السودان نحو مزيد من الاختراق الإيراني
أحمد الغريب
تتابع تل أبيب بقلق كبير العلاقات الخارجية لإيران وتترقب أي محاولات من قبل طهران لكي تشعب من علاقاتها مع بعض الأطراف والجهات الإقليمية , وتنظر إسرائيل بعين الخطر لما تردد في الآونة الأخيرة عن دخول طهران في تحلف عسكري جديد مع السودان وهو ما اعتبرته تهديدا لمصالحها الإستراتيجية .
حيث أورد موقع "ديبكا" "الإسرائيلي" تقريراً نقلاً عما أسماه بمصادره العسكرية الخاصة , حول تنامي العلاقات العسكرية بين إيران و السودان , بهدف التسهيل على طهران لكي تصبح قريبة من قطاع غزة وسيناء ومصر وإيلات ومن مناجم اليورانيوم في دولة تشاد.
وتؤكد مصادر الموقع أن وزير الدفاع الإيراني اللواء مصطفي ناجر , ووزير الدفاع السوداني اللواء عبد الرحيم حسين , والذي كان يشغل في السابق منصب قائد القوات الجوية وعين في منصبه الجديد منذ حوالي شهر, وقعا في العاصمة الإيرانية طهران على عدة اتفاقيات للتعاون العسكرية , تعطي الإمكانية لإيران من أجل إقامة قاعدة عسكرية في السودان , وبذلك تكون إيران قد أحكمت من قبضتها على مصر وإسرائيل.
وذكر الموقع أن تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك خلال زيارته لبعض المواقع العسكرية الواقعة شمال إسرائيل , المح خلالها لوصول معلومات إلي إسرائيل بشأن الاتفاق الإيراني – السوداني , حيث أكد في تلك التصريحات أن النشاط مستمر على الجانب الآخر من الحدود , لكن إسرائيل الدولة الأقوى في المنطقة وأدعو من هم في الطرف الثاني من الحدود لعدم الاحتكاك بنا , وذكرت مصادر الموقع أن قوة الجيش الإسرائيلي , تدفع باقي الأطراف لتنامي قوتها , وتدفع إيران لمساعدة الفصائل الفلسطينية وحزب الله وكذلك سوريا من أجل تعاظم قوتها.
وأشارت المصادر ذاتها إلي أن الآونة الأخيرة شهدت تنامي للقوة الإيرانية وانتشارا إيرانياً حول إسرائيل , وقالت تلك المصادر أن قوة الجيوش لا تقاس فقط بقدراتها وبعدد الصواريخ والطائرات التي يمتلكها ولكن بقدرتها على الردع , وفي تلك المرحلة التي تحكم فيها إسرائيل حكومة بقيادة أولمرت وبارك وتسيفي ليفني , فأن قدرة الردع الإسرائيلية غير فعله.
وأوردت مصادر الموقع نص الاتفاق العسكري الذي وقعت عليه إيران والسودان بهدف ترسيخ التعاون فيما بينهما والذي تضمن مساعدة إيران للسودان عسكرياً والمساهمة في تحول الجيش السوداني من استخدام السلاح الروسي والصيني لاستخدام السلاح والذخيرة الإيرانية , وكذلك اتفق على أن تقوم إيران بمنح تخفيضات تصل إلي 50% على مبيعات السلاح الإيراني للسودان , وكذلك اتفق على أن تقوم إيران بمساعدة السودان في بناء قاعدة صناعية عسكرية , لإنتاج السلاح الإيراني الذي تحتاجه الخرطوم.
وبحسب الموقع "الإسرائيلي" فأن الجانبين السوداني والإيراني اتفقا على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لبحث النشاط الإيراني – السوداني في مجال الدفاع على مصالح البلدين , وستعمل تلك اللجنة بالتنسيق مع لجنة الارتباط العسكرية الموجودة في الوقت الحالي بين سوريا وإيران.
كما جرى الاتفاق بين الجانبين على أن لا تسمح كلا الدولتين لأي أطراف خارجية بالاعتداء عليهما , واتفق كذلك على أن يتم تبادل الوفود العسكرية بين البلدين والتنسيق بين مختلف أذرع الجيش المختلفة في السودان وإيران , وكذلك جرى الاتفاق على تبادل الممثليات العسكرية , وبحسب الاتفاق بين البلدين ستقوم إيران بتقديم المساعدة للسودان من أجل التخطيط لبناء مواقع إستراتيجية , مثل الحقول النفطية والموانئ والسدود على نهر النيل.
وكشف الموقع الإسرائيلي عن زيارة قام بها وفد عسكري إيراني للسودان مؤخراً , حيث قام الجانب السوداني بترتيب زيارة لكافة المواقع العسكرية الحساسة في السودان , لأستعرض أهم المشاكل التي تواجه الخرطوم في الدفاع عن تلك المواقع , كما زار الوفد الإيراني منطقة دارفور الواقعة على طول الحدود السودانية – التشادية وكذلك السدود السودانية الواقعة على نهر النيل.
كما كشف الموقع عن اتفاق الجانب الإيراني مع السودان على القيام بمهام التدريب وكذلك إرسال مرشدين عسكريين لتدريب وحدات الجيش السوداني العاملة في دارفور , وسيقوم الجانب الإيراني من أجل التمويه على نشاطه العسكري في دارفور ببناء عدة مصانع في تلك المنطقة , وكذلك مستشفي عسكري لخدمة الجيش السوداني.
