أحمد النعيمي
10-6-2012
في تعليق "اللعبة القاتلة" بشار الأسد على مجزرة "الحولة" وصف من ارتكبها بالوحوش، وذلك في خطابه الخامس في الثالث من هذا الشهر، مضيفاً: "حتى الوحوش لا تقوم بما رأيناه.. اللغة البشرية غير قادرة على وصفه.. كسوريين سنبقى نشعر بالخجل"، بالرغم من أن مرتكبيها هم جيشه وشبيحته، وبشهادة العديد، وقتلهم في المجزرة أكثر من مائة وعشرين شهيداً، بعد أن تم قصفها بالمدافع من قبل الجيش، ثم دخل أكلة اللحوم ومصاصو الدماء وذبحة الأطفال إلى البلدة ليجهزوا على من تبقى من أهلها، من الذين أسعفهم الحظ وبقوا أحياء، بعد قصف مدمر استمر لعدة ساعات.
وما دفع هذا المجرم إلى أن يتبجح بالحقيقة، ويستخف بالعالم، وهو القاتل، ويدفع التهمة عن نفسه وعن مجرميه، رغم أن الشواهد كلها تشير إليه؛ تصريحات "موود" رئيس مراقبي المنظومة الدولية، الذي تحدث في البداية عن قصف مدفعي للبلدة، ثم عاد ليكذب أقواله ويجعلها متوافقة مع رواية النظام المجرم الأسدي، نافياً تعرض البلدة لقصف مدفعي، وموجهاً التهمة لعصابات موالية للأسد، مقدماً بهذا هدية كبيرة للمجرم الأسد، في نفيه تعرض البلدة لقصف مدفعي، مما أدى إلى عدم تحميل "اللعبة القاتلة" مسئولية هذه المجزرة المروعة.
وأما ردود الفعل للمنظومة الدولية فهي نفسها، لم تتغير على مدى أشهر الثورة السورية الخمسة عشر، دون أن يتحرك لهذا العالم ضمير أو يرمش لهم رمش، والكرامة تداس والأعراض تنتهك، وتفقد الإنسانية كل معانيها داخل سوريا، مقابل حرصها الشديد على مصالحها، واهتمامها بعدم تعرض حدود ابنتهم المدللة " السرطان الصهيوني" لأي قلاقل، فكانت ردود أفعالهم إزاء هذه المجزرة البشعة، زعمهم أنهم عملوا على طرد الدبلوماسيين السوريين من بعض الدول، وأكاد اجزم بأنها مجرد مسرحية، أغلقت بها السفارات، وفتحت ممثلية أسدية في سفارات أخرى.
وكانت نتيجة طبيعة أن تواصل "اللعبة القاتلة" جرائمها، بعد إعطائه الضوء الأخضر تلو الضوء من قبل المنظومة الدولية، وسط تعاميها عما يحدث في سوريا، والمشاركة في تشويه الحقائق وتضليل المعلومات، فكانت مجزرة جديدة، دون أي خجل أو خوف، ذهب ضحيتها مئة شهيد جديد أغلبهم من الأطفال والنساء، لم ينج منهم إلا من كان خارج المزرعة،.
حيث استهدف جيش الأسد وشبيحته مزرعة "القبير" في الريف الحموي، والتي يقطنها مائة وثلاثون نسمة، بدأت بالقصف المدفعي العنيف، وبدت آثار القصف واضحة في المزرعة المهدمة، بحيث لا يستطيع أن ينكره لا "اللعبة القاتلة" ولا "موود" رئيس مراقبي المنظومة الإرهابية، التي كان ردها على اتصال الأهالي بهم لكي يحضروا لتوثيق ما حدث: " بما أنكم قد صورتم ما جرى، فسنأتي في صباح الغد" وذلك كما رواه أحد الأخوة في المجلس الأعلى للثورة السورية إلى قناة "فرانس24"، ووصلت البلادة بالمجتمع الدولي مداها، فلم تحرك بهم هذه المجزرة الجديدة شيئاً، ولا حتى تنديد كما حصل في مجزرة الحولة الأخيرة.
