صحيفة محلية تلمز وتُعَرِّض بالصحابي الجليل أبي سفيان رضي الله عنه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
نشرت صحيفة الاستقلال المحلية في عددها الأخير الصادر يوم الخميس 22من ذي الحجة 1427هـ الموافق11يناير 2007م ، وفي صفحتها الأدبية مقالا خطيراً فيه لمز وتعريض بالصحابي الجليل أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه، واتهامه بأنه كان سبباً في أن خسر الإسلام شاعراً عظيماً كان من الممكن أن يكون أحد كبار شعراءه، حيث كان عنوان المقال: "الأعشى: تراجع عن الدخول في الإسلام بعد حصوله على رشوة من أبي سفيان" وذكرت الصحيفة أن قريشاً أغرت الأعشى بعدم الذهاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو الدخول في الإسلام، وذلك قبل فتح مكة فدفع أبو سفيان (قبل إسلامه) مائة من الإبل للأعشى فغادر إلى بلده ولم يسلم.
ومعلوم للجميع أن الإسلام يمحو ما قبله وأن كل من لم يدخل الإسلام كان يعادي ويكيد للدعوة الإسلامية فلا يؤاخذ ولا يعاب عليه ما كان منه قبل إسلامه.
ومعلوم أنه من التأدب مع الصحابة رضي الله عنهم الترضي عنهم عند ذكرهم، ومع أنّ اسم أبي سفيان رضي الله عنه كان قد تكرر في المقال المذكور عدة مرات إلاّ أنه كان يُذكر مجرداً من "رضي الله عنه"، فلم يُترضَ عنه ولو مرة واحدة . ثم ألم تجد الصحيفة من المحاسن والفضائل لأبي سفيان رضي الله عنه ما تحبب به الجماهير وتبثه بينهم إلا ذلك الكلام المسموم؟ ...؟
فاعلم أيها المسلم أنّ الواجب على كل مسلم أن يكون كما قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :"ومن الحجة الواضحة البينة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين والكف عن ذكر مساويهم والخلاف الذي شجر بينهم فمن سب أصحاب رسول الله صلى عليه وسلم أو واحدًا منهم أو تنقَّـص أو طعن عليهم, أو عرّض بعيبهم أو عاب على أحد منهم فهو مبتدع رافضي خبيث, مخالف لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً, بل حبهم سنة والدعاء لهم قربة, والاقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة, وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم خير الناس ولا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص".
نعم ذلك هو الواجب على كل من صفا قلبه وصدق حبه لدين ونبي الإسلام صلى الله عليه وسلم وللصحابة الكرام جميعاً رضي الله عنهم، فالأصل أن نذكر محاسنهم وأعمالهم العظيمة ودفاعهم عن دين الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الإمام الذهبي رحمه الله في كتابه "الكبائر" - بعد أن بين فضل الصحابة ومكانتهم - : " فمن طعن فيهم، أو سبهم، فقد خرج من الدين، ومرق من ملة المسلمين، لأن الطعن لا يكون إلا عن اعتقاد مساويهم، وإضمار الحقد فيهم، و إنكار ما ذكره الله تعالى في كتابه من ثنائه عليهم وفضائلهم ومناقبهم وحبهم ". , وقال القاضي عياض رحمه الله: "وسب أحدهم من المعاصي الكبائر".
ومع هذا فإنه لا يعيب صحابة رسول الله صلى عليه وسلم ولا ينقص من قدرهم جهل الجاهلين ولا سموم الحاقدين فإنهم أناخوا رحالهم في الجنان وبلغوا من المعالي العنان وتشرفوا بصحبة خير الأنام باختيارهم من الملك العلاّم، وها هو أبو سفيان بن حرب الصحابي الجليل رضي الله عنه كما جاء في الحديث الصحيح يثبت في غزوة حنين مع القليلين بعد أن تفرّق المسلمون, وبعد أن انحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ثم قال: " أين الناس؟ هلمّوا إليّ , أنا رسول الله, أنا محمد بن عبد الله"، بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته وكان أبو سفيان بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذاً بلجام دابته، ويقاتل دونه.
وعند الإمام أحمد في مسنده "ولما انجلى غبار المعركة .. وانتصر المسلمون, التفت رسول الله صلى عليه وسلم إلى أبي سفيان وكان ممَّن صبر يومئذ مع رسول الله وكان حسن الإسلام حين أسلم ,وهو آخذ بثفر بغلته فقال: "من هذا؟ ". قال: أنا ابن أمِّك يا رسول الله ". وجاء عند ابن سعد وابن عبد البر أن أبا سفيان قال يومها :"..فلما لقينا العدو بحنين، اقتحمت عن فرسي وبيدي السيف صلتاً, والله يعلم أني أريد الموت دونه, وهو ينظر إليَّ، فقال العباس : يا رسول الله, أخوك وابن عمك أبو سفيان, فارضَ عنه. فقال: " قد فعلت, فغفر الله له كل عداوة عادانيها".
فالله أكبر .. ويا له من شرف .. ويا لها من كرامة أن يحمل أبو سفيان سيفه ويدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم زيادة على ما سعدت به عيناه وسرت به أذناه من رؤيةٍ وسماعٍ لرسول الله صلى عليه وسلم.
أينتقص أحد ٌهذا الصحابي الجليل ويلمزه ويزعم أنه على غير دين الإسلام ..؟؟ أينتقص أحد هذا الصحابي المجاهد الذي حمل سيفه منذ أسلم إلى أن مات فكان جندياً مطيعاً في ساحات القتال لطالما اغبرّت قدماه في الغزوات والفتوحات مع المسلمين حتى وصَلَنا هذا الدين فكافئناه باللمز والتعريض.
ذكر ابن سعد أن أبا سفيان لما احتُضر قال:" لا تبكوا عليّ فإني لم أتنطف (أتلطخ) بخطيئة منذ أسلمت". ولما مات رضي الله عنه صلى عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فأين نحن من وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي, فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه ". رواه البخاري ومسلم .
وعن عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الله الله في أصحابي, لا تتخذوهم غرضاً بعدي فمن أحبهم فبحبي لهم أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي, ومن آذاهم فقد آذاني, ومن آذاني فقد آذى الله, ومن آذي الله أوشك أن يأخذه "حديث حسن.
ومن الجدير ذكره أن زعيم ( حزب الشيطان) الشيعي اللبناني كان قد ظهر في شريط مصور وهو يطعن في الصحابي الجليل أبي سفيان ـ نقلاً عن مصادره الشيعية ـ ويتهمه بأنه كان منافقاً يبطن الكفر ويظهر الإسلام, وينكر أن هناك جنة أو نار ويهدف إلى القضاء على دين الإسلام.
وعليه فإننا ندعو جميع المخلصين إلى التصدي للذين يطعنون أو ينتقصون في أيٍّ من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الطعن فيهم طعن في معلمهم ومربيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعن في دين الإسلام الذي نقلوه لنا.
وإننا وعبر هذه الرسالة نطالب الصحيفة بالاعتذار عن ذلك المقال المسموم، وعدم تكرار مثل هذه المقالات التي لا خير فيها.
وأخيراً : كان من الواجب علينا أن يكون ردنا على الملأ وللجميع, كما نشرت الصحيفة لمزها وتعريضها بالصحابي الجليل جهاراً نهاراً على مرأى ومسمع من ملايين المسلمين، نسأل المولى عز وجل أن يجعلنا ممن ينصر دينه صدقاً وحقاً.