المهدي في إيران والحاكم في القاهرة
الخبر: أعلن جلال الدين دراز أحد كبار طائفة البهرة الشيعية أن الطائفة قد اشترت معظم أحياء القاهرة القديمة خلال العشرين سنة بمبلغ 100 مليون دولار ، تمهيداً لعودة الحاكم بأمره الفاطمي الذي يقدسه البهرة ، وذلك بدعم مادي من ليبيا والهند وباكستان وإيران .
التعليق:
كتبه / شريف عبد العزيز
مفكرة الإسلام: كان القرن الرابع الهجري بمثابة العصر الذهبي للطوائف الشيعية علي اختلاف فرقهم وتشعب مذاهبها ، وذلك أن العديد من الممالك والإمارات ذات التوجه الشيعي ، قد قامت في أرجاء الدولة الإسلامية ، ففي سنة 334 هجرية قامت الدولة البويهية في المشرق الإسلامي وسيطرت علي معظم الهضبة الإيرانية وبلاد العراق ، ومنها بغداد عاصمة الخلافة العباسية نفسها ، وكانت دولة شيعية اثني عشرية رافضة ، عملت علي نشر عقائدها وأفكارها قسراً بين الناس ، وفي أيامها بلغ الرافضة أوج قوتهم ، وجهرهم ببدعهم وخرافاتهم ، ونشط علماء الرافضة في تدوين علومهم وكتابة مذهبهم ، ودونت في تلك الفترة أهم وأشهر كتب الرافضة التي ما زالت تدرس حتى الآن وأهمهما الكافي للكليني ، وبرز العديد من علماء الشيعة الرافضة في ظل تلك الدولة الخبيثة مثل ابن النعمان ، والشيخ المفيد ، وأبي عبد الله الجلاب ، ابن عقدة ، والجعابى ، وغيرهم كثير ممن صارت لهم الرياسة والتقدم في ظل مساندة الدولة لهم ، وفي سنة 357 هجرية قامت الدولة العبيدية الملقبة زوراً بالفاطمية علي أرض مصر بعد رحيل آخر حكام البلاد الأقوياء الأستاذ كافور، وكان المذهب الإسماعيلي الشيعي هو المذهب الرسمي لتلك الدولة الشريرة ، وهو خليط من الفكر الباطني والإلحاد والزندقة ، ومن عباءة تلك الدولة طهرت العديد من الفرق المارقة عن الدين ، مما كان لها أسوأ الأثر علي العالم الإسلامي ، مثل فرقة الحشاشة المتخصصة في الاغتيالات ، والتي اغتالت الكثير من القادة والأمراء والعلماء والصالحين ، ونشرت الرعب لعشرات السنين في البلاد الإسلامية ، وفرقة الدروز والنصيرية والبهرة التي ألهت رابع خلفاء الدولة الفاطمية ــ الحاكم بأمر الله الفاطمي ــ وكانت تلك الدولة الخبيثة شوكة في خاصرة العالم الإسلامي ، وبسببها تعرضت الأمة لكثير من النكبات والأزمات أهمها العدوان الصليبي الشهير في القرن الخامس الهجري ، وغير البويهيين والفاطميين ظهرت العديد من الإمارات الشيعية الصغيرة مثل الحمدانيين في الشام ، والأسديين في الجزيرة ، والقرامطة في البحرين واليمامة ، والأخضيريين في الحجاز ، والصليحيين في اليمن ، بل وصلت السيطرة الشيعية إلي بلاد الهند نفسها عندما أقام أبو الفتوح داود القرمطي إمارة شيعية باطينة له في الملتان بأرض الهند ، وبدا أن القبضة الشيعية قد أمسكت بزمام الأمور في معظم أنحاء العالم الإسلامي .
