حماس والإخوان.. وإيران!

بواسطة طارق ديلواني قراءة 1629

حماس والإخوان.. وإيران!

وأمام هذا، لم نشهد حتى اللحظة لا من إخوان مصر ولا من إخوان الأردن ولا من حماس أي موقف فيما يتعلق بهذه الجزئية ..بل على العكس تماما ..فثمة تعتيم وتجاهل مقصودين، وثمة مواربة لكل ما يمت لهذه القضية بصلة تحت مبررات ودعاوى وحدة الأمة وتجنب الفتنة الطائفية والموقف السياسي الناضج، الذي يرحل ملفات الخلاف الطائفي والعقدي ويؤجلها أمام خطر داهم يستهدف المنطقة كلها واسمه الشرق الأوسط الكبير وإعادة.. لكنه ليس مبررا إطلاقا لغض الطرف عن مخططات أخرى.

بقلم طارق ديلواني

قد يبدو الربط بين الأسماء الثلاثة في العنوان أعلاه غريبا، لكنه جدير بالبحث والتقصي وعرض الحقائق والمواقف والقواسم المشتركة ما بين دولة تقوم على فكر الثورة الإسلامية، واثنتين من أهم الحركات الإسلامية السياسية والعسكرية أيضا.

والراصد للحراك والتجاذبات وتقاطعات المصالح المشتركة بين هذه الأسماء، يلمس "زواجا كاثوليكيا" لا فكاك منه وحبا من طرف واحد، وإن كانت ملامح هذا الزواج أو الحب غير واضحة للعيان أو غير منطقية بتاتا، تلوح في الأفق حينا وتختفي حينا أخر.

وهنا لا نتهم أحدا أو ننتقص من قدر سلاح المقاومة وشهدائها وقادتها أو نزايد على أحد، إنما هي محاولة للاستقراء وعرض الحقائق على قاعدة المكاشفة والمصارحة.

* إيران والإخوان.. حب من طرف واحد!

يكاد يكون كتاب "إيران والإخوان المسلمون" للباحث الإيراني عباس خامه يار، من الكتب النادرة التي تناولت بالتفصيل العلاقات بين إيران وجماعة الإخوان المسلمين، قبل انتصار ثورة الخميني سنة 1979، وبعدها.

ويكتسب الكتاب أهميته من كون الإخوان المسلمين، أكبر الجماعات السنيّة ذات الصلة الطيبة بالشيعة ومراجعهم ورموزهم، فضلا عن تجاوز الخلاف العقدي بين الاثنين على الأقل من طرف الإخوان.

والإمام حسن البنا رحمه الله كان بحق أحد أبرز دعاة التقريب بين المذهبين السني والشيعي، الأمر الذي أطلق فكرة التقارب بين الثقل السني ممثلا بالإخوان والثقل الشيعي ممثلا بإيران.

ولسنا بصدد التذكير بمواقف إخوان الأردن على سبيل المثال من الثورة الإسلامية في إيران ومن الخميني قبل وبعد وفاته، وهي مواقف ارتقت إلى مرتبة تصدير الثورة الإيرانية والترويج لها وتسويقها، بل والتبشير بها.

فإلى عهد قريب، ظلت أدبيات الإخوان الأردنيين مساحة خصبة لتلميع الثورة الإيرانية وتدعيم فكرة التقارب الشيعي السني، وانسحب الأمر على المواقف السياسية للإخوان إلى ما قبل الحرب العراقية الإيرانية، لكن هذا التأييد الجامح عاد وظهر إلى العلن مرة أخرى بعد حرب الخليج، وتأرجح بين خجل وتردد وعدم وضوح، عندما تكشفت خيوط الموقف الإيراني وتغلغل طهران في العراق بعيد سقوط بغداد مباشرة.

وبالعودة إلى الكتاب الذي صدر عام 1997، نجد أنه يوثق بذكاء العلاقات بين الطرفين وعوامل الالتقاء والافتراق بينهما، وهو أمر تطرق له كثيرون، لكن الجديد في أمر هذا الكتاب الإشارة إلى دور حماس المفترض للقيام بمهمة إعادة هذه العلاقات الحميمة إلى سابق عهدها مرة أخرى، بالنظر إلى الدعم الإيراني لحماس خاصة بعد فوز الأخيرة في الانتخابات التشريعية، وعقدها لحلف متين مع حزب الله ودمشق وطهران، ومواجهتها ضغوطات عربية ودولية ومحاولات لإفشال نجاحها.