وتؤكد المصادر المخابراتية للموقع الإسرائيلي أن ذلك ليس هو التواجد الأول من نوعه لإيران في دارفور , ففي نهاية عام 2006 وافقت السودان سراً على السماح لإيران بنشر مجموعة من عملاء المخابرات الإيرانية على طول الحدود مع دولة تشاد بهدف القيام بثلاث مهام رئيسية:
1. السيطرة على العناصر القبلية في تشاد التي يعتبر أتباعها القوى البشرية العاملة في حقول اليورانيوم في شرق تشاد بهدف السيطرة عليهم.
2. السعي من أجل الارتباط ببعض العناصر التشادية القادرة على التعامل بشكل جيد مع تنامي النفوذ الليبي في تشاد.
3. القيام عن طريق تشاد بالاتصال بجهات إرهابية في أفريقيا, التي تقوم بمحاربة محاولات السيطرة الأجنبية على أفريقيا خاصة من قبل أمريكا وإسرائيل.
وتساءلت المصادر ذاتها عن سبب تزامن زيارة وزير الدفاع السوداني لطهران وقيام الصحف السودانية بنشر أنباء عن قيام أجهزة الأمن السودانية بالعثور على معدات تعقب إلكتروني خاصة بجهاز الموساد الإسرائيلي كان بعض العاملين في شركات النفط الأمريكية بزرعها في عدة منشآت عسكرية في السودان , دون أن يكشف الجانب السوداني عن أسم الشركة.
وذكرت تلك المصادر أن محاولة إقحام أحدى الشركات الأمريكية العاملة في السودان في نشاط مخابراتي مع جهاز الموساد الإسرائيلي , أدى إلي إثارة مخاوف واشنطن وتل أبيب , وإلي وجود اعتقد بأن الخرطوم ستشرع في تنفيذ سياسة معادية لأمريكا وإسرائيل والارتباط بمحور إيران.
خلفية عن العلاقات السودانية – الإيرانية :
تجدر الإشارة إلي أن العلاقات السودانية – الإيرانية وصفها المراقبون في السودان في الآونة الأخيرة إستراتيجية ومتينة , وأن الجانبين يدفعهما في الوقت الراهن التطلع المشترك نحو ما هو أكثر عمقا ومتانة وتطورا.
وفي عهد حكومة الرئيس السوداني عمر البشير وفي بداية التسعينات على وجه الخصوص بلغت العلاقات بين الخرطوم وطهران قمة في التطور الايجابي في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية هذا فضلا عن تبادل الزيارات بين كبار المسئولين على مستوى الرؤساء حيث زار الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رافسنجاني الخرطوم في العام ۱۹۹۷ في وقت كان السودان يشهد فيه حصارا اقتصاديا وسياسيا ودبلوماسيا في إطار عزلة شاملة فرضت عليه بعد إدراجه في قائمة الدول الراعية للإرهاب كما زار السودان أيضا الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي قبل عامين فيما شهدت طهران أيضا زيارة للرئيس السوداني عمر البشير وصفت بأنها تاريخية.
ويرجع كثير من المراقبين بالداخل والخارج التطور الكبير الذي شهدته العلاقات الثنائية بين البلدين في عهد حكومة الرئيس البشير إلى عدة أسباب أهمها التوجه الإسلامي المشترك لكلا البلدين، والاستهداف الخارجي لهذا التوجه حيث تشعر كل من الخرطوم وإيران إنهما تواجهان عدوا مشتركا يستهدف محاصرة وإزالة التوجه الحضاري الإسلامي السائد في البلدين، وينظر السودانيون إلى تجربة النموذج الإيراني في إدارة الدولة بعد نجاح الثورة الإيرانية على انه نموذج يجب أن يحتذي، وان استمرار نجاح التجربة الإيرانية يمثل دافعا قويا لاستمرار مثيلتها السودانية في إقامة الدولة الإسلامية, حسبما أكدت مصادر إعلامية سودانية.
هذا وسبق أن تم توجيه الاتهام للبلدين بالتنسيق من أجل دعم الإرهاب الدولي وتم تصنيف البلدين باعتبارهما من الدول الداعمة للإرهاب واتهمت طهران بإنشاء معسكرات لتدريب الأصوليين الإرهابيين في السودان وبتمويل منها مما زاد استحكام العزلة على البلدين وقد كان دافعا لتمتين وتقوية علاقاتهما باعتبار إنهما يواجهان عدوا ومصيرا مشتركا.
وتقول مصادر سودانية أن إيران لم تكن بعيدة عن القضايا السودانية في يوم من الأيام فقد شكلت تلك القضايا محور اهتمام مستمر لدى طهران التي حاولت فلك طوق الحصار الذي ظل يعاني منه السودان كثيرا في الفترة الماضية حيث قامت بعدد من المبادرات لإصلاح علاقات السودان مع بعض جيرانه حيث لعبت دور الوسيط لتطبيع العلاقات السودانية الأوغندية والتي لعب فيها الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رافسنجاني دورا بارزا ، كما قام بمساع أخرى لتقريب وجهات النظر بين السودان واريتريا ولما كانت العلاقات الإيرانية العربية في وقت سابق يشوبها بعض التوتر وكذلك العلاقات الإيرانية الغربية حصرت طهران جهود الوساطة لفك حصار السودان وقتها على الدول الإفريقية وقد نجحت في ذلك , على حد قول تلك المصادر.