المخطط الإيراني للنفوذ والهيمنة
بقلم: محمد الحسناوي
كاتب سوري عضو رابطة أدباء الشام
مفكرة الإسلام: لم يكن خافيًا على أحد أن إيران في عهد الشاه البائد كانت لها تطلعات إمبراطورية وطموحات إقليمية – لا سيما في دول الخليج – حتى إذا جاء العهد الجديد بالخميني وما يسمى الثورة الإسلامية، لم يُلغَ المخطط، بل أخذ مجرى آخر أطلق عليه (تصدير الثورة)، كما كشف النقاب عن (خطة سرية موجهة من مجلس الثورة الثقافية الإيرانية إلى المحافظين في الولايات الإيرانية) مدة هذه الخطة 50 عامًا، على خمس مراحل، الغاية منها تشييع أهل السنة المتبقين في إيران والدول المجاورة، وتصدير الثورة الإيرانية (انظر مجلة البيان – المنتدى الإسلامي – لندن – العدد123). وبالطبع سارعت الجهات الإيرانية المسئولة إلى نفي وجود مثل هذه الخطة، لكنها لم تستطع أن تنفي وقائع على الأرض، مثل النص الصريح في المادة السابعة من الدستور على (أن المذهب الجعفري دين الدولة وإلى الأبد), وما استتبع ذلك أو استأنف اضطهاد أهل السنة في إيران من بلوش وأكراد وفرس وعرب، وعدم السماح لهم بحق (المواطنة) كبقية المواطنين بما فيهم النصارى واليهود وعبدة الأوثان. وإلى اليوم لا يوجد مسجد واحد لأهل السنة في العاصمة طهران على الرغم من المطالبات الشعبية والدولية ووفرة أهل السنة في العاصمة نفسها، حتى أعلنوا مؤخرًا أنهم سوف يؤدون صلاة الجمعة في الحدائق أو الساحات العامة، فاستنفرت لمواجهتهم الشرطة وقوى القمع والحرس الثوري. أما مشكلة (عربستان: الأحواز) فأخبارها تتداول على مدار الساعة، ومثل ذلك اضطرابات (سيستان بلوشستان) الواقع جنوب شرقي البلاد، منها تنفيذ حكم الإعدام شنقًا في ستة معتقلين في مدينة (داهيدان)، كان من بينهم (باسم ريجي) زعيم تنظيم (جند الله). (الإسلام اليوم 7/11/2006م).
هذه السياسات الإيرانية الملتوية لم تكن خافية على الحركات الإسلامية داخل إيران ولا خارجها، ونخص بالذكر الجماعة الإسلامية في باكستان (القاضي حسين والمودودي) وحزب السلامة في تركية (أربكان وأردوغان) وتنظيمات الإخوان المسلمين في العالم العربي، لكن شعار هذه الحركات المعلن: ( نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه)، وعدم اليأس من إعادة اللحمة لجناحي الأمة المسلمة في عصر كثرت فيه الأعداء والمخططات الأجنبية، والحاجة الماسة شرعًا وعقلاً وسياسة إلى توحيد الصفوف ونبذ الخلافات والمعارك البينية.
لكن السنوات الأخيرة التي شهدت احتلال أفغانستان وإسقاط حكومتها بالقوة، ثم التعريج على القطر العراقي بغزو عسكري آخر لم يكتف بإسقاط الحكومة, بل ألغى الجيش العراقي ومؤسسات الدولة كلها وهدم البنية التحتية، وأخيرًا الفتنة الطائفية (شيعة – سنة) في لبنان، هذه التطورات الفاقعة أعادت ما يعتمل تحت الأرض وبين طبقات المداراة إلى العلن فالافتضاح فالتلويح بالمواجهات الساخنة من طنجة إلى جاكارتا؛ لأن ذلك كله يتم بتواطؤ ومساعدة إيرانية.
