شراكة روسيا واليهود في دعم نظام الأسد

بواسطة أحمد محمود الحيفاوي قراءة 965

الكاتب:أحمد محمود الحيفاوي

 

بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه وسلم :

أما بعد :

لقد عانى الشعب السوري المظلوم  خلال أربعين سنة من حكم ديكتاتوري شمولي طائفي , استأثرت خلاله الطائفة العلوية بحكم هذا البلد, بينما الطائفة السنية عانت من التهميش ومصادرة قرارها وكيانها, بل ومن محاولة تغيير دينها عبر شقين الأول بنشر العلمانية والإباحية في ربوع هذا البلد الإسلامي العريق , والثاني عبر نشر المذهب الشيعي بين أوساط السوريين السنة حتى تحول الجامع الأموي معقل أهل السنة الى مايشبه الحسينية الشيعية .

فمنذ اندلاع الثورة السورية وخلال عشرة اشهر من المذابح الهمجية التي يقترفها النظام السوري ,  والعالم بين من يتخذ قرارات ليست ذات جدوى يدعي من خلالها انه داعم للثورة السورية والحقيقة عكس ذلك , وبين عاجز وهم غالبية الدول العربية , وبين داعم لهذا النظام وهي إيران وبعض الدول العربية مثل العراق والجزائر وغيرها , ومن بين الدول التي تقف بشراسة لحماية النظام السوري هي روسيا, فمن جانب تدعمه بالسلاح ومن جانب آخر تحميه من قيام الأمم المتحدة في إتخاذ أي قرار ضد سوريا عبر فيتو جاهز لإنقاذه .

فما هو سر الإستقتال الروسي لإنقاذ هذا النظام المتهالك والدفاع عنه؟ :

لقد ورثت روسيا الاتحاد السوفيتي وهي كانت العمود الفقري لذلك الاتحاد, بل هي الدولة التي ورثت حق النقض الفيتو منه دون باقي الدول , وفي هذا دليل على أنها هي من كانت صاحبة القرار أبان الحقبة السوفيتية , فلتلك الدولة تاريخ مرير في إبادة المسلمين وقتلهم وتهجيرهم وإضطهادهم  ففي تلك الحقبة  قامت تلك الدولة بحملة تطهير عرقي وديني سرش ضد المسلمين بالرغم من أن المسلمين قد وقفوا مع الثورة ضد القيصر الروسي لكن بعد ازالة الحكم القيصري غدر الشيوعيون بالمسلمين وهاجموا بلادهم بشتى أنوع الأسلحة واستحلوها , بعد ذلك قاموا بتحويل مساجد المسلمين الى بيوت للهو والدعارة وأغلقوا المدارس الدينية في بلاد المسلمين.

ومن الصور المؤلمة لمعاناة إخواننا المسلمين في الجمهوريات السوفيتية  هي نفي تلك الدولة شعوب إسلامية كاملة الى مجاهيل سيبريا ليفقدوا الصلة بوطنهم الأصلي ويذوبون بمورور السنين .

 ففي التركستان وحدها قتل سنة 1934م مئة الف مسلم من العلماء والتجار والمثقفين والمزارعين, وبين عام 1937م – 1939م اسرت روسيا 500 الف مسلم وقتلت بعضهم وهجر الباقي الى سيبريا ,ومن سنة 1932م إلى 1934م قضى ثلاثة ملايين تركستاني نحبهم من الجوع بسبب استيلاء الروس على محاصيل البلاد , وفي القرم ابادوا  مئة ألف مسلم عام 1921 بالجوع وارغموا خمسين الف مسلم على الهجرة ,وفي عام 1946م نفوا شعبين وهما شعب القرم وتشيس الى مجاهيل سيبريا واحلوا محلهم الروس , هذه عينة قليلة مما فعله الروس بالمسلمين ومن اراد الاستزادة فسيرى العجب العجاب من الجرائم الهمجية ضد المسلمين  فقد قتل في عهد ستالين وحده 11 مليون مسلم .

أما في عهد القياصرة الروس فقد ذاق المسلمون صنوف النكال والعذاب بل لُقِبَ بعضهم بإيفان الرهيب بما ارتكبه من جرائم بحق المسلمين .

ولا ننسى ما فعله الإتحاد السوفياتي بحق إخواننا في أفغانستان وحتى بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي إستمرت المجازر وما حدث في الشيشان ليس عنا ببعيد , إن لروسيا تاريخ أسود بحق المسلمين .

وعندما نعرف أن أول دولة اعترفت بدولة اسرائيل هو الاتحاد السوفياتي يليه الولاياة المتحدة الامريكية تتضح مدى كبر المؤامرة التي تحيكها روسيا ضد المسلمين ويتم فهم كثير من الأمور التي تحدث على الساحة العربية .

