ماذا يعني مصطلح " الحلول والاتحاد " ؟

بواسطة الإسلام سؤال وجواب قراءة 3443
ماذا يعني مصطلح " الحلول والاتحاد " ؟
ماذا يعني مصطلح " الحلول والاتحاد " ؟

أقرأ كثيرا في كتب العقائد : الرد على أهل الاتحاد ، الرد على القائلين بوحدة الوجود ، ونحو ذلك ، فما المراد بـ " الحلول والاتحاد " ؟

الجواب :

الحمد لله

" الحلول " و " الاتحاد " - و يدخل فيه مصطلح " وحدة الوجود " - :

هاتان اللفظتان تردان كثيراً في كتب العقائد ، وهما من المصطلحات الصوفية ، والباطنية ، كما أنهما تردان في كتب الأديان الباطلة ، كالبرهمية ، والبوذية ، وغيرهما .

1. " الحلول " :

أ. معناه في الاصطلاح العام : أن يحل أحد الشيئين في الآخر .

وهو " حلول سَرَياني " ، و " حلول جواري " .

يقول الجرجاني رحمه الله :

الحلول السرَياني : عبارة عن اتحاد الجسمين بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخر ، كحلول ماء الورد في الورد ، فيُسمَّى الساري حالاًّ ، والمسري فيه محلاًّ .

الحلول الجواري : عبارة عن كون أحد الجسمين ظرفاً للآخر ، كحلول الماء في الكوز .

" التعريفات " ( ص 92 ) .

هذا هو الحلول : إثبات لوجودين ، وحلول أحدهما في الآخر .

ويراد منه باصطلاح القائلين به من الصوفية وغيرهم : حلول الله - عز وجل - في مخلوقاته ، أو بعض مخلوقاته .

ب. " أقسام الحلول " :

ينقسم الحلول إلى قسمين :

1. حلول عام : هو اعتقاد أن الله تعالى قد حلَّ في كل شيء .

ولكن ذلك الحلول من قبيل حلول اللاهوت - أي : الإله الخالق - بالناسوت - أي : المخلوق - مع وجود التباين ، بمعنى : أنه ليس متحدّاً بمن حلَّ فيه ، بل هو في كل مكان مع الانفصال ، فهو إثبات لوجودين .

وهذا قول الجهمية ومن شاكلهم .

2. حلول خاص : وهو اعتقاد أن الله - جل وعلا - قد حلَّ في بعض مخلوقاته .

مع اعتقاد وجود خالق ومخلوق .

وذلك كاعتقاد بعض فرق النصارى : أن اللاهوت - الله جل وعلا - حلَّ بالناسوت – عيسى عليه السلام - ، وأن عيسى عليه السلام كانت له طبيعتان : لاهوتية لما كان يتكلم بالوحي ، وناسوتية عندما صلب .

وكذلك اعتقاد بعض غلاة الرافضة - كالنصيرية - أن الله - عز وجل - حلَّ في علي بن أبي طالب ، وأنه هو الإله ؛ حيث حلت فيه الألوهية ، وذلك من عقائدهم الأساسية .

2. " الاتحاد " :

أ. معناه : كون الشيئين شيئاً واحداً .

قال الجرجاني رحمه الله :

الاتحاد : امتزاج الشيئين ، واختلاطهما حتى يصيرا شيئاً واحداً .

" التعريفات " ( ص 9 ) .

ب. ومعناه باصطلاح القائلين به : اتحاد الله - عز وجل – بمخلوقاته ، أو ببعض مخلوقاته .

أي : اعتقاد أن وجود الكائنات أو بعضها هو عين وجود الله تعالى .

ج. " أقسام الاتحاد " :

" الاتحاد " ينقسم إلى قسمين :

1. الاتحاد العام - وهو ما يطلق عليه أيضاً : " وحدة الوجود " - : وهو اعتقاد كون الوجود هو عين الله عز وجل .

بمعنى : أن الخالق متحد بالمخلوقات جميعها ، وهذا هو معنى " وحدة الوجود " ، والقائلون به يسمون " الاتحادية " ، أو " أهل وحدة الوجود " ، كابن الفارض ، وابن عربي ، وغيرهما .

2. الاتحاد الخاص : هو اعتقاد أن الله عز وجل اتحد ببعض المخلوقات دون بعض .

فالقائلون بذلك نزهوه من الاتحاد بالأشياء القذرة القبيحة ، فقالوا : إنه اتحد بالأنبياء ، أو الصالحين ، أو الفلاسفة ، أو غيرهم ، فصاروا هم عين وجود الله جل وعلا .

كقول بعض فرق النصارى : إن اللاهوت اتحد بالناسوت ، فصارا شيئاً واحداً ، وهذا بخلاف القائلين بالحلول ، فهم يرون أن له طبيعتين : لاهوتيةً وناسوتيةً .

فالاتحادية قالوا بواحد ، والحلولية قالوا باثنين .

د. " الفرق بين الحلول والاتحاد " :

الفرق بينهما يتلخص فيما يلي :

1. أن الحلول إثبات لوجودين ، بخلاف الاتحاد فهو إثبات لوجود واحد .

2. أن الحلول يقبل الانفصال ، أما الاتحاد فلا يقبل الانفصال .

هـ. " أمثلة يتبين بها الفرق بين الحلول والاتحاد " :

هناك أمثلة كثيرة منها :

أ. السُّكَّر إذا وضعته في الماء دون تحريك : فهو حلول ؛ لأنه ثَمَّ ذاتان ، أما إذا حركته فذاب في الماء : صار اتحاداً ؛ لأنه لا يقبل أن ينفصل مرة أخرى .

أما لو وضعت شيئاً آخر في الماء كأن تضع حصاة : فهذا يسمَّى حلولاً ، لا اتحاداً ؛ لأن الحصاة شيء ، والماء شيء آخر ، وهما قابلان للانفصال .

و. " حكم هذه الاعتقادات وأيهما أشد " :

لا ريب أن القول بالحلول أو الاتحاد هو من أعظم الكفر والإلحاد - عياذاً بالله - .

ولكن الاتحاد أشد من الحلول ؛ لأنه اعتقاد ذات واحدة ، بخلاف الحلول ، ثم إن القول بأنه اتحد في كل شيء أعظم من القول بأنه اتحد في بعض مخلوقاته .

وبالجملة : فإن اعتقاد " الحلول والاتحاد " اعتقاد ظاهر البطلان ، وقد جاء الإسلام بمحوه من عقول الناس ؛ لأنه اعتقاد مأخوذ من مذاهب وفلسفات ووثنيات هندية ويونانية ويهودية ونصرانية وغيرها ، تقوم على الدجل ، والخرافة .

باختصار وتصرف من كتاب " مصطلحات في كتب العقائد " للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد ( ص 42 – 47 ) .

والله أعلم .

المصدر : الإسلام سؤال وجواب



مقالات ذات صلة