تلك السيطرة الشيعية علي مقاليد الحكم في الكثير من أجزاء العالم الإسلامي ، أوجدت حالة من الحراك الدعوي الشيعي القوي ، وراجت الأفكار والعقائد والشعائر الشيعية بكل ما تحمله من خرافة ولا معقولية ، وجهر الشيعة بمكنون صدورهم تجاه أهل السنة ، وأجبر الناس علي الاحتفال بأعياد الشيعة وببدعهم ، وظهرت للعلن لأول مرة مناسبات شيعية مثل عيد الغدير وملطمة كربلاء وغيرها من المناسبات ، بل إن كثيراً من البدع والشعائر التي تقع الآن في العالم الإسلامي هي من إرث تلك السيطرة الشيعية علي العلم الإسلامي ، ولم يستطع أهل السنة الإنكار لأن السلطان كان مع الشيعة ، وكان للدعاة الشيعية رواجاً وانتشاراً في تلك الحقبة ، ووجاهة عند ملوك الأطراف والأقاليم ، وأشهر هؤلاء الداعية الباطني هبة الله الشيرازي الملقب بمؤيد الدين ، وكان من دواهي الرجال ، ومجالسه مشهورة ، وله كتاب مازال يطبع حتى الآن وحققه الدكتور عارف تامر وهو من أتباع المذهب الاسماعيلي ، بل إن دعاة الشيعة وصلوا بدعوتهم لأطراف العالم الإسلامي ، كما حاول التاهرتي الشيعي بث مبادئ التشيع في شرق خراسان أيام السلطان العظيم محمود الغزنوي .
وعلي الرغم من التباين الكبير بين الفرق والطوائف الشيعية والذي يصل لحد التكفير والتفسيق المتبادل ،والصراع الشديد علي مناطق النفوذ ، إلا أن مسألة الاتفاق علي عداوة أهل السنة ، وحتمية نشر المبادئ والأفكار الشيعية بين الناس كانت أكبر من تلك الصراعات الطارئة ، ففي الوقت الذي كان القتال فيه علي أشده بين البويهيين والحمدانيين علي مناطق النفوذ كان الدعاة الشيعة يتحركون بكل حرية في بلاد الشام التي يسيطر عليها الحمدانيون ، وفي الوقت التي كانت الحروب لا تنقطع بين القرامطة والفاطميين ، كان هبة الله الشيرازي يبث دعوته في بلاد العراق ، و التاهرتي يجوب خراسان ، ووقت دخول أي مملكة شيعية في حرب مع أهل السنة كانت سائر الممالك الشيعية حتى المنافسة لها تدخل معها في القتال ضد أهل السنة كما حدث مع القرامطة الذين ساعدهم البويهيين والحمدانيين في قتالهم ضد جيوش الخلافة العباسية عدة مرات .
الحياة تعود للخرافات
واليوم وبعد قرون عشرة يعيد الشيعة إنتاج الموروث التاريخي في الترويج للخرافة والأساطير ، وعلي الرغم من أبجدية السرية المتعارف عليها في الدعوة الشيعية خاصة فيما يتعلق ببند الغيبيات والأسرار ، حيث كان لا يتطلع عليها إلا القلة من الخواص وكبار الدعاة لضمان السيطرة علي باقي الأتباع من الجهلة والدهماء ممن تروج عنده مثل هذه الأساطير .
اليوم يخرج علينا الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في سلسلة خطب إيرانية يبشر فيها جماهير الأمة بقرب ظهور المهدي الذي سيكون طوق النجاة للأمة من أزماتها ومشاكلها ، وينتصر علي أعدائها ، ويقضي علي الظالمين لآل البيت ــ يقصد بهذا أهل لسنة طبعاً ــ وقد حرص أحمدي نجاد علي إبراز المهدي في صورة المنقذ ليدغدغ بذلك عواطف الشعوب المقهورة ، وطبعاً مهدي نجاد الذي يروج له ، وينادي الجهلة مع غروب كل شمس عليه بالخروج ، ويدعون له بتعجيل الفرج ، ليس المهدي الحق الذي يؤمن به أهل السنة والذي هو من سلالة النبي صلي الله عليه وسلم ، بل هو شخصية أسطورية يؤمن الشيعة أشد الإيمان ، وهو محمد بن الحسن العسكري ، وهو شخصية لا وجود لها أصلاً ، خدع بها سدنة التشيع أتباع المذهب لاستمرار الدعوة ، والمنافع المترتبة عليها ، وأقنعوا الأتباع أنه قد دخل سرداب بمدينة سامرا وأنه سيخرج في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلاً وينتقم من الظالمين لآل محمد صلي الله عليه وسلم ، بل أننا نجد أحمدي نجاد قد بالغ في الترويح لأساطيره وخرافاته ، ليعيد لها الحياة ، والانتشار بين المسلمين ، فقال هذا الأسبوع أن أمريكا ما غزت بلاد العراق إلا لعلمها بقرب ظهور المهدي ، وتحديداً بأرض العراق ، وأن أمريكا تعارض الطموح النووي لإيران لعلمها أن إيران هي البلد الوحيد الذي سينصر لمهدي في دعوته ، ويقف بجواره في محاربة الظالمين ، بل قال إن إيران لديها الوثائق الدالة علي ذلك ، ليؤكد علي صحة أساطيره وخرافاته ويلبس زوره ثوب الحق ، وثوب المنقذ الذي سيخرج الأمة من كبوتها .