واستكمالا للموقف الإخواني الصريح من إيران وشيعتها، لم نجد في بحثنا واستقصائنا أي مديح أو إشارة إيجابية للإخوان المسلمين في أدبيات الشيعة عموما والمعممين في طهران تحديدا، بل العكس فإن كل ما يرد على ألسنة هؤلاء، هو محاولة التفريق والتحريض ضد التيارات الأخرى المنافسة للإخوان وتحديدا التيار السلفي.

ومع ذلك نقول إن ثمة تصريحات وكتابات صدرت عن الخميني وبعض مراجع الشيعة بضرورة التقارب بين السنة والشيعة، واتحادهما لمواجهة الأخطار الخارجية، لكنها تبقى تصريحات معسولة لا طائل منها.

فبينما لم يعترض إخوان الأردن ومصر على خطط إنشاء حسينيات شيعية في القاهرة وعمان، يصر الإيرانيون حتى اللحظة على رفض بناء مسجد لأهل السنة من الإيرانيين في طهران حتى اللحظة.

والأنكى أن طهران تحاول سياسيا ودينيا الاستفادة من موقف الإخوان المسلمين الايجابي تجاهها، وتوظيف واستغلال هذا الموقف تماما عبر قنوات دبلوماسية أو شعبية دينية.

فالمد الشيعي إن صح التعبير في مصر والأردن تحديدا لم يقابل بأي خطوات جادة من قبل إخوان الأردن ومصر بحسب علمنا، بينما يستغل الإيرانيون العلاقات الطيبة مع الإخوان لتمرير معتقداتهم الدينية ومذهبهم الشيعي بأي طريقة كانت لكل من الأردن ومصر.

والملفت أن وعي قادة كل من مصر والأردن ومواقفهما -والمقصود هنا الرئيس مبارك والملك عبد الله الثاني- كانت أكبر وأوضح. فالزعيمان المصري والأردني على حد سواء حذرا، ولو بدرجات متفاوتة وأزمان متباعدة، من الخطر الشيعي، فكلنا يذكر تصريحات الملك عبد الله الثاني من الهلال الشيعي، بينما جاءت تصريحات مبارك قبل أيام، والتي تحدث فيها عن ولاء شيعة العراق لإيران لتشخص الوضع تماما.

وأمام هذا، لم نشهد حتى اللحظة لا من إخوان مصر ولا من إخوان الأردن ولا من حماس أي موقف فيما يتعلق بهذه الجزئية ..بل على العكس تماما ..فثمة تعتيم وتجاهل مقصودين، وثمة مواربة لكل ما يمت لهذه القضية بصلة تحت مبررات ودعاوى وحدة الأمة وتجنب الفتنة الطائفية والموقف السياسي الناضج، الذي يرحل ملفات الخلاف الطائفي والعقدي ويؤجلها أمام خطر داهم يستهدف المنطقة كلها واسمه الشرق الأوسط الكبير وإعادة رسم خارطة المنطقة أمريكيا وإسرائيليا، وهي مخاطر نتفق مع إخوتنا في حماس وجماعة الإخوان عليها ..لكنها ليست مبررا إطلاقا لغض الطرف عن مخططات أخرى، لا تقل خطورة من قبل إيران لتصدير ثورتها الصفوية بدءا من العراق!

* نقاط الالتقاء والاختلاف!

لا تحمل جماعة الإخوان المسلمين عموما موقفاً سلبياً أو عدائياً تجاه العقائد والأفكار الشيعية كما أسلفنا، وللإنصاف أكثر نقول، إن ثمة تساهلا إخوانيا تجاه العقائد الشيعية تذليلا للتقارب وبحثا عن نقاط الالتقاء أكثر من نقاط الاختلاف.

أما ثاني نقاط التقارب بين الطرفين فهو الموقف السلبي الموحد من الاتجاهات والتيارات القومية والعلمانية واللادينية على حد سواء، بالنظر إلى المنطلق الإسلامي لمشروع كل طرف، وهي نقطة التقاء كفيلة بالتقريب بينهما.