وفي هذا السياق ظهرت دراسة (هلال شيعي وانبعاث الشيعة: الأساطير والحقائق) لنواف عبيد (المستشار لدى الحكومة السعودية) تتناول العناصر الديموغرافية السياسية والنفطية والأمنية لدول المنطقة والمجموعات السنية والشيعية فيها ضمن (مشروع تقويم الأمن الوطني السعودي), جاء فيها أن أهل السنة يشكلون 6/84 من مجموع المسلمين، وأن عدد الشيعة الإجمالي 4/15 من مجموع المسلمين، وأن الغالبية الساحقة من القوى الاقتصادية في العالم الإسلامي هي دول سنية (إندونيسيا وباكستان والهند وبنغلادش وتركيا ومصر)، والسعودية البلد الأغنى في العالم الإسلامي دولة سنية محورية، على حين تفتقر إيران إلى القوة الاقتصادية لتحقيق طموحاتها الإقليمية أو دعم بلدان أخرى ذات غالبية شيعية، والدخل الإيراني هو بين الأدنى في الشرق الأوسط (أقل بـ25% من الدخل الفردي السعودي). تملك إيران واحدًا من الجيوش الأقوى والأكثر قدرة في المنطقة، لكن الأعتدة الحربية الإيرانية، ولا سيما أعتدة قوتها الجوية تشيخ، وعليه فإن فاعليتها في ساحة المعركة موضع شك، ومن شأن حيازة إيران قوى نووية تدفع قوى إقليمية أخرى للسعي إلى امتلاك رادع نووي أيضًا. (النهار اللبنانية 5/12/2006م).
وبالمقابل وقبل سبعة أشهر من هذه الدراسة السعودية نشرت (الهيرالد تريبيون) لباحث استراتيجي أمريكي من أصل يهودي مقالة بعنوان (إيران وإسرائيل والرابط التاريخي) لستانلي فايس الذي كان له دور في السنة الأولى من ولاية الرئيس الإيراني الإصلاحي محمد خاتمي، حينما كان المسئولون الإسرائيليون يستطلعون الآفاق بحثًا عن وسيلة تمكنهم من تسديد الديون التي يدينون بها لإيران عن كميات النفط التي استلموها في زمن الشاه. وقيل في حينه: إن صادرات إسرائيل إلى إيران عبر دول أوروبية تدخل طرفًا ثالثًا في العملية.. قد تجاوزت 300 مليون دولار، وشكلت المعدات الزراعية الجزء الأكبر من تلك الصادرات.
يقول ستانلي: (العداوة بين إيران وإسرائيل ليست سوى شذوذ عن مسيرة العلاقات التاريخية بين الشعبين، فقد عملت الروابط الثقافية والمصالح الاستراتيجية بين الفرس واليهود على جعل إيران وإسرائيل حليفتين متضامنتين لحين قيام الثورة الإسلامية في إيران. وعلى الرغم من الصورة القاتمة لما آلت إليه العلاقة بين البلدين في الوقت الحاضر، فإن المصالح الاستراتيجية الثابتة تشير إلى أن إعادة إحياء الشراكة الفارسية – اليهودية أمر محتوم، وإن لم يكن متوقعًا على المدى القريب). ويضرب مثلاً على ذلك: (فقد دفع العداء المشترك للعراق ورغبة إسرائيل في المحافظة على نفوذها بين صفوف المعتدلين الإيرانيين، الإسرائيليين إلى تزويد الجمهورية الإسلامية في إيران بالسلاح في ثمانينيات القرن الماضي (يقصد إيران غيت)، وإلى لعب دور الوسيط في صفقة السلاح مقابل الرهائن التي أبرمت في عهد رونالد ريغان. ويقول أيضًا: (ففي حالة نشوب حرب إقليمية واسعة بين الشيعة والسنة ستجد إيران وإسرائيل أنهما أصبحتا ثانية بمواجهة عدو مشترك). (العرب اليوم 13/7/2006).
