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة رضي الله عنها:

عن عائشة أمِّ المؤمنين رضي الله عنها قالت: ((ما رأيتُ أحدًا أشبهَ سَمْتاً ودَلاًّ وهَدْياً برسولِ الله في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم )) رواه أبو داود (5217) والترمذي (3872)، وإسناده حسن.

محبة الصحابة و التابعين من آل البيت لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عامة وأبي بكر وعمر وعثمان خاصة :

عليٌ رضي الله عنه وأرضاه من فرط محبته للخلفاء الثلاثة قبله سمى بعض أولاده بأسمائهم وهم : أبو بكر بن علي بن أبي طالب ، عمر بن علي بن أبي طالب وعثمان بن علي بن أبي طالب .وسمى الحسن أولاده بأبي بكر بن الحسن ، وبعمر بن الحسن ، وطلحة بن الحسن ، والحسين سمى ولده عمر بن الحسين وسيد التابعين علي بن الحسين زين العابدين الإمام الرابع سمى ابنته عائشة ، وسمى عمر .

مقارنة بين عقيدة أهل السُّنَّة وعقيدة غيرهم في أهل البيت:

 تبيَّن مِمَّا تقدَّم أنَّ عقيدةَ أهل السُّنَّة والجماعة في آل بيت النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَسَطٌ بين الإفراط والتفريط، والغُلُوِّ والجفاء، وأنَّهم يُحبُّونَهم جميعاً، ويتوَلَّونَهم، ولا يَجْفُون أحداً منهم، ولا يَغلُون في أحدٍ، كما أنَّهم يُحبُّون الصحابةَ جميعاً ويتوَلَّونَهم، فيجمعون بين مَحبَّة الصحابةِ والقرابة، وهذا بخلاف غيرِهم من أهل الأهواءِ، الذين يَغلون في بعض أهل البيت، ويَجفُون الكثير منهم ومن الصحابة رضي الله عنهم.ومِن أمثلة غُلُوِّهم في الأئمَّة الاثني عشر من أهل البيت وهم عليٌّ والحسن والحُسين رضي الله عنهم، اعتقادهم أنَّ الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عزَّ وجلَّ في أرضه، وأبوابُه التي منها يُؤتى وكذلك أنَّ الأئمَّة عليهم السلام يعلمون علمَ ما كان وما يكون، وأنَّه لا يخفى عليهم الشيءُ صلوات الله عليهم و غير ذلك من هذا الغثاء .

و إليك بعضاً من الشبه التي يلقي بها المرجفون لينالوا بدءاً من عقيدتنا ومن ثم التلبيس على شبابنا...

قولهم أن علياً رضي الله عنه هو أحق بالخلافة من أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين.

مستدلين بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في علي بن أبي طالب: ( من كنت مولاه فعليّ مولاه). رواه الترمذي من حديث زيد بن أرقم وصححه الألباني رحمه الله  . وجاء عن ستة من الصحابة: ( من كنت وليّه فعليّ وليّه (وليس في هذا الحديث أن عليًا أحق بالخلافة.

يقول الإمام الشافعيُ والطحاويُ رحمهما الله:" إن الحديث لا يدل على أن عليًا أحق بالخلافة، وإنما هو ولاء الإسلام كقوله تعالى} إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون{، ففرق بين علو المنْزلة، وبين الاستحقاق للخلافة.

قولهم " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " - صحيح مسلم - تعني خلافة عليّ .

لما قال المنافقون إنما استخلف النبي صلى الله عليه و سلم عليا في تبوك لأنه يبغضه , خرج عليّ إلى النبي وقال تتركني مع النساء والأطفال، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يطيب قلب عليّ رضي الله عنه وأبان له أن الاستخلاف لا يوجب نقصاً له، لأن موسى استخلف هارون عليهما السلام على قومه فكيف يعدّ ذلك نقصاً، فرضي علي رضي الله عنه بذلك (فقال: رضيت .. رضيت).

اتهامهم لأمنا عائشة رضي الله عنها بقتال علي والتأليب عليه !

و خلاصة اعتقاد أهل السنة والجماعة في ذلك أن أم المؤمنين اجتهدت في الصلح بين الصحابة رضوان الله عليهم ولم تخرج رافعة للواء الحرب كما زعم المبطلون لذلك في الحديث الذي أخرجه أحمد عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "سيكون بينك وبين عائشة أمر " قال فأنا أشقاهم يا رسول الله قال " لا ولكن إذا كان ذلك فأرددها إلى مأمنها "

جمعية ابن باز الخيرية الإسلامية - رفح .

 



مقالات ذات صلة