غسيل الأموال الإيراني ودلالاته الخطيرة
السبت 18 من ربيع الثاني1431هـ 3-4-2010م
عــصــام زيــدان
كشفت حادثة تورط وزير الدولة البحريني منصور بن رجب، في شبكة لغسيل الأموال، لحساب الحرس الثوري الإيراني عن جوانب شديدة الخطورة على عدة مستويات, لعل في مقدمتها جانب علاقة إيران بدول الجوار العربي, وثانيها دور الأقليات الشيعية في هذه الدول العربية ولمنْ يكون ولائها الأول.
فيما يخص الجانب الأول, وهو علاقة إيران بدول الجوار فقد كشفت هذه الحادثة وآخريات من قبلها عن انتهاكات إيرانية خطيرة لهذه الدول العربية وعلى عدة مستويات..
فإيران هي من يحتل الجزر الإماراتية الثلاثة (طنب الكبرى, وطنب الصغرى, وأبو موسى) وترفض الانسحاب منها أو حتى الدخول في تفاوض حولها.
وإيران هي من دعمت التمرد الحوثي شمال اليمن وأشعلت فتيل ست حروب متوالية بين هؤلاء المتمردين والقوات اليمينة, وتمدد خطرها حول انتهك حدود المملكة العربية السعودية...
وهي التي اعتبرت وصرحت بأن البحرين هي أحدى الولايات التابعة لها, قبل عدة أشهر,وهي التصريحات التي جاءت من شخصيات رسمية مقربة من راس السلطة الممثلة في المرشد على خامئني.
وإيران هي التي مدت نفوذها في العراق, فتعاونت مع الاحتلال الأمريكي لإسقاط نظام صدام حسين في العام 2003, ثم غذت الحرب الطائفية بالمال والسلاح وانتصرت للشيعة على بقية الطوائف خاصة أهل السنة.
محصلة الأمر, أن كل الدول الجوار الإيراني أصابها الشرر المتطاير من نظام ولاية الفقه الإيراني في صورة احتلال مباشر كما في الإمارات.. أو احتلال مقنع بأغلفة طائفية مقيتة كما في العراق..أو هي تستدعى ذاكرة الاحتلال وتلوح به كما في البحرين..
ولك أن تضيف إلى ذلك أنها تدعم التمرد على سلطان الدول المجاورة لها, وهي الحادثة المشهودة في اليمن حيث التمرد الحوثي, أو لبنان حيث يتمركز حزب الله في الجنوب معارضا أية سلطة للدولة هناك أو تدخل من جانب الجيش النظامي.
وتأتي حادثة استخدام وزير الدولة البحريني لتضيف بعدا جديدا في الانتهاكات الإيرانية لسيادة دول الجوار العربي, فهي ليست مجرد حادثة غسيل أموال ذات بعد اقتصادي كما يبدو, فالقضية لها عدة أبعاد مختلفة تتعلق جميعها بالأمن القومي للدول العربية:
أولها أن الوزير البحريني متهم بالتجسس لحساب إيران, بعدما عثر معه على صورة لأماكن عسكرية بحرينية محظور تصويرها, أي أننا أمام قضية لها بعد استخباراتي, وهو ما يثير تساؤلا عن الهدف الإيراني من التجسس على البحرين ومعرفة الأماكن العسكرية والحساسة فيه, وهل هناك ثمة ارتباط بين هذا التجسس والتهديدات السابقة بضم البحرين إلى إيران باعتبارها أحد المحافظات المنفلتة؟
ثانيها أن الوزير البحريني ليس هو فقط المتهم في هذه القضية, فهناك شخصيات أخرى من الكويت, ولبنان, ومصر, أي أننا أمام شبكة متعاونة يديرها الحرس الثوري في عدة دول عربية, وهو ما يعنى أن جميع الدول العربية مستهدفة من قبل الحرس الثوري الذراع الباطش للثورة الخومينية, وانه نجح حتى الآن في إيجاد خلايا وشخصيات متعاونة.
ثالثها أن الوزير المتهم, وكذا أعضاء الشبكة من الطائفة الشيعية, ويحملون جنسيات بلادهم العربية, وبعضهم في أماكن حساسة ومسئولة, إي أننا أمام ولاء مزدوج شديد الخطورة.
وهذا البعد هو ما يضعنا على عتبة الجانب أو الشق الثاني والذي يتناول قضية ولاء الطوائف الشيعية في البلاد العربية..لمنْ يكون؟
الذي يبدو من خلال الرصد الواقعي أن ولاء الطوائف الشيعة لإيران التي تعتبر الدولة الشيعية الاثني عشرية الوحيدة وسط العالم العربي مقدم على ولائهم لجنسياتهم وبلدانهم, والشواهد كما أسلفنا تدل على ذلك بأفصح لغة.
فحزب الله اللبناني في غير ذات مرة أعلن ولائه المطلق لولاية الفقيه, في إيران, وحروبه الخارجية وأزماته الداخلية هي بالوكالة عن النظام الإيراني.
فقد جاء في البيان التأسيسي لحزب الله ما نصه:"أننا أبناء أمة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسّست من جديد نواة دولة الإسلام المركزيّة في العالم, نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة، تتمثّل بالولي الفقيه الجامع للشرائط", ويكرر الأمين العام الحالي لحزب الله حسن نصر الله هذا الالتزام فيقول:"إن المرجعية الدينية في إيران تشكل الغطاء الديني والشرعي لكفاحنا ونضالنا".
أي أننا أمام دويلة ومحافظة إيرانية قابعة في الجنوب اللبناني, لا تجد حرجا في الإفصاح والإعلان عن هويتها وولائها لإيران, في حين لا نجد منها ذات الالتزام والولاء للدولة اللبنانية.
والحوثيون اليمنيون, كذلك, يرتبطون بروابط وثيقة بإيران, وهو ما كشفة الرئيس اليمني عبدالله صالح في أكثر من مناسبة, ولم تجد إيران غضاضة كذلك من الاعتراف بدعمها للمتمردين الحوثيين, وهو ما أكدته كذلك تقارير غربية, حيث أكدتقرير أمريكي صادر عن مركز "ستراتفور" للاستشارات الأمنية أن القوات الإيرانية الموجودة في البحر الأحمر وخليج عدن تقوم بتأمين عملية تهريب الأسلحة من أحد الموانئ الإريترية في البحر الأحمر إلى الحوثيين, مؤكدا أن القوات البحرية الإيرانية أضافت أسطولا رابعا تمركز في خليج عدن وذلك لتأمين طرق جديدة لتهريب الأسلحة للتمرد الحوثي.
والحال فيما يخص بعض الشيعة في السعودية لم يختلف كثيرا, حيث صرح المرجع الشيعي نمر النمر بأنه وشيعة المملكة مع إيران قلبا وقالبا,وهي ذات التصريحات التي أكدها المرجع حسن الصفار, و أعطاها فقط بعدا دينيا على اعتبار أن إيران تعد مرجعية لكل شيعة العالم.
وأخيرا نقول أن الشيعة وقفوا من قبل إلى جانب أعداء الأمة حتى غزو الديار واحتلوا البلاد, كما فعل ابن العلقمي وغيره..
فهل يفعلها شيعة اليوم في البلاد العربية ويمهدون لغزو فارسي لبلادهم العربية؟