قمة الانتصار وأول الانحسار:
في شهر تموز الماضي الذي شهد العدوان الإسرائيلي على القطر اللبناني الشقيق بعد خطف جنديين إسرائيليين، وانزلاق (حزب الله) من خط المواجهة مع الكيان الصهيوني جنوبًا إلى الانخراط في إشكالات الداخل اللبناني شمالاً، وتبني الإملاءات الإيرانية السورية التي لا تتقاطع مع المصالح الوطنية اللبنانية، بل تأخذ فيما تأخذ منحى طائفيًا، تزامن مع سياسات الحكومة العراقية الطائفية في استئصال أهل السنة والعرب من فلسطينيين وسوريين ويمنيين وخليجيين بصرف النظر عن اشتراكهم في العمل المسلح، وسكوت رئيس حزب الله عن ممارسات الشيعة ضد أهل السنة في العراق رغم المطالبات والنداءات التي وجهتها الحركات الإسلامية العربية وغيرها التي ساندت حزب الله بصفته (مقاومًا للعدو).. إلى رئيس حزب الله، وذلك من أجل التدخل أو التوسط أو إبداء الرأي على الأقل، وكأن شيئًا لم يكن، أو مسألة طبيعية تتواطأ عليها أطراف الهلال الشيعي من أواسط آسيا شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا.
في هذه اللحظة التاريخية التي توجه رئيس حزب الله بخطابه يوم الجمعة يوم احتلاله وحزبه وسط العاصمة بيروت، وتغليبه المنطق الطائفي على ما سواه، بلغ السيل الزبى، وبدأ الخط البياني في انكشاف المخفي من المخطط الإيراني للنفوذ والهيمنة، لا لأنه لم يكن موجودًا من قبل، بل لأنه بات يشكل خطرًا حقيقيًا لم يعد بالوسع السكوت عنه، كما صرحت بيانات التنظيم الإخواني السوري، ثم تتابعت التقارير في الخط نفسه تكشف الجهود الدائبة، لبسط استراتيجية مذهبية شيعية، تبدأ بالانتشار الثقافي والمالي والاجتماعي، تمهيدًا للغزو العسكري، ووصولاً إلى الاستئصال للآخرين وما يسمى الأرض المحروقة، لا في إيران وأفغانستان والعراق، بل حتى في سوريا ولبنان ومصر والسودان واليمن والخليج العربي. ومن يطلع على كتاب (التبشير والاستعمار) للخالدي وفروخ يجد الصورة نفسها تتكرر ويستعاد إنتاجها من جديد. (انظر كتاب ومفكرون عرب يتحدثون لـ"قدس برس" عن ظاهرة التشيع في العالم العربي – قدس برس 23/12/2006م).
وفيما يلي نقف وقفات معبرة في عدد من الأقطار العربية، تكشف أطرافًا من هذا المخطط التي طفح كيل الصبر منها وعليها، وصارت أكثر الأقطار تتحدث عنها بغضب واستنكار، وبلجوء بعضها إلى إجراءات وقائية بعد أن استنفدت وسائل النصح والتقريب، وتغليب المصالح العليا على التناحر البيني الفتاك.
الـعــراق:
من المعلوم أن الأطراف الشيعية العراقية (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الدعوة وجيش المهدي) الذين كانت نشأتهم وسياساتهم وتمويلهم وحتى إقامتهم طوال الحرب الإيرانية العراقية على الخط الإيراني، وأنهم هم أنفسهم وبتواطؤ إيراني سهلوا احتلال العراق أولاً وحالوا دون صدور الفتاوى بمحاربة المحتلين ثانيًا، وقبضوا ثمن ذلك نفوذًا في حكومات الاحتلال، ولاسيما وزارة الداخلية، وشرعوا بالحرب الطائفية باختطاف العلماء والأئمة وأساتذة الجامعات وكبار الضباط السابقين، وكانت الانعطافة الكبرى في الحرب الطائفية واقعة احتراق مراقد الأئمة في سامراء وانخراط التيار الصدري الذي كان يعارض وجود الاحتلال ويطالب مع المخلصين والوطنيين العراقيين بوضع جدول زمني لخروج الأمريكان وقوات الاحتلال من العراق، فأصبح قتل أهل السنة أفرادًا وجماعات يوميًا بمعدل 100 مواطن، فضلاً عن إحراق المساجد أو احتلالها أو انتهاك الحرمات للنساء والأطفال لا على الهوية المذهبية وحسب بل على اسم (عمر) و(عائشة) وما شاكل. وما الدعوة إلى الفيدرالية إلا إحدى تجليات المخطط الطائفي لتمزيق العراق واقتطاع أقسام واسعة غنية بثروات النفط منه. ناهيك عن سرقة الآثار والأموال وإحراق الناس وهم أحياء أو تعذيبهم بثقب الجماجم بمثقب حديدي للصخر.
