02-08-2014
الأفعال لا الأقوال، هي المعيار الصحيح لتمييز الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق, فكثيرون هم المتكلمون والقائلون, إلا أن قلة منهم من ينفذ ويترجم أقواله إلى أفعال, وقد حذر القرآن الكريم المؤمنين من الإكثار من الأقوال دون ترجمته لأفعال فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} الحجرات/ 2-3
وإذا كان الإكثار من القول دون العمل من قبل مؤسسات أي دولة في الأمور الاجتماعية أو الاقتصادية دليل على وجود نوع من الفساد المالي والأخلاقي في تلك المؤسسات, فإن كثرة التصريحات والأقوال في الأمور العسكرية والحربية دون تنفيذها ولو لمرة واحدة, إنما يشير إلى وجود تفاهم بين تلك الدولة وبين عدوها الوهمي المصطنع.
ولعل هذا ما ينطبق على وجه الخصوص بين كل من طهران وحليفها بشار من جهة و"إسرائيل" من جهة أخرى, فرغم كثرة التصريحات النارية من قبل كل من ساسة طهران ودمشق المعادية لهذا العدو الوهمي, إلا أنها لم تتجاوز حدود الكلام والقول والألفاظ, ولم تترجم ولو لمرة واحدة إلى الفعل والتنفيذ والعمل.
نعم .... لقد انتهكت "إسرائيل" المجال الجوي السوري عشرات المرات, وقصفت الكثير من المواقع العسكرية والإستراتيجية السورية, وخاصة في السنوات الثلاث الماضية التي تشهد ثورة شعبية عارمة, فماذا كان رد النظام السوري؟!!
لقد استأسد ذلك النظام على شعبه الذي طالب ببعض حقوقه المشروعه في العيش بكرامة وحرية, وشن عليه حربا لا هوادة فيها ولا مبادئ ولا أخلاق, بينما كان رده على الاعتداءات اليهودية المتكررة على الأراضي السورية, بمقولته المشهورة والمعروفة "الاحتفاظ بحق الرد في الوقت المناسب", والذي يبدو أنه لن يأتي إلى يوم القيامة.
وكذلك يتكرر الأمر بالنسبة للعلاقة بين طهران واليهود في فلسطين المحتلة, فعلى الرغم من العداوة اللفظية الكلامية بين الطرفين, حيث يكثر ساسة طهران من الشعارات المؤيدة للمقاومة الفلسطينية والمعادية للصهاينة, ويؤكدون باستمرار قدرتهم على إزالة "إسرائيل" من الخريطة, إلا أن صاروخا واحدا لم يطلق على تل أبيب أو غيرها, وإنما اقتصر الأمر على الأقوال دون الأفعال.
وفي هذا السياق يأتي تصريح قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، اللواء "قاسم سليماني"، الذي أكد فيه أن نزع "سلاح المقاومة وهم لن يتحقق"، وحث حركة حماس في غزة على تكثيف عملياتها ضد إسرائيل متوعدا برد "في الوقت المناسب".
إنها نفس العبارة المكررة التي يستخدمها النظام السوري منذ عقود, والذي أكد الواقع أنها لم تكن سوى سياسة خبيثة مخادعة لضمان أمن حدود "إسرائيل" من جهة, وضمان بقاء نظام البعث حاكما في سورية تحت شعار المقاومة "المزعوم" من جهة أخرى, ويبدو أنها نفس السياسة المتبعة بين طهران واليهود في فلسطين المحتلة, فهل هناك وقت أكثر ملائمة ومناسبة من هذا الوقت الذي تتعرض فيه غزة لأبشع هجمة يهودية صهيونية؟!!
وضمن سياسة الدعم اللفظي للمقاومة يأتي تأكيد سليماني في رسالة إلى الفلسطينيين أمس، أن "نزع سلاح المقاومة أحلام يقظة لن تمر، بل أمنيات جائرة كالحة مآلاتها المقابر" – في إشارة لما دعت إليه الولايات المتحدة ودول أوروبية من نزع سلاح المقاومة ضمن صفقة وقف إطلاق النار", مضيفا "ليعلم العالم أجمع أن نزع سلاح المقاومة هرطقة باطلة ووهم لن يتحقق", بينما لم نر أي مساندة فعلية لهذه الأقوال في العدوان اليهودي الجائر المستمر على قطاع غزة.
وتابع سليماني في رسالته اللفظية النارية التي تؤجج مشاعر المسلمين ولا تفيدهم في شيء, بل تخدعهم وتغيبهم عما فعلته وتفعله طهران في كل من سورية والعراق, قائلا: "إننا نؤكد أننا مستمرون بإصرار على نصرة المقاومة ورفعها إلى النصر حتى تبيت الأرض والهواء والبحر جهنما للصهاينة، وليعلم القتلة والمرتزقة بأننا لن نتوارى للحظة عن الدفاع عن المقاومة ودعمها ودعم الشعب الفلسطيني، ولن نتردد في هذا".
وأضاف: "إننا نذكر الجميع بأننا عشاق شهادة، وان الشهادة على خط فلسطين والشهادة في مسار القدس هي أمنية يتوق إليها كل مسلم شريف، لا بل أن أحرار الإنسانية يفخرون بهذا".
إنها شعارات الشهادة والموت في سبيل تحرير فلسطين الكاذبة المخادعة, بينما نرى جنود الرافضة من فيلق القدس وغيره يقاتلون في كل من سورية والعراق ويقتلون المسلمين من أهل السنة, و لم نر واحدا منهم يقاتل في فلسطين المحتلة أو يقتل اليهود والصهاينة!!
المصدر : مركز التأصيل للدراسات والبحوث