السياحة الدينية الإيرانية.. بين محمد القضاة وبسام العموش

بواسطة أسامة شحادة قراءة 916
السياحة الدينية الإيرانية.. بين محمد القضاة وبسام العموش
السياحة الدينية الإيرانية.. بين محمد القضاة وبسام العموش

أسامة شحادة

10-5-2013

أثارت مشاركة وزير الأوقاف، د. محمد القضاة، في مؤتمر الحوار والتقريب ببغداد، وكلمته ونشاطاته هناك، عاصفة من الجدل، زادها بتوضيحاته ومقابلاته عند عودته إلى عمان.

فقد أصدر حزب الوسط الإسلامي بياناً انتقد فيه القضاة، مما جاء فيه: "نظر حزب الوسط الإسلامي باستغراب إلى تحركات وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية محمد نوح القضاة باتجاه التطبيع مع الطائفة الشيعية، خاصة بعد زيارته لأضرحة أئمتهم في جنوب العراق، وكذلك زيارته لمرجع الشيعة آية الله السيستاني وترحيبه بتفعيل السياحة الدينية الشيعية إلى ضريح الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.

إننا ونحن ننظر بكل استهجان لمثل هذه الزيارات والتصريحات نتساءل: ألا يعلم معاليه ما يعانيه إخواننا في سورية من قتل وحشي من قبل النظام السوري بمباركة من مرجعيات الشيعة في النجف وكربلاء وقم، ونعلم كذلك جهود الدولة الصفوية في إيران في تشييع المنطقة بكل الأساليب الترغيبية والترهيبية، عدا عن الدعم العسكري والبشري الذي لا يخجلون من المجاهرة به للنظام الوحشي.

لقد كان بودنا أن يعبر وزير الأوقاف عن ضمير الشعب الأردني فيرفض التطبيع مع غلاة الشيعة، وأن يشترط عليهم أن يوقفوا مدّهم ودعمهم للنظام المجرم في سورية، ويوقفوا كذلك المد الصفوي الذي يريد السيطرة على العالم الإسلامي من خلال التشيع والتمسح بحب آل البيت الكرام".

أما القضاة فردّ على ذلك بتحذير حزب الوسط  -الذي كانت تتردد معلومات عن نية القضاة أن يكون أحد مرشحيه في الانتخابات النيابية الماضية - من السقوط فريسة الصراعات الإعلامية!

ويهمنا هنا التركيز على تبني وتشجيع القضاة للسياحة الدينية الشيعية/ الإيرانية، وهو الأمر الذي أكد على تبنيه في لقائه على قناة الحقيقة الدولية، ومع برنامج الوكيل، مما أثار جدلاً كبيراً.

فموضوع السياحة الدينية له بعد ديني وسياسي. فالبعد الديني يشمل حقيقة الخلاف بين السنة والشيعة وحجمه، وهل هذه فعلاً سياحة دينية مشروعة؟ وهل تتصادم هذه السياحة مع عقائدنا وشعائرنا أم لا؟ وهذا سجال لا نريد أن نخوض فيه الآن، ونقصر حديثنا على البعد السياسي من السياحة الدينية الشيعية/ الإيرانية، ونجمله في النقاط التالية:

1 - لماذا تجعل إيران السياحة الدينية على رأس أجندتها للتعاون مع الدول السنية مثل الأردن، ومصر، والعراق، وسورية؟ لماذا الحرص على إغراق هذه الدول بطوفان من السياح الإيرانيين يصل الملايين؟

2 - لماذا، في المقابل، لا تعد إيران بلدا سياحيا؟ لماذا تنعدم حرية المواطن الإيراني، فضلاً عن السائح في إيران، بينما يطلب منا الحرية المطلقة لملايين الإيرانيين في بلادنا؟

3 - هل الشعب الإيراني قادر فعلاً على السياحة ويرغب فيها، بينما المعروف أنه غير قادر على توفير مستلزمات الحياة؟! وقد سمعنا عن أزمة الدجاج في طهران قبل مدة، والغلاء والتضخم والبطالة التي يعاني منها المواطنون هناك، فمن الذي يحرك هؤلاء السياح ويدفع نفقاتهم ويختارهم؟

4 - ألم تظهر آثار سلبية للسياحة الدينية الإيرانية على الدول التي قبلت هذه السياحة؟ ففي العراق، وجدنا أنهم بحجة السياحة قاموا بتوطين مئات الآلاف من الإيرانيين في النجف وكربلاء، ومن ثم تحولت إلى شبه قطعة من إيران، وصولاً إلى السماح لشركات إيرانية خاصة بحماية السياح الإيرانيين في العراق، في شرعنة واضحة للسلاح الإيراني على أرض العراق!

