اليمن على جمر التمرد الإيراني
الخبر:
مفكرة الإسلام: هدد المتمردون الحوثيون بتصعيد المواجهات مع الحكومة اليمنية ونقل المعارك إلى خارج مدينة صعدة الواقعة شمال غربي اليمن لتشمل كافة محافظات البلاد.
التعليق:
كتبه/ علي صلاح
عادت الاشتباكات مرة أخرى في اليمن بين القوات الحكومية من جهة والمتمردين الشيعة التابعين للحوثي من جهة أخرى, وكانت صنعاء قد اتهمت في وقت سابق قوى خارجية بالمسئولية عن دعم الحوثيين وأشارت بعض المصادر إلى طهران بشكل صريح, وقبل أن نتقدم خطوة أخرى في تداعيات الأحداث نلقي نظرة على جماعة الحوثي وتاريخها. ظهر هذا الفكر في فترة الثمانينات من القرن الماضي عندما قام صلاح أحمد فليته سنة 1986 وبدعم إيراني بإنشاء "اتحاد الشباب المؤمن" وقد كان أعضاء هذا التيار يدرسون الثورة الإيرانية على يد محمد بدر الدين الحوثي الذي يعتبر الزعيم المؤسس للحركة الحوثية والأب الروحي لها ... وفي ظل التعددية الحزبية التي ظهرت مع قيام الجمهورية اليمنية سنة 1990 تكونت عدة أحزاب سياسية من بينها حزب "الحق" الذي كان أحد أعضائه حسين بدر الدين الحوثي والذي أسسه مجموعة من الشخصيات الزيدية، إلا أن حسين الحوثي لم يستمر طويلاً في الحزب واستقال منه, بعدها قام بتأسيس منتدى الشباب المؤمن سنة 1997 وكان يضم عددًا من مثقفي المذهب الزيدي ـ وهي فرقة شيعية تفضل عليًا رضي الله عنه على غيره من الصحابة دون طعن فيهم وترى أحقيته بالإمامة بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام ـ إلا أن هؤلاء لم يكونوا على وفاق مع حسين الحوثي بسبب أفكاره المنحازة لمذهب الشيعة الإثني عشرية وهو المذهب الذي تتبناه الحكومة الإيرانية؛ الأمر الذي أدى إلى انشقاق الجماعة واستقل الحوثي بتنظيم الشباب المؤمن. ومن أفكار الحوثي التي ذكرها في عدد من محاضراته, أنه على الأمة أن تكتفي بإمام يعلمها كل ما تحتاج إليه, فهي لا تحتاج إلى دراسة الكتاب والسنة, كما يقوم بتوجيه انتقادات حادة للصحابة رضي الله عنهم ويحمّل بعضهم سبب فشل الأمة الإسلامية, يقول الحوثي "يقال لنا دعك من عمر وأبي بكر فهم أصحاب فضل وجهاد.. دعك من التعرض لهم فذلك يجرح مشاعر الآخرين.. بينما هذا كلام خطأ.. ففي الحقيقة يجب أن نتعرض لهم، فالله قد توعد بأنه سيحبط عمل الذين يرفعون صوتهم فوق صوت النبي، فما بالك بمن رفع خطًا ومنهجًا بأكمله يخالف منهج النبي..", ويضيف: " فمن في قلبه ذرة من الولاية لأبي بكر وعمر لا يمكن أن يهتدي إلى الطريق التي تجعله من أولئك الذين يحبون الله ويحبهم الله.." كما يعترف صراحة بنسبته للشيعة الإمامية فيقول: "إنه من الحماقة أن نرتبط نحن الزيدية والمتميزين من الشيعة الإمامية بهؤلاء السنية أو نفكر أن بالإمكان التوحد معهم، فهم يريدون أن نتوحد معهم تحت رايتهم..", ويتابع متهمًا كبار الصحابة بالانهزامية: "فليعلم أولياء أبي بكر وعمر أنهم سيظلون منهزمين أمام اليهود.. فمادام كبارهم قد هزموا فصغارهم منهزم..", ويعلن صراحةً براءته من أهل السنة فيقول: "إن حزب الله المذكورين في القرآن ليسوا بالمسلمين السنة.. بدليل أنهم ليسوا هم الغالبين في مواجهة اليهود وأمريكا والنصارى.. بل إن حزب الله مفهوم قرآني يقتصر على الشيعة بدليل أن حزب الله هزم أمريكا لأنه شيعي وبدليل أن واحدة فقط من بين 58 دولة إسلامية هزمت أمريكا، هذه الدولة هي إيران..", على حد زعمه. كما أنه لا يعتمد على السنة لأنها جاءت من طرف صحابة رسول الله صلى الله عليه سلم, ويدعو لدولة إمامية تحكم بالحق الإلهي والأئمة عنده من نسل الحسن والحسين فقط؛ مما سبق يتضح أن الحوثي يتبع نفس النهج الإيراني ليس فقط في العقيدة ولكن في السياسة، ويرى أن حزب الله هو قدوته لأنه على حد ادعائه انتصر على أمريكا. لقد ظلت الحكومة اليمنية ملتزمة الصمت تجاه هذا التيار حتى بدأ في استخدام العنف في صيف 2004 وأسفر الصراع بين الطرفين عن مقتل حسين الحوثي بعدها تولى قيادة التنظيم الأب بدر الدين الحوثي ومنذ ذلك الوقت والأحداث تشهد تصاعدًا حينًا وهدوءًا حينًا آخر, إلا أن المتتبع لأفكار الحوثي لا يرى إمكانية الوصول لحل نهائي سلمي إلا كهدنة يلتقطون فيها أنفاسهم للبدء من جديد في مواصلة مشروعهم خصوصًا وأن طهران تقف وراءهم بقوة كما تقف وراء حزب الله في لبنان والمليشيات الشيعية في العراق؛ فهم جزء من مخططها لإعلان إمبراطوريتها وتحويل الخليج العربي للخليج الفارسي؛ والذي يؤكد هذا المنحى البيان الذي صدر من مجموعة من علماء الدين في إيران يحتجون فيه على ما أسموه "بالمجازر التي ترتكب ضد الشيعة في اليمن" كما طالب متظاهرون من أتباع الحوثي كانوا مجتمعين أمام السفارة اليمنية بطرد السفير اليمني من طهران وتغيير اسم الشارع الذي تقع فيه سفارة اليمن إلى اسم الحوثي. تجدد الاشتباكات بعد فشل أو إفشال مبادرة الصلح القطرية يأتي في وقت تتصاعد فيه الأحداث في لبنان وسط اتهامات بمحاولة حزب الله التخطيط لعملية أمنية كبيرة لتغيير مجريات الأحداث لصالحه, كما يأتي في وقت يتعمق فيه الدور الإيراني في العراق وقد اتضح بشدة هذا الدور خلال القتال الدائر بين الفرق الشيعية حتى أن بعضها اتهم طهران صراحة بتقاسم النفوذ في العراق مع الاحتلال الأمريكي, فيا ترى أين تضع طهران قدمها في المرة القادمة وعلى جثة من دول المنطقة؟