وفي نقاط الاختلاف، يمكن رصد موقف الإخوان مما ورد في مواد الدستور الإيراني من بنود ترسخ الحس القومي، وتناقض الموقف الموحد من القومية كأساس للشعور والانتماء لهذه الأمة.

والحقيقة أن الدستور الإيراني الذي وضعه رجال الثورة الإسلامية والخميني مليء برواسب قومية فارسية تنتصر للعنصر الفارسي!!

أما القضية الفلسطينية، فهي بحق الجامع الأبرز للطرفين، فمواقف الإخوان والشيعة متطابقة إزاء قضية فلسطين وتحرير القدس، بل ومتطابقة أيضاً في منطلقاتها، وإن كان اعتقادنا أن حقيقة الموقف الإيراني والشيعي عموما من القضية الفلسطينية موقف "شعاراتي" ودعائي فقط.

وبالعودة إلى نقاط الاختلاف، يتضح أن أبرزها فكرية، وهي فكرة ورؤية كل من الطرفين لـ"الحكومة" وشكلها المختلف في رأي الحركتين، واختلاف النظرة إلى معسكري الشرق والغرب، والمسار الإصلاحي والثوري.

أما الحكومة وشكلها المختلف بين الطرفين، فلعل هذا العنصر من عناصر الافتراق يظهر فيه التأثير الشيعي بشكل واضح جلي، فبرغم ما أبداه الإخوان من مودة وحسن نية تجاه الشيعة وإيران وثورتها، إلاّ أن عقيدة الشيعة الخاصة بالإمامة والحكومة، وهي الركن الأساسي، اتخذت فيصلاً وحكماً في علاقة الشيعة بالإخوان، فالفكر الشيعي، وإيران على وجه الخصوص، لا يقبلان أي فكر أو تنظيم يخالفهم في قضية الإمامة، ودولة المهدي المنتظر، مهما حاول هذا التنظيم أو ذاك التقرب من إيران، أو مدح الشيعة.

وفيما يعتبر أهل السنة ومنهم الإخوان التعبير الصحيح للحاكمية هو "الخلافة"، يرفض الشيعة هذه الفكرة من الأساس، بل يرون أن كل ما أتى بعد علي بن أبي طالب غير شرعي وغير معترف به.

وأما اختلاف النظرة إلى معسكري الشرق والغرب، فهي تتعلق تحديدا بالنظرة إلى الشيوعية والرأسمالية، فالإخوان المسلمون يعتبرون الشيوعية أو الماركسية خطراً يفوق الخطر الغربي أو الرأسمالي، الممثل خاصة بالولايات المتحدة وبريطانيا، في حين أن "الحركة الإسلامية الإيرانية" كانت ترى أن الخطر المحدق قادم من الغرب، وزعيمته الولايات المتحدة "الشيطان الأكبر".

وربما لأن الماركسية مذهب فكري وعقائدي وثقافي يتصادم تماما مع الدين قدمه الإخوان على خطر الرأسمالية العولمي الثقافي الاقتصادي، لكن الخطر تحول إلى الرأسمالية فيما بعد، وخاصة بعد هجمات 11 سبتمبر.

وتاريخيا كانت الشيوعية حليفا على الدوام لكل الأنظمة لعربية التي ضربت الإخوان وشردتهم وحبستهم وأعدمتهم، كنظامي عبد الناصر وحافظ الأسد.

وفي نظرتهم للرأسمالية وللغرب عموما، نجد عداء الإخوان أقل وطأة، فالأمر هنا يقتصر على خطر الانحلال الأخلاقي وموجة التغريب والثقافة المستوردة، ويتراجع منسوب الخطر الديني على اعتبار أن الغرب أهل كتاب ومسيحيون بخلاف الشيوعيين اللادينيين.

أما نظرة الخميني والشيعة للشيوعية والرأسمالية، فمختلفة عن وجهة نظر الإخوان، وكان الإيرانيون يعتبرون الخطر الغربي أكبر من الخطر الشرقي أو الشيوعي لأسباب، من بينها أن إيران كانت واقعة خلال القرنين الماضيين تحت سيطرة الاستعمار الغربي، السياسية والعسكرية والاقتصادية بالإضافة إلى إن الخميني لا ينظر للأمريكان على أنهم أهل كتاب، بل إنه يعتبر الغرب "كافراً"، وهو سبب كل المآسي التي يمر بها المسلمون.