وقد اندلعت أوسع التظاهرات في مدن متعددة جنوب العراق تندد بالدور الإيراني المحرض على إشعال الفتنة السياسية، وردد المتظاهرون في الحلة وكربلاء والكوت شعارات تهاجم (الأيدي الإيرانية الخفية) التي تدفع نحو استهداف التوجهات العراقية في حوزات المراجع الدينية ومسارات العمل السياسي حسب منشورات وزعها المتظاهرون. وقال عبد الزهرة المعموري أحد منظمي التظاهرات الاحتجاجية والمصاب بجروح في يديه لمراسل (الزمان): (هناك حالة من الرعب تسيطر على كل شيء وتكمم أفواه الجميع حتى المراجع، ولكن لن نسكت لأننا أتباع حوزة ناطقة عراقية عربية خالصة). وأضاف: (لا مطالب لنا سوى الإفراج عن المعتقلين الذين يريدون توكيد الهوية العراقية للبلد, ونطالب بحيادية الشرطة وعدم خضوعها لمراكز القوى السياسية المرتبطة بإيران مباشرة)، حيث امتدت الاشتباكات التي وقعت أول أمس في كربلاء بين أنصار المرجع الديني محمد الصرخي الحسني المعروف بمناهضته للوجود الإيراني في العراق والقوات الأمنية.. إلى محافظات واسط والديوانية والبصرة (الوكالات – الحزب الإسلامي 17/8/2006).
وكالعادة وبالمقابل يصدر الصدى أو يكشف القناع الأمريكي، فقد نشرت المجلة العسكرية الأمريكية المتخصصة (أرمد فورسز جورنال) خارطة جديدة للشرق الأوسط، وضعها الجنرال المتقاعد رالف بيترز، وقسم فيها المنطقة إلى دول سنية وشيعية وكردية، إضافة إلى دولة إسلامية تضم الأماكن المقدسة مستقلة عن دولة السعودية، ومملكة الأردن الكبرى ودويلات أخرى. ووفق الخارطة تقوم دولتان شيعيتان عربية وفارسية، وتمتد الدولة الشيعية العربية من جنوب العراق إلى الجزء الشرقي من السعودية والأجزاء الجنوبية الغربية من إيران. (العربية نت – حيان نيوف – 26/7/2006م).
