خطر الحوزة العلمية على العراق والبلاد المجاورة

بواسطة مفكرة الإسلام قراءة 1819

خطر الحوزة العلمية على العراق والبلاد المجاورة

مفكرة الإسلام ـ تقارير رئيسة.

 
إنَ الوضع في العِراق وضعٌ خطيرٌ يفرضُ على المُسلمين أن يبذلوا كل مَا يمكن بذله مِن أجل إيقاف كل مَا يمكن مِن تدهور واضطراب وخلل، وليس عرضنا مِمَّا نذكره أن أشخاص جميع معالم هذا الخطر، ولكننا سنقف عند أبرز تلك المَخاطر التي تحيط بهذا البلد المُسلم وهو الخطر الشيعي [ونقصد به الذي يتبعُ رِجال الحوزة فقط]، وهذا الخطر يهددُ جميع البلاد العَربية المَحيطة بالعِراق، وهو خطر لا يقل في نتائجهِ المُهلكة عن خطرِ الاحتلال بل يفوقه، والناظر بعمق ودقة لِما يجري في العِراق يلمس بكل وُضوح مَرامي الخطر الشيعي الذي يبذل المَخططون له كل مَا بوسعهم مِن أجل تحويل هوية العراق لا سيما بغداد لِتكون هوية شيعية، وأنهم قد وقعوا مِن قرون تحت وطأة الحكم التعسفي لِلسنة، ولا سيما في العقود الثلاثة المَاضية.


ولا نريدُ أن ننفي وقوع الظلم عليهم بل شمل جميع الطوائف المُسلمة عَرباً وكرداً، ولو أردنا أن نستقصي أسماء الذين وقعوا عليهم الظلم ونالهم الأذى لوجدنا أنَّ عدداً هائلاً مِن رُموز السنة قد اعدموا وشردوا وصودرت أموالهم وطردوا مِن وظائفهم وربما يفوق عددهم عدد مَن وقع عليهم مِثل ذلك مِن رُموز الشيعة.


نعلم أنَّ عددَ أفراد الشيعة الذين قتلوا أو اعدموا أكثر مِن عدد أبناء السنة، ومَا وقع بالشيعة له أسبابه التي دعت الحكم السابق إلى مُجابهتهم بقسوة وشدة ولا سيما مَا حصل في جنوب العِراق ووسطه مِن أعمال تخريبية وغوغائية بعد انسحاب الجيش العِراقي مِن الكويت في أوائل سنة 1991م.


ولنا أنَّ نشيرَ إلى أن الذين نفذوا تلك الحَملة الظالمة مِن أتباع الحُكم السابق كان جلهم مِن الشيعة، مِن أمثال محمد حمزة الزبيدي، ومزبان خضر هادي، وبارق الحاج حنطه [عسكري] عِلماً بان الذي أسهم [حسب ما ذكرته وكالات الأنباء] في قتل أهالي حلبجة الأكراد أو السنة كان سنياً هو [علي حسن المجيد] ابن عم صدام والذي لقب بدد [علي الكيماوي] لِقتله أولئك الأبرياء بالأسلحة الكيماوية، ولو رجعنا إلى الوراء إلى سنة 1971/1974 واستذكرنا التاريخ لوجدنا أن الذي وَطدَ حكم البعثيين بالقهر والتعسف والقتل كان شيعياً، إنه المدعو [ناظم كزار] الذي استخدم أشنع أساليب التعذيب وأقذر وسائل القتل، فقد أنشأ أحواضاً من التيزاب يرمى بها مناوئي الحزب، وقد شغل هذا الشخص مًنصب مدير الأمن العام وكان شيعياً، ولما أرادَ أن يهرب بعدَ فشل مُؤامرته لمْ يتجه إلى أي بلد عربي سني وإنما توجه إلى إيران الشيعية، وألقي القبض عليه قرب حدود هذا البلد.


فالحُكم السابق لمْ يكنْ حُكماً سُنياً عقيدة، وإنما كان همُهُ توطيدِ حُكمه والتصدي إلى كل مَن يسعى إلى زعزعة هذا الحُكم - كغيره مِن حُكومات المَنطقة - بغض النظر عن دينه ومَذهبه أو عِرقه، بل لمْ يسلمْ منه كِبار البعثيين ومُؤسسو الحزب مِن أمثال الدكتور رياض إبراهيم حسين العاني وزير صحة، ومرتضى عبد الباقي الحديثي وزير الخارجية، وصلاح العاني ضابط شرطي كبير وصلاح القاضي قائد عسكري، ومحمد عايش بعثي قيادي، ومحمد فاضل البياتي قيادي بعثي، ومحمد محجوب وزير التربية وحردان التكريتي قائد القوات الجوية، وعبد الخالق عبد الرحمن السامرائي قيادي كبير في حزب البعث، وحسين كامل [زوج بنت صدام] وعبد العزيز الحديثي قائد عسكري، وعبد الكريم الشيخلي وزير الخارجية ممثل العراق في الأمم المتحدة، وهؤلاء كلهم بعثيون من أهل السنة والذين ذكرناهم يمثلون جزء ضئيلاً مِمَن نالهم القتل والإعدام.