والاختلاف الأهم بين الإخوان والإيرانيين، أن الإخوان يعتمدون فكرة الإصلاح، بينما يعتمد الإيرانيون فكرة الثورة، وبين الفكرتين فرق كبير جدا.

سياسيا تبرز عوامل خلاف طارئة، من قبيل المد الشيعي في المنطقة العربية "الخليج ولبنان والعراق"، وما يتبع ذلك من مواجهات دامية بين السنة والشيعية في العالم الإسلامي، فضلا عن صراع الأقلية السنية في إيران مع الشيعة.

* علاقات قديمة!

تؤكد المراجع التاريخية أن العلاقة بين جماعة الإخوان وبين قادة الحركة الشيعية بدأت قبل الثورة بسنوات طويلة، وكانت (دار التقريب بين المذاهب الإسلامية) عنصراً مهماً من عناصر التقارب الفكري بين الجانبين، وكان حسن البنا رحمه الله أحد الناشطين في الدار.

ومما يلفت في علاقة الإخوان المسلمين بالحركة الشيعية الإيرانية المناهضة للشاه في تلك الفترة، تلك الحميمة التي كان يكنها الإخوان لنواب صفوي، وهو أحد القيادات الشيعية الشابة الثورية، والذي كان زعيماً لمنظمة ثورية هي فدائيان إسلام (فدائيو الإسلام).

وقد كان الإخوان يعتبرون نواب صفوي واحداً منهم، ودعوه لزيارة مصر وسوريا في بداية عام 1954، والتقى قيادة الجماعة، وخطب في مهرجاناتها، وعندما اشتكى له زعيم الإخوان في سوريا د. مصطفى السباعي رحمه الله من انضمام شباب الشيعة إلى الأحزاب العلمانية والقومية، دغدغ صفوي عواطف الإخوان، وقال أمام حشد من السنة والشيعة: "من أراد أن يكون جعفريا حقيقياً فلينضم إلى صفوف الإخوان المسلمين".

وكما أسلفنا، فإن هذه العلاقة الحميمة بين الإخوان وإيران تفاوتت وتراوحت لظروف عديدة، من بينها العاقة الطيبة ما بين إيران وسوريا مثلا.

* حماس والعلاقة مع الشيعة!

قبل ذلك ينبغي الخوض في موضوع التشيع في فلسطين كتوطئة لتوضيح حقيقة ما يدور، فقد أثار الإعلان الأخير عن إنشاء مجلس شيعي أعلى في فلسطين، ردود فعل منددة ومستغربة.

أما الاستغراب فيعود إلى علم الجميع بأن فلسطين دولة سنيّة، ولا وجود لأقلية شيعية، فلماذا يقوم تجمع أو مجلس شيعي في دولة أهلها سنة. لكن المهتمين المتابعين للتمدد الشيعي في الدول الإسلامية، لم يجدوا الإعلان عن إنشاء "المجلس الشيعي الأعلى في فلسطين" أمراً مفاجئاً، ذلك أن إيران وبعض الجهات الحليفة لها تبذل جهوداً كبيرة، ومنذ سنوات طويلة، لنشر المذهب الشيعي في جميع دول العالم، وبخاصة في الدول السنيّة.

الحقيقة أن ثمة اختراقا شيعيا لأهل فلسطين من باب دعم الجهاد والمقاومة الفلسطينية، ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك، وقد شهدت فلسطين فيما مضى فترات طرأ فيها التشيع وانتشر، وذلك في القرن الرابع الهجري، خاصة تلك الفترة التي سيطرت فيها الدولة العبيدية الشيعية الإسماعيلية على بلاد الشام.