سوريــا ولبنــان:
ليست المعاهدات الاستراتيجية والاتفاقيات السورية – الإيرانية منذ الثمانينيات حتى اليوم، ثم التدخل السوري الإيراني في الشئون اللبنانية الداخلية عبر الذراعين (حزب الله) و(أمل)، وهما تنظيمان مذهبيان شيعيان، إلا القشرة الطافية من كتلة الثلج، وفي أعماق الوضع السوري (عملية تبشير) ثم (بسط نفوذ) إيرانيين شملت العاصمة والمدن السورية والأرياف والبادية السورية، بتواطؤ من النظام السوري، من خلال بناء الحسينيات والمراكز الثقافية وتوطين السياح الإيرانيين بالآلاف، ودعوة أساتذة الجامعات وطلاب العلم وشيوخ العشائر السورية إلى زيارة إيران والعودة بالجيوب الملأى والعقول المفرغة، وإعلان التشيع وزواج المتعة وإحياء ما يسمى النسب الشريف أو رفع (الظلم) عن آل بيت النبوة. ومن مواضع التجمعات الإيرانية: منطقة (الست زينب) بدمشق، وضريح مزعوم للسيدة سكينة في داريا، وجبل زين العابدين في ظاهر حماة، و(منطقة المشهد) في جبل الأنصاري في حلب و(مقبرة الصحابة) (بما فيهم عمار بن ياسر رضي الله عنه) في الرقة، وهناك قرى بكاملها دخلت التشيع بالمال والكتب والنشرات المذهبية والزيجات المدبرة مثل قرية (زرزور) في ريف جسر الشغور من محافظة إدلب. ولما استجاب رئيس بلدية (داريا) لشكاوى أهلها تم عزله وتعيين مدير بلدية جديد رفض الاستجابة لشكاوى المواطنين؛ لأن الغزو الإيراني للمنطقة بأمر (أجهزة الأمن) التي تعاقب من يفتح فمه بشكوى أو احتجاج. وكانت محاولة وزارة التربية (إلغاء المعاهد الإعدادية الشرعية) مؤخرًا، والسكوت على برامج الحوزات الشيعية الإيرانية في سوريا، القشة هتكت صمت علماء سوريا، فكتبوا عريضة لرئيس الجمهورية محتجة وملوحة بتهديد، فكان جواب النظام إنشاء جمعية (للتقريب بين المسلمين)، وهي منظمة أخرى تضاف إلى الحوزات والحسينيات. لأن أهل السنة الذين يشكلون الغالبية العظمى في سوريا مغلوبون على أمرهم، والآخرون نسبتهم ضئيلة في الأصل.(انظر مثلاً محرر الموقع الإلكتروني. (werqaz@gmail.com).
فلسـطـين:
قد يظن بعض المراقبين أن ظهور تنظيم شيعي في فلسطين أمر مفاجئ كل المفاجأة لندرة وجود مواطنين شيعة في فلسطين، ومع ذلك حملت لنا الأنباء خبرين غير سارين: أولهما أن الشيخ نور اليقين يونس بدران، إمام مسجد النور في قرية (البعنة) الجليلية داخل الخط الأخضر اعتنق المذهب الشيعي وترك المذهب السني، وبذلك يكون أول إمام شيعي في البلاد (القدس العربي18/9/2006م)، الخبر الثاني: أن تنظيمًا فلسطينيًا في الأرض المحتلة ظهر باسم (المجلس الشرعي الأعلى) للدعوة الشيعية بتاريخ 6/3/2006 على حد ما تناقلته وكالات الأنباء، وقد استدعى ذلك استنفارًا وردود فعل لدى أهل السنة وهم الغالبية العظمى وربما الوحيدة لاستدراك الأمر والرد على الدعاية بدفاع دعوي بصير (انظر مثلا الموقع – الحقيقة: لجنة الدفاع عن عقيدة أهل السنة في فلسطين –www.haqeeqa.com). وانظر (وكالة حق – فلسطينيو العراق www.76news.net/pal).
مصــر:
علمت (المصريون) (أن هناك مجموعة من الشيعة – وهم بعدة مئات – يعتزمون رفع دعوى قضائية ضد الرئيس مبارك، من أجل الاعتراف بهم، يطالبون فيها بأن تعترف الدولة بهم... كما سيطالبون بأن تعيد إليهم الدولة [جمعية الشيعة] التي أغلقت عقب ثورة يوليو، والسماح لهم بإنشاء مساجد خاصة بهم وإقامة الحسينيات ومجالس الشيعة، وبإلقاء المحاضرات السياسية والدينية، في إطار حملة يشنها علماء الشيعة في إيران وباكستان ولبنان ضد مصر بأنها لا تقوم برعاية العتبات المقدسة، مطالبين بتولي الشيعة حق الإشراف عليها). (المصريون – حسين عودة 16/12/2006م).
