الرئيس الإيراني وشعار "تحرير فلسطين" الاستهلاكي
غزة – مفكرة الإسلام:
كرر أحمدي نجاد الرئيس الإيراني الشعار الإيراني الذي دأبت طهران في ترديده منذ انطلاق الثورة الخمينية، فقال في خطبة بثتها الإذاعة الرسمية الإيرانية بمناسبة يوم القدس: «إن الشعب الفلسطيني صامد بثبات، وإن الشعب الإيراني والشعوب الأخرى لن تتوقف حتى تتحرر جميع المناطق الفلسطينية».
الخطاب لتحقيق اختراق عربي وإسلامي
فهذا الخطاب تدندن عليه إيران منذ عقود لأنها تعلم جيدا أن هذا الخطاب سيجني لها الكثير ودون أي كلفة فهي كلمات لكنها ستجلب قاعدة جماهيرية ضخمة لطهران ليس على المستوى الشيعي الذي تقوده إيران فقط بل على المستوى العربي و الإسلامي بشكل عام كما أنها ستعطي المشروع الصفوي شكلا مقبولا لدى الجميع وذلك عبر تحقيق اختراق للعمق العربي والإسلامي خاصة في ظل تقاعس وخمول من قبل العديد من الأنظمة العربية والإسلامية عن نصرة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني حتى ولو عبر الشعارات بل وتواطؤها عليه خاصة في الوقت الحالي والذي تمر فيه القضية الفلسطينية بمنعطف خطير للغاية.
كما أن هذا الخطاب يعمل على الترويج لمثال الثورة الخمينية وأنها الثورة التي تسعى لتحقيق متطلبات الأمة المفقودة.
ولكن هل حقا تسعى طهران لنصرة القضية الفلسطينية أم أن ذلك يندرج تحت الماكينة الإعلامية التي تسعى للترويج لقبول المخطط الصفوي واستكمال الهلال الشيعي تمهيدا لخروج المهدي المزعوم وهل هذا الشعار المرفوع " تحرير فلسطين " يتوافق مع الحقيقة أم لا ؟.
نترك الإجابة على هذا السؤال إذا نظرنا إلى المعاناة التي يعانيها الفلسطينيون في العراق بعد أن أصبحوا لاجئين مرتين.... لاجئين بسبب العدوان الصهيوني على فلسطين ولاجئين بسبب العدوان على يد المليشيات الشيعية المدعومة من إيران... فقد لاقى الفلسطينيون في العراق ما تعجز الجبال الشم الراسيات عن حمله بتواطؤ إيراني واضح فلم نجد إيران تحركت لوضع حد لمعاناتهم رغم الكثير من النداءات و التحركات السياسية التي خاضتها العديد من فصائل المقاومة الفلسطينية والتي لها علاقة مع طهران التي تدعمها للحصول على منظومة معقدة تعمل لتحقيق المصالح الإيرانية في المنطقة إلا أن ذلك لم يجد نفعا ولم يلق آذانا مصغية واستمرت معاناة الفلسطينيين و لا يمر يوم إلا ونسمع بحالات خطف وقتل وتهجير طالت الفلسطينيين هناك في العراق الذي كان مأوى لهم على الأقل حتى يتمكنوا من استرداد أرضهم المغصوبة وها هم اليوم يهاجروا إلى البرازيل عندما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت حيث لا لغة تسعفهم ولا شقيق ينجدهم.
الحقيقة إن ما يجري في العراق ضد أهلنا الفلسطينيين على يد المليشيات الشيعية المدعومة إيرانيا يكشف اللثام عن الوجه الحقيقي للمشروع الصفوي الذي تسعى إيران لاستكماله وأن لا دخل للقضية الفلسطينية فيه سوى الاستهلاك الإعلامي الذي يعطي لهذا المشروع صبغة إسلامية مبطنة.
الفلسطينيون ضحايا مخفية
وصف تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في الأول من الشهر الحالي عن اللاجئين الفلسطينيين في العراق بأنهم الضحايا المخفيون للأزمة الدائرة في هذا البلد ويعانون من التهديد والتعذيب والقتل والعيش في ظل ظروف قاسية في مخيمات بالقرب من الحدود السورية.
وأضافت أن الفلسطينيين "يتعرضون ومنذ العام 2003 للاختطاف على يد الجماعات الشيعية المسلحة وتم العثور على جثث الكثير منهم لاحقاً في ثلاجات الجثث أو ملقاة في الشوارع مقطوعة الأوصال أو عليها آثار تعذيب، فيما أُجبر آخرون على ترك منازلهم بعد تلقيهم تهديدات بالقتل وهم يختفون حالياً في العراق أو عالقون في معسكرات بالقرب من الحدود العراقية ـ السورية ويعيشون في ظل ظروف قاسية جداً".
وقالت المنظمة في تقريرها "إن الميليشيات المسلحة في العراق تستهدف الفلسطينيين كأقلية جراء المعاملة المتميزة التي حصلوا عليها في ظل النظام السابق، كما اتهموا أيضاً بالتعاطف مع العراقيين السنة المتورطين في التمرد ضد الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة والقوة المتعددة الجنسيات.
زعيم جيش المهدي... ربيب طهران
لقد أذاق جيش المهدي الويلات للفلسطينيين، هذا الجيش المدعوم إيرانيا والذي يتنقل زعيمه مقتدى الصدر بين بغداد في العراق الجريح وقم في إيران حيث نظام الملالي – حيث يتلقى الأوامر من هناك – أذاق اللاجئين الفلسطينيين في العراق خلال أقل من أربع سنوات ما لم يفعله الصهاينة المجرمون في خمسين عام من احتلالهم لفلسطين.
فهل قام أحمدي نجاد بتقديم الحماية لهؤلاء الذين يذبحوا على يد مليشيات مدربة في إيران وبسلاح إيراني قبل أن يرفع صوته مناديا بتحرير فلسطين وحمايتها... وهل قام أحمدي نجاد بحماية الفلسطينيين من بطش عصابات ربيب طهران مقتدى الصدر ؟ أم أنه ساهم في دعمه ماديا وروحيا.
لن نقبل بتحرير القدس على جماجم إخواننا في العراق
الأمر الآخر هو أننا نقر بأن الفلسطينيين لن يقبلوا بالمطلق تحرير القدس على أشلاء وجماجم إخوانهم أهل السنة في العراق الذين يذبحون على يد المليشيات الشيعية المدعومة إيرانيا وهذه السطور لا تكفي لإثبات جرم تلك المليشيات بحق إخواننا أهل السنة في العراق... فالعراق يمثل الكثير للفلسطينيين بل إن رجال المقاومة الفلسطينية يشعرون برابط الإخوة والقوة بينهم وبين إخوانهم المجاهدين في العراق وأئمة غزة لا ينفكون يوميا بالدعاء لهم بالنصر والسداد.
شعار استهلاكي
فإلى متى ستبقى القضية الفلسطينية مطية لكل من أراد أن يجني التأييد الجماهيري والترويج أن إيران هي المدافع عن الأمة الإسلامية وعن الشعب الفلسطيني المقهور وهم في الوقت ذاته يذبحون بسلاح إيراني هناك في العراق ؟ وهل ستنطلي هذه الشعارات على أبناء فلسطين وعلى الأمة الإسلامية؟ إن الذي ينظر بعين سليمة سيستخلص بسهولة مغزى هذا الشعار الاستهلاكي.