نخلص مِن هذا أنَّ الظلم الذي حل بالعراقيين لمْ يسلمْ مِنه أحد وإن القهرَ قد أصاب مُختلف طوائف العِراقيين، فدعوى أن الشيعة وحدهم الذين نالهم ذلك القهر باطلة لا تقف أمام البحث والتقصي.

لقد سَعى قادة الشيعة إلى الربط بين الحُكم السابق ومَذهب أهل السنة وأوغروا صدور عوامهم وخواصهم تجاه أهل السنة، وقد ظهرت نتائج ذلك بعد سقوط النظام وحصول الفراغ الأمني وغياب السُلطة والقانون، وأظهروا مَا كانوا يخفونه، وبدؤوا بتنفيذ مَخطط يرمي إلى تغيير هوية العراق ولا سيما بغداد مِن مدينة سُنية إلى مدينة شيعية، فبادروا إلى الاستيلاء على مَساجد أهل السنة في المناطق التي تقطنها أغلبية شيعية في بعض أحياء بغداد وفي مَناطق الوسط والجنوب، فقد استولوا على مَا أكثر مِن [20] مَسجداً سُنياً وحولوها إلى حسينيات شيعية بل عمدوا إلى تغيير أسماء قسم مِن الأحياء في بغداد وشوارعها ومَدارسها وجعلوها أسماء شيعية، فمدينة الثورة التي سميت بعهد الحكم السابق [مدينة صدام] غيرت إلى مدينة الصدر، ومُستشفى صدام غير وسمي مستشفى الصدر، وشارع الكرادة سمي شاع المهدي وحي الأمين سمي حي الرضا.


وسعوا إلى جعل الحُوزة الشيعية التي في النجف ذات سُلطة على كثير مِن المَرافق، منها الجامعات وشرعوا يتحدثون بأن الحكم يجب أن يؤول إليهم لأنهم الأكثرية في زعمهم، وقد أسهموا في نهب وسلب مُؤسسات الدولة ومَرافقها العامة مُندفعين بعقلهم الجماعي المَحقون بالغوغائية والفوضوية والحقد، وقد سهل لهم المُحتل ذلك منهم، فلم يحل بينهم وبين تدمير البلاد وتخريبها، وهم مصممون على أن يسيطروا على البلاد وقد ملكهم الغرور، وظنوا أنهم أقوياء وأن قوتهم تعينهم على قهر أبناء السنة.



وقد شجعهم على ذلك أمور؛ مِنها أن المُحتل قد قام ببعض الإجراءات التي تضر بأهل السنة وتقوي الشيعة، منها على سبيل المثال تعيين المُعمم الشيعي [حسين الشامي] مسئولاً عن الأوقاف [بمثابة وزير أوقاف] والأوقاف هي سنية، ولعل هذا الإجراء هو الذي دفع شيعة البصرة إلى احتلال مديرية الأوقاف في البصرة وهي دائرة سنية، من هذه الإجراءات تكليف المعمم الشيعي بحر العلوم بإلقاء خطاب افتتاح مجلس الحكم وجعل أغلبية أعضاء المجلس هم من الشيعة بغض النظر عن اغتصاب الشيعة لِمساجد أهل السنة، والسماح لِلشيعة ببناء حسينيات على أراض هي ملك لِلدولة، وجعل أذان الظهر في التلفزيون على أذان الشيعة وهي المَرة الأولى التي يرفع فيها آذان الشيعة في وسائل الإعلام العِراقية.


لقد عاش أبناء العراق سنة وشيعة قبل الاحتلال البريطاني لِلعراق سنة 1917 وبعده متداخلين متعاونين، وقد ظهرت نتيجة هذا التعاون في ثورة العشرين التي مهد لها فتاوى علماء المذهبين واجتماع زعمائهم، وكان جامع الحيدر خانه مركز من مراكز التحريض على الثورة، وهو من جوامع السنة المشهورة في بغداد ولم يحدث بين أبناء هذين المذهبين أي احتراب وتصادم، وكثيراً ما اشترك شعراؤهم وعلمائهم في إحياء المناسبات الدينية والوطنية، والحزب الإسلامي السني الذي أسس أيام حكم عبدالكريم قاسم عندما عطلت جريدته، كان ينشر بياناته في جريده [الفيحاء] التي كانت تصدر في الحله، وصاحب امتيازها هو الشيخ [ كاظم الساعدي] وهو شيعي، ولما اعتقل أعضاء الهيئة الإدارية للحزب اعتقل معهم، وإذا ما أثيرت خلافات بين علماء هذين المذهبين لم تكن تتعدى المساجلات الكلامية أو الكتابات في الجرائد أو النشر بالكتب والرسائل التي ينقد أصحابها من كلا المذهبين أصول أو فروع المذهب الآخر، والمتابع لأوضاع العراق في القرن الماضي لايجد فيه أي ظاهرة من ظواهر الاحتراب.