العربي وعنان ومون، في هذه اللحظة هم أمام نقطة تاريخية، فإما أن تنتهي بهم أسطورة هذه المنظومة الدولية التي تزعم أنها تسعى للحرية وتطبيق العدل، بعد أن يتضح للجميع أنها منظومة إرهابية داعمة للإرهاب، ومشاركة في قتل الشعوب، أو أن تقوم بالخطوة الصحيحة التي ينبغي أن تقوم بها، وهو اتهام "اللعبة القاتلة" البشارونية بالإرهاب، وتحميله المسئولية عن كل الجرائم التي تحدث في سوريا، ومن ثم سحب عضويته من هذه المنظومة، وترك الجيش الحر الذي وصلت راياته إلى أبواب القصر الجمهوري في دمشق، لكي يحسم أمر هذه الجرثومة السرطانية، ونزع الشرعية عن هذا المجرم كفيل بإنهائه في أسرع وقت.
وما لم يتم طرد هذه "اللعبة القاتلة" ووصمها بالإرهاب والقتل وتحميلها كل الإجرام الحاصل في سوريا، ووضع النقاط على الحروف، فإن أي حديث وخرابيط عن خطط لإسقاطها، من قبل المنظومة الإرهابية، لن تكون سوى أكاذيب، ومحاولة للتخدير!!
مجموعة الاتصال والمهلة الجديدة!!
جرت مجزرة مزرعة "القبير" مساء يوم الأربعاء السادس من حزيران، وذهب ضحيتها كل أفراد المزرعة المائة، ما خلا أربعة منهم، وقام المجرم الأسد بمنع فريق المراقبين الدوليين من الوصول إلى المزرعة المنكوبة، ومتابعة ما حدث فيها وتوثيقه، وذلك كما صرح به رئيس بعثة المراقبين الجنرال "روبرت مود" يوم الخميس السابع من حزيران، من أن: "سلطات البلاد منعتهم من الوصول إلى البلدة، وأنه تم إيقاف سيارات البعثة في بعض نقاط التفتيش التابعة للجيش السوري على طريق مؤدية إليها، مما اضطر أفراد البعثة للتراجع"، مضيفاً: "لم يقتصر الأمر على نقاط التفتيش التابعة للجيش السوري، وإنما كان هناك بعض المدنيين يعملون على التصدي لدوريات بعثة المراقبة في منطقة تقع قرب مدينة حماة من ناحية الغرب"، ثم تمكنت البعثة من الدخول إلى المزرعة المنكوبة يوم الجمعة الثامن من حزيران، بعد يوم واحد من تصريح مود واجتماع الهيئة العامة ومجلس الأمن لمناقشة الوضع بعد مجزرة "القبير"، كما ذكر مراسل "بي بي سي" الذي تمكن من دخول البلدة برفقة المراقبين الدوليين، واصفاً الوضع فيها بأنه مزري للغاية، ويبعث على الخوف.
وما آثار الحفيظة أن المنظومة الدولية سمحت لسفير الأسد "بشار الجعفري" بأن يتبجح بكل وقاحة أمام الهيئة العامة، وقوات الأسد حاولت جهدها أن تمنع مراقبي المنظومة من الوصول إلى المزرعة، لكي لا تنكشف حقيقة الوضع، بينما كان المفروض فيها، أن تعمل على طرد الجعفري من مقر الجمعية العامة، وكان يكفيها أن تستدل من منع الأسد للمراقبين الدوليين، بأنه هو الفاعل والمرتكب لهذه الجريمة النكراء، وان تسقط شرعية هذا النظام المجرم من فورها.
ولكن المنظومة الدولية واصلت تشويه الحقائق، والتستر على الجرائم المرتكبة، وعملت على إعطاء مهلة جديدة للمجرم بشار، من خلال الإعلان عن مجموعة اتصال، ستضم دول الجوار لسوريا، والتي من شانها أن تضغط على الأسد لكي تذهب الأمور إلى عملية سياسية تفضي إلى تسليم الأسد للسلطة، وسط ضغط روسيا والصين إلى إشراك إيران في مهلة القتل الدموية الجديدة، وبكل وضوح.
ورغم مزاعم الجانب الأمريكي واعتراضه، وصراخه، إلا أن إيران ستكون طرفاً أساسياً في مجموعة الاتصال، وستعطى فرصة علنية لتظهر متحدية للعالم بكل استخفاف، ويديها ملطخة بالدماء التي أراقتها بالاشتراك مع الأمريكان، في كل مكان، وستكون لاعباً مهماً في مهل القتل الدموية، وكلمات اللواء "إسماعيل قائاني" القائد العام لفيلق القدس يوم الثامن والعشرين من أيار الماضي، بأنه: "لولا وجود الجمهورية الإيرانية في سوريا لأصبحت دائرة المجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري أوسع" تلطخ العالم كله بالدماء.