جمال سلطان
29-7-2012
المشهد المروع الذى يراه العالم هذه الأيام والمتمثل فى دبابات تحاصر مدنا وتدكها بنسائها وأطفالها شيوخها ورجالها وطائرات الهليوكوبتر وهى تتبختر فوق السكان آمنة من عدم امتلاكهم أى مضادات تتعامل معها وتقوم بقصف المساجد والمدارس والبيوت وتدكها على رؤوس من فيها والطائرات الحربية ثابتة الجناح التى تقوم بطلعات متتالية تزمجر فى السماء على ارتفاعات منخفضة لتصبب الحمم على البيوت والكائنات ومنصات الصواريخ وهى منصوبة باتجاه المدن، هذا المشهد الرهيب لم يره العالم خلال السنوات الأخيرة إلا مرتين، مرة فى قطاع غزة التى حاصرها جيش الصهاينة وفعلوا فيها كل ما حواه ذلك المشهد المذكور،
وجيش بشار الأسد فى مدينة حلب ثانى أكبر المدن السورية الذى يرتكب مذابح وجرائم ضد الإنسانية من خلال استباحة شعبه فى مشهد أسطورى ممتد منذ أشهر، والمثير للشفقة والاشمئزاز أن إعلام المجرم الدموى بشار يتحدث عن هذا الحصار للمدينة والحملة المروعة بالطائرات والدبابات والصواريخ والمروحيات بأنها "أم المعارك"، وهو تعبير يكشف عن عمق الهوة التى تفصل بين هذا الرجل والشعب الذى ابتلى به هو وأبوه من قبله،
فأبوه نصب الصواريخ والدبابات حول مدينة حماة قبل حوالى ثلاثين عاما وحولها إلى ركام وأطلال وقتل فيها قرابة عشرين ألف مواطن سورى، ونجله الآن يعيد الكرة مرة أخرى وأباد من الشعب السورى حتى الآن تسعة عشر ألف رجل وطفل وامرأة، وهو يتباهى أمام العالم بأنه يواصل قتل شعبه ويخوض ضده "أم المعارك"، لعل بعض السذج يتساءلون عن "أم المعارك" لنظام ادعى طويلاً أنه رمز للمقاومة والممانعة ضد الصهاينة، ألم تكن أم المعارك المفترضة مع العدو الصهيونى، الذى لم يطلق بشار الأسد طلقة "طبنجة" واحدة تجاهه منذ توليه السلطة ولو عن طريق الخطأ رغم كل ما فعله الصهاينة فى لبنان وغزة وفى سوريا نفسها حيث قصفوا المنشآت وتبختر طيرانهم فوق الأراضى السورية فابتلع "الغضنفر" لسانه، وابتلع الهوان والذل،
أما فى مواجهة شعبه الثائر والباحث عن الحرية والكرامة والديمقراطية ودولة القانون والعدل والآدمية للبشر، فقد تحول إلى "أسد" هصور يستخدم كل ما لديه من ترسانة أسلحة ثقيلة وصواريخ وطائرات، وهو مدرك أن شعبه لا يملك سلاحاً حقيقياً ثقيلاً، ولو كان الثوار يمتلكون الأسلحة المضادة للطائرات أو الصواريخ لأنهوا المواجهة مع هذا الطاغية الصغير قبل عام كامل من الآن، هو يعرف أن العالم يتفرج على مذابحه ويعرف أن هناك تواطؤاً أمريكياً روسياً إيرانياً لإقامة إمارة طائفية صغيرة له على الساحل السورى كجزء من مخطط لتقسيم سوريا، ويعرف أن الثوار السوريين يرفضون أى مشروع من هذا القبيل،
لذلك لا يصلهم السلاح، إلا من تبرعات مواطنين عرب فى مختلف أنحاء العالم تحاول أن توصل للثوار شيئاً من السلاح البسيط الذى يدفعون به عن أنفسهم هذا الوباء وما ينضم إليهم من شرفاء قادة جيش النظام الذين أبت ضمائرهم أن يكونوا قتلة لشعبهم، ولا يفعل العالم "الإنسانى" سوى مهاترات فى مجلس الأمن وتحجج بأن هذه الدولة أو تلك تستخدم الفيتو فى حين استباحوا قبل ذلك بلاداً ودولاً وشعوباً بلا مجلس أمن ولا فيتو، يعرف بشار الأسد أن الشعوب لا تهزم وأن ثورات الشعوب إذا دفعت ضريبة الدم فهى منصورة بإذن الله، وأنه سيهزم حتماً طال الوقت أو قصر، وأنه لن يحكم سوريا بعد اليوم أبداً، يعرف ذلك والعالم كله يعرف ذلك،
ويعرف أن الثورة ستقتلع نظامه وستعيد بناء سوريا الحضارة والتاريخ والمدنية والحرية والأمل من جديد، يعرف ذلك بشار، ولكنه يريد أن يقول للجميع إنه لن يتركها إلا ركاماً وخراباً، ومن الواضح أن هذا الإجرام والتفكير يلاقى ترحيباً غير معلن من دول عديدة فى المنطقة وفيما وراء البحار
المصدر: موقع المصريون