وقد ظهرت مشكلة الطائفية في العقود الثلاثة الماضية ولكنها لم تكن تنذر بالخطر أو اشتعال الفتنة، إلا أن الأمر قد تغير بعد سقوط النظام ووقوع العراق في قبضة المحتل، فقد ظهرت بوادر تنذر بالخطر فقد علا صوت مملوء بالتحريض على الطائفية، وظهرت تجمعات تنادي بانفراد طائفة معينة من الحكم، بحجة أنها تمثل أغلبية سكان العراق، وأنها كانت محرومة من الحكم، لقد ظهر صوت يعبر عما هو مخزون في النفوس يحيطه شعور بالظلم ورغبة قوية في السيطرة على كل شئ في العراق مدفوعة بروح طائفية مقيتة معادية لأهل السنة، تغذيها طوائف وأحزاب وتجمعات شيعية، ورفعوا شعارات تنادي بأن كل قرار يجب أن يرجع فيه إلى الحوزة الشيعية في النجف، وكأن هذه الحوزة هي الوصية على شعب العراق.


والمتفحص للتحركات التي تجري على الساحة العراقية يخلص إلى أن الشيعة ولا سيما مراجعهم الدينية مصممون على تحويل هوية العراق وجعله دولة شيعية، وانهم يعدون العدة لإشعال نار الفتنة الطائفية، وإلا فكيف يفسر المراقب المحايد استيلائهم على كثير من مساجد أهل السنة بقوة السلاح أو بالأساليب الهمجية الغوغائية بعيداً عن الحكمة والتعقل.


ومما ينذر باشتعال هذه الفتنة الطاعة العمياء التي يكنها جميع أبناء الشيعة لمراجعهم الدينية لا يختلف في ذلك المتدين منهم من غير المتدين، والفقير منهم عن الغني والمثقف منهم عن الجاهل يقابل هذا شعور ضعيف بالطائفية عند أبناء السنة وسيطرة الحكمة والتعقل عليهم، وتجردهم من روح الغوغائية والتطرف والفوضوية، أضف إلى ذلك فقدان المرجعية السنية، وخلو الساحة السنية من أي قوة سياسية ودينية يجتمع حولها أبناء السنة، أو تمتلك السلطة التي تأمر أبناء هذه الطائفة وتحركهم صوب تحقيق المحافظة على كيانهم ووجودهم، إن الوضع في العراق خطير، ومما يزيد في خطورته ظهور بوادر وعلامات تشير إلى تحيز قوات الاحتلال وإدارة بريمر إلى الشيعة منها على سبيل المثال:


1- سكوت هذه الإدارة على كل تجاوزات الشيعة والسيطرة على أراضي الدولة وبناء الحسينيات عليها.


2-  توليه المعمم الشيعي حسين الشامي إدارة وزارة الأوقاف السنية، وربما يندفع هذا المعمم إلى نزع كثير من المساجد من أبناء السنة وتحويلها إلى حسينيات شيعية.


3- السماح لقوات بدر الشيعية بالدخول والعمل في العراق، وهي قوات طائفية تدربت في إيران ودخلت العراق بعد سقوط النظام.


4- جعل أغلبية أعضاء مجلس الحكم من الشيعة، ورئيس مجلس الحكم شيعي، وهذا سيمنح الشيعة قوة معنوية تجعلهم يتمادون في الطائفية وتصميمهم على تغيير هوية العراق، وإن تحقق هذا سيمهد للشيعة تكوين قوة ضاربة معنوية ومادية تهدد دول الجوار.

 فهل آن الأوان لأبناء السنة في العراق وفي الدول المجاورة ليهبوا في وجه هذه الهجمة الجديدة، ويقفوا صفاً واحداً للدفاع عن الوجود السني في العراق، ومما يزيد الخطر ضراوة مجاورة العراق لإيران الشيعية التي تضمر في نفسها رغبتها في السيطرة على العراق من وراء دعمها المادي والمعنوي قديماً وحديثاً للشيعة في العراق، وهذا الأمر لا يخفى عل كل مراقب للتطورات المذهبية والسياسية بين إيران العراق.


إن أبناء السنة في العراق ليسوا ضعافاً ولا أقلية وعندهم من القوة والمادية والمعنوية مما يؤهلهم للحفاظ على كيانهم ورد أي هجمة طائفية تريد محقهم أو إزالة وجودهم من هذا البلد السني بلد هارون الرشيد وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل والشافعي ومالك ابن أنس والشيخ عبد القادر الكيلاني والحسن البصري والزبير ابن العوام، بلد الحضارات العربية والإسلامية، بلد المثنى بن حارث الشيباني بلد الذي رويت سهوله ووديانه وجباله بدماء الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم بلد صلاح الدين الأيوبي.


وإذا كان العقل والحكمة والرغبة في التعايش السلمي، مع كافة الطوائف الدينية مسلمة كانت أم غير مسلمة هي التي تمسك بأبناء السنة وتحول دون تصرفهم الحاد في الرد على كل من يريد أن ينال منهم، فإن الخطر، خطر إشعال الفتنة قد بدأ واضحاً لِلعيان.

 



مقالات ذات صلة