إن الكثير يعزو موقف روسيا من النظام السوري هو  لحماية مصالحها الإستراتيجية والإقتصادية , لكن نتسائل لماذا لم تحمي روسيا مصالحها الإستراتيجية عندماغزت أمريكا افغانستان؟ وعندها سيكون الجيش الأمريكي على حدود روسيا بل هي ساعدت الجيش الأمريكي في غزو ذلك البلد المسلم , ثم الم تكن علاقة روسيا بالعراق قوية وإستراتيجية وخاصة أنه بلد نفطي  فلماذا اذا تركت مساعدة  العراق في حرب الكويت لقاء مبلغ من المال قبضته!!, بل وسكتت عن احتلال العراق عام 2003 م , وفي المشهد الليبي نرى أن روسيا لم تقاوم طويلا بالرغم من المصالح الإقتصادية القوية مع ليبيا فهو كذلك بلد نفطي ويحوي على خزين هائل من النفط بالإضافة الى موقعه الإستراتيجي , إن روسيا الان تستقتل من أجل إبقاء النظام السوري وتفقد الكثير من سمعتها ووزنها الدولي بل ومصالحها الإقتصادية,  فلماذا لم تفعل نفس الشيء مع العراق وليبيا وافغانستان رغم أن المصالح الاقتصادية والاستراتيجية أكبر وأعظم  ؟ , هذا سؤال وجيه .

والجواب هو:  فبالإضافة الى التاريخ الطويل من الكراهية للمسلمين كما بينا آنفا , وعندما نعلم أن أول الدول التي إعترفت بالكيان الصهيوني هو الإتحاد السوفيتي تنحل الكثير من الإشكالات في تفسير الموقف الروسي الداعم للنظام السوري .

إن الجذور اليهودية في روسيا قديمة , وقد لعبت روسيا دورا مهما في تاريخ الحركة الصهيوينة الإستيطانية, والأرض الروسية هي تربة خصبة لنمو تلك الأفكار وقد بدأ التوجه الصهيوني منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر بنشوء حركة أحباء صهيون  , ومن بين 197 مندوبا في المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897م  كان هنالك 66 مندوبا روسيا ومنهم من تقلد مراكز مهمة ...مثل ليو موتزكين وفلاديمير تيومكين وهرمان شابيرا وغيرهم.وقد التف صهاينة روسيا حول هرتزل عندما نشر كتابه دولة اليهود .

فاليهود في روسيا لهم قرارات في كل صغيرة وكبيرة ويتمتعون بالإمتيازات الغير محدودة ودون رقيب أو حسيب .

فقد ذكرت صحيفة " كوميرسانت الروسية ". أن أملاك اليهود الروس في الاقتصاد الروسي في ذلك الوقت (اي في عهد يلتسين ) بلغت 70% في قطاع النفط والغاز الطبيعي، 100% في قطاع السماد الزراعي، 80% في قطاع صناعة السيارات، 60% في قطاع صناعة الطيران المدني، 85 % في قطاع الأخشاب، 70% في قطاع البنوك والمصارف، 80 % في قطاع شركات التأمين، 65 % في قطاع الإعلام المرئي والمكتوب والمسموع فما هي اذا امتيازاتهم الآن !!.

و تشير صحيفة "الجارديان" البريطانية إلى أنه من بين الأوليجاركيين السبعة الأكبر في روسيا في التسيعنات والذين كانوا يتحكمون في الحجم الأكبر من اقتصاد روسيا هناك 6 يهود هم (بوريس بيريزوفسكي، ميخائيل خودركوفسكي، فلاديمير جوزينسكي، ألكسندر سمولينسكي، ميخائيل فريدمان وفاليري مالكين ).

وتحول نفوذهم في روسيا من السيطرة على الاقتصاد إلى نفوذ سياسي قوي أصبح يعوق بشكل واضح سياسات وطموحات الرئيس الجديد فلاديمير بوتين الذي تولى الحكم في يناير العام 2000 .[1]

وتشير بعض الأخبار أن بوتين نفسه يهودي الأصل وهو من قرابة إبنة خال كسينجر اليهودية الروسية , كما أن اليهود استقبلوا خبر رجوع بوتين بعد أن قضى أربع سنوات رئيسا للوزراء  بسعادة ورتياح , بل صرح الكثير من الإعلاميين اليهود بأن بوتين أنعش الحالة المعنوية لليهود بمجرد الإعلان عن عودته  , يقول يوفجيني ستانوفسكي وهو رئيس معهد إسرائيل ودراسات الشرق الأدنى وأحد مفكري موسكو: إن ''اليهود لم يعد عليهم أن يقلقوا الآن، لأن بوتين ليس معادياً للسامية ولا مناهضاً لإسرائيل''.

علما أن بوتين هو أول زعيم روسي يزور دولة إسرائيل وزار معبد يهودي في موسكو و استقبل واحدا من أهم حاخامات إسرائيل وهو الحاخام بيريل لازار.