الســودان:
دخلت الرئاسة السودانية على خط الحملة التي أطلقتها مجموعات إسلامية بارزة، قبل يومين، ضد (مخطط إيراني لنشر المذهب الشيعي في البلاد). ورد (مجمع الفقه الإسلامي) على مضامين كتب عرضت في الجناح الإيراني الرسمي في معرض الخرطوم للكتاب أخيرًا. ونشرت صحف قريبة من الحكومة بيانًا للمجمع في صفحة كاملة، جاء فيه أن الجناح الإيراني عرض (كتبًا تتجه كل مضامينها إلى هدم الإسلام وعقائد أهله، وتطعن في القرآن والسنة النبوية ورواتها من الصحابة، وترمي أمهات المؤمنين بأقذع الأوصاف، وتطعن في الصحابة والخلفاء الراشدين، وتدعو إلى إشاعة الفاحشة والزنا، لهدم الأخلاق والقيم وإفساد المجتمع بما تسميه نكاح المتعة. وتدعي أن هذه الصورة هي من سنن الدين).. وكان (المجلس الأعلى للتنسيق بين الجماعات الإسلامية) الذي يضم أبرز التيارات الإسلامية في السودان، حذّر من (مخطط كبير لنشر المذهب الشيعي وراءه طهران), وأشار إلى أن (قرى بأكملها تشيعت، كما انتشرت الحسينيات والزوايا في العاصمة). وطالب الرئيس عمر البشير بإغلاق المستشارية للثقافة الإيرانية، وفتح تحقيق في عرض كتب شيعية في معرض الكتاب في الخرطوم. (الحياة - 21/12/2006م).
اليمـــن:
نكتفي بالإشارة إلى حركة الشيخ (الحوثي) اليمني الذي تحول إلى المذهب الجعفري الاثني عشري، ومد خيوطه إلى إيران، وشكل تنظيمًا مسلحًا، وتلقى المساعدات المالية من أغنياء الشيعة في الكويت والبحرين، وخاض أكثر من معركة مسلحة ضد الحكومة اليمنية المركزية، وسقط عدد وافر من الضحايا من الطرفين، ولم تنته التداعيات السياسية والدموية حتى يومنا هذا.
البحريـــن ودول الخليج:
المطامع الإيرانية في دول الخليج منذ أيام الشاه معلومة، كان من تجلياتها الإصرار على تسمية (الخليج) بالفارسي لا العربي ولا الإسلامي، و(الهجرة) المنظمة وغير المنظمة لتغيير الديمغرافية السكانية للخليج، واحتلال عدد من الجزر الغنية بثروات النفط، منها جزر (أم موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى) بالقوة، ورفض الخروج منها حتى الآن، والإفادة من هوامش الحرية لتشكيل أحزاب مذهبية خالصة أو كتل برلمانية شيعية، لا تخفي تناغمها وتعاطفها مع نظام طهران المذهبي وما يحدث على أرض الرافدين ولبنان الشقيق. نضرب مثلاً على ذلك نتيجة الانتخابات الأخيرة في مملكة (البحرين), حيث حازت كتلة (جمعية الوفاق الوطني) الإسلامية الشيعية على 17 مقعدًا في البرلمان، وشرعت بمقاطعة الجلستين الأوليين للبرلمان على طريقة حزب الله في لبنان!!
هذه لمحات وخطوط عريضة عن المخطط الإيراني للنفوذ ثم الهيمنة على العالم العربي ثم الإسلامي، لم يعد السكوت عليها أو مجاملتها أو محاولة إصلاحها من خارج خنادقها وقلاعها بالأمر الممكن، بل لا بد من جهود مضنية من زعمائها، وقد بلغ اليأس منهم مبلغه، فصارت المواجهة الثقافية الفكرية أولاً والخطط الدفاعية الفاعلة ثانيًا من الأمور المحتومة قبل فوات الأوان. والخط البياني ينذر بالويل والثبور وعظائم الأمور. وهذا كله غير النوايا المسطورة في كتبهم المعتمدة، وهي أشد خطورة من كل ما ذكرنا.