وكأن خرافات الرافضة لا تكفي فوجدنا فرقة أخرى من الشيعة تبرز للعلن ويعلو صوت أساطيرها هي الأخرى ، وهي فرقة البهرة ، وهي إحدى الفرق التي تشعبت من المذهب الإسماعيلي ، وقد ظهرت للوجود أيام الحاكم بأمر الله الفاطمي واتخذته إلهاً من دون الله ، وبعد مقتل الطاغية لفظ أهل مصر تلك الفرقة المرذولة ، فخرجت البهرة إلي اليمن ، فنفر منهم أهل اليمن وطردوهم من بلادهم ، فهام البهرة علي وجوههم حتى استقروا بأرض الهند ، حيث البيئة المناسبة لقبول الأفكار الخرافية والشركيات والوثنيات التي تقوم عليها عقيدة البهرة ، وللعلم هذه الطائفة لها سلطان يتحدث باسمها ويعامل معاملة الرؤساء في الدول التي يزورها .
البهرة اليوم يجهرون بخرافاتهم القائمة علي عودة معبودهم من دون الله عز و جل ، ويخططون وينظمون من أجل هذه الخرافات ويقطعوا خطوات عملية ومدروسة ومنهجية من أجل السيطرة علي القاهرة القديمة ، وينفقون 100 مليون دولار من أجل ذلك ، والعجيب أنهم يجهرون بمخططهم الخبيث ، علي الرغم من خطورتهم ، والذي يعتبر تهديداً مباشراً للأمن القومي لمصر ، مما سيعرضهم حتماً ولابد لملاحقة أمنية من السلطات المصرية التي لا يسعها الوقوف مكتوفة الأيدي أمام هذه التهديدات الشيعية المباشرة ، فلماذا إذاً يجهر هؤلاء بمثل هذه الأمور الخطيرة ؟ العجب يزول إذا عرفنا أن فكرة عودة الدولة الفاطمية للوجود والقيام تروج عند العديد من المثقفين والاكاديميين والمتخصصين ويتبناها الآن الزعيم الليبي ويدعو لها ، كما كان السلطان عبد الحميد رحمه الله يدعو لفكرة الجامعة الإسلامية من قبل ، ولها أنصار داخل مصر يروجون لها مثل الدكتور أحمد السايح ، والدكتور رفعت سيد أحمد ، والدكتور علي أبو الخير صاحب الدراسة المقدمة لإحياء الدولة الفاطمية وأعلن المرجع الشيعي ونائب الشيخ القرضاوي في جمعية العلماء المشهورة تأييده لمساعي الرئيس الليبي في إحياء الدولة الفاطمية ، أي أن ليس مجرد أوهام وأساطير في عقول البهرة فقط ، بل سعي وعمل حقيقي تتكاتف فيه العديد من الأطراف الخارجية
وأخيراً أقول أنني كنت أري كثيراً من أوجه التشابه بين الحاكم بأمره الفاطمي والحاكم بأمره الليبي في التصرفات والأفكار والتناقضات ، وكنت أظن أن ذلك من موافقات القدر، ولكن العجب زال عندما رأيت الأخير يسعي بكل وسيلة إعادة أمجاد الأول ، ويعيد دولته ليجلس علي عرشها ، وبضيف بذلك لقباً جديداً لألقابه ، ليصبح بذلك شيخ شيوخ وعمد وأمراء إفريقيا وملك ملوك المسلمين ، وخليفة الدولة الفاطمية الثانية الحاكم بأمر الله الليبي .