" سماحة السيد " والمتاجرة بدماء الشهداء
الثلاثاء3 من محرم1430هـ 30-12-2008م
شريف عبد العزيز
الخبر:
مفكرة الإسلام: هاجم حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني عدة دول عربية سنية، ودعا المصريين للثورة علي حكومتهم وفتح المعابر بالقوة .
التعليق
في خضم الحرب الشاملة التي يشنها ألد أعداء الأمة ضد جزء غالي من أرضها، ووسط أكوام الأشلاء الممزقة والمبعثرة في الطرقات وتحت الأطلال وفي ساحات المساجد المدمرة، في هذا الوقت العصيب ليس فقط علي أهل غزة العزة وحدهم ، بل علي الأمة بأسرها وهي تشاهد وتري وتسمع في التو واللحظة ما يجري هناك،والإحساس بالعجز يلف نفوس المسلمين ويقهر قلوبهم، وهم يرون ذلك كله ولا يملكون إلا الصراخ، وعلي قدر الألم يكون الصراخ،في هذا الوقت العصيب والمصيري في حياة الأمة والذي يحتاج لتكاتف الجهود وتوحيد الصفوف ،وإصلاح ذات البين، واللجوء إلي الله عز و جل ،ترك التدابر والتشاحن والتلاسن عن من الملوم ومن المدان ومن العميل ومن الخائن،وإلي آخر قائمة الاتهامات المتبادلة بين العرب والمسلمين.
وفي هذا الوقت يخرج علينا حسن نصر الله بخطبة من خطبة النارية، حضرها الألوف من أنصاره، خرج علينا لا ليعلن الجهاد علي العدو الصهيوني، ولا ليعلن عن مفاجأة من مفاجأته التي كان يهدد بها الصهاينة أيام حرب يوليو 2006، ولا ليعلن عن نية حزب الله توجيه كتائب المجاهدين! لشمال إسرائيل لتخفيف الضغط الصهيوني علي أهل غزة العزل، أو حتى التلويح بالصواريخ الإيرانية المتقدمة والتي يمتلك حزبه كميات ضخمة منها، و تمتلئ بها مخازنه، بل إن " السيد " لم يشر من بعيد أو قريب عن نيته المشاركة في الدفاع عن غزة الصامدة، وجعل جل خطابه لمهاجمة عدة دول عربية هي كلها بالنسبة سنية، واتهامهما بالخيانة والمشاركة في خنق غزة، بل ذهب لأبعد من ذلك عندما دعا الشعب المصري للثورة علي حكومته والخروج بالملايين لفتح المعابر بالقوة، واستخدم نفس عباراته الطنانة وتشبيهاته الثورية المستوردة من جيل الثورة وخطبائها.
" سماحتة " في خطبته العصماء قرر ومن اللحظة الأولي استغلال الحدث لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب يجبر بها الصدع الذي أصاب سمعة حزبه نتيجة جرائمه الطائفية بحق أهل السنة في بيروت، واستغلال حالة العجز الرسمي والصمت المريب والمرير الذي عليه الحكومات العربية، من أجل إستعادة بريقه وزخمه الذي اكتسبه خلال حرب يوليو2006، عندما كانت تهتف باسمه الجماهير وتنادي به زعيماً للأمة الإسلامية والعربية، وهي نفسها التي أفاقت علي حقيقته وهو يدفع رجاله وكوادر حزبه لتدمير بيروت الغربية والاشتباك مع أهل السنة، لتري فيه معمماً طائفياً ولاءه وبوصلة تحركاته إيرانية الهوى والهوية.
" سماحة السيد " قرر استغلال النازلة للترويج لمبادئ التشيع الجعفري، والتأكيد على ذلك من أول كلمة في خطبته العصماء، عندما بدأها بداية شيعية محضة، ونحن لا نلومه علي ترويجه لتشيعه فهذا دأبه ودأب كل شيعي ورافضي على مر العصور، ولكن الذي لا يقبل منه أبداً أن يستغل " سماحة السيد " آلام المسلمين، ويتاجر بدمائهم وجراحاتهم من أجل هذا الترويج الطائفي وهو يطرح عليهم شعاره الجديد [التشيع هو الحل] ويطلق دعاوي التحريض والتثوير في الشعوب المسلمة لخلق حالة شاملة من الفوضى تعمق الجراحات وتزيد الفرقة والتخاصم بين أبناء الأمة.
ولا يظن من ذلك الكلام أننا ندافع عن المواقف المتخاذلة للحكومات العربية والإسلامية، فنحن قد نفضنا أيدينا من الرسميين العرب ومنذ أمد بعيد،ولا نناشدهم بالتحرك أو الضغط كما ترتفع الأصوات كلما نزلت بالأمة نازلة ،ولكننا لا نرضي أبدأً المتاجرة بدم الشهداء وآلام الجرحى ودموع الثكالى من أجل تحقيق مكاسب حزبية و سياسية و طائفية .
نصر الله كان فجاً في التحريض والتصدير حتى أنه في خضم اندفاعه في تحقيق لأجندة مرجعياته شرقاً، نسى أن يندد أو يهدد الكيان الإسرائيلي ولو بصاروخ واحد كما سبق وأن طلب منهم ذلك الداعية السني فتحي يكن ، وبدا أن خطابه المدوي فقط للترويج لمبادئ الثورة الإيرانية وخداع الجماهير مرة أخرى.
ومن فجاجة هجومه اللاذع علي الدول السنية وتمجيد الفرس، نصحه المقربون بتخفيف حدة الخطاب في اليوم التالي، فدعا في خطابه الذي ألقاه اليوم إلى إنتفاضة فلسطينية ثالثة والتركيز علي مقاتلة الصهاينة، مع المحافظة على لهجة التطمين للجانب الإسرائيلي بأن حزبه المجاهد! لن يشترك في المعركة ولو بطوبة تلقي علي شمال إسرائيل.
ورغم هذا الموقف غير المستغرب من سماحة السيد إلا إننا نقول له لقد أحسنت صنعا سماحة السيد حسن، فما ازداد الناس فيك وفي حزبك ومنهجك و عقيدتك إلا بصيرة، ولم تعد خطبك الطنانة تحرك الجماهير وتعبث بعقولهم وتهز أفئدتهم، ولم تخرج الصحف لتبرز خطاباتك وتنشر صورك المنمقة، ولم يستجب لدعوتك بالثورة أحد لأن المستور قد انكشف، والمتاجرة الفجة بدماء الشهداء قد بدت في أجلى صورها.
وأخيراً شكراً جزيلاً " سماحة السيد " علي إعادة الوعي للجماهير التي سبقت وأن خدعت بالشعارات الكاذبة.