السعودية تزرع بإخلاص وإيران تحصد بذكاء!.
أبو عبدالله السندي
التاريخ: 1/4/1432 الموافق 07-03-2011
ما أكثر المؤسسات الخيرية والمدارس التعليمية التي رعتها السعودية في البلاد الفقيرة كباكستان و أفغانستان، وما أقل النتائج والثمار!
وما أكثر الطلاب الذين تخرجوا من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وما أقل حظهم في النشاط التعليمي في باكستان!
أقامت السعودية ومصر برفقة دول إسلامية أخرى جامعة إسلامية عالمية لتكون معينا للدعوة الإسلامية والثقافة العربية في باكستان وغيرها من البلاد، و يومها ثارت الشيعة واعتبرت الجامعة وكرا للوهابية وقلعة من قلاع السعودية وقامت بمظاهرات معادية أمام السفارة السعودية!
لكنهم أدركوا بعد حين بأن الصراخ والعويل لا يجديان شيئا، وإنما التخطيط والروية وبناء المستقبل، فإن بدا الحال مظلما بعض الشيء فالمستقبل يبنيه التخطيط السليم.
أخذت إيران في صمت مريب تسعى إلى تشيع العاصمة الباكستانية بإقامة حسينيات والمكتبات ومراكز دعوية وجامعات مذهبية بأشكال معمارية متميزة ودعائية في كل أحياء إسلام آباد. ومنذ 2002 أخذت في وضع خطة صامتة للإستيلاء على الجامعة الإسلامية العالمية و سحب البساط من تحت أرجل السعودية ومصر والعرب ـ حسب زعمهم ـ فأخذت في تكثيف عدد طلاب الشيعة في الجامعة وصرف مساعدات مالية لهم، كما أنها بنت جامعة مذهبية بعنوان "حوزة الحجة" في شرق العاصمة لاختيار طلاب متميزين من الشيعة من شتى بقاع باكستان وإقامة دورات لغوية مكثفة لهم ـ في الإنجليزية والعربية والفارسيةـ وإعدادهم للالتحاق بالجامعة الإسلامية العالمية ولا سيما في كليات؛ اللغة العربية وأصول الدين والشريعة والقانون.
توفر "حوزة الحجة أو جامعة الحجة" لهؤلاء الطلاب بعد أن تسجلهم في الجامعة الإسلامية العالمية؛ المواصلات والسكن و كل ما يحتاجونه، و تمنعهم من أي احتكاك مع سائر الطلاب لئلا يذوبوا في المجتمع المنفتح ثقافيا و فكريا، كما توفر لهم دراسات مسائية في المذهب و حلقات لرد الشبهات و إثارة الشبهات و زرع روح الطائفية فيهم، ثم بعد أن يتخرج الطالب في الجامعة الإسلامية يبعث في نفس التخطيط لإكمال الدراسات العليا إلى الدمشق و الطهران ليعود إلى بلده وهو يحمل شهادة علمية تؤهله للدخول في أية مؤسسة من مؤسسات صناعة القرار في البلد!
فقد أدركت إيران أن الكوادر العلمية الباكستانية ستشيخ يوما ما و تتقاعد، والعالم العربي قد زهد في المنطقة أو تغافل عنها، فهم يعدون أنفسهم ليكونوا هم البديل في ظل التنافس على المناصب. جميع أساتذذة كلية أصول الدين من الباكستانيين ممن يحملون شهادات الدكتوراه من مصر والسعودية سيتقاعدون خلال أربعة أعوام القادمة، و ليس هناك باكستانييون أعدوا في الجامعات العربية ليملأوا هذا الفراغ، إلا ما تعده إيران لهذا الغرض! والأمر في كليتي اللغة العربية والشريعة إن لم تكن أسوأ من هذا فعلى هذه الشاكلة تماما!
فقد اتبعت إيران نفس السياسة في كليات وأقسام اللغة الفارسية في باكستان كلها، فقد كانت جميع هذه الكليات والأقسام بيد السنة، فاختارت إيران مجموعة من أبناء الشيعة وحملتهم إلى بلده، وربتهم تربية طائفية وقدمت لهم شهادات الدكتوراه في اللغة الفارسية والأدب الفارسي، وقد غفل أبناء السنة عن هذا الثغر. والآن أخذ عمداء الكليات والأقسام الفارسية يتقاعدون واحدا بعد آخر ليخلفهم الشيعة. وأصبح اليوم معظم هذه الكليات أوكارا دعائية للمذهب الطائفي الشيعي الإيراني! وكذلك الحال في كثير من الكليات العلمية والجامعات الخاصة في باكستان.
فيوم أن كانت السياسات السعودية ومصرية لا تنظر إلا أمام أقدامها كانت إيران تخطط لبعد عقد أو عقدين من الزمن!
ألم يأن الوقت بعد لمراجعة الحسابات وتفادي الأخطاء والإستقادة من التجارب الماضي لبناء المستقبل؟!..
الحل:
من يملك ناصية اللغة العربية وقيادتها في البلاد الأعجمية مثل باكستان سوف يسيطر على الإعلام العربي، وعلى السلك الدبلوماسي في السفارات الباكستانية في العالم العربي، وفي السفارات العربية في باكستان، وعلى التعليم العربي في المدارس العربية في باكستان، والمدارس الباكستانية في العالم العربي بجانب الأقسام والكليات العربية في هذا البلد!....
بعبارة أخرى؛ الخطر ليس موجها إلى السعودية أو مصر فحسب، وإنما إلى العالم العربي كله!..
و ينبغي أن تفكر الحكومات والدول في وضع خطط لتفادي هذا الخطر!
ولكن!...
بما أن السلطات في عالمنا العربي كثيرا ما لا تدرك حجم الخطر، ولا تستطيع استيعاب الأمر أو لا تراها من أولوياتها، فينبغي على المجتمع المدني والمؤسسات الدينية والتعليمية أن تتحرك لتفادي هذه المشكلة.
كأن تتفق كل جماعة إسلامية، وكل مؤسسة خيرية، وكل لجنة دعوية، وكل نقابة علمية أو إدارية، وغير ذلك من المؤسسات المدنية في كل بلد مع جهات تعليمية كالأزهر والجامعات الإسلامية وكليات اللغة العربية والعلوم الشرعية المنتشرة في عالمنا العربي، بأن تتكاتف في تقسيم المسئولية بينها وإدارة شئون عدد من الطلاب الأجانب و تربيتهم وتأهيلهم للحصول على الدكتوراه بجانب رفع مستواهم في اللغة الإنجليزية، وإعدادهم بشكل ممتاز ليعودوا إلى بلادهم كوادر مخلصة تحمي الأوطان من مكر الأعداء و تقوم بدور الإصلاح وإقامة الصلات الودية في عالمنا الإسلامي.
فتجارب التخطيط المبرمج أثبتت بأن كل طالب يتخرج في أي بلد سوف يكون حلقة وصل و ود بين البلدين. وهذا ما يركز عليها دول الغرب والهند وإيران منذ زمن بعيد، و تنبه إليه تركيا أخيرا.
ففي الجامعات المذهبية الإيرانية تتخرج كل عام آلاف من الطلاب الأجانب من العرب والأفارقة والصينيين وغيرهم.. و عدد طلاب العرب في الهند يكاد يتجاوز مليون طالبا في مختلف التخصصات. واللبيب تكفيه الإشارة!