ومع عهود الضعف والاضطراب ظهرت من جديد جيوب شيعية في فلسطين، ففي عهد أحمد باشا الجزار الوالي العثماني، وقعت بينه وبين الجيوب الشيعية وقائع كثيرة، وتصدى العثمانيون لمحاولات الشيعة المتكررة لنشر وترسيخ مذهبهم في فلسطين، وبعد سقوط الدولة العثمانية ووقوع بلاد الشام تحت الاحتلال الفرنسي والبريطاني وتقسيم المنطقة، تم ضم بعض قرى جنوب لبنان الشيعية في حدود فلسطين حين جرى رسم الحدود عام 1927.

إلا أن الأهم حاضرا، انبهار الكثير من الفلسطينيين بتجربة ثورة الخميني إلى حد الهيام، كما الحال لدى كثير من الفلسطينيين المعجبين بتجربة الزعيم الشيعي حسن نصر الله. ولا يخفى هنا دور الإعلام الشيعي من خلال تلفزيون المنار في السيطرة على العقول قبل القلوب، من خلال خطاب إعلامي قومي وطني موجه يتصدى للقضية الفلسطينية ومحاربة الصهيونية والاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي يذيب جبل الجليد المتمثل في الموقف السني من الشيعة ما دامت نقاط الالتقاء أكثر من أن تحصى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي يوليها حزب الله اهتماما أكثر من بعض الفصائل الفلسطينية.

هذا كله فضلا عن دعم إيران لبعض الأحزاب والفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها "حركة الجهاد الإسلامي"، مما نتج عنه تشيع عدد من قادة الجهاد

وبعيدا عن تأثر حركة الجهاد الإسلامي بإيران والشيعة وتشيع بعض قادتها مثل الشهيد د. فتحي الشقاقي رحمه الله، مؤسس الحركة وأول أمين عام لها، وقد كان أغلب المؤسسين لحركة الجهاد من المتعاطفين مع الثورة الخمينية، كعبد العزيز عودة. فما يهمنا هنا هو موقف وعلاقة حماس وتأثرها بإيران والشيعة، فقد كانت أولى انعكاسات ظاهرة التشيع على العلاقة بين الجهاد وحركة حماس، إذ كانت بعض أوساط حركة حماس تبدي قلقها من التشيع، وتشن حملة ضد المتشيعين، وتطور ذلك إلى اشتباك بين أنصار الحركتين في سجن "مجدو" الإسرائيلي في فبراير/ شباط 2، وبسبب النزعة السلفية لدى قيادة حماس في الخارج، فإن التشيع أو الاقتراب من الفكر الشيعي ظل بمنأى عن الكثيرين.

لكن الأمر تطور لاحقا إلى محاولات تصدير التشيع إلى حركة حماس، التي تعتبر امتدادا لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين. وبعد ما مرت به حماس من ظروف أوهنت علاقتها بالدول السنية المعتدلة كالسعودية ومصر والأردن، جعلها تعتمد أكثر على إيران وسوريا، وشكل هذا نقطة ضعف في موقف حماس التي تعلم بالنشاط الشيعي في أوساط المخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا، وتعلم بما يلاقيه الفلسطينيون في منطقة البلديات ببغداد على يد قوات جيش المهدي وفيلق بدر الشيعيين، كما أن حماس لا يخفى عليها حقيقة مواقف حزب الله السياسية خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

وبسبب الاعتماد على إيران وسوريا، ولأن هناك تقاربا وتغاضيا ما بين الإخوان المسلمين وإيران والشيعة عموما، حصل نوع من التساهل أيضا من قبل قيادات حماس تجاه النشاط الشيعي، بل لقد وصل إلى حد التأثر أحياناً، ناهيك عن مشاركة رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، في طقوس عاشوراء التي يقيمها حزب الله في لبنان بشكل سنوي تقريبا.

وهنا لا نتهم حماس بالتشيع، لكننا ننتقد تقصيرها في مواجهة المد الشيعي القائم على أسس استغلال وتسخير القضية الفلسطينية، ونحن نخاطب حماس الآن بصفتها الحكومية لا التنظيمية، فهي التي تقود الحكومة ومن واجبها ضبط الأمور في هذا الجانب لا التغاضي عنها.

العلاقة إذن بين الأطراف الثلاثة بدأت على أساس تلاقي المصالح، لكنها فقدت معناها عندما تحولت إلى مصلحة طرف واحد فقط.

 



مقالات ذات صلة