الردود الغراء على نشرة
"عاشوراء مدرسة البطولة والفداء"
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين .
أما بعد :- فقد ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة سوء و نابتة شر تزيّت بزي آل البيت وتسترت بستار حب المصطفى صلى الله عليه و سلم و رأينا في كلامها الركاكة في الأسلوب والتناقض و الادعاء الأهوج حول استشهاد الحسين رضي الله عنه، فأصدروا نشرة بائسة بعنوان :عاشوراء مدرسة البطولة والفداء فتناقض فيها كاتبها وخبط فيها خبط عشواء وكأنه يريد هو وزمرته الضالة أن يجعلوا من مقتل الحسين رضي الله عنه ذريعة لنشر باطلهم وتحقيق أهدافهم وهذا الذي والله لن يصلوا إليه, ولن تقر به أعينهم ، ما دام هناك محب لأل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته الكرام , و هذا أمرا لا يجوز السكوت عليه إذ هو من الباطل الذي أمر الله بإزهاقه وإبطاله لذلك توجب على أهل الحق أن يبينوا موقفهم من آَل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم و قتلة الحسين رضي الله عنه . والحوادث التاريخية التي وقعت آنذاك .
نحن أحق بأهل البيت من هؤلاء :-
وآل البيت هم من تحرم عليهم الصدقة , وهم آل علي و آل جعفر و آل عقيل و آل العباس و يلحق بهم بنو المطلب ، و يدخل في آله أزواجه الطاهرات رضي الله عنهن، فأهل السنة والجماعة يرعون لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم حرمتهم وقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما يحبونهم لإسلامهم وسبقهم وحسن بلائهم لنصرة دين الله عز وجل و يحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال يوم غدير خم: (أذكركم الله في أهل بيتي) أخرجه مسلم، وقال أيضا لعمه العباس رضي الله عنه وقد اشتكى إليه بعض قريش يجفوا بني هاشم فقال: (والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي) أخرجه أحمد والترمذي. فلا يتم إيمان أحد حتى يحب لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم , فهم الصفوة من الناس لذلك ضرب الصحابة رضي الله عنهم أروع الأمثلة في محبتهم لأل البيت فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول : (ارقبوا محمداً في أّهل بيته ) وقال أيضاً : ( والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحب إلىّ من قرابتي ) رواهما البخاري، فمحبة أهل البيت تكون على النحو الذي ذكرنا , لا كما يزعمه الرافضة , فإنهم يغالون في حبهم غلواً شديداً ويعادون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من السابقين الأولين , وأهل السنة وسط في ذلك فقد ربحوا الصحابة ولم يخسروا أهل البيت .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأهل السنة في الإسلام , كأهل الإسلام في الأديان يتولون أصحاب رسول الله وأهل بيته , ويعرفون حقوق الصحابة وحقوق القرابة كما أمر الله ورسوله ".
موقف أهل السنة والجماعة من قتلة الحسين :
لا شك أن مقتل الحسين رضي الله عنه كان مصيبة عظيمة أصيب بها المسلمون فلم يكن على وجه الأرض ابن بنت نبي غيره , وقد قتل مظلوماً رضي الله عنه , وقتله بالنسبة للمسلمين مصيبة وفي حقه شهادة وكرامة ورفع درجة وقربى من الله حيث اختاره للآخرة ولجنات النعيم بدل هذه الدنيا الكدرة , ونحن نقول : ليته لم يخرج , ولذلك نهاه أكابر الصحابة عن الخروج في ذلك الوقت كابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم , بل بهذا الخروج نال أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ,حتى قتلوه مظلوماً شهيداً , وكان في قتله من الفساد الذي ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده , ولكن نقول قدر الله ما شاء فعل ..
من الذي قتل الحسين رضي الله عنه ؟؟
المشهور في كتب أهل السير والتراجم رجلان هما سنان بن أنس النخعي وشمر بن ذي الجوشن والذي تولى كبره هو عبيد الله بن زياد عليهم من الله ما يستحقون .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :(وأما من قتل الحسين أو أعان على قتله فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ).
ومع هذا فيزيد لم يأمر بقتل الحسين كما ادعى صاحب النشرة البائسة , ولا حمل رأسه إلى بين يديه ولا نكت بالقضيب على ثناياه بل الذي جرى منه هو عبيد الله بن زياد كما ثبت في صحيح البخاري ، ولا طيف برأسه في الدنيا , ولا سبى أحد من أهل الحسين رضي الله عنه , بل الشيعة كتبوا إليه وغروه فأشار أهل العلم والنصح بأن لا يقبل منهم , فأرسل ابن عمه مسلم بن عقيل , فرجع أكثرهم عن كتبهم حتى قتل ابن عمه , ثم خرج منهم عسكر مع عمر بن سعد حتى قتلوا الحسين مظلوماً شهيداً أكرمه الله بالشهادة كما أكرم بها أباه وغيره من سلفه سادات المسلمين .
يقول الغزالي رحمه الله:" وأما قتل الحسين فلم يأمر به (أي يزيد ) ولم يرضَ به , بل ظهر منه التألم لقتله , وذم من قتله , ولم يحمل الرأس إليه وإنما حمل إلى ابن زياد " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل , ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق , ولما بلغ يزيد قتل الحسين, أظهر التوجع على ذلك , وظهر البكاء في داره , ولم يسب لهم حريماً بل أكرم أهل بيته وأجارهم حتى ردهم إلى بلادهم".
أما الروايات التي فيها أنه أهين نساء آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنهن أخذنّ إلى الشام مسبيات وأهنّ هناك , هذا كله كلام باطل بل كان بنو أمية يعظمون بني هاشم" منهاج السنة بتصرف .
والناس في يزيد طرفان ووسط :
1. طائفة تتعصب له وتحبه بل تدعي فيه النبوة والعصمة.
2. وطائفة تغضب عليه وتبغضه بل تكفره وترى أنه كان منافقاً , وكلا القولين باطل فإن الرجل ملكٌ من ملوك المسلمين , وخليفة من خلفاء الملوك , لا هذا ولا هذا ولم يكن سكيراً ولا تاركاً للصلاة كما يدعيه مبغضوه وهذا محمد بن الحنفية ابن الإمام على بن أبى طالب رضي الله عنه , يشهد له ويدافع عنه عندما زعم عبد الله بن مطيع أن يزيد يشرب الخمر ويترك الصلاة ويتعدى حكم الكتاب فقال له محمد بن على رضي الله عنه :"ما رأيت منه ما تذكرون وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة " ( انظر البداية والنهاية لابن كثير ) .
والخلاصة أن التاريخ مملوء بالأكاذيب والأغاليط , فلا يجوز لأحد أن ينسب إلى يزيد أو غيره ما لم يصدر منه متخذاً هذا الأمر ذريعة للطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ألا فليتق الله أولئك الذين يريدون أن يثيروا الفتن والقلاقل ويجددوا الأحزان والمآتم فتلك فتنة سلم الله منها سيوفنا فلتسلم منها ألسنتنا والله المستعان .
أهل السنة ـ أرض الرباط (فلسطين)
· ملاحظة :هذا البيان ردٌ على النشرة المضللة التي صدرت يوم عاشوراء الموافق ( الجمعة 10 محرم 1429 هـ )، وتم توزيعها في قطاع غزة.