وقد كشفت احد وثائق ويكيليكس : المخطط الخفي بين إسرائيل وروسيا حتي تحصل إسرائيل علي القدس عن طريق مطالبات روسيا بممتلكاتها و أراضيها المزعومة داخل القدس, وبينت الوثيقة مدى التعاون الكبير بين روسيا وإسرائيل وإستخدام إسرائيل لروسا حتي تسيطر علي الشرق الأوسط.

مما تقدم يتبين إن الدفاع المستميت عن النظام السوري  هو في حقيقته دفاع مستميت عن دولة اليهود في فلسطين فلطالما أثبت النظام السوري جدارته في حماية المصالح الاسرائيلية , فمن القضاء على المقاومة الفلسطينية في لبنان الى قمع التوجه الإسلامي في سوريا وصولا الى حماية حدود اليهود وبصورة مباشرة فلم تطلق منذ حرب تشرين رصاصة على الجولان إذ تعتبر هذه المنطقة من أهدأ الحدود مع الكيان الصهيوني,  فهنالك اختراقات في حدود لبنان والأردن ومصر ولا يوجد أي اختراق في حدود الجولان .

لقد عرف أعدائنا إخلاص ووفاء الفرق الشيعية الضالة ومنها الفرقة النصيرية لمشاريعهم ففي الحروب الصليبية مارست الفرقة الإسماعيلية أبشع الجرائم بحق القادة المجاهدين ضد الحملة الصليبية التي اجتاحت بلاد الشام, وعن تحالف تلك الفرق مع  التتار تكلم الخبير بالفرقة النصيرية وهو شيخ الاسلام إبن تيمية وأفتى بهم الفتوى المشهورة , الى عصر الإستعمار الفرنسي لبلاد الشام فقد كشفت وثيقة للخارجية الفرنسية وتحمل الرقم (3547) بتاريخ 15/6/1936م , على عمالة تلك الفرقة للفرنسيين فقد نصت هذه الوثيقة على طلب من زعماء الطائفة العلوية بعدم مغادرة فرنسا للأراضي السورية ويشيدون باليهود الذين قدموا الى فلسطين!! , ويحرضون فرنسا ضد أهل السنة .

 

ولعل سائل يسأل لماذا ورط اليهود روسيا بهذا العمل وضحوا بها , واللوبي اليهودي موجود وبشكل فعال في أمريكا وأوربا أيضا ؟, والجواب هو أن روسيا لا تعتبرر دولة بالمعنى الصحيح مثل أمريكا وأوربا التي تحتوى على مؤسسات ومنظمات حقوقية وإعلامية لها أثر فعال في إثارة الرأي العام وبالتالي تؤثر في أي إنتخابات قادمة, أما روسيا فتعتبر دولة مافيات أي لا تمتلك مقومات الدولة بالمعنى الصحيح, وهذا ما اثبتته وثائق ويكيلكس : "أن مدعيا قضائيا إسبانيا كبيرا أبلغ السفارة الأمريكية في مدريد أن روسيا والشيشان وروسيا البيضاء أصبحت "دول مافيا". وفي برقية أخرى تسائل عما اذا كان لرئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين علاقات بالمافيا الروسية.

وما يجري من الاعيب في ألأنتخابات الروسية شاهد على ذلك إذ أن بوتين يتناوب الأدوار مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف.  !!!.

كماأننا لا نستطيع اخراج أوربا وأمريكا من اللعبة, وذلك بعدم ممارسة الضعط الحقيقي على روسيا لتغيير موقفها , بل وعلى سوريا نفسها فنجد أن العقوبات التي فرضت على النظام السوري لا تمس عصب النظام وهي عقوبات شكلية فقط , وكم هنالك من فرق بين تلك العقوبات والعقوبات التي فرضت على نظام صدام حسين , إذ جمعت أمريكا حدها وحديدها لإزالته عن سدة الحكم .

إن اليهود الذين يحركون أذنابهم في روسيا والغرب الأوروبي الأمريكي  لأعطاء أكبر فسحة للنظام العلوي النصيري السوري , من أجل استمرار حكمه, لم يجدوا بديلا لحد الآن يطمئنوا إليه من أجل حماية دولتهم المسخ, لذا فإنهم يحركون العصا الروسية من أجل تعطيل أي مشروع يزيل هذا النظام عن الحكم ,  وفي المقابل عرض الغرب على أنه عاجز عن إزاحة تلك العصا في تمثيلية سمجة وهزلية ومفضوحة وقد بان عوارها لكل الناس .

وإننا نوصي إخواننا في سوريا أن لا يعتمدوا في إزالة هذا الحكم النصيري الرافضى لا على روسيا ولا أمريكا ولكن أن يعتمدوا على من لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض وهو الله سبحانه وتعالى وكما قال جل شأنه : {وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }آل عمران126.

 

 

 

 

 


[1] صحيفة الوقت بتصرف


 

 



مقالات ذات صلة