ألم يحدث هذا في سورية في منطقة السيدة زينب التي أصبحت وكأنها مستوطنة إيرانية فارسية في قلب دمشق العروبة والإسلام؟

ومؤخراً، صدر في القاهرة كتابان يرصدان السياحة الدينية الإيرانية، هما: "مصر والشيعة بين صراع الماضي وخطر المستقبل" للدكتور حمدي عبيد (عن مركز التنوير للدراسات الإنسانية)، و"المَدُّ الشيعِيُّ في مِصر.. آليَّات التغلغُل وطَرائِق المُدافَعة" للكاتب والباحث الهيثم زعفان (عن مركز الاستقامة للدراسات الاستراتيجية).

5 - ألم يثبت أن إيرانيين ولبنانيين شاركوا، لأسباب طائفية، في قتل الشعب السوري الثائر تحت غطاء السياحة الدينية لسورية، وقد ألقي القبض عليهم من قبل الجيش الحر؟

6 - أليس باسم حماية المزارات السياحية الدينية الشيعية قام "لواء اليوم الموعود–لواء أبي الفضل العباس" العراقي، و"حزب الله" ورئيسه في لبنان، بالتدخل العسكري العلني لدعم إجرام قوات الأسد ضد الشعب السوري، إنما بحجة حماية هذه المزارات؟

هذه أسئلة أوجّهها للدكتور القضاة وأنتظر إجابتها منه؛ هل نحن أمام سياحة دينية بريئة، أم نحن نواجه غزوا عسكريا سافرا لا يعترف بسيادة وطنية أو علاقات طبيعية متبادلة؟ وذلك بدلاً من حديثه المرسل في العموميات، وهو يتعامى في ذات اللحظة عن أنهار الدماء وأكوام الجثث والأشلاء التي تتكاثر بمرور الأيام، بسبب تقاعس أمثاله من الدعاة عن الصراحة والوضوح مع من يغتصب ويذبح ويفجر بدون رحمة، ثم يدعونا للحوار والتقريب تحت المكيفات وفي فنادق الخمس نجوم!

وأختم هذا المقال برؤية د. بسام العموش للسياحة الدينية الإيرانية. وميزة هذه الرؤية أنها تصدر عن شخص شغل منصب السفير الأردني في طهران، وعُرضت عليه قضية السياحة. وقد عرض العموش هذه الرؤية في حوار على قناة العباسية، منشور في موقع "يوتيوب"، وقد قال فيه: "طلب الإيرانيون تشجيع السياحة الدينية، يعني يريدون إقامة مطار في الكرك من أجل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وكل يوم يأتي ألف زائر. وكل الناس يعرفون أن الحاج الإيراني يأتي ويذهب لدمشق بـ50 دولارا، يعني مجاناً على حساب الدولة.

وهذا ما كانوا ينوون عمله هنا؛ كل يوم ألف سائح يعني حركة فنادق ومطاعم، إغراءات اقتصادية كبيرة جداً.

كان جوابي أنا لا أملك هذا القرار لكن أنا أشجعه. لكن أنتم كنتم تذهبون للحج وتحولون الحج لمظاهرات، فاصطدمتم بالسعودية ودفعتم الكلفة: 400 إنسان قتلوا. ولكن بعد توقيع الاتفاقية الأمنية مع السعودية، أصبحتم تحجون عادي وتعودوا عادي وانتهى الأمر.

إذا أردتم علاقة مع الأردن تفضلوا وقعوا اتفاقية مع الجهات الأمنية".

وأترك للقارئ أن يقارن بين رؤيتي القضاة والعموش لقضية السياحة الدينية، فيقرر موقفه بناء على قناعاته الذاتية.

المصدر : جريدة الغد



مقالات ذات صلة